وزارة التربية الوطنية تبدأ في تنفيذ صرف الشطر الثاني من الزيادة في أجور موظفيها    مندوبية التخطيط تكشف تغير الأسعار    الدريوش تؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للمضاربات في سعر السردين    رئيس جهة سوس يقود حملة انتخابية لمرشح لانتخابات "الباطرونا" خلال نشاط رسمي    فرنسا تسعى إلى توقيف بشار الأسد    مجموع مشتركي نتفليكس يتخطى 300 مليون والمنصة ترفع أسعارها    بنما تشتكي ترامب إلى الأمم المتحدة    مغربي مقيم في أمريكا ينفذ هجوم طعن في تل أبيب    الكشف عن النفوذ الجزائري داخل المسجد الكبير بباريس يثير الجدل في فرنسا    جماهير جمعية سلا تطالب بتدخل عاجل لإنقاذ النادي    عادل هالا    كيوسك الأربعاء | الحكومة تنهي جدل اختصاصات كتاب الدولة    الوزير بركة ونظيره الفلسطيني في لقاء ثنائي لتعزيز التعاون    توقيف 6 أشخاص وإحباط محاولة لتهريب كمية مهمة من المخدرات نواحي إيمينتانوت    خديجة الصديقي    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    المدافع البرازيلي فيتور رايش ينتقل لمانشستر سيتي    نقاش مفتوح مع الوزير مهدي بنسعيد في ضيافة مؤسسة الفقيه التطواني    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمملكة المغربية    الصين تطلق خمسة أقمار صناعية جديدة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    الكنبوري يستعرض توازنات مدونة الأسرة بين الشريعة ومتطلبات العصر    مسؤول فرنسي رفيع المستوى .. الجزائر صنيعة فرنسا ووجودها منذ قرون غير صحيح    سقوط عشرات القتلى والجرحى جراء حريق في فندق بتركيا    جريمة بيئية في الجديدة .. مجهولون يقطعون 36 شجرة من الصنوبر الحلبي    "سبيس إكس" تطلق 21 قمرا صناعيا إلى الفضاء    "حماس": منفذ الطعن "مغربي بطل"    الحاجب : تدابير استباقية للتخفيف من آثار موجة البرد (فيديو)    الكاف : المغرب أثبت دائما قدرته على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة ينظم دورة تكوينية لتعزيز منهجية البحث العلمي    ارتفاع عدد ليالي المبيت السياحي بالصويرة    في ليلة كروية لا تُنسى.. برشلونة ينتزع فوزا دراميا من بنفيكا    "البام" يدافع عن حصيلة المنصوري ويدعو إلى تفعيل ميثاق الأغلبية    كأس أمم إفريقيا 2025 .. "الكاف" يؤكد قدرة المغرب على تنظيم بطولات من مستوى عالمي    المغرب يواجه وضعية "غير عادية" لانتشار داء الحصبة "بوحمرون"    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    مطالب في مجلس المستشارين بتأجيل مناقشة مشروع قانون الإضراب    الدفاع الجديدي ينفصل عن المدرب    توقيع اتفاق لإنجاز ميناء أكادير الجاف    مجلس المنافسة يكشف ربح الشركات في المغرب عن كل لتر تبيعه من الوقود    اليوبي يؤكد انتقال داء "بوحمرون" إلى وباء    فضيل يصدر أغنيته الجديدة "فاتي" رفقة سكينة