عندما تلا المستشار الملكي محمد المعتصم الرسالة الملكية بمناسبة الذكرى الستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من دجنبر في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والتي أشادت بالمسار الذي قطعه المغرب في تطوير ترسانته القانونية والحقوقية والذي توج بمدونة الأسرة وقانون الجنسية وأعلنت رفع المغرب لتحفظاته عن الاتفاقية الدولية لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، تلقفت الجمعيات النسائية ذات الأجندة الأجنبية الرسالة الملكية لتجهر بمطالبها بتغيير بعض الأحكام الإسلامية التي أقرتها مدونة الأسرة ومنها قضية أحكام الإرث، وتعدد الزوجات الذي اجتهدت المدونة في تقييده ، وحرمة تزوج المسلمة بغير المسلم، وغير ذلك، وقد أغرى الغموض الذي اكتنف إعلان المغرب رفع تحفظاته بخصوص اتفاقية سيداو العديد من الفاعلين وجعلهم يرفعون سقف مطالبهم ويدعون بالتالي إلى تعديل نصوص المدونة وملاءمة النصوص القانونية المغربية لتتلاءم مع بنود هذه الاتفاقية وخاصة المادة 2 و ,16 من جانبه قال محمد ضريف المحلل السياسي إن إعلان المغرب عن رفع التحفظات لا يعني تنازله عن أسسها الدينية المتمثلة في إمارة المؤملين، فالمسألة بحسبه تتجاوز رفع التحفظات وولاية العهد لن يطالها التعديل. من جانبه قال مصطفى الرميد رئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية أن التحفظات التي سوف يتم رفعها هي تلك التحفظات التي أصبحت متجاوزة بفعل التشريعات الوطنية، أما التحفظات التي لها أصل شرعي فإن منطوق الرسالة الملكية لا يسعف الذين يقولون إن المعنى هو رفع جميع التحفظات. وشدد المصدر على أنه لا يمكن رفع التحفظ بشأن المادة الثانية التي اشترط المغرب ألا تخل بالمقتضيات الدستورية التي تنظم قواعد توارث عرش المملكة المغربية، لأن ذلك سيصطدم بنص الدستور. حركة التوحيد والإصلاح انخرطت في النقاش وأكدت في بيان أصدره مكتبها التنفيذي سمو المرجعية الإسلامية على المواثيق الدولية، وأعلن المكتب تمسكه بالمرجعية الإسلامية للمغرب باعتبارها فوق المرجعيات الأخرى بما فيها المواثيق الدولية التي لا يمكن بحال من الأحوال أن يترتب عن المصادقة عليها مس بالأحكام الشرعية القطعية لديننا الحنيف، أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قال في برنامج حوار في 16 دجنبر إن جل التحفظات أصبحت لاغية بحكم المدونة وقانون الجنسية، موضحا أن موضوع الإرث لا تتضمنه الاتفاقية. لكن المجلس العلمي الأعلى الذي اعتبر البعض أن الرسالة الملكية اربكت علماءه حسم النقاش ببيان أكد فيه على أن هذا الإجراء لم يثر لدى العلماء، ولا يجوز أن يثير لدى المجتمع أي تساؤل حول تمسك المغرب بثوابته الدينية وأحكام الشرع الواردة في القرآن الكريم، والتي لا مجال للاجتهاد فيها مثل أحكام الإرث وغيرها من الأحكام القطعية. وقد اعتبر بيان المجلس إمارة المؤمنين ضمانة المغاربة في التمسك بهذه الثوابت، وأكد على أن جلالة الملك أمير المؤمنين هو الذي يقود البلاد نحو كل أنواع التطور المفيد المتفتح، وأنه لا يحلل حراما ولا يحرم حلالا. وأعرب المجلس العلمي الأعلى عن اعتزازه بـالتطور الاجتهادي الذي شارك فيه العلماء، وعدد من الفاعلين الاجتماعيين على مستوى مدونة الأسرة، واعتبر أن ملاءمة مضامينها مع قوانين