لقد دلت بعض الإحصائيات على أن السيارة ببلادنا تقتل 15 مرة أكثر من إيطاليا و11 مرة أكثر من الولاياتالمتحدةالأمريكية، و8 مرات أكثر من فرنسا، ويأتي العنصر البشري في مقدمة الأسباب المؤدية إلى وقوع حوادث مميتة ومآسي فظيعة، وكوارث بشرية تزهق الكثير من الأرواح وتتسبب في إعاقة مجموعة من الأشخاص. ومازال فعل السياقة في حالة سكر يعاني فراغا تشريعيا وغموضا لفظيا مربكا، يطرح أكثر من سؤال حول وجود جريمة في التشريع المغربي ككل تحمل إسم السياقة في حالة سكر، لذلك تفرض الإحاطة بجوانب الموضوع التطرق إلى وضعية فعل السياقة في حالة سكر في التشريعات المقارنة قبل الانتقال إلى تحليل وضعيته في التشريع المغربي. إن قراءة النصوص التشريعية الخاصة بقوانين المرور في المغرب وخاصة الظهير الشريف المؤرخ في 19 يناير 1953 بشأن المحافظة على الطرق العمومية ومراقبة السير و الجولان، وكذا القرار الوزيري المؤرخ في 24 يناير 1953 المتخذ تطبيقا للظهير السالف الذكر، تجعل الباحث أمام غموض النصوص وعدم دقة الصياغة اللفظية يطرح تساؤلات جدية حول وجود جريمة مستقلة تحمل إسم السياقة في حالة سكر؟ فالإشارات التشريعية الموجودة غير كافية للحسم في الجواب، صحيح أن الفصل 40 من القرار الوزيري لـ24 يناير 1953 الخاص بالالتزامات المفروضة على السائق يوجب عليه أن يمنع من الركوب الأشخاص الظاهرة عليهم حالة السكر، ولكنه لا يمنعه هو نفسه أن أن يكون في حالة سكر عند السياقة. كما أن الفصل 12 من الظهير الشريف المؤرخ في 19 يناير 1953 يعطي للمحاكم صلاحية سحب رخصة السياقة وحرمان السائق حق السياقة لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وثلاث سنوات إذا صدر ضده حكم بمخالفة تشريعات المرور، أو إذا صدرت منه جرائم الجرح غير العمدي أو الخفيف أو القتل غير العمد، ووجد مع ذلك وقت وقوع الحادثة في حالة سكر تمت معاينتها، أو ارتكب جنحة المرور المبينة في الفصل 11 من الظهير أعلاه. وهكذا يمكن القول أن جريمة السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول التي تكاد تجمع الامم والدول على تجريمها وعقاب مرتكبيها زجرا وردعا ووقاية، ليس لها وجود قانوني واضح في القانون المغربي. واتجهت أغلب التشريعات المقارنة إلى تجريم فعل السياقة في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول، ونصت على العقاب عليه بصورة صريحة ورادعة، ففي التشريع الفرنسي ينص الفصل الأول من قانون السير الصادر في 15 شتنبر 1958 (المعدل بقانون 9 يوليوز 1987) أن سائق العربة الموجود في حالة سكر بين يعاقب بحبس مدته سنتين وغرامة قدرها ثلاتون ألف فرنك، أما السائق الذي لا تظهر عليه علامات السكر البين ولكنه يوجد تحت تأثير الكحول فيتعرض لعقوبة الحبس لمدة سنتين وغرامة ثلاتين ألف فرنك فرنسي، إذا وجدت في دمه كمية من الكحول تفوق 80 مليغرام، أو إذا وجد هواؤه المزفور كمية من الكحول تفوق 40 مليغرام في اللتر.