يشير الأستاذ عبد الله بوغوتة، عضو المجلس العلمي للناضور، إلى أن عددا من الناس أصبحوا يعتبرون الأضحية من أوجب الواجبات، وأخذوا يكلفون أنفسهم أكثر مما يطيقون في هذا الأمر، وقد يلجأون إلى قروض ربوية، أو يبيعون بعضا من أثاث المنزل أو الاقتراض مع العلم بعدم القدرة على السداد في الوقت المحدد إلى غير ذلك مما نراه أو نسمعه، رغم أن الأضحية سنة عين مؤكدة. ويضيف أن ما يقوم به بعض الناس أمور مخالفة للشرع الحنيف، والسنة النبوية المطهرة، وعمل السلف الصالح، منبها إلى أن الأضحية لا تسن لفقير لا يملك قوت عامه، ويحتاج إلى ثمنها في ضرورياته في عامه من تطبيب أو قوت عيال وكسوتهم وغير ذلك مما يعتبر من الضروريات. وذكر عضو المجلس العلمي للناضور، في تصريح لالتجديد بما ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم، ذبح كبشاً وقال: بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي رواه أبو داود والترمذي، ويستفاد من هذا الحديث أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه رفع التكليف عمن لم يستطع من أمته، كما أن التكلف للأضحية مخالف ومغاير لما كان عليه السلف الصالح، بل الأئمة الكبار والعلماء الأخيار، حيث كان بعضهم لا يضحِّي وهو من القادرين عليها خشية أن يعتقد البعض أنها واجبة، ويعلن ذلك على الملأ من غير خجل ولا وجل، حدث ذلك من عدد من كبار الصحابة، بل من الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، كأبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وبلال، وابن عباس، وابن مسعود البدري رضي الله عنهم أجمعين. وأورد الأستاذ بوغوتة عدداً من الآثار، التي روى الإمام البيهقي في السنن الكبرى، تؤكد ما ذهب إليه من عدم التكلف للأضحية، ومنها قول الشافعي رحمه الله: وبلغنا أن أبا بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحِّيان كراهة أن يُقتدى بهما فيظن من رآهما أنها واجبة، يعني في بعض السنين. وما رواه حذيفة بن أسيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أدركت، أو رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحِّيان في بعض حديثهما كراهية أن يقتدى بهما. وقد علل النووي رحمه الله ترك الشيخين للأضحية في بعض السنين بفقرهما، فقد كانا من فقراء المسلمين. وعن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما أن ابن عباس: كان إذا حضر الأضحى أعطى مولى له درهمين فقال: اشتر بهما لحماً، وأخبر الناس أنه أضحية ابن عباس... ودعا عضو المجلس العلمي بالناضور إلى إحياء مظاهر التكافل الاجتماعي والتراحم، وذلك بالتصدق من لحم الأضحية، عوضا عن هذه الظواهر السلبية، متوجها إلى العلماء الأفاضل والدعاة الكرام، أن يعملوا على توعية الناس، أولا بأحكام الأضحية كما ورد في الفقه الإسلامي، وثانيا بضرورة تحكيم الشرع وإن خالف أهواءنا وتقاليدنا الاجتماعية، وثالثا بحث الموسرين بالنظر إلى إخوانهم الفقراء والمحتاجين وإشراكهم وأبناءهم في فرحة العيد، ورفع الحرج عنهم، وكلما عم التراحم بين أفراد المجتمع المسلم، حلت الرحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.