تميزت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية بحضور سياسي وجماهيري لافت ومثير. السياسي منه تمثل في الحضور الوازن لقادة الأحزاب السياسية، في مقدمتهم قادة الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي حضر 9 من وزرائه وقادته، وحزب الحركة الشعبية الذي حضر 5 من قادته. وقادة باقي الأحزاب السياسية اليسارية واليمينية منها. إضافة إلى الوزير الأول السابق إدريس جطو، ورجال أعمال وفنانين. كما تميز بحضور وازن لقيادة الأحزاب المغاربية والعربية والإسلامية، منها قادة 3 أحزاب جزائرية، بينهم وزراء في الحكومة، كما سجّل حضور أحزاب ذات مرجعية إسلامية من تركيا ومصر والسنغال والسودان وموريتانيا. وكذا قيادي من حزب اليسار الايطالي. ولفت انتباه المتتبعين الحضور القوي لمناصري العدالة والتنمية وأعضائه، الذين غصت بهم مدرجات مركب مولاي عبد الله بالرباط، حيث امتلأ عن آخره، وقدّر عدد الجمهور بنحو 18 ألف تابعو أشغال الجلسة الافتتاحية. ودعا سعد الدين العثماني الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية إلى إعادة الاعتبار إلى الحياة السياسية، ووصف الوضع السياسي بالمغرب اليوم بأنه رديء وبئيس، حيث تحول المجال السياسي إلى مجال يباع فيه الولاء ويشترى كما تباع الأشياء. وأكد أن مغرب اليوم أصبح فيه تقريب السياسيين بحسب ولائهم وليس بحسب عطائهم وكفاءتهم. معتبرا أن هذا الوضع هو السبب في العزوف عن المشاركة السياسية، وعن الوصولية والانتهازية. وخلص العثماني إلى أن الأزمة في المغرب هي أزمة مصداقية في القول والفعل لدى الحاكمين والمحكومين على السواء. وشدد العثماني أثناء تقديم التقرير السياسي أن حزبه يتمسك بإسلامية الدولة في إطار إمارة المؤمنين، كما يتمسك بالديمقراطية في إطار ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية، ويتمسك بحقوق المواطنين كاملة غير منقوصة، وأكد العثماني أن تمسك حزبه بالمرجعية الإسلامية لا يعني الاستفادة من التجربة الإنسانية الناجحة، بل بلورة تجربة ناجحة انطلاقا من المرجعية الإسلامية، والتأسيس لحداثة إسلامية. ووجه العثماني انتقادات لاذعة للوضع الاقتصادي والاجتماعي، موضحا أن التنمية لا يمكن أن تتحقق في ظل اقتصاد الريع والفساد والاغتناء غير المشروع، وفي ظل استمرار مغرب نافع وآخر غير نافع، ونبه العثماني إلى خطورة اتساع دائرة الاحتقان الاجتماعي، التي أثرت بشكل قاسي على القدرة الشرائية للمواطنين. وبخصوص الحريات وحقوق الإنسان، سجّل العثماني عودة القمع كما حدث في سيدي افني، وجدد التضامن مع القيادات السياسية المعتقلين، وطالب بالإفراج الفوري عنهم. وشدد العثماني على ضرورة تحصين بلادنا من الخطر الإرهابي، كما يجب تحصينه من التعسفات الماسة بحقوق الإنسان. وختم العثماني كلمته بالتأكيد على أن حزبه لن يتخلى عن مرجعيته الإسلامية، وعن المطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري، ومواجهة الفساد واقتصاد الريع. من جهته، دعا الأمين العام للمؤتمر القومي العربي خالد السفياني في كلمة له بالجلسة الافتتاحية إلى الاستعداد لاستقبال رفات الشهداء المغاربة؛ الذين سقطوا في المعركة ضد العدو الصهيوني على أرض فلسطين، وأكد السفياني أن المقاومة هي الطريق لاسترجاع الحق المغتصب، وشدد على ضرورة مواجهة التطبيع والمطبعين تحت أي لافتة كانت، إعلامية أو فنية أو اقتصادية أو غيرها. أما أبو جرة السلطاني وزير دولة في الحكومة الجزائرية، ورئيس حركة مجتمع السلم، فأكد أن مهمة الأحزاب المغاربية والعربية اليوم؛ هي مواجهة الديكتاتوريات، عبر تجميع الجهود وتوحيدها فيما بينهم لمواجهة الظلم والعدوان. وقال سلطاني إن الأمة الإسلامية مسؤولة عن رفع التحديات التي تواجهها، وأكد أن مستقبل أمتنا نصنعه بأيدينا. ولم يشر سلطاني في كلمته إلى مشكل الصحراء المغربية، ودور الجزائر في عرقلة الوصول إلى حل سياسي نهائي للنزاع. في حين ركّز جميل ولد منصور رئيس حزب الإصلاح والتنمية بموريتانيا على أن مؤتمر العدالة والتنمية ومساره السياسي، تؤكد إمكانية الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وأبرز أن تجربة العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح تقدم نموذجا يستحق الدراسة والاعتبار...