دولية في الموضوع هو السبب الوحيد الذي استدعى ماتم الإعلان عنه من سحب تحفظات. السلفية الجهادية والحوار المرتقب شهد الأسبوع الأول من شهر نونبر الماضي تحركات بعض المسؤولين بالمندوبية العامة لإدارة السجون قصد التمهيد لحوار مستقبلي مع بعض ما يصطلح عليهم شيوخ السلفية الجهادية، غير أن هذه المحاولات لم تؤدي إلى نتيجة بسبب إصرار بعضهم على عدم كتابة طلب العفو الملكي. وأفادت مصادر مطلعة، حينها لـالتجديد ذاته أن عمر الحدوشي، المحكوم بـ30 سجنا نافذا، رفض كتابة طلب العفو لأنه يعتبر نفسه غير مذنب، في وقت أصر فيه بعض مسؤولي مندوبية السجون، أثناء لقائه خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، على كتابة طلب العفو كشرط لإجراء حوار تقوده جهات أخرى، كما أجرى المسؤولون أنفسهم لقاءات مع كل من محمد الفيزازي وحسن الخطاب في الموضوع نفسه. ومن جهة أخرى، كشف أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، خلال برنامج حوار ليلية الثلاثاء من الشهر الجااري، أن العديد من طلبات الإفراج المعتلقة بهذه الفئة ما تزال قيد الدرس، بغدما وضعها منتدى الكرامة لحقوق الإنسان لدى المجلس بعد اقتراح من هذه الأخير. كما شهدت هذه السنة تصريحات للكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى الدكتور محمد يسف، بخصوص موضوع الحوار مع معتقلي السلفية الجهادية، حيث قال في حوار أجرته معه التجديد إن كانوا فعلا ممن ينتمون إلى هذا الوطن وهذه الأمة ويلتزمون باختياراتها في العقيدة والمذهب والسلوك، وبنظام الحكم القائم على البيعة الشرعية، ويبقى فقط أن لهم رأيا في بعض الجزئيات، فلماذا لا يتحاور معهم العلماء على أساس هذه الركائز. استمرار محاكمات أعضاء العدل والإحسان استمرت خلال سنة 2008 محاكمات أعضاء جماعة العدل والإحسان أمام العديد من محاكم المملكة، بعد الحملة التي قادتها السلطات على أنشطة الجماعة منذ شهر ماي من سنة .2006 ونظمت الجماعة العديد من الوقفات الاحتجاجية بمناسبة محاكمة بعض قياديها، طالبت من خلالها رفع التضييق عليها. وقد بلغ عدد المتابعين من أعضاء العدل والإحسان، حسب آخر الإحصائيات التي قدمتها الجماعة، منذ بداية الحملة، 876 فردا، منهم 25 امرأة و 14 قاصرا، و28 طالبا. وبخصوص عدد الجمعيات المتابعة أمام القضاء، حسب بلاغ للجماعة، فقد بلغ ,.12 وخلال الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان جددت الجماعة نبذها للعنف، كما طالبت، خلال بيان أصدرته هيئتها الحقوقية، بالإفراج عن معتقليها وسائر المعتقلين السياسيين، وبفتح البيوت المشمعة، ورد الأمتعة المسروقة، وإلغاء المحاكمات الصورية، وفك الحصار الجائر عن الجماعة. وتلقت الجماعة مساندة من لدن الجمعيات الحقوقية بالمغرب، حيث نددت معظم الجمعيات بالمحاكمات التي يتعرض لها أعضاء الجماعة بسبب تجمعاتهم السلمية. أما خارج المغرب، فقد حققت الشرطة الإيطالية مع أعضاء من العدل والإحسان خلال الشهر الماضي، ثم أفرجت عنهم لثلاث ساعات ثم أفرجت عنهم، واعتبر قيادو الجماعة حينها أن مثل هذه التحقيقات روتينية في أوروبا. التشيع بالمغرب يثير قلق العلماء خلال شهر ماي من السنة الجارية، صدرت جريدة مغربية تحمل اسم رؤى معاصرة ذات علاقة بالفكر الشيعي، وهو ما أعاد إلى الساحة الإعلامية الجدل هو التشيع