كلامور    افتتاح ملحقة للمعهد الوطني للفنون الجميلة بمدينة أكادير    أنشيلوتي ينفي خبر مغادرته ريال مدريد في نهاية الموسم    المجلس الحكومي يتدارس مشروع قانون يتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة    الغازوال والبنزين.. انخفاض رقم المعاملات إلى 20,16 مليار درهم في الربع الثالث من 2024    تشيكيا تستقبل رماد الكاتب الشهير الراحل "ميلان كونديرا"    المؤتمر الوطني للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية: "خصوصية المهن الفنية أساس لهيكلة قطاعية عادلة"    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالاذاعة الوطنية : نظرات في الإبداع الشعري للأديب الراحل الدكتور عباس الجراري    الإفراط في اللحوم الحمراء يزيد احتمال الإصابة بالخرف    وفاة الرايس الحسن بلمودن مايسترو "الرباب" الأمازيغي    علماء يكشفون الصلة بين أمراض اللثة وأعراض الزهايمر    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عــام المفاصـلة - بقلم فهمـي هـويـــدي
نشر في التجديد يوم 16 - 01 - 2008


نحتاج إلى بعض الشجاعة والصراحة لكي نعترف بأن العام المنقضي شهد انفراطًا ملحوظًا في عقد الجماعة المصرية‏,‏ يسوّغ لي أن أطلق عليه عام المفاصلة‏.‏ (1)‏ أعني بالمفاصلة الشقاق والتباعد‏,‏ وهو تخريج اصطلاحي وليس لغويًا برز مع ظهور فكرة المفاصلة الشعورية‏,‏ التي بمقتضاها يكون المرء قريبًا في الواقع وبعيدًا في الشعور والوجدان‏,‏ ومن ثم حاضرًا وغائبًا في نفس الوقت‏,‏ وهي درجة دون الانفصال الذي يعني الانقطاع‏,‏ وفي المجتمعات الأوروبية يفرقون في شأن العلاقات الاجتماعية بين الانفصال وبين الطلاق الذي يقصد به فصم العلاقة ليس واقعيًا فقط‏,‏ وإنما من الناحية القانونية أيضًا‏,‏ من ثَمَّ فما أتحدث عنه هو شروخ وتصدعات في البنيان يتعيّن رصدها وعلاجها‏.‏ لستُ في مقام الحديث عن العلاقة بين السلطة والمجتمع‏,‏ ليس لأنها تخلو من الشروخ والتصدعات‏,‏ ولكن لأن الشروخ القائمة أخذت حقّها في كثير من المعالجات الإعلامية‏,‏ خصوصًا التي وصفت العام المنقضي بأنه عام الغضب الذي ارتفع فيه صوت الشارع عاليًا في مواجهة السلطة‏,‏ من خلال تجليات عدة‏,‏ إنَّما الذي يعنيني في هذا المقام هو التصدعات الحاصلة في محيط الجماعة المصرية ذاتها‏,‏ التي أعتبرها أعمق وأشدّ خطرًا‏,‏ في هذا الصَّدَد؛ فإنني أزعم أن التصدعات تسللت في العام المنقضي إلى أربع دوائر على الأقل هي‏:‏ ‏ *‏ أولاً‏:‏ العلاقة بين الفقراء والأغنياء‏,‏ ذلك أن الفجوة بين الطرفين اتسعت وتعمقت على نحو مقلق‏,‏ صحيح أن تلك الفجوة كانت موجودة في عام‏2006,‏ الذي رسم تقرير التنمية البشرية بعض ملامحه؛ فإنه أخبرنا بأن‏32‏ مليون مواطن مصري يعيشون تحت حدّ الفقر‏,‏ وأن‏3%‏ فقط من السكان يهيمنون على‏43%‏ من الدخل القومي‏,‏ وليست تحت أيدينا بيانات