لا تزال سلطات الاحتلال تختطف في سجونها (40) نائباً في المجلس التشريعي الفلسطيني، فى مقدمتهم رئيس المجلس الدكتور عزيز دويك، وكان هذا العدد قد وصل في ذروته إلى (56) نائباً ووزير، حيث أطلق سراح عدد منهم بعد قضاء فترات مختلفة في سجون الاحتلال ما بين الاعتقال الإداري، والتوقيف، والحكم بالسجن أو الغرامة. وأوضح رياض الأشقر مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الأسرى والمحررين بان من بين النواب المختطفين ثلاثة محسوبين على قائمة حركة فتح هم: النائب مروان البرغوثي، والنائب جمال حويل والنائب جمال الطيراوى، ونائب واحد محسوب على قائمة أبو على مصطفى التابعة للجبهة الشعبية وهو النائب احمد سعدات، وقد اعتقل من سجن أريحا التابع للسلطة الفلسطينية في مارس 2006، و(36) نائب من المختطفين محسوبين على قائمة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس ، بالإضافة إلى وزير واحد في الحكومة العاشرة وهو وصفى قبها وزير الأسرى السابق. وقد صدرت أحكام بحق (14) نائب أي أن ما نسبته 35% من إجمالي أعضاء المجلس التشريعي المختطفين، بعضهم يمضى حكماً بالمؤبد كالنائب مروان البرغوتى، فيما تتراوح معظم الأحكام ما بين 35 إلى 50 شهر، وهناك نائب معزول منذ ستة سنوات في عزل أيلون الرملة وهو محمد جمال النتشه من الخليل، ويخضع النائب عبد الرحمن زيدان إلى الاعتقال الإداري المفتوح رغم صدور قرار بالإفراج عنه، فيما رفضت محاكم الاحتلال إطلاق سراح أربعة نواب بعد قضاء مدة محكومياتهم وهم النائبين سمير القاضي ومحمد أبو جحيشه بعد قضاء فترة محكومياتهم البالغة 28 شهرا، والنائب إبراهيم أبو سالم 21 شهراً، والنائب وائل الحسيني 23 شهراً، بقرار استئناف من المخابرات الصهيونية، فيما باقي النواب هم موقوفين بدون تهمة أو محاكمة، ويتم عرضهم بين الحين والأخر على المحاكم وإخضاعهم للإجراءات التعسفية خلال النقل ويعودون دون إصدار أي أحكام بحقهم. اختطاف غير قانوني وأشار الأشقر إلى أن اختطاف النواب المنتخبين والوزراء السابقين، هو انتهاك فاضح لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية، ويشكل عدواناً سافراً على المؤسسات الشرعية الفلسطينية ورموزها، ومساساً فاضحاً بالحصانة التي يتمتعون بها، بهدف تقويض عمل المجلس التشريعي وإضعاف النظام السياسي الفلسطيني، وكذلك لابتزاز الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية التي تختطف الجندى شاليط، بهدف أن يكون هؤلاء النواب هم الورقة الضاغطة بيد الاحتلال للتأثير على عملية التبادل، وتخفيض سقف المطالب الفلسطينية في هذه الصفقة. كما أن تقديم هؤلاء النواب للمحاكم واصدرا الأحكام بحقهم هو أمر غير شرعي ومرفوض، والتهم التي تذرع الاحتلال بها لمحاكمتهم هي قضايا سياسية بالدرجة الأولى ولا يجوز إصدار أحكام بناء عليها، حيث وافق الاحتلال منذ البداية على إجراء الانتخابات لهذه القوائم التي يعتبرها الآن غير شرعية ويعتبر التعامل معها محذور وتهمة يُعاقب عليها النائب، بالإضافة إلى أن الاحتلال يهدف من وراء محاكمة النواب إلى نزع الشرعية عنهم، وإقناع العالم بأنهم سواسية مع باقي الأسرى وان ما يجرى على الأسرى يجرى عليهم، وليس لهم حقوق ولا حصانة يتمتعون لها، كباقي نواب المجالس التشريعية في أي دولة من العالم. إهمال صحي للنواب يعانى الأسرى جميعهم في سجون الاحتلال من سياسة الإهمال الطبي المتعمد، الأمر الذي يرفع أعداد الأسرى المرضى باستمرار، ويهدد حياة الأسرى الذين يعانون من أمراض صعبة دون أن يقدم لهم سوى المسكنات فقط، ولكن في حالة النواب فالأمور تزداد تعقيداً وصعوبة حيث أن معظمهم من الكبار في العمر، ولا يخلو احد منهم من مرض، وفى مقدمتهم رئيس المجلس الدكتور عزيز دويك (60 عاماً)، الذي يعانى من عدة أمراض ، منها السكري، وفقر الدم، والمرارة وحصوة فى الكلى، وقد تم نقله إلى المستشفيات أكثر من مرة نتيجة حدوث تراجع في صحته، كان أخرها بشكل مفاجئ قبل عدة أيام، وقد أوصى الأطباء الذين عاينوه بضرورة إجراء علمية جراحية عاجله له لازالة الحصوات من الكلية، وكان من المقرر أن تجرى له هذه العملية قبل عدة أشهر إلا أن إدارة السجن كعادتها ماطلت في إجراء العملية الجراحية له. كذلك يعانى النائب عزام سلهب (52 عاماً) الأسير