وذكر يوسف في مقال له نشر الأربعاء 11-6-2008، أن هذا الأمر يتطلب سرعة الولوج إلى الحوار والجلوس على طاولة التفاوض لتحقيق المصالحة الوطنية التي تتلهف لها جماهيرنا الفلسطينية، وتنتظرها ـ بشغف ـ أمتنا العربية والإسلامية، لافتاً إلى أن الأسابيع والشهور القادمة حبلى بالأحداث والأماني، والمنتظر من الجميع بذل الجهد لجمع الصفوف وتوحيدها، وإلجام الألسنة الحداد عن التشكيك والتحريض. وقال: المطلوب من كل فلسطيني ـ في موقع الفعل والقرار ـ أن يتمثل حالة فليقل خيراً أو ليصمت . وأكد يوسف أن الاتصالات التي أجراها رئيس الوزراء إسماعيل هنية مع العديد من رؤساء الدول العربية بشأن التحرك لتوفير الدعم والأرضية للمصالحة الوطنية تعكس مدى جدية حركة حماس في التوصل إلى تفاهم مع الأخوة في حركة فتح ينهي حالة القطيعة والتشظي داخل البيت الفلسطيني، ويُعجل برأب الصدع واستعادة الحالة الفلسطينية لعافيتها وقدرتها على ضبط بوصلتها السياسية والنضالية بحيث لا تسمح لـ(إسرائيل) باستغلال مساحة الخلاف للقضاء على فرص إقامة الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة. وأضاف لقد اتضح للجميع بأن أمريكا لا يمكن الرهان عليها، وهي حليف استراتيجي عنيد لـ(إسرائيل)، وأن حكومة أولمرت ليس لديها ما تقدمه للفلسطينيين غير الابتسامات الخبيثة، وقد نجحت بمناوراتها الخادعة في كسب الوقت اللازم لاستكمال الكثير من مخططاتها الاستيطانية بابتلاع مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية، وتهويد أجزاءٍ شاسعة من القدسالشرقية. وتابع قائلاً: فإن علينا كفلسطينيين أن نحدد وجهتنا السياسية فيما يتعلق بعملية التسوية، أو المواجهة المسلحة مع (إسرائيل).. علينا أن ندرك بأن هذا الصراع يتطلب توحيد صفوفنا، وتحشيد طاقات أمتنا العربية والإسلامية، فنحن لسنا وحدنا في هذه المعركة، وإن كنّا ـ من موقعنا في الخطوط الأمامية ـ نمثل رأس الحربة الجارحة فيها. المصالحة الوطنية وأشار يوسف إلى أنه بعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمود عباس في الخامس من حزيران/يونيو الماضي، وكلمات الترحيب من قبل رئيس الوزراء وقيادات حركة حماس في اليوم التالي، اعتقد أن الظروف الآن باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال والحصار. ورأى، أن الخطوة التي ستعقب هذه التصريحات الإيجابية هي دخول أطراف عربية، خاصة الجامعة العربية، لرعاية جهود المصالحة والتسريع بفك الحصار وفتح معبر رفح، لتسهيل حركة سفر الفلسطينيين من وإلى قطاع غزة، وكذلك إدخال المساعدات الإنسانية والمعونات الطبية القادمة من الدول العربية والإسلامية. وقال يوسف: إن القضايا التي سيتم فتح الحوار حولها لن تعدوا الملفات التالية وهى، تشكيل الحكومة، وبناء الأجهزة الأمنية، وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، واحترام نتائج الانتخابات. وبين، أن المنطق يستدعي القول إن الحكومة القادمة ستكون انتقالية، وذات مهمات محددة، وستعبر عن حالة التوافق الوطني، بحيث تسهم من حيث شكلها وتركيبتها في تسريع فك الحصار، وإنهاء العزلة السياسية عن الحكومة الفلسطينية.. وهذا يتطلب من الجميع إبداء المرونة والاستعداد لتغليب المصلحة الوطنية العليا فوق أية اعتبارات حزبية أو فصائلية أخرى. ونوه يوسف، إلى أن الأجهزة الأمنية كانت في السابق هي جزء من حالة الانفلات الأمني وتكريس فوضى السلاح في أيدي الفلسطينيين، وكانت ترعى الفساد وتستثمر في أجوائه.. لذلك، فإن الواجب يتطلب بناءها على أسس مهنية ووطنية، ولا مانع ـ إذا استدعت الضرورة ـ من الاستفادة ببعض الخبرات المصرية أو التركية لتحقيق هذه المهمة. وأكد أنه لا يكاد يختلف اثنان في الساحة الفلسطينية على ضرورة إعادة بناء المنظمة، وإصلاح