شرعت مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج منذ الأسبوع الجاري في إجراءات بعث 89 أستاذ لتدريس أبناء الجالية المغربية بأوروبا اللغة العربية والثقافة المغربية، وسيتوجه كل هؤلاء الأساتذة إلى فرنسا، وحسب توضيحات المؤسسة فإن هذه العملية تحقق هدفين اثنين، أولهما تعويض العديد من الأساتذة الذين استفادوا من المغادرة الطوعية، وسيملأ 63 أستاذاً تم إرسالهم الأماكن الشاغرة للمغادرين، فيما سيعزز الباقون، أي 26 أستاذاً، صفوف الأساتذة المشتغلين بفرنسا لإبقاء الروابط قوية بين أجيال المهاجرين المغاربة باللغة العربية والثقافة المغربية، وللاستجابة للحاجة الكبير لدى المغاربة بتلك الديار لهذا التأطير التربوي. وتندرج هذه العملية ضمن برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لأبناء الجالية بثماني دول أوروبية هي فرنساوبلجيكا وإسبانيا وهولندا وألمانيا وبريطانيا والدانمارك والنرويج، وهو برنامج تشرف عليه المؤسسة بتعاون مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، هدفه الحفاظ على الهوية الثقافية للأطفال المغاربة المقيمين بالخارج، وجعلهم موصولين دائماً بصلات قوية مع موطنهم الأصلي. وينضاف الأساتذة ال 63 إلى ما مجموعه 514 أستاذا موزعين على الدول المذكورة آنفاً، وقد تم انتقاء هؤلاء تبعاً لمباراة بغرض اختيار أفضل العناصر، ومن ضمن المعايير المعتمدة في هذا الاختيار الاستحقاق والكفاءة والتجربة ومعرفة لغة البلد المقصود، وكل أستاذ راغب في المشاركة في برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية عليه استيفاء بعض الشروط وهي: ممارسته بصفة منتظمة لمهام التدريس لمدة 10 سنوات على الأقل، وحمله لشهادة جامعية (سنتان بعد الباكلوريا)، والإلمام بلغة البلد الأوروبي الذي سيتوجه إليه. ويعتبر العمل التربوي والديني والثقافي بؤرة الأنشطة التي تشرف عليها مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين في الخارج منذ تأسيسها سنة .1990 ورغم ما بذل منذ ذلك الوقت إلى الآن من مجهود في سبيل تدريس اللغة العربية فإن حاجيات الجالية وأبنائها أكبر من أن تستوعبها كماً وكيفاً مؤسسة واحدة مهما كانت وسائل عملها، ولهذا انبرت جمعيات لمغاربة في دول أوروبية الأكثر استقطاباً للمهاجرين (فرنسا، بلجيكا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا) إلى تأسيس تكتلات ورابطات من جملة أهدافها تسطير برنامج لتعليم الأجيال الصاعدة التي لم تعرف المغرب قط اللغة العربية والثقافة المغربية، بمقررات تتلاءم والبيئة الثقافية والاجتماعية لدول المهجر بدل مقررات لأناس يعيشون في المغرب ويضعون مضامين لأطفال يعيشون خارجه. تبقى الإشارة إلى أن القضايا التربوية والدينية والثقافية للجالية، ومنها موضوع تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية، ينتظر أن تشهد حضوراً أكبر في النقاشات العمومية داخل الوطن بفعل القرار الملكي القاضي بتمكين الجالية من تمثيلية سياسية في المؤسسة البرلمانية، ومن مجلس أعلى لها لطالما ارتفعت أصوات داخل المغرب وخارجه بالدعوة إليه والتأكيد على ضرورة وجوده لتحقيق اهتمام دائم وعميق بانشغالات الجالية بدل الاهتمام الموسمي المرتبط بموسم العبور كل سنة.