كيف تلقيتم البيان الذي أصدره المجلس العلمي الأعلى بشأن رفع المملكة المغربية لتحفظاتها على الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة؟ أولا نسجل بارتياح ما صدر في بلاغ المجلس العلمي الأعلى، ونعتبر أنه صدر في الوقت المناسب، كما نثمن ما جاء فيه من حرص على إبعاد أي شك حول تمسك المغرب بثوابته الدينية والأحكام الشرعية. من جهة أخرى نسجل أن تفاعل المجلس العلمي الأعلى مع القضايا المجتمعية المطروحة والنقاشات الدائرة في المجتمع مسألة إيجابية، إذ إن تبيان الموقف فيها يسهم في تقوية دور المجلس في المجتمع. عموما نحن نسجل موقفا إيجابيا من هذا البلاغ ونثمن كل ما جاء فيه. ما هي الأمور التي تثمنونها في هذا البلاغ؟ أول ما نثمنه في هذا البلاغ ونتفق معه كونه أعاد موضوع النقاش إلى إطاره التوافقي، فموضوع حقوق المرأة تتجاذبه عدة مقاربات ونقاشات وتدافع مجتمعي بين من يريدون التجديد ويريدون الاشتغال انطلاقا من ثوابت البلاد وفي إطار مرجعيتها على أساس أنها الأعلى، وبين اتجاه آخر يرى أن هناك مرجعيات ومواثيق أخرى أعلى من المرجعية الإسلامية. ففي تقديري هذا البلاغ أعاد النقاش حول حقوق المرأة إلى إطاره الذي خرجت منه مدونة الأسرة، فكما يعلم الجميع المدونة صدرت على إثر عمل وجهد شاركت فيه عدة فعاليات من علماء وجمعيات مجتمع مدني، وبعد صدورها كان توجيه أميرالمؤمنين بأنه لايحل حراما ولا يحرم حلالا. ونثمن كذلك ماجاء في البلاغ من أن المغاربة يحمدون الله على ثوابتهم الدينية والشرعية، ويحمدون الله على أن هذه المهمة هي من مهام إمارة المؤمنين التي تعمل على موافقة مقاصد الشرع في كل ما يفيد الإنسان، والالتزام بشرع الله الذي هو فوق كل التزام، حيث أن هذا هو الإطار الذي تعارف عليه المغاربة واتفقوا عليه منذ تأسيس الدولة المغربية التي اختارت المرجعية الاسلامية، وكذا التجديد والاجتهاد وفق مقاصد الشرع حتى تتحقق مصالح الإنسان في إطار الالتزام بشرع الله. هل تعتبرون أن هذا البيان حسم النقاش الذي دار بعد الرسالة الملكية والتأويلات التي أعقبتها؟ أعتبر أن من إيجابيات هذا البيان أنه صدر في الوقت المناسب لحسم النقاش في هذا الموضوع، خاصة وأن بعض الجهات قامت بتأويل الخطاب الملكي حول رفع التحفظات على الاتفاقية الدولة للقضاء على كافة أشكال المييز ضد المرأة، وتفسيره وفق ما تريد، وبدأت تعلن عن مجموعة من المطالب البعيدة عما أجمع عليه المغاربة، وبعيدة عن حل الإشكالات الحقيقية التي تعانيها المرأة المغربية. فنحن الآن فعلا بحاجة إلى فتح فضاءات للنقاش بكل جرأة وللحوار الهادئ الرزين حول هذه الإشكالات وذلك في إطار التوافق، واعتمادا على المرجعية الإسلامية التي يمكن أن نجد في إطارها الحلول لكافة المشاكل. (ü) رئيس حركة التوحيد والإصلاح