يعيش المواطن البيضاوي على إيقاع أزمة حادة في النقل الحضري، ويبدو مستقبل النقل بمدينة الدارالبيضاء غامضا، بعد التطورات التي يعرفها القطاع منذ شهر تقريبا، فعلى مشارف انتهاء الاتفاقية التي تربط الجماعة الحضرية للمدينة بشركات النقل الخاصة، أكدت مصادر مطلعة لـ التجديد أنه تم سحب تراخيص مجموعة من هذه الشركات، فيما لم يتلق أربابها جوابا رسميا لحد الآن حول إمكانية تمديد العقدة مع مجلس المدينة، على الرغم من مطالبة أربابها منذ أسابيع بعقد لقاءات مع المسؤولين لمعرفة مآل أسطولهم. وقد عمقت الأزمة الزيادة المفاجئة في تذكرة حافلات نقل المدينة الأحد الماضي، في محاولة لفرض الأمر الواقع في غفلة من المسؤولين المحليين، الذين اعتبروا هذه الزيادة غير قانونية؛ قبل أن تتراجع عنها الشركة أول أمس الإثنين، وهو ما دفع متتبعين إلى القول بأن النقاش الدائر حول إمكانية تجديد عقود الجماعة الحضرية مع شركات النقل الخاص؛ تحمل ضمنيا الرغبة في فرض شركة نقل المدينة كي تستولي على قطاع النقل بالدارالبيضاء بدون منافس، ويتخوف مهنيون من تداعيات انسحاب شركات النقل الحضري الخاصة خلال 2009؛ بعد انتهاء آجال عقودها على حركة النقل بالمدينة، وفي السياق ذاته يشككون في إمكانية ملأ شركة نقل المدينة لهذا الفراغ ونتائجها بحسب المتتبعين بالرغم من أن الاستثمارات التي باشرتها منذ فوزها بعقد التفويت، لم ترق إلى مستوى تطلعات المواطنين. فشركة نقل المدينة أومدينة بيس بحسب المهتمين تهربت من الوفاء بعدد من الالتزامات، إذ لم توفرحافلات ذات جودة، ولم تغط كل الخطوط الرابطة بين أنحاء المدينة، وحافلاتها تتجاوز أكثر من نقطة توقف في أوقات الذروة، خاصة بالمناطق التي تنفرد بخطوط النقل فيها، مثل سيدي مومن، والحي المحمدي، وسيدي البرنوصي في اتجاه وسط المدينة، وأجهزت على حقوق عمالها ومستخدميه،ا وجعلتهم يخوضون إضرابات مستمرة... كما أن شركات النقل الحضري الخاصة أيضا خرقت بعضا من البنود المتفق عليها، فهي تعتمد على أسطول مهتريء، وبعض حافلاتها لا تعمل إلا في الخطوط التي تدر عليها المداخيل، كما أصبح وصول المواطنين إلى مقرات عملهم مرهونا بمزاجية أصحاب هذه الحافلات، وأوضاع عمالها ليست بأحسن حال من حال عمال شركة نقل المدينة... وأكد مصطفى الحيا، عضو مجلس مدينة الدار البيضاء لـ التجديد، أن شركات النقل الخاص بالمدينة نوعان، نوع جدد أسطوله والجماعة تسعى إلى تجديد الاتفاقية معه، وصنف لم يجدد أسطوله من الحافلات، ولم يحترم الحد الأدنى لدفتر التحملات، واعتبر الحيا أن الجماعة ربما لن يكون لها ما يشجعها على تجديد العقدة معه. وفي سياق متصل أشار مصطفى الحيا أن الإشكال الآخر هو مع شركات نقل المدينة، التي أبدت رغبتها في الاستحواذ على كل الخطوط لتغطية كل المدينة بحافلاتها، وهذا معناه بحسب الحيا الانتهاء العملي لشركات النقل الخاصة الأخرى، مشددا على أن الوضع الحالي يزيد من حدة المنافسة، وقد تصبح الشركة هي المدبر الوحيد للقطاع بالمدينة، وإلى ذلك قال بأن مستقبل النقل بالمدينة لازال غامضا. وإلى ذلك أكد مستشارون جماعيون لـ التجديد أن إعادة نفس الخطأ الذي ارتكب في قطاعات أخرى بمنح التدبيرالمفوض لشركة واحدة، قد تتحول معه الدار البيضاء إلى رهينة يصعب معها التخلص من مضاعفاته. ويؤكد مستخدمون بشركة نقل المدينة إلى أن ما يعانيه المواطنون جراء تردي خدمات الشركة، يعود بالأساس إلى النقص الحاد في حظيرة حافلاتها، خاصة مع موسم الدخول المدرسي، فالشركة تملك ما يعادل 700 حافلة 300 منها جديدة، وتنقل ما لا يقل عن 600 ألف شخص يوميا. وأكد المستخدمون أن مايناهز 5 في المائة من هذه الحافلات متوقفة بسبب الأعطاب وغياب الصيانة، وقدر مصدر مسؤول عدد الحافلات التي تتوقف بسبب الأعطاب ما بين 15 إلى 20 حافلة في اليوم، مضيفا أن مجمل ما تتوفر عليه الشركة من الحافلات الصالحة للاستعمال لا يتجاوز500 حافلة، من أصل 1200 حافلة كانت قد التزمت بتوفيرها في عقد تدبيرها لهذا القطاع.