بالمغرب. ورغم غياب دراسات تبين حجم هذه الفئة، فإن أحمد عبادي، رئيس رابطة علماء المغرب، أكد قلقه من هذه الظاهرة، في تصريح له لوكالة الأنباء الإسبانية. كما أن تقارير إعلامية كشفت عن وجود جمعيات ثقافية بمدينة مكناس وطنجة والحسيمة توصف بأنها تتعاطف مع المذهب الشيعي، إلى جانب تصريح أحد الباحثين، بإنه يوجد ببلجيكا وحدها حوالي 5000 شيعي مغربي وعرفت الساحة الإعلامية جدلا بعد اتهام الداعية عبد الباري الزمزمي السفارة الإيرانية بالمغرب بالوقوف خلف نشر المذهب الشيعي بالمغرب، وهو ما أثار غضب السفارة، فنفت ذلك عبر حوار أجراه سفيرها مع إحدى الجرائد الوطنية. كما حذر الدكتور يوسف القرضاوي مما سماه الغزو الشيعي للمجتمعات السنية من بينها المغرب، الذي يعرف وجود. بسيمة الحقاوي رئيسة منظمة تجديد الوعي النسائي: تركيز على المرأة وتغييب ملف الطفولة والأسرة أهم ما ميز هذه السنة بحسب بسيمة الحقاوي محطة الاحتفال لأول مرة باليوم الوطني للمرأة المغربية في 10 أكتوبر، والتي جاءت بعد إشارة ملكية بضرورة التركيز على هذا الملف وتكثيف الاهتمام بالمرأة، كما عرفت السنة التشريعية الماضية إشارة ملكية أخرى للرفع من تمثيلية المرأة في الانتخابات الجماعية، وتم ترجمة هذه الإشارة إلى تعديلات في مدونة الانتخابات، بتوافق بين الأحزاب وبانخراط جمعوي مهم. من جهة أخرى ترى الحقاوي أن ملف الطفولة كان غائبا ومتأخرا مقارنة مع ملف المرأة الذي تم التركيز عليه بشكل كبير، ورغم أن قضية الطفل تتضمن عدة محاور مثل إعاقة الأطفال والتحرش الجنسي واستغلال الاطفال وتوريط فتيات قاصرات في شبكات الدعارة وقضايا كثيرة إلا أنه لم يتم الاهتمام به بالشكل المطلوب. أما فيما يتعلق بالأسرة كفضاء تجتمع فيه المرأة والرجل والأبناء، فترى المتحدثة ذاتها أنها كانت مجرد شعار واسم في يافطة وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، فالمقاربة المعتمدة من قبل الحكومة لا تهتم بالأسرة بشكل يؤدي إلى تحقيق توازن أسري، حيث أن كل المبادرات بحسبها وكل الأنشطة والاستراتيجيات ترفع شعار الأسرة، لكن لا نجد في طياتها أي إجراء جدي وعملي لتحقيق هذه الأهداف. وتشير الحقاوي إلى مسألة تعتبرها مهمة وهي عدم المصادقة على صندوق التكافل العائلي والذي كان ضمن التعديلات التي تقدم بها فريق العدالة والتنمية بمناسبة مناقشة قانون المالية برسم سنة 2009 ، ورغم ان الحكومة - تضيف الحقاوي- هي التي بادرت بإجرائه ضمن التزاماتها على اعتبار أن هذا الصندوق هو بمثابة مخرج لوضعية كانت تتضرر فيها المرأة ضررا كبيرا بحكم عدم استفادتها من النفقة في حالة الطلاق، ومع ذلك ونحن نشرف على إنهاء خمس سنوات على تطبيق مدونة الأسرة، لم تصوت الأغلبية في الحكومة على هذا المشروع وخيبت آمال الجماهير العريضة وأعطتهم إشارة على أنها غيرقادرة على تنفيذ التزاماتها. وفي موضوع التحفظات التي رفعها المغرب على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تقول بسيمة الحقاوي إن رفع التحفظات المرتبطة بإصلاح منظومة المغرب القانونية ومن أجل الملاءمة بين موقفه من هذه المواد وتشريعاتها الوطنية جزء من سيادة المغرب، لكنها تشدد على أن هناك خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها والتي تنطلق من كون المغرب بلد مسلم وذي حضارة