في الصورة لينا زهر الدين وابنتها كتب لها الشاعر ورثاها الابن الضال وبكاها اليتيم، فالأم أمة، والأمومة نعمة ومكرمة ويراها البعض هبة ومنحة إلهية، ويتوق إليها الكثيرون من منطلق الحاجةالغريزية، بينما يعتقد آخرون أنها مهنة وعمل وواجب مقدس ويجمع عليها العامة على أنها نعمة الله وفضله الأفضل على الأم والابن معًا. ولكن حينما يجتمعثالوث النعموالتميز "الأمومة.. الشهرة.. والجمال" فإن ذلك يدفعنا لتناول ظاهرة أمومة الشهيراتأو أمومة النجمات الإعلاميات اللامعات الجميلات نقصد بهن أمهات الجزيرة أو إعلاميات ومذيعات قناة الجزيرة، ومدى مقدرتهن على المواءمة بين العمل وتربية الأبناء. "" الأم قبل المذيعة ذهبت للقائها في واحدة من أجمل كمباوندات قطر -مجمع فلات فاخر- وفي فيلتها المجاورة لفيلا الإعلامي فيصل القاسم، استقبلتنيالإعلامية خديجة بن قنة في بيت أشبه ما يكون بالغابة، فهي مولعة بالأخضر ومُحبّة للطبيعة، سعدت بلقاء أشهرمذيعة في الجزيرة وأحدث أم في القناة، حين خيرتها بين لقب أشهر مذيعات الجزيرة وأم الأمهات؟ اختارتلقب الأم. أنجبت خديجةقبل اكثر من سنتينطفلها الثالث "طلال" وهي أم ل"رؤية"خمس سنوات وشاب رائع هو "رامي" الابن الأكبر15 عامًا. تروي خديجة أنها تزوجت في عمر 24 عامًا وأنجبت ابنها البكري الذي أسمته "أحمد رامي" اسم مركب تيمنًا باسم الشاعر الكبير أحمد رامي،وعن علاقاتها بأبنائها خاصة رامي وإذا كان سعيدًا كون أمه إعلامية شهيرة، تقول: في البداية كان رامي سعيدًا جدًّا، خاصة إذا أجرت صحيفة معي مقابلة ونشرت صورة له فيالإعلام فكان يريها لأصدقائه، أما الآن فقد تغير الوضع، فسابقًا كان في مدرسة فرنسية وكان معظم أصدقائه أجانب، أما في المدرسة الجديدة فمعظم زملاؤه عرب، فصار يتضايق إذا قال له أحد: "ولد خديجة" مما جعله يضع في باله أنه من الخطأ أن ينادى الطفل باسم أمه أو العيب، ففاجأني منذ أسبوع ألا أحضر إلى مدرسته لاصطحابه وأكتفي بإرسال سائق؛ لأن أصدقاءه يسخرون منه بشكل ما ويقولون له: اذهب فقد جاءت أمك لاصطحابك بالسيارة. وقد تضايقت من دخول أفكار سلبية إلى عقلية ابني؛ لذا فقد أصررت على الذهاب لمدرسته ولم أكتفِ بانتظاره بالسيارة، بل دخلت إلى داخل المدرسة كي أرسخ في فكر ابني أن يفخر بأمه. عقدة الذنب تتحدث خديجة عن مشكلة تعاني منها غالبية الإعلاميات فتقول: نحن نشعر بعقدة الذنب تجاه أولادنا،فهناك نوع من التشتت بين رغبتنا في أن نصبح أمهات مثاليات وبين عملنا الذي يأخذ وقتًا كبيرًا من حياتنا، فهناك استحالة؛ لأن تضع الإعلامية عملها وأمومتها في الميزان وتضبط كفته، هناك دائمًا خلل ما. وتستطرد: كثيرًا ما رجحت مسيرة المهنة على كفّة العائلة، وأعترف بندمي على ذلك؛ لأنني شعرت بتقصير في حق عائلتي، كنت أفكر من منطلق أن حياة الإنسان لها مراحل، وكنت أرى أنني لا بد أن أبني نفسي عمليًّا في هذه المرحلة، أما فيهذه المرحلة من العمر فأنا أكرس نفسي لعائلتي، عكس بداية عملي في الجزيرة والتي كنت أعمل فيها وكأنني ملك للجزيرة، الآن فقد تغيرت الأولويات لصالح عائلتي، ولا يعني ذلك أن هناك تفريطا في الجانب المهني،بالعكس فأنا كثيرًا ما أشعر أن حب الجزيرة ينافس حبي لعائلتي، لكن عليّ أن أوازن؛ لأن الله قد منحني ثلاثة أطفال لهم كثير من