منذ 3 سنوات، من مرض الضغط الذي يسبب له حالات إغماء بشكل مستمر، أدت أحداها إلى تمزق غضروفى فى ركبته اثر سقوطه عليها، ويحتاج إلى علمية بها، إلا أن إدارة السجن اكتفت بمشد للركية فقط ، مما ضاعف من آلامه، وادي إلى تدهور صحته. ويعانى النائب الشيخ احمد الحاج الذي يبلغ من العمر (71 عاماً)، من عدة أمراض أهمها السكري والضغط، كما يعانى وزير الأسرى السابق المهندس وصفي قبها من مرض السكري، بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم والعديد من الأمراض التي أصابته داخل السجن نظراً لكونه أمضى سنوات طويلة داخل سجون الاحتلال. وتتعمد سلطات الاحتلال حرمان النواب المختطفين من العلاج المناسب، كذلك فهي تمنع ذويهم أو المحامين من إحضار العلاج الذي كانوا يتناولوه قبل الأسر، كما تماطل في تحويل العديد منهم إلى المستشفيات حسب توصية الأطباء لإجراء فحوصات أو صور أشعة، أو إجراء علميات جراحية، وذلك إمعانا في التضييق عليهم، وتركهم فريسة للأمراض التي تفتك بأجسادهم المتعبة من تقدم العمر. أوضاع صعبة وبين الأشقر أن سلطات الاحتلال لم تكتف بإهمال النواب صحياً بل أمعنت إدارة السجون في التضييق على النواب وتعذيبهم ومضاعفة معاناتهم عبر سلسلة من الإجراءات التعسفية بحقهم لإذلالهم كممثلين للشعب الفلسطيني، فهم يعتقدون إن في ذلك إذلال واهانة للشعب الفلسطيني بأكمله والذي أعطى هؤلاء النواب ثقته. فالاحتلال يحتجز معظم النواب في سجن مجدو الذي يقع في شمال فلسطين، وهذا السجن يمتاز بالرطوبة العالية التي تؤدى إلى انتشار الأمراض العظام بين الأسرى، وكذلك فغرف السجن صغيرة والتهوية فيها غير كافية. ويحرم الأسرى من حقوقهم من الأكل والشرب والفراش والملبس والكنتين، كذلك يعمد الاحتلال إلى إخضاع النواب المختطفين إلى عمليات التنقل المستمرة والتي يعانى فيها النواب الآمرين، فهذه التنقلات تعتبر وسيلة تعذيب وإذلال، حيث أن السيارة التي ينقلون بها غير صالحة للبشر، ويتعرض النواب إلى الشتم والضرب من قبل الجنود المرافقين، وقد تعرض رئيس المجلس التشريعي إلى أكثر من 100 حالة نقل خلال اعتقاله، وفى إحدى المرات أصيب خمسة من النواب بجراح اثنين منهم بحالة متوسطة نتيجة تعمد سائق سيارة النقل التوقف المفاجئ الأمر الذي أدى إلى ارتطام رؤوس النواب بجدار السيارة المصفحة، بالإضافة إلى عرض النواب على المحاكم بشكل دوري، وهم مقيدي الأيدي والأرجل، ويوضعون في زنزانة المحكمة الضيقة لساعات طويلة دون أن يقدم لهم الأكل أو الشرب أو يسمح لهم بقضاء الحاجة. كما يتعرض النواب أيضا إلى عمليات قمع ونقل من سجن إلى أخر، ومن قسم إلى قسم جديد بهدف نزع الاستقرار عنهم، وإضعاف تأثيرهم على المعتقلين الذين يلتفون حول النواب، ويتلقون العلم والثقافة عنهم، كما يمنع الكثير منهم من زيارة ذويهم بحجج واهية، وكثيراً ما يتم إعادة ذوى النواب عن أبواب السجن بعد أن يتكبدوا عناء السفر، واجتياز الحواجز والتفتيش. كما أكد محامى النواب أن إدارة السجن تتنصت على لقاءات النواب مع المحامى، والتي تتم عبر الهاتف الخاص بالزيارة من خلف الزجاج الفاصل. معنويات عالية وعلى الرغم مما يعانيه النواب المختطفين من وسائل تعذيب واضطهاد إلا أن معنوياتهم تناطح السحاب، ولا يعبئون بما يُمارس بحقهم، ولا يعترفون بشرعية هذا الاحتلال أو محاكمه الظالمة، ويستغلون كل دقيقة من اعتقالهم في زيادة تحصيل العلم والمعرفة، وحفظ القرآن الكريم، ومتابعة ما يدور من أحداث في الخارج وتحليلها، والخروج بتوصيات وعقد اللقاءات السياسية، والتي يرسلون خلاصتها إلى الخارج ليستفيد منها أبناء شعبهم، وكذلك توعيه الأسرى وتثقيفهم عبر سلسلة من البرامج الثقافية والتعليمية والدورات، حيث حولوا السجون إلى منارات للعلم، وتخريج الكادر التنظيمي الذي يخرج من السجون ليقود العمل في الخارج. وفى ختام التقرير ناشدت وزارة الأسرى والمحررين كافة أحرار العالم أن يكون لهم موقف من استمرار اختطاف النواب المنتخبين بطريقة ديمقراطية، والضغط على الاحتلال لوقف هذه الاستهتار بحق القانون الدولي الإنساني، وعدم الكيل بمكيالين بحيث يطاب العالم اجمع بإطلاق سراح الجندي شاليط ، في الوقت الذي لا يتدخل احد لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وعلى رأسهم النواب المنتخبين.