صراخ، وعويل، وبكاء، ودم، وصخب، وسكارى، وصوت منبه سيارة الإسعاف... عناوين أثثت قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس بالجديدة ليلة الأحد الأخير، كانت الساعة تشير إلى العاشرة عندما زارت التجديد قسم المستعجلات، فكان أول من صادفناه رجل في الأربعينيات من عمره تعرض لعدة طعنات بواسطة سكاكين في كل أنحاء جسمه من قبل ثلاثة أشخاص، كانوا سيقتلونه لولا تدخل أبناء الجيران، كلمات تفوهت بها امرأة كانت من بين المرافقين للضحية؛ الرجل الذي يعمل مشرفا على فرن بحي القلعة تعرض لاعتداء شنيع من قبل أشخاص كانوا تحت تأثير الحبوب المهلوسة. وقد أمسك أبناء الحي بواحد منهم وكبلوه إلى حين حضور الشرطة، فيما فر الآخران من قبضتهم. في ركن آخر من القسم كان شاب آخر يصرخ بأعلى صوته الرباط غادية تحضر اليوم باش يعرفوا شكون هذا لي ضربوه، تعرض هو الآخر لضربة على مستوى الرأس بواسطة قارورة زجاجية، وقد كان هو كذلك تحت تأثير الخمر والدم يتقاطر على جسده القصير؛ جراء إصابة غائرة في رأسه، كان يصرخ، ويطلب حضور الشرطة قبل تلقي الإسعافات الأولية. بعد نصف ساعة، حضر شاب على متن سيارة أجرة يمسك بيده والدم ينزف منها بشكل كبير، ولم يكن هذا الشاب سوى واحد من الثلاثة الذين اعتدوا على صاحب الفرن الذي كان يرقد بسرير بقسم الإنعاش بعد تلقيه العلاجات الأولية. تعالت أصوات أفراد أسرة صاحب الفرن، بعدما تعرفوا على هوية الشاب الذي اعتدى عليه، وحاولوا محاصرته فطلب الشرطة، كما قاموا بإخبار الشرطي الوحيد الموجود وسط هذه المعمعة، وحاول القيام بواجبه لكن الشاب الذي كان تحت تأثير الحبوب المهلوسة بدأ يكسر الأبواب ويسب الجميع، بمن فيهم الشرطي. أما الممرضات والطاقم الطبي فقد فضلوا اختيار مكان بعيد لضمان سلامتهم: خاصنا الأسلحة باش نخدموا فهاد السبيطار تعلق إحدى الممرضات على الوضع. تدخل رجل الأمن اليتيم لتهدئة الشاب الذي كان في حالة هيجان، وفي تلك اللحظة كانت الهواتف ترن طلبا لحضور الشرطة للقبض على أحد المعتدين الثلاثة المصاب بجرح غائر في ذراعه، وبعد دقائق حضرت دورية للشرطة وألقت القبض على الشاب الهائج، واعتقلت الموظف الذي كان لازال يطلب حضور الرباط للنظر في حالته، واقتيد الجميع إلى مخفر الشرطة. هذا هو حالنا كل ليلة الأحد بسبب السكر والقرقوبي، كان فاكنا منهم شوية شهر رمضان؛ كلمات اختزل فيها أحد العاملين بقسم المستعجلات الأوضاع التي يشتغلون فيها بمستشفى محمد الخامس بالجديدة.