الحقوق. لعنة المربية تروي خديجة عن الأثر السيئ لعملها بعد رحلة عمل للخارج، تقول: حدث موقف فارق في حياتي جعلني أكرس حياتي لعائلتي وأجعلها في مقدمة أولوياتي، فقد نطقت ابنتي أول كلمة لها في حياتها،فلم تقل ابنتي "ماما" ولم تقلبابا ولم تقل "مام" بل قالت "جيرا" وهو اسم مربيتها، وهنا صدمت صدمة أفاقتني فقد كانت هذه الواقعة بمثابة ناقوس الخطر. وعما إذا كانت خديجة بن قنة تطمح في أن تصبح أمًّا لأولادها كما كانت أمها معهم، تقول خديجة: يستحيل، فأمي أنجبت 9 أبناء وتفرغت للرضاعة والطبخ والبيت وحياتها كلها للأولاد، أما أنا فحياتي مختلفة، وربما أسعى لعمل توازن بين بيتي وعملي إلا أنني لا أستطيع أن أتخلى عن عملي أو عن أولادي فكلاهما ضروري وحيوي في حياتي. وتقاطع خديجة نفسها وكأنها تذكرت شيئًا لتقول: لا أريد أن أنسى دور زوجي؛ لأنه دعمني بشدة وكان مؤمنًا بعملي وبرسالته، وربما لو أن زوجي بعقلية مختلفة كان الفشل سيلاحقني في بيتي وعملي على السواء. 2 من عشرة لينا زهر الدين التقيتها في فيلتها بشارع الريان بالدوحة، بيت جميل تمرح فيه صغيرة أجمل من كل شيء تتحدث بالإنجليزية، وما أسعدني أنني أجريت هذا الحوار مع لينا في حضور ابنتها، وكانت لينا تتركني للحظات لتهتم بابنتها التي ترسم على طاولة الطعام مع صديقتها ثم تعود؛ ولذابدأت الحديث معي بالقول: هكذاالأم العاملة وخاصة في الحقل الإعلاميتعمل بنصف ذهن، والغريب أن لينا كانت الوحيدة التي أعطت نفسها كأم نسبة 2 من عشرة،تقول: الحقيقة أنا أعطي أميعشرة على عشرة وكيف لي أن أصل إلى ربع ما كانت تقوم به، ولا أجرؤ على تشبيه نفسي بها، فماما سخرت كل حياتها ومجهودهالأولادها، لكن المرأة العاملة لا تتمكن من تسخير كل وقتها لأولادها. فظروفنا وأسلوب حياتنا وعقليتنا مختلفة تمامًا، فأنا أستطيع أن أنافس أي مذيعة في الدور الإعلامي، لكني لا أجرؤ على منافسة أمي في عطائها كأم. تؤكد لينا أن هناك تحديًا كبيرًا أمام الأم الإعلامية، فكلما اجتهدت في عملي، ضاعفت جهدي مع صغيرتي، فحتى وأنا حامل، كنت أعود من يوم عمل شاق لأطالع الإنترنت وأتعرف على كيفيةتحضير نفسي كأم. وتعترف أن المشكلة الحقيقية التي واجهتها جاءت ما بعد الولادة تقول: شعرت أن حياتي كارثة فرغم تعاون زوجي فإن الأعباء تضاعفت كوني في غربة، إلا أنني استعنت بجليسة أطفال ساعدتني كثيرًا، خاصة أنني لم أتمكن من الرضاعة لأكثر من شهرين، التحدي كبير للأم التي تعمل وتريد أن تكون أمًّا وزوجة مثالية والمواءمة بين الدورين من أصعب ما يكون. وأشفق على "جويل"؛ لأني لا أستطيع أن أعطيها الوقت الكافي، ولكني أحاول أن أعوضها في الإجازاتوأقرأ لها القصص وألعب معها، وأقضي ساعتين أو 3 في غرفتها، وأخرج معها في أماكن مخصصة للأطفال. فرحالبرقاوي أم "ليلك" فرح البرقاوي كبيرة المذيعات بالقسم الاقتصادي بالقناة قالت لإسلام أون لاين: ولدت لأسرة فلسطينية مجبولة بهموم شعبها، التحقت بقناة الجزيرة في بداية العام 2002، ثم تزوجت في العام 2003 من الصحافي المراسل بالقناة نفسها ماجد عبد الهادي، وأنجبنا ابنة واحدة اسمها "ليلك"، وهي الآن توشك على بلوغ السنة الرابعة. وعن كيفية التوفيق بين متطلبات العمل والحياة الأسرية تحدثنا فرح: ما من شك في أن حدث ولادة المولود الأول لدى