وسط الآلاف من مناضليه ومتعاطفيه، أبّن حزب العدالة والتنمية، أمس الأحد بمركب الأمير مولاي عبد الله، رئيسه المؤسس الدكتور عبد الكريم الخطيب في ذكرى وفاته في رمضان المعظم الأخير، في مهرجان وطني نظم تحت شعار على درب الوفاء يا خطيب، وحضره، بالإضافة إلى أسرة الدكتور الخطيب، ولده وبناته وأحفاده، كل من إدريس جطو الوزير الأول السابق، ومحمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح، وفتح الله أرسلان الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، و ممثلين عن أبرز الأحزاب السياسية منهم إدريس لشكر عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والمحجوبي أحرضان رئيس الحركة الشعبية، وعبد الرحيم الحجوجي عن حزب اتحاد القوات المواطنة، وسفراء دول عربية وإسلامية، خاصة سفيرا جمهوريتي إيران والسودان. فقرات المهرجان، الذي سيّره الأمين العام للحزب، عبد الإله بن كيران، انطلقت بتلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، من ترتيل المقريء أحمد الخالدي. وقال بنكيران تعليقا على شعار المهرجان، إن الوفاء للخطيب رحمه الله، هو وفاء للعهد الذي جمعه مع أبناء حركة التوحيد والإصلاح قبل أزيد من عشر سنوات، وأضاف بنكيران إن العهد الذي بيننا وبين الخطيب مبني على العمل من أجل إقامة الدين والدفاع عن الوطن والدفاع عن الملكية التي فوقها إمارة المؤمنين، قبل أن يطلب من آلاف المواطنين الذين غصت بهم جنبات قاعة المركب مولاي عبد الله ترديد النشيد الوطني. الذي تلاه شريط وثائقي حول حياة الدكتور الخطيب وشهادات لكل من أحمد الريسوني الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، وعبد الإله بن كيران الأمين العام الحالي للحزب، والذي يعرف بأنه هو من قاد عملية التفاوض، إلى جانب عبد الله بها، مع الدكتور الخطيب من أجل اندماج أبناء التوحيد والإصلاح في حزبه الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية سابقا. وبعد قراءة برقية التعزية التي وجهها الملك محمد السادس إلى الحزب في وفاة الخطيب رحمه الله، وتلاها نائب الأمين العام عبد الله بها، ألقى عمر الخطيب، إبن الفقيد، كلمة باسم أسرة المرحوم، ذكر فيها بخصال والده كأب أسرة كبيرة، الذي كان يحرص على أن تكون تربيتنا أصيلة ومنفتحة في الآن نفسه، يقول عمر الخطيب، وحريص على أن تكون مواقفنا منسجمة مع أحكام الإسلام. أما الأستاذ بنعبد الله الوكوتي، رفيق الخطيب في نضاله منذ تأسيسه لجيش التحرير في الخمسينات، فقال في كلمات قليلة، إنه كانت بينه وبين الخطيب علاقة أخوية وثيقة جمعتهم في السراء والضراء، قبل أن يؤكد أنه كان يتمنى الموت قبل الخطيب، لكن الله قدر عكس ما أراد. وتميزت فقرات المهرجان بكلمة للمهندس محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، الذي قال في كلمته إنه إذا كانت الحركة الوطنية تذكر للخطيب أنه كان مؤسسا لجيش التحرير وقائدا له، فإن الحركة الإسلامية في المغرب تذكر للخطيب أنه كان فاتح الباب أمامها للمشاركة والولوج إلى العمل السياسي، وأكد الحمداوي أنه باسم حركة التوحيد والإصلاح يؤكد أن أبناءها هم أبناء للخطيب وحفدته. وأضاف الحمداوي أن الوفاء للمرحوم الخطيب هو وفاء لخيار المشاركة من أجل إقامة الدين وإصلاح المجتمع، بالرغم من صعوبات وتحديات هذا الخيار، وأكد أن حركة التوحيد والإصلاح ماضية في هذا الطريق إلى نهايته. وشدد في الوقت ذاته على أن الوفاء للدكتور الخطيب هو وفاء لدعم قضايا الأمة الإسلامية، ودعم لخيار الصمود والمقاومة، وعلى رأس