تحدثت الصحافة الوطنية منذ مدة طويلة عن وجود حركة للتنصيرفي المغرب، وفي الأشهر الأخيرة تحدثت عن حركة أخرى للتشييع (من التشيع) إذا صح التعبير. وفي هذه الأيام فتحت بعض المنابر المحترمة صفحاتها بشكل مفاجئ لزعيم ومنسق حركة ثالثة يمكن تجاوزا تسميتها حركة التلويط أي نشر اللواط بلغة القرآن ، أو الشذوذ الجنسي باللغة المتداولة. لنجد أنفسنا أمام حركات أو خلايا تهدد وحدة البلد وانسجامه الروحي والديني بطرق ملتوية ، وتستهدف في صمت سلامة أخلاق المجتمع المغربي وقيمه وقلب المفاهيم حول المروءة والرجولة أو الذكورة والأنوثة والخصوصيات الطبيعية والخلقية لكل منهما. ولئن كان بإمكان المقاربة الأمنية ردع هذه الخلايا ومحاصرتها، فإنها لاتقضي عليها ، لأن ذلك يحتاج لعملية توعوية ثقافية علمية ممنهجة ، تنخرط فيها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة الثقافة ببرنامج حقيقي ، بعيدا عن العمل المناسباتي - الذي لايسمن العقول ولايغنيها من جوع - تشرك فيه قوى المجتمع المدني الحقيقية، والجمعيات الفاعلة في الميدان . والمصلحة الوطنية تقتضي التجرد، والبعد عن المزايدات والحسابات السياسوية الضيقة ، وفتح الباب للجميع للعمل في هذا الاتجاه، وللحركة الإسلامية المغربية المعروفة باعتدالها ووسطيتها ، دور نوعي يمكنها أن تقوم به في إطار مايمكن تسميته بالإستراتيجية التحصينية للشباب والمجتمع المغربي من مخاطر الخلايا المذكورة كلها. الأحزاب السياسية هي الأخرى مطالبة بتحمل مسؤوليتها في تأطير أعضائها والمتعاطفين معها، وتطليق العمل المناسباتي الانتخابي، لصالح عمل تأطيري تثقيفي حقيقي دائم، لأن المخاطر التي تستهدف المغاربة و الشباب على وجه التحديد ليست مخاطر موسمية، بل مستمرة تحتاج لدرجة من اليقظة والفكرية العلمية والدينية الثقافية عالية جدا . بكلمة لابد أن تشارك كل القوى الحية في صيانة وحماية الخصوصيات المغربية، وإيقاف زحف التنصير والتشيع والشذوذ الجنسي وغيرها من مخططات مسخ الشخصية المغربية والمس بمقوماتها وخصوصياتها التاريخية والحضارية والدينية، وكلها يلعب على الفراغ الفكري والثقافي وضعف الثقافة الدينية، وكذلك ضعف الثقافة السياسية ، لأن كثيرا من الشباب لايعي الأبعاد الخطيرة للتنصير والتشيع على سبيل المثال، وربما يعتقد أن المسألة تهم الفرد ولاتمس أمن المجتمع والوطن، ولايعلم أن الأمر أخطر من ذلك، فالذين يقفون وراء النشاط التنصيري أو التشييعي إذا صح التعبير، يسعون لخلق أقليات دينية تمس بالوحدة المذهبية للبلد من جهة، وتجعلها مطية للتدخل في شؤونه والضغط عليه من جهة ثانية، باسم حقوق الأقليات الدينية الدينية، وابتزازها في تقاريرها حول حقوق الانسان، ومايسمونه بـحرية الاعتقاد. الإعلام هو الآخر يتحمل مسؤولية كبيرة جدا في استراتيجية التحصين، من خلال التحذير من الحركات أو الخلايا المشار إليها، وكشف الطرق التي تعمل بها ، وعدم الترويج لبعضها بمبرر السبق الصحفي وتعرية الواقع، كما حصل مع منسق الشواذ الذي ودها فرصة للحديث عن حركته وخليته بدون حرج ولا حياء. إن حماية الخصوصية الحضارية للمغرب ووحدته الدينية والمذهبية، ليست انعزالا وانكماشا على الذات بل حماية لها، وليست شعارا عابرا وترفا فكريا، بل ضرورة ملحة يجب ترجمتها في برنامج عمل وطني عاجل وشامل ومستمر لسد منافذ الفتنة ودرء شرورها.