قال عبد القادر برادة أستاذ الاقتصاد الجامعي إلى أن قروض الاستهلاك عرفت ارتفاعا مفرطا، موضحا أن هذه الظاهرة يترتب عنها مديونية مفرطة، والعديد من المشاكل الاجتماعية، وإفلاس العائلات، وإذا كان لهذه القروض بعض النتائج الإيجابية على المدى المتوسط، فإنها تخلق مشاكل على المدى الطول، على اعتبار ارتفاع نسبة فائدتها، مما يعمق من الأزمة المالية للأسرة، حسب برادة، الذي حمل المسؤولية للأبناك لأن بدل أن تمول قطاعات إنتاجية، تساهم في اقتراض المواطنين، لأن تحقق أرباحا كبيرة إزاء هذا التوجه. وارتفعت قيمة قروض الاستهلاك الممنوحة من لدن الأبناك ومؤسسات قروض الاستهلاك المختصة، إلى 2,59 مليار درهم خلال نهاية دجنبر من سنة ,2008 بعدما سجلت 3,50 مليار درهم خلال نفس الفترة من .2007 ووفق الجمعية المهنية لشركات التمويل، فإن عدد ملفات قروض الاستهلاك بلغت ما يناهز 369 ألف، ونسبة القروض لكل مواطن 1620 درهم سنة ,2007 بعدما كانت حوالي 1000 درهم سنة ,2004 وناهزت نسبة هذه القروض من الناتج الداخلي الخام 8 في المائة، ونسبتها من استهلاك الأسر 14 في المائة. واتسم القروض الذاتية بارتفاع خلال السنوات الماضية، لتصل إلى حدود 35 مليار درهم سنة 2008 بعدما سجلت أزيد من 30 مليار درهم سنة ,2007 وتبقى الديون الذاتية في الرتبة الأولى متبوعة بقروض السيارات والقروض الاجتماعية وقروض التجهيز. وحول أسباب ارتفاع هذه القروض، أوضح برادة أن الإشهار يساهم في تشجيع الأفراد على الاقتراض، منتقدا لجوء الأبناء إلى تقديم عروض تسمح بمقتضاها منح قروض حتى للذين لا يتوفرون على حساب بنكي، معتبرا أن بات ضروريا تحديد بعض الضوابط والشروط لكي لا يستفيد الموظف من مجموعة من الشروط، بالإضافة إلى العمل على ألا تتجاوز نسبة الفائدة سقفا محددا. وفيما يتعلق بمديونية الموظفين، كشفت الجمعية أن أزيد من 36 في المائة من موظفي القطاع العام في المغرب استفادو من قروض الاستهلاك، خلال نونبر الماضي، حيث أن 171 ألف موظفا سبق لهم الاستفادة من قرض استهلاكي أو أكثر. وسبق للتقرير أعده بنك المغرب السنة الماضية حول الارتفاع الصاروخي لقروض الاستهلاك بالمغرب والذي أدى إلى إفراط كبير في استدانة الأسر، التأكيد بأن الذين يتقاضون، 4 آلاف درهم، يستأثرون لوحدهم بنسبة48 في المائة من المبلغ الإجمالي للقروض الممنوحة سنة.2007 أما أجراء القطاع الخاص، والموظفون فيمثلون87 في المائة من المستفيدين مقابل4 في المائة من الصناع التقليديين والتجار و3 في المائة من المهن الحرة. ويرى عدد من المحللين أن قروض الاستهلاك سمحت باقتناء السكن والسيارة والأثاث المنزلي، لتساهم في آخر المطاف في انتشار ثقافة الاستهلاك، فضلا على مساهمة ارتفاع الأسعار خلال السنة الماضية في الظاهرة. وتشير المؤشرات سواء لدى بنك المغرب في تقريره السنوي أو من قبل وزارة المالية في دراستها حول وضعية وتطور القروض الاستهلاكية بالمغرب أن قطاع القروض الاستهلاكية يعرف تمركزا واحتكار 65 في المائة من القطاع من قبل 3 شركات القروض الاستهلاكية، بالإضافة إلى أن هذه القروض بدأت تلقي بظلالها لدى الشرائح الاجتماعية الضعيفة، حيث بينت الدراسة التي همت 14 شركة للقروض الاستهلاكية ،أن 62 في المائة من القروض تهم الفئات ذات دخل شهري يقل عن 4000 درهم شهريا، وهذه النسبة كانت في السنة الماضية بحسب بنك المغرب في حدود 54 في المائة. وبات التضخم المستمر لديون الأسر، يشكل خطرا على البنية المالية للأسر، فالتقرير يشير إلى أن الأسر المغربية بلغت مديونيتها الناجمة عن القروض الاستهلاكية والقروض الخاصة بالسكن ما مجموعه 120 مليار درهم أي ما نسبته 28 في المائة من مجموع القروض المقدمة والتي بلغت 422 مليار درهم. وأكد برادة على ضرورة الرفع من الدخل، من أجل الحد من ظاهرة الاستدانة، مؤكدا أن مشكل توزيع الدخل مطروح بحدة، بالإضافة إلى العمل على تنمية الأنشطة المدرة للدخل عبر تمويل القطاعات الإنتاجية، والسماح لأبناك إسلامية لإستثمار في المغرب، على اعتبار أن لها آليات أخرى في التمويل.