أنا موظفة في إحدى الإدارات العمومية، أعاني من صعوبة ضبط التوازن بين عملي؛ وبين واجباتي اتجاه زوجي وأبنائي الثلاثة، مع العلم أن أكبرهم عمره 12 سنة، والأصغر 3 سنوات. أشعر أنني مقصرة جدا في عملي، لأنني أكون متعبة جدا خلال النهار، ويبقى بالي طيلة الوقت مع مسؤوليات الأبناء والبيت. وطيلة فترة العمل، بالي يبقى منشغلا حول الطريقة السليمة التي أمنح بها المزيد من الوقت للأبناء. أضع برنامجا لذلك، غير أنني حين أكون في المنزل، أجدني عاجزة عن تطبيق البرنامج الذي سطرته، وأشعر بإرهاق تام، وأؤجل بقية البرنامج إلى الغد، وهكذا...، حقا أشعر بتقصير اتجاه مسؤولياتي في البيت، واتجاه عملي الوظيفي، لكني لا أستطيع أن أطبق كل ما أخطط له، رغم أنني حقا أتمنى أن أتغير من كل أعماقي، وأقوم بكل مسؤولياتي اتجاه أسرتي، وعملي. أرجوكم، أخبروني كيف يمكنني أن أنجح في ذلك؟ وكيف أحارب الشعور بالإرهاق الذي يلازمني كلما قررت بدء التغيير؟. ك.س ـ الرباط ـ *** ضعي مخططا واقعيا ومرنا مسألة التوفيق بين البيت والعمل، من أهم الإشكاليات الأسرية التي تواجه الزوجين، وعلى الخصوص الزوجة الأم. فمبدئيا وحتى نكون واقعيين؛ للإنسان طاقة وحدود. وله وظائف، لا بد من ترتيبها، حسب الأهمية، والأم وظيفتها الأساسية، هي التربية، وتنشئة الجيل، وتنشئة أطفالها، على الأخلاق الحميدة وعلى أن يواجهوا الحياة بكل تلويناتها، وبكل أفراحها وأتراحها، وهذا لا يلغي وظيفة العد لهذا المجال، لكن تبقى الأم هي الأساس في هذه النقطة بالذات، لكن الواقع، واقع لا يرفع. المرأة خرجت للعمل، ولا بد لنا من التفكير في كيفية التوفيق، ولو بنسب معينة، وهذا يحتاج من الأسرة إلى ترتيب أولوياتها، من خلال وضع مخطط، وهذا المخطط، لا بد أن يكون له معايير وضوابط أساسية منها: ـ أن يكون واقعيا، وماذا نعني بالواقعي؛ أن يأخذ بعين الاعتبار وضعية الأسرة المادية والمعنوية، والمحيط الاجتماعي، وسن الأطفال وغير ذلك. ـ أن يكون المخطط مرنا، ومرونته تتجلى في أنه يمكن تعديله بصفة كلية أو جزئية، حسب المتغيرات. ـ لا بد لهذا المخطط أن يكون له قابلية، وأن يكون محببا للإنسان، وأن يجد فيه نفسه، لا أن يزيد الطين بلة. وعموما أختي السائلة، خذي بعين الاعتبار أن أطفالك في سن حرجة، فهناك من دخل منهم في سن المراهقة، وهناك من هو في سن الطفولة المتقدمة، وهما سنين أساسيين، وخطيرين في مجال التربية. لا بد أن يأخذ الطفل في هذه المرحلة بالذات، التربية الصحيحة، والحب المتوازن، والتوجيه الإيجابي، إلى غير ذلك من هذه الأمور. كذلك؛ لبيتك عليك حقا، لكن هذا لا يلغي وظيفتك العملية، التي هي مورد مادي، وأيضا نوع من التنفيس الاجتماعي لديك، فالتوافق في هذا الأمر، مطلوب على المستوى النفسي، وعلى المستوى الإحساسي، ثم أيضا هو مطلوب على المستوى العملي والفعلي. ولن يتأتى هذا الأمر، إلا إذا أخذت بتقنيات التخطيط الأسري، وهذا الأمر يحتاج منك إلى دورات تدريبية في هذا المجال، وأنصحك أختي؛ أن تدخلي في هذه الدورات، حتى تتمكني من التخطيط الإيجابي والمتوازن، والواقعي، والذي يأخذ بعين الاعتبار الحالة الراهنة التي تعيشينها. وهذه التقنية يمكن أن تتدربي من خلالها على كيفية توزيع الوقت المادي والمعنوي؛ بين وظيفتك الأساسية التي هي البيت، ووظيفتك الثانوية التي هي العمل. وهذه تقنيات وآليات تدرب، وتتعلم، وتؤخذ. وأنصحك بالالتحاق بدورة من هذه الدورات، وبوسعك أن تستفيدي من تجارب زملاء العمل، أو كثير من السيدات اللواتي نجحن في التوفيق بين العمل والأسرة.