وتاريخ برهن فيه على استقلاليته وسيادته عبر القرون، وقد برهن مرة أخرى من خلال هذا الملف على أنه دولة متشبتة بقيمها وبقوانينها وبمرجعيتها الإسلامية وبهويتها، ودعت الحقاوي كل الذين لم يقتنعوا بعد بأن المغرب ليس دولة علمانية وليس دولة تنقلب على مرجعيتها الإسلامية، إلى أن يبحثوا لهم عن فضاءات وساحات أخرى للنضال، لأن الساحة المغربية وفية لتاريخها وحضارتها وهويتها. وانتقدت الحقاوي أداء وزيرة التنمية الاجتماعية ذات الإنتماء اليساري التي بحسبها لم تضع هذه الجبة وهي تمارس عملها كمسؤولة سياسية وعضو في حكومة وفي خدمة الوطن وكل المواطنين، وسجلت تحيزها للفاعلين اليساريين وأيضا للطروحات اليسارية وأكدت على أنه لا احتكار في الساحة السياسية خصوصاعندما ينال العضو من الحكومة ثقة الملك، وانتقدت الإقصاء الذي تمارسه بعض المؤسسات والهيئات ذات الصفة الرسمية والوطنية والتي لا تستحضر في أنشطتها جميع الحساسيات، والدليل على ذلك اللقاء الذي نظمه مؤخرا مجلس الجالية المقيمة بالخارج في مراكش والذي طرح قضايا الجندر وقضايا المرأة في علاقتها بالسياسة والاقتصاد والمجتمع لكن لم يكن أي توازن في استدعاء الفاعلين الجمعويين والسياسيين لمناقشة هذه القضايا، نفس الأمر وقع خلال الاحتفال باليوم الوطني للمرأة المغربية حيث أقصيت جميع الهيئات المحسوبة على تيار مخالف للوزيرة، وحذرت الحقاوي هذه الهيئات من التورط في خندقة هيئات ذات أهمية كبرى في مسار إيديولوجي واحد. مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة: الحدث الديني كان الأبرز خلال هذه السنة يرى مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة أن هنالك حيوية دينية طبعت هذه السنة، حيث إن فتاوى العلماء وآرائهم أصبحت مركز اهتمام الصحافة والفاعلين والمثقفين، وهذا الشيء اجتذب كثير من المثقفين ودفعهم للتفاعل إما عن طريق المتابعة وتقوية ما يقوله العلماء أو عن طريق النقد، فهي كانت إما تحظى بالقبول أو بالمعارضة، وهذا دليل على أن لها أهمية و قيمة وموجهة لحركة المجتمع فحالة الإهمال واللامبالاة لم تعكن حاضرة خلال هذه السنة، بل كان الحدث البارز هو الحدث الديني على مستوى المغرب وأصبح في عمق اهتمام الإنسان المغربي. وأشار بنحمزة إلى أن هذه السنة شهدت انطلاق العمل بميثاق العلماء وهي عملية كبيرة جدا يفترض ان تسفر عن توحيد خطة العمل وإيلاء الاهتمام للأهم قبل المهم وتلبية الاحتياجات الدينية للمغاربة لأن لا أحد ينكر بأنه كان هناك نوع من الاعتباطية والعشوائية في ممارسة الدعوة، ولكن حينما يتكتل العلماء ـ يضيف بنحمزة- حول مشروع واحد له خطوات معينة فلا شك أن ذلك سيؤدي الى آثار ايجابية تنعكس على التدين بالنسبة للمغرب، لكن المفاجأة التي كانت هذه السنة هي قضية محاولة الحديث عن الإرث وإعادة النظر في احكامه وما إلى ذلك وقد واجه المجلس العلمي الأعلى هذه المسألة بكل وضوح، ووضع حدا لهذا العبث لأن هذه الأشياء محسومة بنصوص قطعية من الكتاب والسنة ليس للمسلمين بعد ذلك إلا أن يقبلوها او يرفضوه ويكون هنا موقف آخر. بالنسبة للتحديات المطروحة على الفاعلين في الحقل الديني خلال السنة المقبلة، قال بنحمزة إنه لابد من توحيد خطة عمل واعتماد منهجية علمية حتى يكون الحديث عن الشريعة الإسلامية مستندا إلى قواعد علمية واضحة.