رغم مرور 6 سنوات على إدماج اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية، إلا أن الحصيلة التي تم إنجازها إلى حد الآن ما تزال محدودة جدا، عكس ما كان متوقعا في المخطط الاستراتيجي بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية منذ سنة ,2003 حسب ما صرح به خلفي عبد السلام، باحث بمركز البحث الديداكتيكي والبرامج البيداغوجية لـ التجديد، وإن هذا التعثر في الإدماج الكامل للأمازيغية في المدارس التعليمية يعود بالأساس إلى استراتيجية بعض أكاديميات وزارة التربة الوطنية التي يرى أنها لم تول الأهمية اللازمة لإدماج الأمازيغية في منظومتها التربوية. وأشار خلفي أن 9 أكاديميات فقط من بين 16 أكاديمية في المغرب هي التي تتبنى تدريس الأمازيغية، وبدرجة اهتمام متفاوتة تأتي أكاديمية جهة سوس ماسة درعة، وأكاديمية جهة مراكش تانسيفت الحوز في مقدمتها. وكان المعهد الملكي قد راهن في إطار اتفاقية الشراكة التي تربطه مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر، على أن يشمل تدريس الأمازيغية 354 مدرسة في سنة 2003 موزعة على أقاليم المغرب، وأن يتم تعميم التجربة خلال ست سنوات أي الموسم الدراسي 2009/,2010 على مختلف المدارس، إلا أن المخطط واجه صعوبات أعاقت كسب الرهان، ولعل أهم هذه الصعوبات حسب خلفي بالإضافة إلى عدم تعاون بعض الأكاديميات، هي مسألة الخصاص في الأطر، وحتى حينما يتم تكوين أطر من قبل المعهد، فإن الحركة الإنتقالية كثيرا ما تعيق استمرار تدريس الأمازيغية في مدرسة دون أخرى، وأوضح خلفي ذلك بأن انتقال إطار تربوي مكون في اللغة الأمازيغية إلى مؤسسة أخرى، دون تعويضه، يؤدي إلى توقف تدريس الأمازيغية في المؤسسة، مما يعيق مخطط إنجاح الإدماج في المنظومة التعليمية. ومع تزامن السنة الدراسية الحالية مع صدور مقرر السنة السادسة من التعليم الابتدائي ساولات س تامازيغت يكون المعهد قد نفذ كل التزاماته التي تنص عليها الاتفاقية، في حين يبقى شق التعميم والإدماج الكلي على عاتق الوزارة والأكاديميات التابعة لها، حسب ما صرح به نفس المصدر. ورغم كل الصعوبات التي ما تزال تواجه إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية إلا أن الحصيلة ليست سلبية حسب خلفي، وإن كانت تسير بمستوى أبطأ من المتوقع، إلا أنها إيجابية، خاصة أن 3 جامعات مغربية تبنت تدريس الأمازيغية ضمن مسالكها التربوية، كما تمت المصادقة على الكتاب المدرسي للسنة الأولى إعدادي ما اعتبره نجاحا في تحقيق الرهان. وأشار المتحدث نفسه إلى أن الأمازيغية كلغة شقت طريقها حديثا من أجل الإدماج، لذا فإنه من الطبيعي أن تواجه صعوبات كالتي تواجهها اليوم، مؤكدا في الوقت نفسه أنه مع مرور الوقت سيتم تجاوز المشكل، لكن شريطة تعاون كل أكاديميات المملكة بشكل جدي من أجل ذلك. ومن جانبه اعتبر عبد الله قاسم المفتش المركزي وطنيا لتدريس الأمازيغية في تصريح لـالتجديد أن تعثر إدماج الأمازيغية يعود إلى المشاكل التي تعرفها المنظومة التعليمية ككل، خاصة أن إدراج الأمازيغية تزامن مع الإختلالات والمشاكل التي يعرفها التعليم في المغرب، مشيرا إلى أن أكبر مشكل يواجه الوزارة بهذا الخصوص هو مشكل الأساتذة المكونين، معتبرا أن أغلب المعلمين الذي يتلقون تدريبا في تدريس الأمازيغية لا يعرفون استعمال حرف التفيناغ، وأن المعرفة الشفوية للأمازيغية لا تكفي من أجل تخريج مؤطرين في اللغة. كما أكد قاسم أن الوزارة وضعت مخططا من أجل تجاوز المشاكل الناجمة عن الحركة الانتقالية بتغيير الخريطة المدرسية، والتي تعتمد تكوينا مزدوجا للمعلمين (عربي ـ فرنسي) بـ (عربي ـ أمازيغي أوعربي فرنسي). مشيرا في الوقت نفسه إلى أن عدم إدراج كل الأكاديميات للأمازيغية في المنظومة التربوية راجع بالأساس إلى الإكراه البشري، وضعف التأطير. وأوضح المتحدث نفسه أن المخطط الاستراتيجي الذي تم الاتفاق عليه بين الوزارة والمعهد، كان طموحا، لكنه اصطدم بإكراهات الواقع، واعتبر في الوقت نفسه أنه رغم كل المشاكل والسلبيات تم تحقيق مكاسب وإن كانت محدودة، إلا أنها تحتاج إلى الوقت من أجل أن تتبلور بشكل أكثر إيجابية. كما أكد قاسم أن الأمازيغية لغة فتية، ومن الطبيعي أن تواجهها تحديات سيتم تخطيها عبر الزمن. ومن جهة أخرى أكد الباحث الأمازيغي عبد الله أوباري عضو جمعية سوس العالمة لـ التجديد أنه إضافة إلى عملية انخراط تدريس الأمازيغية في الاختلالات التي تعاني منها العملية التعليمية بشكل عام، فإن المدرسين يشتكون من صعوبة المصطلحات الواردة في المراجع التربوية الأمازيغية بسبب ضعف التمكن من أبجدية التيفناغ، إضافة إلى عدم التوصل بالمراجع في الوقت المناسب. كما أكد أوباري أن صعوبة تتبع مسار تدريس الأمازيغية من ضمن العوائق الكبرى التي تعيق الدمج السليم لهذه اللغة في المنظومة التربوية، مشيرا إلى أن الاستطلاع الذي قامت الأكاديمية الجهوية لجهة سوس ماسة درعة في الموسم الدراسي 2004 خ ,2005 أوضح أن 86 بالمائة لا يخضعون للتتبع. وفي الوقت الذي يبقى فيه إدماج الأمازيغية محدودا في المؤسسات التربوية، دعا باحثون من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية قابلتهم التجديد الوزارة الوصية إلى إيلاء المزيد من العناية بهذه اللغة، والأخذ بجدية مسألة إدماجها، على اعتبارها اللغة الأم للمغاربة إلى جانب اللغة العربية.