هياكلها ومؤسساتها التي أصابها الترهل والفساد الإداري والمالي، لتصبح مظلة شرعية تعبر عن الإجماع الوطني والإسلامي الفلسطيني في الداخل والخارج. احترام نتائج الانتخابات وشدد على ضرورة احترام نتائج الانتخابات، لافتاً إلى أن تجربتنا الديمقراطية الوليدة تتطلب تعزيزها وليس التآمر للانقلاب عليها، وحتى نؤكد على تمسكنا بمفهوم الشراكة السياسية والتداول السلمي للسلطة فإن على الجميع احترام نتائج الانتخابات والشرعيات المنبثقة عنها.. من هنا، يتوجب الكف عن الدعوة أو الحديث عن انتخابات مبكرة، وإذا كانت هناك من ضرورة وطنية تستدعي ذلك، فإن توقيت طرح مثل هذا الأمر يأتي بعد تحقيق المصالحة الوطنية، واستعادة المجلس التشريعي لدورات انعقاده، وتهيئة الأجواء للاستقرار السياسي داخل الشارع الفلسطيني، ورفع الحصار. وذكر يوسف أن الأنظار ما تزال مشدودة، والألسنة تدور عليها أسئلة حائرة، ولكنها مُلحّة ومشروعة.. فإلى أين وصلت جهود التهدئة؟ وهل نحن بانتظار تحقيق فترة من الهدوء على وقع طبول الحرب؟ وهل المصالحة والتوافق الوطني قاب قوسين أو أدنى؟. وأضاف، هذه الأسئلة تطرح نفسها داخل الشارع الفلسطيني، وتقرع آذان المهتمين بشأن الصراع العربي الإسرائيلي إقليميًا ودوليًا، حيث يترقب الجميع فجر جوابها خلال الأيام القليلة القادمة، فعلى الساحة الفلسطينية حسمت الحركات والفصائل السياسية والعسكرية خياراتها، وأعلنت عن قبولها للتهدئة بشرط توقف كافة أشكال العدوان الإسرائيلي وفتح المعابر، وخاصة معبر رفح، وبالتالي فإن القبول بالتهدئة أصبح موقفاً يمثل الإجماع الوطني الفلسطيني، ومن ثمَّ فنحن بانتظار تلقي الرد الإسرائيلي عبر الوسيط المصري. وقال: حتى الآن، ما تزال (إسرائيل) تماطل، وتتبجح بإطلاق التهديدات حول قرب القيام باجتياح واسع لقطاع غزة.!! التهدئة والمماطلة وتساءل المستشار في وزارة الخارجية هل (إسرائيل) فعلاً تريد تهدئة أم كانت تسعى لإحداث شرخ داخل الساحة الفلسطينية، منتظرة حدوث خلافات وتصدع جراء الموقف من التهدئة؟ وأشار إلى أن حماس (الحركة والحكومة) أجادت في تعاطيها مع هذا الملف، والذي كان بالأصل توجهاً طالبت به دول عربية وأوروبية بهدف قطع الطريق أمام جنرالات الجيش الإسرائيلي، الذين ظلّوا يمارسون القتل واستباحة حرمة البلدات والقرى الفلسطينية، إضافة لاستهداف القيادات السياسية ومقرات أجهزة الشرطة والأمن بالطائرات الحربية، وبالتالي العمل على سد باب الذرائع والحجج الذي اعتادت (إسرائيل) التمحك بها لتبرير عدوانها المستمر على قطاع غزة. وأوضح يوسف، أن حكومة أولمرت بما تعانيه من مشاكل داخلية واحتمالات سقوطها خلال الأسابيع أو الشهور القادمة، وسعي الأطراف الحزبية في (إسرائيل) لتشكيل تحالفات سياسية جديدة، كل ذلك يضع التهدئة في موقع متأرجح، ويبقي الجهود لتحقيقها تراوح مكانها... فالمصريون ما يزالون بانتظار الرد الإسرائيلي، والفلسطينيون يتطلعون إلى فتح معبر رفح باعتبار أنهم قد قدموا من طرفهم كل ما يُسهل عملية تشغيله، ويرضي الطرف الأوروبي، ويعزز حق مصر بأن تكون لها اليد الطولى وكلمة الفصل فيما يتعلق بقضية فتح المعبر وإغلاقه. وأضاف حيث إن (إسرائيل) هي التي ما تزال تماطل وتعطل الرد فإن هذا يستجوب –أيضاً- من المجتمع الدولي التحرك للضغط على حكومة أولمرت وإجبارها على فك الحصار وتسهيل حياة الفلسطينيين، لأن البديل أمام حالة القهر والانسداد السياسي هو الطوفان، والتصعيد الذي يفتح الباب أمام المواجهات الدامية من جديد . وختم يوسف مقاله بالقول: نحن نأمل أن يأتي الجواب سريعاً بقبول التهدئة، لأن الخيارات الأخرى ستكون أشد خطورة، وتداعياتها لا يمكن التكهن بمآلاتها، إلا أنها ستؤثر ـ بدون شك ـ على حالات الاستقرار والأمن في المنطقة .