قال تعالى:"هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"[ الزمر: الآية 10] بمعنى هل يستوي العالم الرباني الذي يتأمل ويتدبر في آيات الله عز وجل، ويتفيأ ظلال الأحاديث النبوية مع من ضيع أوقاته في معصية الله عز وجل. وقال أيضا:"يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات" [المجادلة:11] وجاءت كلمة درجات هنا نكرة؛ لعظمها فلا يعلم علوها ولا عددها ولا ضخامتها إلا العزيز الخبير. كما أنه بالتأمل في القرآن الكريم نجد أن العلم والإيمان يأتيان دائما مرتبطين مقترنين. فعندما خرج قارون في حلة من حلله يتمايل بها على قومه خيلاء وكبرا وبطرا، قال من لا علم لهم بحقائق الأمور، وتعلقوا بمظاهر الدنيا الزائلة: "يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم" [القصص:79] فرد عليهم العلماء وطلبة العلم فقالوا: "ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا، ولا يلقاها إلا الصابرون"[القصص:80]، لأن العلماء هم الأقدر على فهم هذه الدنيا، وتقديرها حق قدرها. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر" [صحيح أبي داود 3096]. فالعلم أفضل ما أجمع عليه العقلاء على اختلاف أديانهم وعقائدهم من يهود ونصارى وصابئة ومجوس ومسلمين وغيرهم.... وكلهم أجمع على أن أفضل ما يطلب هو "العلم". وقال معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه:" تعلموا العلم، فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة". غير أني أنبه هنا تنبيها مهما؛ وهو أن العلم الشرعي لا يصلح إلا بالإخلاص، ولا تحصل بركته إلا بالإخلاص، ولا يؤتي أكله إلا بالإخلاص، ولا يثبت في العقول ويرسخ في الأذهان إلا بالإخلاص. يقول الله في محكم كتابه: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين"[البينة:5] ويقول أيضا: "ألا لله الدين الخالص" [الزمر: 3]. وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" [متفق عليه]. فالثلاثة الذين تسعر بهم النار أولا هم: عالم يقال له تعلمت العلم، وقرأت القرآن، فماذا فعلت فيه؟ قال: علمت الجاهل وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر. فيقول الله عز وجل وهو أعلم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور: كذبت. وتقول الملائكة كذبت. ويقول الله: إنما تعلمت ليقال عالم خذوه إلى النار.[حديث رواه الإمام مسلم]. فالإخلاص هو أن نطلب العلم لوجه الله ولرفع الجهل عن أنفسنا وعن أبناء أمتنا ونصبر على الأذى فيه ونعمله في حياتنا ونتمثله في تصرفاتنا. ختاما أقول إذا علمنا فضل هذا العلم وأجره وبركته وخيره في الدنيا والآخرة، فهلم بنا إلى تصحيح النية والقصد وإخلاء القلب من كل ما يشوبه من كوادر تعكر صفو تمثله لله عز وجل وليكن شعارنا: اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل اللهم علمنا ما ينفعنا ونفعنا بما علمتنا وزدنا علما ذ. ناديا برطالي ---------------------------------- كل واحد منا يرغب في تغيير سلوكيات من حوله، كما يرغب في تغيير سلوكه وحياته، ويذكر لنا الله عز وجل في محكم كتابه"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" [الرعد الآية12]، وباختصار إننا لا نستطيع أن نغير أي إنسان آخر ولكن نستطيع أن نوجد مناخ للتغيير ونوجد الحافز