حسم المجلس العلمي الأعلى النقاش الذي راج عقب الرسالة الملكية التي أعلنت رفع المغرب تحفظاته على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ أكد المجلس أن هذا الإجراء لم يثر لدى العلماء، ولا يجوز أن يثير لدى المجتمع أي تساؤل حول تمسك المغرب بثوابته الدينية وأحكام الشرع الواردة في القرآن الكريم، والتي لا مجال للاجتهاد فيها مثل أحكام الإرث وغيرها من الأحكام القطعية. يأتي هذا البيان على إثر ما راج من نقاش بين فاعلين داخل المجتمع حول المعانى التي تحملها هذه الخطوة، وردا على بعض الهيئات التي تروج لكون رفع التحفظات يعني المواد التي تتعلق بالمساواة بين الذكر والأنثى في كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية، بما في ذلك الإرث، وتجاوزت النقاش إلى حد المطالبة بملاءمة القوانين المغربية مع المقتضيات الواردة في بنود هذه الاتفاقية، ومراجعة النيابة الشرعية على الأبناء والمساواة بين الجنسين في الإرث، والسماح للمرأة المسلمة بالزواج من غير المسلم . وقد اعتبر بيان المجلس إمارة المؤمنين ضمانة المغاربة في التمسك بهذه الثوابت، وأكد على أن جلالة الملك أمير المؤمنين هو الذي يقود البلاد نحو كل أنواع التطور المفيد المتفتح، وأنه لا يحلل حراما ولا يحرم حلالا. وأعرب المجلس العلمي الأعلى عن اعتزازه بـالتطورالاجتهادي الذي شارك فيه العلماء، وعدد من الفاعلين الاجتماعيين على مستوى مدونة الأسرة، واعتبر أن ملاءمة مضامينها مع قوانين دولية في الموضوع هو السبب الوحيد الذي استدعى ماتم الإعلان عنه من سحب تحفظات. من جانبه ثمن رئيس حركة التوحيد والإصلاح مضمون البيان، واعتبر أنه أعاد موضوع النقاش إلى إطاره التوافقي، وأبعد الشك بخصوص حرص المغرب على التمسك بثوابته الدينية والأحكام الشرعية، وأكد الحمداوي لـ>التجديد< (انظر ص:3) أن البيان صدر في الوقت المناسب ليقطع الطريق أمام كل التأويلات السلبية التي من شأنها أن تعيد المغرب إلى نقاشات وخلافات تعود لما قبل صدور المدونة، بعيدا عن إجماع المغاربة وعن المشاكل الحقيقية التي تعاني منها المرأة المغربية التي ينبغي العمل على تجاوزها، وذلك انطلاقا من المرجعية الإسلامية التي يمكن أن نجد في إطارها الحلول لكافة المشاكل. هذا وأشار بيان المجلس العلمي الأعلى إلى أن الثوابت الدينية والأحكام الشرعية مكفولة بحراسة الإمامة العظمى الحريصة على موافقة الشرع لكل ما هو مفيد لحفظ كرامة الإنسان في هذا العصر والملتزمة بشرع الله الذي هو فوق كل التزام.