في وقت تتزايد فيه ظاهرة العزوف عن الزواج، تجد بعض الفتيات، وخاصة منهن اللواتي مازلن في طور الدراسة، أنفسهن حائرات بين إكمال الدراسة واتخاذ قرار الزواج، خاصة إن كان من بين الشروط الأساسية للزوج هو انقطاع زوجته عن الدراسة، وهنا تجد الفتاة نفسها مضطرة لتقبل الفكرة بناء على نوعية الزوج الذي قد تضحي من أجله بكل شيء؟ ناهيك عن أن فكرة اختيار الزوج المناسب يتحكم فيها المستوى المعرفي والمادي للفتاة، وحول هذا الموضوع استقت التجديد آراء مختلفة لطالبات حائرات بين اختيار قرار الدراسة أو الزواج، وأخريات متزوجات ويزاولن عملا أو مازلن في طور الدراسة. التضحية بالدراسة فاطمة تبلغ من العمر 25 سنة، تدرس بكلية الحقوق بالرباط، وجدت نفسها حائرة بين اختيارين أحلاهما مر، كما صرحت بذلك في لقاء لـ التجديد، إذ لم تستطع أن تختار هل تكمل دراستها، أم تتخلى عن كل تلك السنوات التي أمضتها في التعب والمجاهدة من أجل التعلم؟ ففاطمة تقدم لها منذ السنة الماضية، شاب قالت إن أوضاعه المادية جيدة، وإن مستواه الثقافي جيد أيضا، غير أنه اشترط عليها أن تنهي مشوارها الدراسي مباشرة بعد حصولها على الإجازة، وهي ترفض أن تمر سنوات شقائها هباء، فطلبت من الزوج أن يمهلها إلى حين إكمالها السنة الدراسية علها تستطيع إقناعه بمساعدتها في بناء مستقبلها العملي، ونزولا عند رغبتها، انتظرها سنة كاملة، غير أن صبره نفد، وبدأ يلح عليها في الزواج مع تمسكه بشرطه الأول ألا وهو تفرغها الكامل لأسرتها الجديدة، والتخلي عن حلم العمل ما بعد الدراسة. استطردت فاطمة حديثها بدمعة غالبت مقلتيها من شدة صعوبة الموقف الذي وجدت نفسها فيه، وقالت: إن أنهيت هذه السنة وتزوجت فسأكون بذلك قضيت على حلم ظل يراودني منذ سنوات، وسيضيع كل ذلك الكد والتعب في حياتي دون أن أجني ثماره، وإن أصررت على أن أحقق حلمي في العمل، فأكيد أنني سأنجح في حياتي المهنية، لكن بعد أن أكون قد خسرت أشياء كثيرة، أولها أن عمري سيتجاوز سن الزواج، وربما لن أجد الزوج المناسب بعد ذلك، وأكون قد ضيعت أجمل ما في الحياة ألا وهو الاستقرار الأسري. أنا حقا حائرة ولا أعرف ماذا سأفعل؟، لكني في النهاية ربما سأختار الزواج وأعيش ربة بيت، كغيري من النساء وأضحي بسنوات من الدراسة كان الهدف الأكبر من ورائها هو العمل، لأن النقود قد تعوض أما الاستقرار الأسري فلا يعوض بتاتا. هل يستحق التضحية؟ الحيرة بين إكمال الدراسة والزواج لم تعد هي هاجس بعض الفتيات الرئيسي، بل أصبح الهاجس الأكبر هو أي زوج يستحق أن تضحي من أجله الفتاة وتضرب بأحلامها عرض الحائط؟ (هـ. ج) طالبة في سنتها الثانية من التعليم الجامعي تبلغ من العمر إثنين وعشرين عاما، ركزت خلال حديثها في لقاء مع التجديد على نوعية الزوج الذي قد تقبل الفتاة التضحية من أجله. (هـ. ج) وجدت نفسها محتارة بين إكمال الدراسة أو الزواج، فمن جهة استهوتها الرغبة في العيش في رفاهية وغنى، ومن جهة أخرى لم تستطع المغامرة مع الزوج الذي تقدم لخطبتها نظرا لأن مستواه التعليمي ضعيف لا يتعدى الإبتدائي حسب قولها، ورغم أنه وعدها بأن يحقق لها الشيء الكثير، إلا أن رغبتها الكبيرة في العيش في ذلك المستوى لم يغيب عن عقلها مسألة الاختلاف الكبير في مستوياتهما التعليمية، مما جعلها تتردد بل قررت الرفض لأن أشد ما تخشاه حسب قولها هو أن تقع بينهما مصادمات