عائلة ما يفرض عليها شروط عيش جديدة، ولا سيما بالنسبة للأم العاملة، غير أن قليلاً من التخطيط الواعي لاحتياجات الطفل، واحتياجات أفراد الأسرة ككل، يمكن أن يساعد في رأيي على تجاوز أية مؤثرات سلبية قد تتأتى من العمل أو تنعكس عليه. وربما كانت مسألة التوفيق بين متطلبات العمل والحياة الأسرية أكثر يسرًا بالنسبة لي من سواي؛ نظرًا لأن زوجي زميل في المهنة، ويستطيع أن يتفهم العقبات التي تنشأ أحيانًا، ويأخذ بيدي لنتخطاها معًا. وختمت فرح حديثها بقولها: أظن اللغة أقل من كافية للتعبير عما يضيفه إحساس الأمومة للمرأة بصورة عامة، ولعلي لا أفِي السؤال حقه من الإجابة؛ إذ أقول ببساطة إن الأمومة جعلتني أكثر قدرة على العطاء لأسرتي وعملي والمحيطين بي، مثلما جعلتني في الوقت نفسه أكثر إحساسًا بالحب على تعدد وتنوع معانيه، لا تجاه طفلتي وزوجي فحسب، بل تجاه كل الناس، ولا سيما الأطفال. الأمومة نقطة تحول جمانة نمور وليدة بلدة بعقلين بجبل لبنان تفخر بطفولتهاوأمومة أمها، وزوجها رجل الأعمال، لديها طفلان الأول همندرا ومعناه إله الذهب وعمره خمس سنوات، والثاني تيودور، اسم إغريقي يعني هبة الله. تقول عن حياتها: أعتقد أنني تمكنت من النهوض بوجباتي كأم؛ لأنالله منحني زوجًا مثاليًّا يعاونني في البيت والأبناء ويدفعني في عملي، وساعدني بإحضار خادمة لتعاونني في رعاية الأبناء. تتبنى جمانة نظرية أن الأمومة نقطة تحول في حياة أي فتاة،فنظرة الإنسان للأمور تتغير وأهدافه ورغباته تختلف، وتتأكد فطرة الإنسان مهما اختلفت الطبائع البشرية، وعما إذا كان عملها الإعلامي قد أثر على أمومتها، فبحسب جمانة: أعتقد أن أمومتي أثرت على عملي الإعلامي،فقبل إنجابي كنت أعطي الأولوية من وقتي لعملي، أما مع بداية إنجابي لأول أبنائي، فقد ركزت كل جهدي ووقتي لابني وحتى ذهابي للعمل كان له شكل وظيفي بحت، بالإضافة لشعوري بالذنب في أن أترك طفلي، كما أن ذلك يجعلني أضاعف حناني تجاه أبنائي لتعويضهم فترة غيابي عنهما. فشعوري بالذنب كان يطاردنيإلا أن أمومتي جعلتني أشعر أنني يجب أن أكون أقوى كي أستطيع تحمل عبء تربيتهم وحمايتهم. جبهة داخلية وخارجية المذيعة إيمان عياد الشهيرة بأم فراس والتي تعتز كثيرًا بهذا اللقب تقول:ولداي عصام وفراس هما كل حياتيأعيش معهما كل لحظةرغم كونهما غير مقيمين معي في قطر؛ نظرًا لظروف دراستهما في الولاياتالمتحدة. وأكثر ما يخيفني أنهما في سن المراهقة وهي مرحلة حساسة للغاية؛ لذا فأنا أسافر لهم شهريًّا للاطمئنان عليهما ولمشاركتهما كل خطوة في مراحل حياتهما، الحقيقة رغم خوفي الشديد على أولادي فإنني معهما أكون مختلفة جدًّا، فنحن أصدقاء بحق وعملي الإعلامي أفادني كثيرًا في التعامل معهما. وأنا لا أحرص على مراقبتهما بقدر حرصي على مشاركتهما حياتهما. سألتهاكم تعطي نفسك كأم قالت: أعطي نفسي 11 من عشرة، فأنا أم مثالية بإجماع كافة المحيطين بي، ربما لأن قدوتي في الحياة هي أمي التي زرعت فيّ معنى الأمومة العملي حتى صرت أوظف نفسي في خدمة أولادي، حتى عملي استفدت منه على صعيد أمومتي،فاطلاعي الدائم خدم أمومتيوحبي لأبنائي دفعني لتحقيق نجاح يفخر به أبنائي وبحثي الدائم للنجاح في جبهتي الداخلية دفعني لتحقيق نجاح مماثل على صعيد جبهتي الخارجية. إسلام أونلاين.نت