هذه بعض الوصايا التي تعيننا على الثبات بعد رمضان: أولا: احذرشيطانك. فبعد شهر في عبادة طويلة مع الله، بعد انتهاء رمضان وفي أول يوم العيد يحدث لك نوع من التراخي، لكن في اللحظة التي يحدث فيها هذا التراخي يكون الشيطان مسرورا، ويسعى جهده لإيقاعك في أي ذنب حتى تيأس وتحبط بعد ما فعلته في رمضان من عبادة وصوم، فالشيطان يريد أن يضيع ما فعلته قرابة الشهر من عبادة وتذلل لله سبحانه وتعالى .. ولذلك تقول الآية: {ولقد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ} سورة سبأ. ولكن لن يصدق ظن إبليس علينا جميعا، لأن تكملة الآية تقول: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين}. فيا ترى أنت من أي فريق؟ هل أنت من فريق المؤمنين؟ أم من الذي صدق عليهم إبليس ظنه؟ يقول الله تبارك وتعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا}. أخي الحبيب.. لا تكن رمضانياً فقط، وما يفعله الكثير من المسلمين بعد انقضاء الشهر الكريم من التكاسل عن الطاعات وتضييع الفرائض والواجبات والتساهل في الذنوب والسيئات، فهذا كله من تبديل نعمة الله كفراً، وفاعله كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً .. يا أخي الحبيب.. يا كل شباب الأمة.. لا تضيعوا الغزل الجميل الذي تم غزله في رمضان، لذلك فأول وصية أوصيك بها أن تمسك نفسك.. إياك والمعاصي بعد رمضان، خاصة المعاصي الكبيرة مثل المشاجرات وعقوق الوالدين، والعلاقات المحرمة .. أرجوك اثبت، ووالله إن مقاومة المعصية لها حلاوة في القلب تشعر بها وتفرح بك الملائكة، ويفرح بك الله جل وعلا. لذلك، حاول بقدرالإمكان أن تمنع نفسك من المعصية بعد رمضان.. احفظ نفسك من أجل أمة الإسلام .. فالأمة بحاجة لشباب ثابتين على طاعة الله ... ثانيا: إياك والهبوط من الهمة العالية أنعم الله علينا بعبادة طويلة في رمضان. فليس من المعقول أن نترك كل هذا بعد رمضان! لقد عرفت أثر العبادة، وذقت طعم الإيمان وحلاوة الطاعة ولذة المناجاة، فعليك أن تحافظ على هذه المكاسب وتلك المنجزات، فتحرص على الطاعة وتقبل على العبادة وتلزم الطريق المستقيم والهدي القويم . وفي الوقت نفسه، من المستحيل أن نرجع للعبادة، التي كنا فيها أيام رمضان. ولكن من الممكن أن نحافظ على الحد الأدنى، الذي نبدأ به من يوم انتهاء رمضان ونحافظ عليه أول أسبوعين بعد رمضان... ماذا سنفعل؟. ابدأ ختمة جديدة في القرآن: ولو صفحة واحدة في اليوم . الدعاء يوميا ولو دقيقتان بعد صلاة العشاء. ذكر الله يوميا: أذكارالصباح والمساء . وجود الصحبة الصالحة والحرص عليها، حتى نعين بعضنا على الطاعة والثبات. صيام الست من شوال، فعن أبي أيوب الأنصاري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: >من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر كله< رواه مسلم وحافظ على كل الأعمال التي زكت فيها النفوس ورقت القلوب ودمعت الأعين، وارتفعت فيها الأكف من الصيام والقيام والصدقة والإحسان والذكر والتلاوة والدعاء، ليست مقتصرة على رمضان، وليست مختصة بشهرالصيام، بل هي من الأعمال والعبادات والقرب والطاعات التي تضاعف الحسنات، وتكفر عن السيئات وترفع الدرجات، ولكننا عنها غافلون. ثالثا: سؤال يسأله معظم الناس وهو: هل قبل الله منا رمضان وأعتقنا؟ هل يملك أحد الإجابة على هذا السؤال؟ يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان أصحاب رسول الله يعملون العمل بهمة فإذا انتهى العمل أصابهم الهم.. يسألون أقبل منا أم لا؟ ولكن عندي طريقة تطمئن بها إذا كان رمضان قبل منك أم لا؟ يقول الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} البقرة أن تكون بعد رمضان الأصل فيك الخير والصلاح .. قم بقياس أدائك أول أسبوع بعد رمضان، فلو وقعت منك العبادات وفعلت المعاصي، خف على نفسك . أما لو وجدت أن أداءك وسلوكك ارتفع وتغير للأفضل بعد رمضان، افرح.. فبإذن الله، فقد قبل منك رمضان. رابعا وأخيرا: لقد أكرمنا الله تبارك وتعالى بعبادته في رمضان من قرآن ودعاء وصلاة قيام وصلاة تهجد.. ولذلك فإن شكر هذه النعم التي أنعم الله بها علينا في رمضان تكون بعد رمضان .. رمضان هو نقطة بداية وليس نقطة نهاية.. إن مخزون العبادات والطاعة التي قمنا بها في رمضان، نظل محتفظين بها أكبر فترة ممكنة بعد رمضان يا شباب، أنتم آخر أمل للإسلام.. لم يعد لدينا أمل آخر، أرجوكم يا شباب اثبتوا بعد رمضان، وانجحوا في حياتكم العملية، لأن نجاحكم في الحياة العملية سيساعدنا على الإصلاح، وثباتكم في العبادة هو الذي يجعل نيتنا في العمل للإسلام خالصة. فاعبدوا وأخلصوا واثبتوا بعد رمضان قدر استطاعتكم واستعينوا بالله . واستحضروا قول أحد المستشرقين عندما درس الإسلام وتعمق فيه: يا له من دين ولكن ليس له رجال!.