في الأفكار بعد الزواج، وأن تفقد القدرة على الحوار والنقاش معه، نظرا لكونها لمست ضعف تكوينه المعرفي وأن النقوذ التي جمعها كانت نتيجة هجرته للخارج، ومجهوده العضلي الذي كان وسيله عمله المربحة. تقول (هـ. ج): لو تقدم لي زوج مستواه العلمي والمادي جيد فلن أتوان في القبول لأن الدراسة لم تعد توصلنا إلى شيء بل هي محطة لتخريج العاطلين فقط. الزواج فكرة مؤجلة مريم البالغة من العمر إثنتين وعشرين سنة، قررت منذ مدة أن تبعد فكرة الزواج عن مخيلتها إلى أن تنعم بعمل مريح كما كانت تحلم بذلك منذ زمن، لأنه حسب قولها فالزواج لا يأتي ضمن الأولويات، لكن ماهو أولى هو أن تنجح في عملها، وتزرع الفرح بنجاحها في قلب والديها اللذين لطالما تمنيا أن يرياها في مستوى جيد يخفف عنهما تعب تلك السنوات التي تكبدوا فيها كل الصعاب من أجل أن يرياها ناجحة في حياتها، كما أكدت أن حبها للدراسة كبير جدا لدرجة يصعب عليها أن تتخلى عنها بسهولة، ورغم رؤيتها لأجيال سابقة كافحت في الدراسة ووجدت نفسها في النهاية متخرجة للعمل في مجال النضال والكفاح أمام البرلمان من أجل العمل، إلا أنها تفضل أن تنضم لتلك الصفوف عوض أن تتخلى عن حلمها الأسمى ألا وهو الدراسة والعمل المحترم، ليس لأجلها فقط بل لأجل والديها وبلدها أيضا. من هو الزوج المناسب؟ تقول ليلى التي تدرس في السنة النهائية من شعبة التاريخ، إن زوجها له الفضل الكبير في نجاحها الدراسي، إذ اعتبرته المعين والمحفز لها دائما طيلة الأربع سنوات من زواجهما، ليلى اليوم أم لطفلة عمرها سنتان، لا تجد صعوبة في التوفيق بين الدراسة والزواج لأن امكانيات زوجها المادية مريحة جدا كما تقول، إذ تستعين بامرأة تقوم لها بأشغال البيت، ويبقى لها الوقت الكافي للعناية بطفلتها وزوجها، كما أنها متفوقة في دراستها أيضا، وبثقة كبيرة في النفس تجيب ليلى في حديث لـ التجديد إن شخصية الزوج وإمكانياته المالية ومستواه العلمي هي التي تحدد إما دعم الزوجة للنجاح في حياتها العملية أو إفشالها وقتل أحلامها، وبالتالي تضطر للعيش كربة بيت كأنها لم تلج التعليم يوما قط، وبالتالي تضيع سنوات كفاحها في الدراسة هباء، غير أنها داخليا لا تعيش سعيدة مع الزوج لأنها تشعر دائما أنه وأد أحد أهم أحلامها. أما أمال ذات الإثنتين وعشرين ربيعا، فاعتبرت أن نوعية الزوج هي التي تحكم في قرار الفتاة باختيار إما الزواج، وإما الدراسة، أو التوفيق بينهما، إذ إن كان الزوج يعيش في وضعية مالية مرتاحة ومستواه الثقافي جيد فطبعا لن يشترط على الفتاة إيقاف الدراسة، وحتى إن فعل ذلك فسيكون قادرا على أن يحقق لها أشياء كثيرة كانت تحلم بها، وكما تقول أمال فالفتاة أيضا لن تحتار في القرار إن كانت ستعيش مرتاحة، لأن الهدف الأساسي من كفاحها في الدراسة هو البحث عن العيش الآمن، أما إن لم يكن وضعه لا المادي ولا الثقافي جيدا فبالطبع ستختار أن تكمل مشوارها الدراسي وستحتفظ بالأمل في أن تقابل يوما ما الزوج الذي تحلم به، غير أن الإشكال المطروح للفتيات الجامعيات حسب أمال أن الفتاة كلما زاد مستواها العلمي والثقافي كلما تغيرت نظرتها للزوج المرتقب وأصبح أمر أن يكون للرجل مستوى ثقافي كبير مطروحا جدا، فالفتاة كيفما كانت لا تقبل أن يكون مستواها أكبر من مستوى الرجل بل تتوق أن يكون الزوج أكثر معرفة منها لأن هذا يشعرها بأمان وبراحة أكبر.