لا أرضى عن نفسي حتى ولو تقدم أدائي في الطاعات واجتهدت في العبادات إلا أنني لم أرضى بعد عن نفسي وما أزال ألومها على تقصيرها في بلوغ الكمال الذي أطمح إليه. فماذا أفعل؟ بلوغ الذروة في الطاعة والقرب من الله تعالى ونيل الرضا منه والمثوبة هو أزكى غايات المسلم التي ينبغي أن يسعى إلي تحقيقها، والثبات عليها، إلا أن ما كل شيء يتمناه المرء يبلغه سواء كان هذا الشيء من أمور الدين أو أمور الدنيا. فكل بني آدم خطاء كما جاء في الحديث. وكل امرئ لا بد وأن يقترف المعصية بنسبة من النسب كما قال النبي صلى الله عليه و سلم عن الزنا مثلا: ححكتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالةحح. والله هكذا أراد عباده يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ولو لم يذنبوا لذهب بهم. كما جاء في الحديث: و الذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم رواه مسلم. لوم النفس على ما تقع فيه من تقصير أو مخالفات ومعاصي من علامات الإيمان الصادق، حيث أقسم الله تعالى بالنفس اللوامة في قوله تعالىحح:لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامةحح وهي نفس المؤمن الذي يعتب على نفسه ما وقعت فيه مما يسخط الله عز وجل، بل إن المؤمن الصادق هو ذاك الذي يقدم الصالحات بين يدي ربه من صلاة وصيام وذكر وقربات و يخشى أن لا يتقبل الله منه كما في قوله تعالى: والذين يوتون ما أتوا وقلوبهم وجلة.إلا أن الإيمان يزيد وينقص ولا يستقر على حال واحدة .و العيب ليس الوقوع في التقصير وإنما العيب عدم التوبة وتسويفها والدوام على التقصير. ولقد خاطب الله عز وجل حتى المسرفين على أنفسهم بخطاب كله رحمة وأمل. قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا. و الحال الذي عليها السائل هي حال محمودة يتمنى كل مسلم أن يكون عليها، إلا أن الكمال الذي يتحدث عنه صعب المنال، فذلك شأن ذوي الحظوة من الأنبياء والمرسلين والذين اصطفاهم الله تعالى واجتباهم، وما على السائل إلا أن يجتهد في الطاعة على حسب الطاقة والوسع دون أن يحمل نفسه ما لا تطيق قال تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقال فاتقوا الله ما استطعتم.