رقمية عن أحوال‏2007,‏ لكننا نعرف جيدًا أن غول الغلاء انطلق بقوة خلاله‏,‏ وأن ارتفاع معدلات التضخم ضغط على الناس بأكثر مما يحتملون بالمقابل، فإن مظاهر البذخ الصارخ والثراء الاستفزازي الذي عبرت عنه إعلانات الصحف وأخبارها كانت من العلامات البارزة في سجل العام‏,‏ وهي التي تمثلت في صرعة الأبراج والمولات ومستوطنات الأثرياء الجدد التي أصبحت وحداتها تباع بملايين الجنيهات‏,‏ وهو ما استصحب انقلابًا في الخرائط الاجتماعية‏,‏ الأمر الذي كان طبيعيًا معه أن تكتشف الأجيال الجديدة أنَّه لا مستقبل لها في البلد‏,‏ وأن الهجرة إلى ما وراء الحدود هي الحلّ.‏ نعم تحدثت تقارير رسمية عن وصول معدل النمو إلى7%,‏ لكن تلك التقارير لا تتحدث عن اتجاهات ذلك النمو‏,؛ إذ صبّ أغلبه في صالح الأغنياء‏,‏ الذين تضخمت ثروات بعضهم لأسباب غير طبيعية يطول شرحها‏,‏ في حين لم يكن للفقراء فيه نصيب يذكر‏.‏ هذه الأجواء لم تعمق الفجوة بين الفقراء والأغنياء فحسب‏,‏ ولكنها أصابت علاقات الطرفين بالتوتر‏,‏ وكان ظهور شركات الحراسة الخاصة‏,‏ وتعزيز إجراءات الدخول إلى مستوطنات الأثرياء من علامات التحسب لنتائج ذلك التوتر‏,‏ كما أن الإلحاح على قضية العدالة الاجتماعية في الخطابين السياسي والإعلامي في الأسابيع الأخيرة من بين محاولات امتصاص ذلك التوتر وتخفيفه‏.‏ ثانيًا‏:‏ العلاقة بين المسلمين والأقباط‏,‏ وهي التي ظلّت طوال الوقت قائمة فيما هو مُعلن على الأقلّ على الاحترام المتبادل والتوافق على العيش المشترك‏,‏ لكن هذا الأساس اهتزّ في السنوات الأخيرة‏,‏ حتى ظهرت في عام‏2007‏ عدة قرائن أشارت إلى أن الصيغة الراهنة للعيش المشترك لم يَعُد مسلمًا بها‏,‏ ولكن مواصفات وشروطًا جديدة طرأت عليها من جانب أعداد متزايدة ليس من المتطرفين فحسب‏,‏ ولكن من جانب بعض العقلاء والمعتدلين أيضًا‏,‏ وذلك هو الجديد والمؤرق في الأمر‏.‏ قال لي أحد المثقفين الوطنيين في مصر‏,: إنه اشترك في مناقشة حول الأوضاع الراهنة في البلد‏,‏ واستشهد في حديثه بالمقولة الشهيرة التي ردّدها مكرم عبيد‏,‏ أحد الزعماء التاريخيين وقال فيها: إنه مسيحي دينًا ومسلم وطنًا‏,‏ ظنًّا منه أنه باستدعاء هذه الصيغة فإنه يذكر بمعادلة مريحة تحقق الوفاق المنشود بين عنصري الأمة‏,‏ لكن ما أدهشه أن العبارة قوبلت بامتعاض من جانب أحد الرموز القبطية المشهورة بالاعتدال‏,‏ الذي كان مشاركًا في اللقاء‏,‏ وهي لحظة لم ينسها كما قال لي؛ لأنها نبّهته إلى أن ثمة متغيرًا سلبيًا طرأ على علاقات الجماعة المصرية في الآونة الأخيرة‏,‏ ولم تكن تلك حالة خاصة‏,؛ لأن ثمة قرائن عدة كنت شاهدًا على بعضها‏,‏ أعطت ذلك الانطباع‏,‏ الأمر الذي أثار انتباه الدكتور رفيق حبيب المثقف الإنجيلي البارز‏,‏ فكتب مقالا نشره موقع المصريون على الإنترنت في‏10‏ يناير الحالي‏,‏ ذكر فيه أن ثمة رؤية قبطية تريد تأسيس الجماعة المصرية بوصفها جماعة متميزة عن محيطها ولا ترتبط به‏,‏ بحيث يصبح الانتماء المصري نافيًا لأي انتماء عربي أو إسلامي‏,‏ وتساءل هل يريد هؤلاء تغيير الأسس التي قامت عليها الجماعة المصرية تاريخيًا؟ وألا يؤدي ذلك إلى نقض العهد الضمني المقام بين المسلمين وغيرهم‏,‏ القائم على احترام احتفاظ كل طرف بعقيدته بما لا يخلّ بالتوجهات العامة للأغلبية؟ هذا النزوع إلى المفاصلة من أبرز ما ظهر على السطح خلال العام المنقضي‏,‏ وهو ليس مفاجئًا تمامًا‏؛ لأن له مقدمات تلاحقت خلال السنوات السابقة‏,‏ وتجلت في الحوادث الطائفية التي وقعت في أماكن عدة بمصر‏,‏ ولكن القدر الثابت أن ثمة حساسية واحتقانًا متزايدين على الجانبين‏,‏ وأن حماقات وتصرفات بعض المتطرفين والدعاة المسلمين روّجت لثقافة التعصب‏,‏ وأسهمت في تأجيج المشاعر التي أدت إلى وقوع تلك الحوادث‏,‏ لكننا ينبغي ألا نتجاهل أن ثمة خطابًا مماثلاً له حضوره على الجانب الآخر جسدته في وقت سابق المسرحية الشهيرة التي عرضت في كنيسة محرم بك بالإسكندرية‏,‏ وكان أحدث تعبير عنه ذلك البيان الذي أصدره قمص دير القديسين بالأقصر عقب أحداث مدينة إسنا‏,‏ ولمزيد من الإثارة والتهييج فقد عمّمته بعض المواقع القبطية على شبكة الإنترنت بنصّه المسيء والجارح‏,‏ وللأسف فإن المتعصبين والمتطرفين ذهبوا إلى حدّ أبعد في الشقاق‏,‏ حين لجئوا إلى الاستقواء بالخارج لتعزيز موقفهم في الداخل‏,‏ وتراوح ذلك الاستقواء بين الحملات الدعائية التي يطلقها من سموا بأقباط المهجر‏,‏ وبين الحضور الرمزي لـ‏19‏ من أعضاء الكونجرس الأمريكي احتفال الكنيسة الأرثوذكسية بعيد ميلاد السيد المسيح في السابع من شهر يناير الحالي‏.‏ هذا الجهد لتكريس المفاصلة حقق بعض النجاح للأسف‏,‏ وهو ما تجلّى في التناول الجديد لصيغة العيش المشترك‏,‏ الذي كان له أثره ليس فقط في إفساد الأجواء‏,‏ وإنما أثر بالسلب أيضًا على الجسور المقامة بين عقلاء الجانبين‏,‏ ومن ثمّ عطل تواصلا محمودًا كان مرجوًا ومستمرًا في السابق‏.‏ ثالثًا‏:‏ موقف العلمانيين من الدستور‏:‏ حين أصدر أكثر من مائتي مثقف مصري في شهر مارس الماضي بيانهم الذي طالبوا فيه بإلغاء المادة الثانية من الدستور‏,‏ التي تنصّ على أن الإسلام دين الدولة وأن مبادئ الشريعة هي المصدر الأساسي للقوانين‏,‏ فإن هذه المبادرة كانت تجاوزًا لخط أحمر يحدث لأول مرة منذ صدور الدستور المصري في عام‏1923,‏ ولأن القاسم المشترك بين الموقعين على البيان أنهم من العلمانيين باختلاف أطيافهم‏,‏ فإن إطلاق الدعوة كان بمثابة تصعيد في الاشتباك الحاصل بين التيارين العلماني والإسلامي في مصر؛ إذ لم تقف الدعوة عند حدّ المطالبة بالفصل بين الدين والسياسة مثلا‏ً,‏ وإنما تطلعت لما هو أبعد حين نادت بإقصاء الإسلام تمامًا من الدستور أو إضعاف حضوره عند الحد الأدني‏.