في خطوة جديدة، ربما قد تكون لها انعكاساتها على طبيعة العلاقات المغربية الإسبانية خلال الأيام القليلة المقبلة، خرج القاضي الإسباني المكلف بملف أحداث 11 مارس الإرهابية، بالتاسار غارثون، يوم الخميس الماضي بتصريحات اعتبرها المراقبون تصريحات نارية، من شأنها أن تسمم العلاقات الجيدة التي بدأ البلدان ينسجانها منذ تولي الحزب الاشتراكي الحكم في شهر مارس الماضي. فقد قال غارثون أمام لجنة التحقيق البرلمانية، التي شكلها البرلمان الإسباني في أعقاب تفجيرات 11 مارس المنصرم، إن هناك «نحو ألف إسلامي في المغرب مستعدين أن يصبحوا انتحاريين»، وقال غارثون، مستندا إلى معلومات قدمتها أجهزة الاستخبارات أنه يوجد في المغرب ما بين 900 إلى ألف شخص «ينشطون في نحو مائة خلية إسلامية»، وأن أغلب هؤلاء يوجدون في شمال المغرب، وأضاف متوجها إلى أعضاء اللجنة ال16 «أعتقد أن ذلك يشكل أحد أبرز التهديدات التي تواجهها أوروبا»، منتقدا عدم وجود سياسة أمنية مشتركة لدى البلدان الأوروبية لمواجهة ظاهرة الإرهاب. وأدلى القاضي الإسباني بهذه التصريحات بناء على طلب من لجنة التحقيق البرلمانية التي يرأسها القاضي خوان أولمو، باعتبار غارثون أكثر القضاة الإسبان اطلاعا في ما يتعلق بقضايا الإرهاب في إسبانيا. وكان غارثون قد بدأ تحقيقاته عام 1989 في موضوع الجاليات المسلمة المقيمة في الديار الإسبانية وعلاقتها بالإرهاب، وبعد تفجيرات 11 مارس في مدريد، التي خلفت 191 قتيلا ومئات الجرحى، تولى غارثون ملف محاكمة المتهمين المتورطين، والذين كان من بينهم مغاربة، وفي الأسبوع الأول من شهر يوليوز الجاري قام بزيارة للمغرب ضمن لجنة خاصة في سياق التحقيقات الجارية في التفجيرات وعلاقتها بتفجيرات الدارالبيضاء في 16 ماي .2003 هذه التصريحات لقيت ترحيبا من لدن تيار اليمين الإسباني بالخصوص، والذي لم يتوان منذ سقوط الحزب الشعبي (حزب أثنار) في انتخابات 14 مارس الماضي وصعود الاشتراكيين وحدوث تقدم ملحوظ في علاقات المغرب بالجار الإيبيري، في البحث عن إفساد هذا التقارب الجديد وعرقلته بعلة الإرهاب الصادر من المغرب. وقد لوحظ أن الصحف الموالية لليمين الإسباني أبرزت تصريحات غارثون على صدر صفحاتها الأولى وعزفت على تلك المعلومات باعتبارها إنذارا موجها إلى قصرالمونكلوا الرئاسي لتغيير نظرته إلى المغرب والتعامل معه بتحفظ، وهي الصحف نفسها التي سكتت عن نشر خبر إطلاق المغاربة الثلاثة الذين اعتقلوا فور وقوع التفجيرات بوصفهم الرؤوسالمدبرة لتلك الأحداث، ليظهر فيما بعد أن تلك الاتهامات لم يكن لها نصيب من الصحة وليبرئهم القضاء الإسباني. غير أن مصادر إسبانية نفت يوم السبت الماضي تصريحات القاضي غارثون وما لحق بها من تأويلات مغرضة تستهدف المغرب، كما نفت أن يكون قد صرح بأن المغرب «يشكل أحد مصادر التهديد الرئيسية التي تواجه أوروبا»، وذكرت القناة الثانية المغربية في نشرتها ليوم أول أمس السبت أن غارثون صرح يوم الجمعة الأخير خلال مداخلة في إحدى الجامعات الصيفية بمدريد أن المغرب يبذل «جهودا جبارة منذ سنوات لمواجهة الإرهاب مكنته من اعتقال ومحاكمة أزيد من ألفي شخص لهم علاقة بهذه الظاهرة العالمية». إدريس الكنبوري