لا تتعدى مساهمة المغرب بنحو 0,87% في الإنتاج العلمي على الصعيد العالمي، حسب تقرير المجلس الأعلى للتعليم، وهي نسبة ضئيلة جدا، كما يظهر ذلك من خلال عملية المقارنة مع دول في نفس مستوى المغرب التنموي، فجنوب إفريقيا على سبيل المثال، تساهم بنحو 3,49%، أما الشيلي والتايلاند فقد وصلت مساهمتهما إلى 2,07% و1,65% على التوالي. هذه الوضعية الصادمة، تكشف عن أزمة عميقة في البحث العلمي بالمغرب، وذلك بعد مرور نحو 8 سنوات على عشرية الإصلاح، و5 سنوات على بداية تنزيل الإصلاح في الجامعة. بالنسبة للتقرير المذكور، فإن إنجاز البحوث في المغرب تتم في الجامعات، وذلك بشكل أساسي، لأن جميع الجامعات تتوفر اليوم على مختبرات وفرق مكلفة بالبحث، وهذا نتيجة لتطبيق سياسة البحث العلمي على أرض الواقع، من خلال بناء مشروع على مدى عدة سنوات في مجال البحث بالنسبة لكل جامعة، ذلك أن الأمر يتعلق بمخطط عمل يشمل مجموع الأنشطة البحث المتوقعة بالنسبة لفترة أربعة سنوات، وهذا هو السبب وراء، بالإضافة إلى استقلالية الجامعة، تسجيل ارتفاع ملموس وتنوع مهم في مشاريع البحث المنجزة عن طريق الشراكة. ومن مقتضيات هذه السياسة أيضا، أنه يتعين على فرق البحث أن تقوم سنويا بإعداد تقرير حول الأنشطة لكي تحافظ علة مصداقيتها، وذلك منذ سنة ,2004 حيث أصبح الإنتاج العلمي يعتبر بمثابة نشاط يعتد به في مجال التقويم، وبالتالي في ترقية الأساتذة الباحثين. وبالرغم من ذلك، فإن الاختلالات المسجلة تبقى أكبر من الإنجازات، كم ذلك أن الإصلاح، حسب التقرير المشار إليه أعلاه، تمخضت عنه مسؤوليات بيداغوجية وإدارية جديدة بالنسبة للأساتذة الباحثين، لكونهم يشاركون في وضع الشعب، وفي تسيير المسالك، والانشغال بالمراقبة المستمرة، والمداولات، هذه المساهمة أو المشاركة، كان لها أثرا سلبيا، يتمثل في كونه أثر بشكل بالغ على المدة الزمنية للبحث العلمي. ليس ذلك فقط، فالتقرير يشير إلى أن من بين نقط ضعف النظام الوطني للبحث، هناك البطؤ في التأقلم مع التطورات السوسيو اقتصادية والعلمية والتكنولوجية، بمعنى ضعف انفتاح الجامعة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي، ناهيك عن ثقل البنيات التنظيمية، وضعف نتائج البحث فيما لا يشجع كثيرا على البحث والابتكار، كما أن المحيط الجامعي لا يشجع كثيرا على البحث والابتكار... وعلى العكس من المقتضيات المتضمنة في القانون الإطار 00,01 للتعليم العالي، الذي أقر الاستقلالية الإدارية والمالية للجامعات، سجل التقرير على بعد سنتين من انتهاء عشرية الإصلاح الجامعي، أن تفويض الموارد والسلطات للجامعات المغربية، لم يتم على الوجه الأكمل، كما أكد أن إمكانيات الارتقاء بأداء الجامعة بأداء الجامعة تبقى حبيسة اختلالات هياكل حكامتها. فعلى مستوى الموارد البشرية مثلا، فإن توظيف الأطر المكلفة بالتدريس والإدارة يبقى مقيدا بعدد المناصب المالية المخصصة من قبل الوزارة، في حين ما تزال الجامعات غير قادرة على توظيف مدرسين متعاقدين مثلا، اعتمادا على مواردها الخاصة، كما أنها لا تستطيع صرف تعويضات إضافية لموظفيها كما تنص عليه المادة 17 من القانون الإطار 00,01 المشار إليه. كما أنه على مستوى الموارد المالية، لا تتوفر الجامعة على صلاحية صرف مواردها الخاصة، ويبقى تفعيل مشروع المؤسسة رهين بالقرارات المتعلقة بتنفيذ الميزانية على مستوى الوزارات الوصية، والتي غالبا ما تصدر في وقت متأخر من السنة المالية. من جهة أخرى، كشف التقرير أن عدد الطلبة في التعليم العمومي والخاص انتقل من 296 ألف طالب سنة 20001999 إلى 370 ألف سنة ,20072006 أي بمعدل نمو سنوي بلغ 3,2%، ويعزى الانخفاض الملحوظ في اعداد الطلبة عام 20062007 مقارنة بالسنة الجامعية 20052006 إلى الانتقال من النظالم القديم الذي يتطلب إكمال أربع سنوات على الأقل من الدراسة قصد الحصول على الاجازة، إلى النظام الجديد (إجازة ماستر دكتوراه) الذي لا يتطلب سوى ثلاث سنوات. وبهذا فقد تضاعف عدد الحاصلين على الإجازة خلال سنة واحدة، حيث انتقل من 30 ألف في سنة 20052006 إلى 62 ألف مجاز سنة ,20062007 غادر معظمهم الجامعة بعد الحصول على الإجازة. وتشير الإحصائيات الجامعية إلى أن المعدل الصافي للتمدرس في التعليم العالي بالنسبة للفئة العمرية من 19 إلى 23 سنة لم يتجاوز 12 % وعلى سبيل المقارنة فهذا المعدل يصل إلى 45% و80% في كل من الأردن وكوريا الجنوبية على التوالي. بالإضافة إلى ذلك، فإن توزيع الطلبة الجامعيين حسب الشعب يظهر أن 69% من الطلبة في عام 20062007 سجلوا في مجالات دراسات الآداب والعلوم الإنسانية من جهة، والعلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية من جهة ثانية، وقد ظلت هذه النسبة شبه مستقرة رغم أن ميثاق التربية والتكوين دعا إلى توجيه ثلثي التلاميذ والطلبة على الأقل نحو شعب علمية وتقنية، واعتبارا لصعوبة النجاح نسبيا في الشعب العلمية، فإن 78% من الحاصلين على الإجازة في السنة الجامعية 20072006 كانوا ينتمون الى شعب الآداب والعلوم الاجتماعية.