ذلك قضية فلسطين وفي القلب منها القدس الشريف. وأكد الحمداوي على أن ذكرى تأبين الخطيب هي مناسبة لتجديد عهدنا وشراكتنا في حركة التوحيد والإصلاح مع حزب العدالة والتنمية مع الحفاظ على استقلال الطرفين. ووصف المقريء الإدريسي أبو زيد، في كلمة باسم العدالة والتنمية، الدكتور الخطيب رحمه الله، بأنه كان شديد التواضع، إذا رأيته وعايشته حسبته من آخر الناس، لكنه تواضع، يقول أبو زيد، كان من دون اعتداد ولا افتخار. وانطلق أبو زيد في حديثه عن سمات شخصية الخطيب بوصفه له أنه كان صاحب فراسة، وأنه كان ينظر بفراسة المؤمن إلى تحولات المغرب ومستقبله، فكان ينادي بتعميق علاقة المغرب مع بعده الإفريقي، ومما قاله في هذا السياق، يقول المتحدث قولته الفريدة إذا أراد المغرب أن يكون رأسا فعليه أن يرتبط بإفريقيا، وإذا أراد أن يكون ذيلا فعليه أن يرتبط بأوربا. ولم يكن الخطيب رحمه الله ممن يدعو إلى مواجهة التيارات في المجتمع، يضيف أبو زيد، بل يفكر كيف يوجهها الوجهة السليمة، وذلك قبل 60 عاما مضت، منها أنه كان يرى أن التيار النسائي قادم وآت، وأن الذي يجب التفكير فيه ليس الوقوف ضده، بل كيف يوجهه الوجهة الإسلامية كي يخدم دينه ووطنه وأمته. كما أنه رأى بفراسته أن التيار الأمازيغي قادم لذلك طالب الخطيب قبل 60 عاما بدسترة الأمازيغية والنهوض بالثقافة الأمازيغية. ومن مميزات الخطيب، يقول أبو زيد، إنسانيته وعمقه الإنساني، كان له قلب كبير يسع الإنسانية كلها، منبها أن ذلك هو ما يجعلنا نفهم كيف أن الخطيب لما كان قائدا لجيش التحرير أيام الحماية الفرنسية، استطاع أن يستوعب تحت قياداته رجالا كبارا أمثال علال الفاسي وعبد الرحمن اليوسفي، وأضاف أبو زيد أن الفقيد كان رجلا مستوعبا، لافتا إلى أن أكثر الناس حبا للخطيب أكثر الناس خلافا معه. كما كان الخطيب رجلا حنونا، يحكي أبو زيد أنه التقى وإياه أيام محنة البوسنة والهرسك بالقائد الكبير علي عزت بيكوفيتش، فرأيت في لقاء بينهما كنت أنا ثالثه، رجال كبار بقلوب صغار، لقاء قال فيه الخطيب لبيكوفيتش بإنجليزية متكسرة أنا أحبك، وتعانقا، يقول أبو زيد، وفي موقف كبير مثل هذا ساهمت فيه أنا بالدموع. وفي شهادته، قال المحجوبي أحرضان، رئيس الحركة الشعبية، الذي جايل الخطيب وأسس معه حزب الحركة الشعبية في 1957 قبل أن ينفصلا في ,1967 إن المرحوم الخطيب كان رجلا شجاعا، وفيا ومخلصا، وأكد أن الخطيب لم يمت وروحه لا زلت معنا، وأضاف؛ منذ أن توفاه الله وأنا أشعر أنه لا زال معي، وقال أنا من شحال هذي وهو معايا. وأضاف الخطيب عاش راجل، وكافح راجل، وبقا راجل، ومات راجل. ومما ذكره أحرضان عن الخطيب، وهما في فرنسا، نومهما في فراش واحد، يقول أحرضان كنا ننام في رجل واحد، أما عن الأكل والمؤونة فيقول أحرضان، كان الخطيب يذهب لختان أطفال المسلمين في فرنسا، ويأتي لنا بما نأكله. وأكد أن الخطيب كان رجلا مسلما ومؤمنا. قد تسألون لماذا اختلفنا وافترقنا، يسأل أحرضان في كلمته، ويجيب نفسه مازحا تفارقنا باش تكون العدالة والتنمية، وقال إنه ذات يوم رجع مع الخطيب من اسبانيا عبر سبتةالمحتلة، إذ افترقا هناك، تذكر منها أن الخطيب حينها قال له إن مهمتك لم تنته بعد، غير أن هذه المهمة، يقول أحرضان، ومنذ ذلك اليوم لم أعرف ما هي على وجه التحديد، ملمحا إلى أنها قد تكون مع حزب الخطيب اليوم، حزب العدالة والتنمية، وقال أنا إذا احتاجيتوني أنا موجود، وهنا ردّ بن كيران على أن أحرضان صديق زعيمنا الدكتور الخطيب رحمه الله هو زعيم لنا كذلك، وأضاف نحن وحزبك معا في المعارضة.