السلام عليكم ورحمة الله، ابني الوحيد يبلغ من العمر 18 سنة، دخل المنزل منذ أسبوعين مخمورا، وقد شكل الحدث صدمة بالنسبة إلينا، ما أدى بوالده إلى ضربه فنشب شجار بينهما، ثم طرده والده إلى الشارع، لم أنم ذلك اليوم بأكمله، وتوسلت إليه أن يدخله لكنه رفض رفضا قاطعا لأنه صدم في تربيته واعتبر أن هذا أنسب حل لردعه، المشكلة أن ابني منذ ذلك اليوم رفض العودة إلى المنزل، وكان ينام عند أحد أصدقائه طيلة الأسبوع الأول، وقبل أربعة أيام أتى لتوديعي قائلا إنه سيذهب إلى طنجة بغية البحث عن عمل والعيش بعيدا عن والده، تألمت كثيرا للموقف، وأخاف أن يغير ذلك مسار حياته، مع العلم أنه نجح مؤخرا في امتحانات الباكالوريا، أما والده فكأنه نسي أن له ابن فقد ترجيته أن يصالح ابنه لكنه رفض ولم يحرك فيه قرار سفر ابني ساكنا بل قال أنه يجب أن يتعذب ويستقل بنفسه كي يكون رجلا، تشاجرت كثيرا مع زوجي لهذا السبب إلى درجة فكرت في الطلاق وأن أعيش مع ابني كيفما كانت الظروف، أرجوكم أخبروني كيف أجعل زوجي يقلع عن قسوته على ابنه، وكيف أنقذ مستقبل ابني لأنني أعلم أن طرده من المنزل وسفره بعيدا سيزيد من ضياعه، ورغم محاولاتي أن أصلح بينهما إلا أن تعنت زوجي يحول دون ذلك، كما أن ابني أيضا يرفض أن يعود واعتبر أن طرد والده يعني أنه لم يعد يريده بيننا، أرجوكم أنا أتعذب ليل نهار أرشوني كيف أتصرف؟ الأم المعذبة *** استعملي كل طاقتك العاطفية وحكمتك في التأثير على الأب والابن أختي الغالية: إن مشكلتك هي حال الغالبية من الأسر التي لم تخطط جيدا لا قبل ولا بعد بداية المشوار الأسري لتربية وتأهيل الأبناء. إن النجاح الحقيقي لأي أسرة هو إنتاج جيل راشد وأبناء في مستوى من التربية والفكر والخلق، يؤهلهم للنجاح في حياتهم في جميع أبعادها التربوية والروحية والثقافية والعملية... والحالة التي عندك، هي أكيد حالة أصعب لأنها حالة أسرة ذات ابن وحيد، والغالب هنا أن هذا الابن عاش شيئا من الدلال تجاوز حدوده الطبيعية، والقاعدة تقول: الشيء إذا زاد على حده، انقلب إلى ضده.أختي أنا أعلم أن الوضع الذي تعيشينه الآن صعب جدا، لكن في هذه الحالات العصيبة لا بد أن نتشبث ونقف بهدوء لحل المشكل، ولا بد من البحث عن الأسباب الحقيقية لهروب هذا الابن، فقرار الأب قد يكون نقطة أفاضت الكأس فقط، وقد تكون أسباب أخرى متعلقة بالعلاقة الأسرية وطبيعة تعاملك مع هذا الأب والابن كذلك. واعلمي عزيزتي أن السعادة الأسرية يكون لك فيها أنت بالضبط الدور الأكبر، والفاعل والمؤثر. أما عن سؤالك هل أطلب الطلاق؟، هذا ليس حلا للمشكل، هذا هروب منه، بل تعقيد أكبر للمشكل، لذا عليك: ـ أن تجعلي نصب عينيك جمع شمل هذه الأسرة بكل السبل والوسائل المتاحة، أنت الآن أمام امتحان وعليك أن تنجحي في هذا الامتحان بتفوق. ـ حاولي أولا أن تقنعي زوجك بهدوء بالتراجع عن قراره، وإن لم تتمكني فحاولي أن تتكلمي مع من لهم تأثير كبير عليه، كأمه مثلا أو أخيه، أو أحد أصدقائه، وابذلي كل ما في وسعك من أجل ذلك. ـ حاولي مرات ومرات أن تتكلمي مع ابنك لكي تقنعيه بأن ملاذه الآمن هو الأسرة، وأنه مهما هرب فليس له ملجأ سوى أسرته، ووالديه مهما كانت الظروف. ـ استعملي كل طاقتك العاطفية وحكمتك في التأثير على الأب والابن. ـ حاولي أن تذكري ابنك بأهمية البر وطاعة الوالدين، وإن ذلك سر فلاحه في الدنيا والآخرة. ـ إذا كنت في مدينة يوجد فيها مراكز الإرشاد الأسري في إحدى الجمعيات التي تشتغل بهذا الموضوع والتي تعمل على جمع شمل الأسر، فحاولي أن تطرحي عليهم المشكل لحله بشكل مباشر. ـ لا بد أن تعلمي أن ابنك يعيش مرحلة مراهقة، وطبيعي أن تعاني معه في هذه المرحلة الكثير من المشاكل، ولذلك عليك أن تصبري كثيرا حتى تمر هذه المرحلة بسلام. ـ حاوري ابنك كثيرا، لأنه في حاجة ماسة إلى من يستمع له ولمشاكله، ولو كانت تافهة. ـ لا تنسي أبدا اللجوء إلى الله عز وجل، والإلحاح في الدعاء إليه، وخاصة في الثلث الأخير من الليل، أو أثناء الصيام، وأكثري من ذكر الله، وخاصة الاستغفار فإنه يريح القلوب.