للتغيير ونوجد أيضاً الدافع الذي يؤدي إليه، فلو كان بمقدور أي إنسان، أن يغير إنسانا آخر لاستطاع رسول صلى الله عليه وسلم أن يغير أقرب الناس إليه وهو عمه قال تعالى في كتابه العزيز" إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء "[القصص"56]. إذاً فقضية تغيير الآخر ليست ممكنة، إذ كان لا يرغب بذلك، ولكن تستطيع أن تغير نفسك إلى الأفضل، إذا رغبت أنت بذلك، أنظر نظرة إيجابية للحياة استمع لمن حولك وفكر فيما يقول بإيجابية حتى ولو كان ينتقدك، تحسس الأشياء الإيجابية في الحياة وقدمها هدية لنفسك فأنت تستحق ذلك، وفي هذا الإطار يقول الفاروق رضي الله عنه: "رحم الله امرئ أهدى لي عيوبي". فنحن نعيش حياة ديناميكية وديننا والحمد لله مواكب لها وهذا من مزايا هذا الدين العظيم فمشكلتنا ليست في الإسلام، بل في المسلمين أنفسهم الذين لا يواكبون التقدم والتغير الذي يحدث في العالم اليوم. فقد يستسلم الكثير من الناس أمام عديد من السلبيات، المتأصلة في شخصياتهم معتقدين بأنهم عاجزون عن التغلب عليها، فيقفون مكتوفي الأيدي حيالها. أما الأمر الأخطر فهو أن يظن الشخص أن هذا الاستسلام يعني تسليمه لقضاء الله وقدره، مع أن بين الأمرين اختلافا بينا؛ إذ أن الاستسلام يعني التوقف عن العمل وترك الأخذ بالأسباب الكونية والشرعية التي جعلها رب العزة دواء لمواجهة مثل هذه السلبيات السلوكية. أما التسليم فيعني الرضا بما كتبه الله تعالى بعد استنفاذ الوسع وبذل الجهد في البحث عن كوامن المشكلة وطرق علاجها، ومن ثم العمل بها على الوجه الصحيح. فإن الطبع يكتسب من الطبع، فكما أن مصاحبة ذوي الهمة الدنية تنقل عدوى الضعف والانهيار إلينا، فكذلك معاشرة الأقوياء وأصحاب العزائم العلية تنقل بعض شحنات القوة والجرأة التي يتمتعون بها، يقول سيدي ابن عطاء الله السكندري: "لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله". فإن تجارب الذين حاولوا تغيير طباعهم ونجحوا تنفعك في معرفة السبل التي سلكوها للوصول إلى تغيير، وفي الإرادة التي استقووا بها على إنجاز أهدافهم وبلوغ النتائج المذهلة. وفي هذا قول بعضهم:"النجاح مصارعة لعوامل الفشل". إن نتائج التغيير لا تتحقق بالتمني لذلك احرص إذا لا تنسحب في منتصف الطريق، كن صبورا، ولا تتعجل الثمار قبل نضوجها، لذا إما أن تقبل عملية التغيير بالكامل وإلا فلا تغيير... إن بداية كل جديد هو أصعب ما في الأمر لذا عندما تبدأ بالتغيير ستشعر في البداية بعدم الرغبة في الاستمرار، لكن مع المثابرة ومقاومة الروح السلبية الكامنة فينا، ستتمكن من الاستمرار وتتغلب على تدني همتك وأسلوب حياتك الفاتر وتستمتع بالقيام بما هو جديد ومختلف. التغيير الذي نعنيه هنا هو التغيير الإيجابي، وهو سلسلة من الأعمال التي تقودنا إلى مستوى أفضل في شأن أو في سائر شؤون حياتنا. ومن هذه الخطوة التي نهدف منها إلى تقييم ما نحن عليه هو تحديد نقاط قوتك وضعفك يا ترى ما هو الشيء الذي يميزك عن الآخرين؟ في شخصيتك؟ في مهاراتك؟ وفي المقابل ما هي عيوبك؟ بماذا ينتقدك الناس وأقول الحكماء من الناس؟ ما هي العوائق التي تحد من تقدمك في مجالات الحياة كافة؟. ضع إجابات واضحة للأسئلة السابقة؛ لأن ذلك سيمنحك قوة جديدة لها أهمية خاصة من أجل النجاح في التغيير... ذ. نوال الزاكي - باحثة