روحان في روحٍ واحدة، هكذا نحن منذ خمسة وعشرين عاما، قضينا عشر سنوات منها نعاني معا، نتألم معا.. كما قضيناها نحمل الإيمان في قلبينا مع حقائبنا الجاهزة للسفر دوما، نحملها ونبحث عن الأمل في كل مكان على هذه الأرض.. حتى قررت أن أهدي كليتي إلى زوجتي المصابة بالفشل الكلوي ما يخفف عنها وطأة الآلام التي لم تنتهِ، فقررت من دون تردد أن أتبرع لروحي بإحدى كليتي لنكمل المشوار مع بناتنا الخمس بسعادة لا توصف. هكذا يتحدث صاحب القلب الأبيض واليد البيضاء الزوج الذي عبر عن مدى وفائه لزوجته بالتبرع لها بإحدى كليتيه، بعدما خدمته 25 سنة بحب وإخلاص وتفان كما عبر عن ذلك، ناهيك عن الوازع الديني من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. أما هي فقد كانت السعادة لديها ممزوجة بالخوف على زوجها، لم تكن لتوافق على قراره خوفا عليه فقط بل حباً له، إلا أن إصراره دفعها للموافقة، وخصوصاً مع تأكيدات الأطباء أن العملية لا تشكل خطرا على حياته. ويتذكر الزوج بداية مرض زوجته قائلا: قبل عشر سنوات وأثناء ولادة زوجتي تعرضت لارتفاع الضغط وهو ما أثر على الكلى... وأثناء رحلة علاج عبر أقطار عربية، ذهبا إلى العراق قبل سقوط النظام العراقي السابق، وكان مقترضا لشراء كلية لزوجته من العراق وزراعتها هناك، وقال له الطبيب إن نسبة العجز في كليتيها لم تصل إلى ,7 لذلك فلن تحتاج إلى زراعة كلية إلا بعد نحو ست سنوات، وفعلا مرت ست سنوات منذ أن قال ذلك حسب الزوج.. وبعد محاولات لزرع الكلية في دول آسيوية، وبعدما نصحته استشارية أن يكون التبرع في بلده تلافيا لأية مشكلات، لأن بعض من زرعوا كلى في الخارج أصيبوا بأمراض التهاب الكبد الوبائي والإيدز، قرر الزوج أن يتبرع لزوجته التي رفضت هذا الخيار لأنه يعيل أسرة كلها بنات، لكنه أصر على المضي قدما في التبرع. فتمت العملية بنجاح، واستجاب جسم الزوجة لهذه العملية، وارتفعت معنوياتها بعدما أبان زوجها عن تعامل ونبل إنساني قل ما يصل إليه معظم الأزواج.