بعض الدعاة يسيئون التعامل مع أهلهم في بيوتهم، كيف يمكن إصلاح ودعوة هذا الصنف من الدعاة، خاصة وأنهم على دراية بالدين من الأساس، إلا أنهم لا يستحضرونه في تعاملهم مع أهلهم؟ إن من أعظم ما يتشرف به المسلم، الدعوة إلى الله تعالى، والقيام بوظيفة النبي صلى الله عليه وسلم في البلاغ والبيان، قال تعالى (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين). فهنيئا لك خ أخي الكريم خ إذ أنت داعية إلى الله، أكرمك بأن جعلك من أهل العلم بالدين .. ولكن.. اعلم أن من أخطر المحاذير الشرعية أن يكون علمك وفهمك وقولك في واد، وعملك في واد آخر، وتأمل معي -يا أيها الفاضل- هذا العتاب القرآني، ومدى شدته: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) فكيف تستسيغ خ أخي الكريم خ أن تكون على علم بأمور دينك، بأوامره ونواهيه، بل أكثر من ذلك، توجه الناس وترشدهم، وتأمرهم وتنهاهم .. ثم أنت على النقيض تماما مع أهلك وأقاربك، وإذا كان من دعوة إلى الله تعالى، ففي المقربين أولى، وبهذا جاء التوجيه الإلهي بادئ الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (وأنذر عشيرتك الأقربين)، وفي حديث النبي عليه السلام: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. فأول الإصلاح ينطلق من البيت ومن الأسر، وإن بيوتنا وأهلينا أمانة في أعناقنا، وسنسأل عنها أمام الله، (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة في حسن معاشرته لأهله، وحسن معاملته لهم، بالكلمة الطيبة، والقدوة الحسنة، والصبر والحلم، بل وفي المساعدة في أعمال البيت، ومهنة الأهل، كما في حديث عائشة رضي الله عنها (لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر). ومما أنصح به الدعاة إلى الله عموما، الاهتمام بمواضيع الأسرة والتربية في مواعظهم ومواضيعهم، لأهميتها من جهة في صلاح واستقامة المجتمع، ولتكون للدعاة أنفسهم تذكرة وتنبيها وإحراجا لهم أمام أنفسهم.