اشتدت حملات مؤسسات القروض الموجهة إلى الأسر بمناسبة عيد الأضحى المبارك في ضل استمرار تضخم ديون الأسر، والتي كشفت التقارير الرسمية عن بلوغ مديونيتها الناجمة عن قروض الاستهلاك مستويات قياسية.وأبرز بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، أن أسباب التوجه الكبير للاقتراض في المغرب يرجع إلى تدني القدرة الشرائية للمستهلك، وتقلص دخل الأسر خلال السنوات القليلة الماضية. وقال الخراطي، في اتصال لـالتجديد، إن استقرار الأجور وارتفاع الأسعار يؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية للمستهلك، مما يدفعه إلى الاقتراض المفرط المفضي إلى نتائج وخيمة، على اعتبار أن هناك توجها كبيرا للاقتراض من لدن العديد من المواطنين لأكثر من مرة، مما يسهم في صعوبة استرداد القرض، والدخول في دائرة مفرغة، حسب قوله. من جهته أكد عز الدين توفيق، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بالدار البيضاء، في اتصال لـالتجديد، أن أخذ القرض الربوي من أجل شراء أضحية العيد فعل غير شرعي، ولا يحل لمسلم التعامل به أخذا أو عطاء، فالربا حرام قطعا، والأضحية سنة، وحتى ولو كانت واجبة فهي تسقط على من لا يملك ثمنها، ومن التناقض أن يجمع المسلم بين الطاعة والمعصية، وبين السنة والبدعة، فكيف يستقبل الله الأضحية والثمن محموم بمعاملة ربوية. وأضاف توفيق؛ أتفهم الحرج الذي يجده الأب عندما يدركه العيد وليس معه ثمن الأضحية؛ لكن الالتزام بميزان الشرع يبقى واجبا، فلا ينبغي التكلف وتحويل الأمر من عبادة شرعية إلى عادة اجتماعية، وينبغي إذن لمسؤولي تلك المؤسسات الربوية مراعاة أحكام الشرع والانضباط لها. وأضاف الخراطي أن هناك العديد من الشركات في المغرب لا تهتم إلا بالأرباح، ولا تعير الطرف الآخر أدنى اهتمام، إذ إنها لا تبين للمستفيد جميع تفاصيل عقد القرض، مما يجعله في آخر المطاف غير قادر على استرجاعه، ومن ثم أوضح أن هناك مشكل قانونية في هذا المجال.وقال الخراطي إن شركات الاقتراض أسهمت في استنزاف الطبقة الوسطى والفقيرة، إذ إن القانون غير واضح. وكشف تقرير لوزارة المالية والاقتصاد أن القيمة الإجمالية للقروض الشخصية في المغرب ارتفعت من خمسة مليارات درهم (644 مليون دولار) في العام 1995 إلى 30 مليار درهم في .2007 وارتفعت مستوى التخلف عن أداء مستحقات الديون من97,2 مليار درهم في 2004 إلى 2,4مليار درهم في .2006وأفاد تقرير سابق لبنك المغرب أن القروض الاستهلاكية المقدمة من البنوك ارتفعت بنسبة 43 في المائة بين عامي 2006 و2007 لتصل إلى أكثر من 49 مليار درهم أي بما يعادل 11 في المائة من مجموع القروض المصرفية، في حين بلغت قروض شركات القروض الاستهلاكية أكثر من 33 مليار درهم، مسجلة زيادة قدرها 17 في المائة.وكشف التقرير عن استمرار تضخم ديون الأسر، إذ بلغت مديونيتها الناجمة عن قروض الاستهلاك والقروض الخاصة بالسكن ما مجموعه 120 مليار درهم، أي 28 في المائة من مجموع القروض المقدمة، والتي بلغت 422 مليار درهم.الأستاذ عبد المجيد الوكيلي خطيب جمعة ومستشار في التوجيه التربوي، قال إن الأمر يتعلق بما يعرف بربا النسيئة (ربا آجاله محددة المدة)، وهذا النوع من الربا مستفز للغاية، وفوائده مضاعفة، مما يثقل كاهل المواطن ويلقي به فيما لا يحمد عقباه، والواجب يقتضي المشاركة في إيجاد حلول بديلة لهذه القروض. وأضاف أن هناك العديد من الحلول المقترحة، تتمثل في البيع لأجل من دون فائدة حتى ولو كان البيع بزيادة، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز ثقافة التكافل الإجتماعي بتفعيل دور ومبادرات المنظمات والجمعيات المختصة في هذا الإطار، والرفع من المستوى التوعوي للمواطن وذلك بنشر ثقافة فقه المآلات.