بعد أن التزمت إيمانيا حدث تراجع شديد في مستوى أدائي للعبادات ومستوى قربي من الله عز وجل، أشعر بعدم رضا عن نفسي، فكيف أرفع إيماني وكيف أنمي علاقتي بالله عز وجل؟ أبادرك القول بأن بني البشر ليسوا آلة يوضع فيها الشيء فتنتج تلقائيا، إننا لحم ودم، عصب وفكر، تغير في الحياة والسلوك، وما خلق الله تعالى الناس آلات تتحرك، ولو وفق طاعته، ولكنه أعطى له الاختيار، وجعل مجاهدة النفس من أحب القربات إلى الله، وجعل الخطأ طبيعة بشرية، لأن الإنسان لابد له من الخطأ، لكن عليه إن أخطأ أن يعود، وأن يستغفر، وأن يجعل من خطئه سببا في أن يكون أفضل في طريقه إلى الله تعالى. رب ذنب أورث طاعة تدوم، ورب طاعة أورثت ذنبا دائما، فالمؤمن الحق هو الذي يذنب ويستشعر في نفسه المعصية في حق الله، لكنه يجعل ذلك دافعا له أن ينتصر على نفسه والشيطان، فيعود أنشط مما كان، وشر منه ذلك الذي يأتي الطاعة ويظن نفسه وليا من أولياء الله الصالحين، وأنه علا وارتفع على الخلق. إن من محاسن ما يتعلمه المسلم من المعصية أن تتصاغر نفسه لأنها حادت عن الطريق، فيعود إلى طريقه طالبا العفو والصفح من الله تعالى. فاستشعارك الذنب طاعة لله، فأنت الآن في طاعة، ولكن الاستشعار وحده لا يكفي فكري كيف تنمِّين علاقتك مع الله تعالى؟ كيف تعوضين ما فاتك من العمل الصالح؟ كيف يكون الذنب دافعا لك في إصلاح حالك مع الله؟ ضعي الآن جدولا بأعمال تلتزمينها مع ربك سبحانه وتعالى. جاهدي نفسك مهما عصت، فإنها لابد أن تعود، فلتعص كما تشاء، فإنها راجعة إلى ربها. أمسكي الآن الورقة والقلم، وسطري كيف تتوبين بصدق، وقومي الآن طائعة لربك، فإن من رحمة الله أن جعل الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها، وأنه يبدل سيئات عباده التائبين حسنات. فهنيئا لكِ توبتك، وهنيئا لكِ ما ستقومين به من أعمال صالحة.