أريد أن أعرف ماذا أفعل للتقرب إلى الله عز وجل؟ و ما هي أحب الأعمال إلى الله؟ جميل أن يستشعر الإنسان أنه بحاجة إلى التقرب إلى الله تعالى، لأن هذا التفكير، وما يتبعه من عمل هو استجابة لنداء الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها، قال تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى إتيان الفرائض واجتناب النواهي، وأحب ما يحبه الله تعالى من عبده الإكثار من النوافل بعد الفرائض، ويخطئ كثير من الناس فيظن أن الواجبات هي الصلاة والصوم والزكاة والحج، ولا شك أنها فرائض وواجبات، ولكنها ليست وحدها، فالله تعالى أمر بالأخلاق الفاضلة، وأمر بالابتعاد عن الأخلاق الرذيلة ، وأمر بتوحيده وعدم الشرك به، وأمر بصلة الرحم، وأمر بالعمل بالقرآن، وأمر بالتقوى والإحسان، والأوامر كثيرة جدا في مجال العقيدة والأخلاق والعبادات والسلوكيات، وكلها يجب أن يأتي المسلم الفرائض والواجبات فيها. وهذه هي المنزلة الأولى التي يتساوى فيها الجميع، وهناك منزلة أعلى من هذه، وهي التي يتعامل فيها المسلم ليس بالواجب فحسب، ولكن بالحب والقرب، فيأتي من العبادات ما ليس مفروضا، ومن السلوكيات ما لم يوجب عليه، تقربا إلى ربه سبحانه وتعالى . ولو فكرنا بشيء عملي، اجلسي مع نفسك، وانظري أولا: الذنوب التي تقعين فيها، فجاهدي نفسك بالابتعاد عنها، لأن هذه مثل الآفات تمنع الأرض من أن تؤتي ثمرها، والمقصود من ذلك أنها تمنع القلب من أن يشعر بحلاوة ما يأتي من الطاعة، لأنه أصبح قاسيا بالذنوب والمعاصي، فيجب علي الإنسان أن يخلي قلبه أولا، ثم يزرع فيه ما يحب من الزروع الطيبة من الصالحات. ثم جاهدي نفسك بعمل ما يجب عليك من الواجبات، وما يمكن لك أن تقومين به من الأعمال غير الواجبة، وهذه مساحة مفتوحة للعبد بين ربه سبحانه وتعالى، فمن الناس من يميل إلى عبادة دون أخرى، ومن عمل صالح دون آخر، على ألا يحرم نفسه من الأعمال الصالحة كلها، قدر استطاعته، فإنها كالثمار و الفواكه وسائر الأغذية لايستقيم صحة الانسان إلا بها، فكذلك هي لا يستقيم إيمان العبد إلا أن يأخذ من جميعا.