افتتحت أشغال مجلس الشورى لحركة التوحيد والإصلاح، في دورته الثالثة، يوم السبت 18 أكتوبر 2008بالرباط، بتلاوة الفاتحة والدعاء ترحما على روح الدكتور عبد الكريم الخطيب رحمه الله، الذي توفي ليلة السابع والعشرين من رمضان الأخير، وقال عبد الرحيم شيخي، منسق مجلس الشورى، إننا نعتبر الفقيد منّا ونحن منه، ليس بحكم حصوله على العضوية الشرفية لحركتنا وفقط، ولكن بالأساس لعلاقة الأخوة الصادقة التي جمعتنا به على أساس الدين وحماية المصالح العليا لبلادنا وأمتنا. واتخذ مجلس الشورى من الآية الكريمة من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا، وقال شيخي في كلمته، إن اختيار هذه الآية شعارا لدورتنا إنما هو استحضار لتضحيات أخينا الدكتور الخطيب. وفي كلمة له، حول التحولات الجارية، اعتبر محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن إغلاق 65 دارا للقرآن الكريم قرارا غير مقبول، حيث أنها مؤسسات تقدم خدمة للمجتمع، وتلبي حاجيات يمكن تحديد معايير لها، متسائلا عن مصير هؤلاء الشباب الذين كانوا يدرسون بها، بعد إغلاقها. مبرزا أن غلقها يناقض الإجراءات التي تم الإعلان عنها بخصوص إصلاح الحقل الديني، ويفرغها من محتواها. وقال رئيس الحركة، أمام أعضاء مجلس الشورى، إن المرحلة الجديدة للإصلاح الديني، قد ثمنها المكتب التنفيذي للحركة في بلاغ له، غير أنه نبه إلى التحديات التي تواجهها، والتي من بينها ضرورة الانسجام في السياسات العمومية درءا للتناقض فيما بينها، كما دعا إلى تحقيق ما وصفه بالقرب الحقيقي من الناس، من خلال تفعيل دور المسجد، ووسائل الإعلام المختلفة، وكذا تفعيل الاجتهاد والتجديد بدل إحياء القضايا الخلافية العقدية والفقهية، وطالب في هذا السياق بتفعيل مبدأ الإشراك في تفعيل السياسات المعلن عنها، بالانفتاح على المجتمع المدني والتكامل الفاعلين في الحقل الديني. من جهة أخرى، نبّه الحمداوي إلى تصاعد حدة التدافع حول القيم والهوية في المجتمع، سواء في الإعلام والتعليم، أو على مستوى الثقافة والفن، وكذا الاستهداف المتزايد للشباب والأسرة ومنظومة القيم الإسلامية في مجموع المقررات الدراسية الجديدة، وعودة الجدل حول أزمة لغة التدريس وجدوى التعريب، لافتا الانتباه نحو تنامي الدعوة إلى اعتماد منظومة قيم بديلة تشهر شعارات حقوق الإنسان وتسوغ للإسفاف الفني والابتذال الثقافي. وعلى المستوى السياسي، توقف رئيس حركة التوحيد والإصلاح عند التقاطب السياسي الجديد، نتيجة ظهور تيار يجاهر بالتصدي للإسلاميين، وأكد الحمداوي في مقابل ذلك، على فاعلية المشروع الإسلامي القائم على الفعل السياسي والحزبي، والفعل الدعوي والتربوي، والفعل المدني الأهلي، مركزا على تميز النموذج الذي يقدمه العدالة والتنمية في المشهد السياسي المغربي.هذا، ونبه الحمداوي إلى استمرار مسلسل التراجع في مجال حقوق الإنسان والحريات الإعلامية والصحفية، معتبرا ما شهده ملف المعتقلين الستة المتهمين بالانتساب إلى خلية بلعيرج من تجاوزات، يشير إلى بروز مؤشرات جديدة تسعى إلى التشويش على تجربة المشاركة السياسية للحركة الإسلامية واتهامها بالازدواجية. وحذر المتحدث كذلك من بعض مبادرات نشطاء التيار الأمازيغي الذي انتقل إلى مرحلةالقيام العلني بأدوار مريبة بحملهم لواء التطبيع مع الكيان الصهيوني، والاستقواء بالخارج، وجرأتهم في التصدي للتعريب. على صعيد آخر، توقف الحمداوي عند الحصار الدولي على قطاع غزة، حيث وصف ذلك بالجريمة النكراء، التي يشارك فيها النظام العربي الرسمي، والتي تسعى إلى تكسير إرادة الشعب الفلسطيني في الصمود ورفض التسوية على حساب ثوابته. وسجّل الحمداوي البروز المتزايد للحركة الإسلامية على مستوى التدافع الاجتماعي والسياسي عالميا، الذي أدى إلى ارتباك في الرؤية الدولية حولها، مما جعل موقفها ينزاح نحو خيار التحجيم السياسي لها، ودعم الأنظمة القائمة عوض دعم ونشر الديمقراطية في العالم الإسلامي. وبخصوص الأزمة المالية العالمية، توقف رئيس الحركة عند التخوف من إمكانية انتقالها إلى الاقتصاديات الهشة المرتهنة بالخارج، وتوقع رئيس الحركة أن تؤدي تلك التغييرات إلى بداية انتهاء وضع الهيمنة الأمريكية، لصالح تعددية قطبية، قد تفتح مجالا أرحب للحركة الإسلامية.