تداولت بعض المواقع والصحف العربية وجود سعي ليبي للاعتراف بالكيان الصهيوني وإقامة علاقات طبيعية معه، وأن هذا الأمر يوجد على رأس أولى الأولويات لدى النظام الليبي. واعتمدت هذه المواقع والصحف على ما نشرته الصحيفة الصهيونية يدوعوت أحرونوت التي نقلت الخبر نهاية الأسبوع الماضي. وحسب المصدر ذاته، فإن سيف الإسلام نجل القذافي قال لا يمكنني أن أكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين. وأضافت الصحيفة الصهيونية أن بلدا عربيا، من الراجح أنه موريتانيا، ضغط على السفير اللبيبي في موريتانيا مطالبا إياه بأن تكون له علاقة طبيعية مع السفير الصهيوني، تمهيدا لإقامة علاقات ديبلوماسية بين النظام الليبي والصهيوني. وإذا صح هذا الأمر، فإنه يعتبر حسب بعض المراقبين امتدادا وتنفيذا لدعوة القذافي في مؤتمر عربي سابق بإقامة علاقات تعاون فلسطيني صهيوني تمهيدا لكيان أطلق عليه الرئيس الليبي إسراطين، كما يظهر كيف أصبحت موريتانيا عرابا وقنطرة للتطبيع مع الكيان الصهيوني. وكان معمر القذافي قد طرح أمام مؤتمر الشعب العام الليبي في ذكرى إعلان الجماهيرية الذي عقد في مدينة سرت خلال شهر مارس المنصرم ما سماه الكتاب الأبيض لحل مشكلة الشرق الأوسط، ويرتكز على عودة نحو سبعة ملايين فلسطيني ونزع أسلحة الدمار الشامل وإجراء انتخابات تشرف عليها الأممالمتحدة، على أن يعترف العرب بتلك الدولة بعد ذلك بغض النظر عمن يحكم فيها. وأشار القذافي إلى التداخل الكبير بين الإسرائيليين والفلسطينيين معتبرا أن الفصل بينهم يبدو مستحيلا. وعدد القذافي ما اعتبرها مصالح مشتركة بين الشعبين رغم المواجهات المستمرة بينهما. كما اعتبر أن قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لن يكون حلا، وقال إن الدولة التي حددها القانون الدولي تحتاج إلى إقليم وشعب وهما غير موجودين حاليًا، وقال القذافي إن فلسطين قد احتُلت عام 1948 ولم يعد هناك ما يسمى بهذا الاسم، مضيفًا أن من يعترف بإسرائيل لن يعترف بفلسطين بناء على هذه الوضعية، وأكد أن ليبيا لن تعترف بهذه الدولة إذا أعلنت في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة. ودافع القذافي عن وجهة نظره هذه بالإشارة إلى ضيق المنطقة التي قال إنها لن تتسع لقيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية خاصة وأن إسرائيل تمتلك أسلحة دمار شامل وهي غير متوفرة للفلسطينيين ولا حتى للعرب. واعتبر أن قيام ما سماه دويلة فلسطينية في ظل هذه الظروف يجعلها عرضة للتهديد المستمر من إسرائيل، ودعا إلى قيام دولة واحدة تسمى إسراطين إسرائيل وفلسطين، وتشمل الكيانين. لكن الغريب أن تقع هذه الهرولة في وقت تتزايد فيه دعوات المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والدينية للكيان الصهيوني من مؤسسات ومنظمات وجامعات وكنائس من الغرب، آخرها الكنيسة الأنجليكانية والكنسية المشيخية الأمريكية وجامعات بريطانية... فهل انقلبت الأدوار؟ حسن صابر