‏ ولأن الدستور ليس أبا القوانين فقط‏,‏ وإنَّما هو أيضًا من منظور علم الاجتماع السياسي وثيقة تحدد معالم الهوية الوطنية للمجتمع‏,‏ فإن تلك الدعوة التي مسّت نصًا تأسيسيًا فيه لم تكن إقصاءً للمرجعية الإسلامية فحسب، وإنما كانت في جوهرها إضعافًا للهوية الوطنية وخرقًا لإجماع الأمة المنعقد والمستقرّ منذ أكثر من ثمانين عامًا‏,‏ وهو ما يصبّ في وعاء التفكيك والمفاصلة‏,‏ أراد أصحابها أم لم يريدوا‏.‏ أدري أن الذين أطلقوا الدعوة يمثلون عددًا محدودًا من المثقفين العلمانيين الذين لا يثقون في مرجعية الإسلام ومبادئه‏,‏ وأعلن أن دعوتهم لم تجد استجابة تذكر‏,‏ ولكن الروح التي عبر عنها البيان والرسالة التي أراد توصيلها أحدثت شرخًا إضافيًا في علاقة العلمانيين والإسلاميين‏,‏ باعد بينهما بأكثر مما هي متباعدة أصلاً‏.‏ ‏رابعًا‏:‏ موقف المجتمع من النموذج الإسلامي‏:‏ ذلك أنه من المفارقات أن المجتمع المصري المتدين بطبيعته شاع بينه في عام‏2007‏ قدر غير قليل من الخوف من الإسلام‏,‏ وهو خوف نجحت في تعميمه وسائل الإعلام التي كثفت هجومها على الإخوان لكي تكسب معركة أمنية تكتيكية‏,‏ فترتبت عليها خسارة استراتيجية ينبغي ألا نقلل من شأنها‏,‏ إذ بدأ العام بترويع الناس من استعراض طلاب جامعة الأزهر الذي صورته وسائل الإعلام بأنه إعداد للانقضاض على السلطة‏,‏ وانتهي العام بتأكيد التخويف والترويع من خلال الاستشهاد بالثغرات التي تخللت مشروع برنامج الإخوان المسلمين‏,‏ وبرغم أن كل أوراق الإخوان مكشوفة لدي أجهزة الأمن على الأقل‏,‏ التي تعرف جيدًا أن الخوف من هذه الزاوية لا أساس له ولا محل‏. إلا أن الأجهزة المعنية استثمرت تلك الأجواء لإغلاق أبواب العمل العام في وجه الإخوان‏,‏ ولستُ هنا بصدد تقويم هذا الموقف‏,‏ إلا أن أسوأ أثر جانبي للحملة تمثل في ذلك الخوف من الإسلام الذي انتاب أناسًا عاديين من الطبقة المتوسطة والمتعلمة على الأقل‏,‏ فضلاً عن الطبقات الأعلى بطبيعة الحال‏,‏ وقد سمعت بأذني انطباعات من ذلك القبيل‏,‏ وأعرف أناسًا يصلون ويصومون فكروا في مغادرة البلد‏,‏ أو لجئوا إلى شراء بيوت في الخارج تحسبًا لاحتمال حدوث الانقضاض الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام‏.‏ هذه الحالة العبثية جعلت قطاعات من المتدينين يتوجسون من دينهم وينفرون من النموذج الذي يقيمه‏,‏ بعد أن قدم في أكثر الصور تعاسة وأكثرها بؤسًا‏,‏ ولم يكن ذلك أسوأ ما في الأمر‏؛ لأن الأسوأ أن هؤلاء لم يجدوا بديلاً أمامهم سوى النموذج الغربي ليتمثلوه.‏ هل هذه الصورة تناسب مجتمعًا يعتبر نفسه في موقع القيادة للأمة العربية‏,‏ وهل هذه الدرجة من التفكك والتشرذم تمكن الجماعة الوطنية المصرية من أن تنهض بمسئولية التقدم في الداخل ومقاومة الهيمنة الخارجية؟ـ اسمحوا لي أن نواصل بحث الأمر في الأسبوع المقبل بإذن الله‏.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.