اختتمت مساء الاثنين 13 نونبر 2005 بمدينة وجدة الندوة الدولية حول موضوعمالك بن نبي: مفكر شاهد ومشروع متجدد بمناسبة الذكرى المائوية لميلاد مالك بن نبي. وعرفت الندوة، التي نظمتها جمعية النبراس بوجدة، حضورا وازنا لمفكرين من المغرب وخارجه، عرضوا فكر مالك للمناقشة والتحليل، فضلا عن تقديم شهادات في حقه لمن عايشوه، وأبرزهم الدكتور عبد السلام الهراس من المغرب، وشهادة مكتوبة للأستاذ عمر مسقاوي من لبنان، وشهادة رحمة مالك بن نبي بالصوت والصورة، في حق والدها المفكر. يقول الدكتور إبراهيم رضا في حق مالك ابن نبي: لا غرابة أن نجد من الدارسين للفكر الإسلامي الحديث من يعتبر مالك بن نبي بمثابة ابن خلدون العصر الحديث، وأبرز مفكر عربي عني بالفكر الحضاري منذ ابن خلدون، ومع أنه قد تمثل فلسفات الحضارة الحديثة تمثلا عميقا، واستلهم في أحايين كثيرة أعمال بعض الفلاسفة الغربيين فإن ابن خلدون بالذات يظل أستاذه الأول وملهمه الأكبر ... ومالك نفسه لا يخفي تأثره بفكر ابن خلدون ونظرياته حول العمران البشري، بل أشار إلى ذلك في مواضع شتى من كتبه، كما ذكر ذلك في مذكرات حياته شاهد القرن. وهكذا ظهر مالك بن نبي وكأنه صدى لعلم ابن خلدون، يهمس في وعي الأمة بلغة القرن العشرين، فأظهر أمراض الأمة مع وصف أسباب نهضة المجتمعات، ووضع الاستعمار تحت المجهر؛ فحلل نفسيته، ورصد أساليبه الخبيثة في السيطرة على الأمم المستضعفة، وخاصة المسلمين، ووضع لهم معادلات وقوانين الإقلاع الحضاري. ويبقى المفكر مالك بن نبي شاهدا على عصره، ويبقى مشروعه الحضاري الناضج قابلا للتجدد. يذكر أن المفكر الإسلامي مالك بن نبي من مواليد مدينة قسنطينة في الشرق الجزائري سنة 1905 م، اختار الإقامة في فرنسا وشرع يؤلف، في قضايا العالم الإسلامي كله، فكان سنة 1946 كتابه الظاهرة القرآنية ثم شروط النهضة 1948 ووجهة العالم الإسلامي 1954م. وانتقل إلى القاهرة بعد إعلان الثورة المسلحة في الجزائر سنة 1954م وهناك حظي باحترام، فكتب فكرة الإفريقية الآسيوية .1956 وشرعت أعماله الجادة تتوالى، وبعد استقلال (الجزائر) عاد إلى الوطن، فعين مديراً للتعليم العالي الذي كان محصوراً في (جامعة الجزائر) المركزية، حتى استقال سنة 1967 متفرغاً للكتابة، بادئاً هذه المرحلة بكتابة مذكراته، بعنوان عاممذكرات شاهد القرن. وكتاب(مذكرات شاهد القرن)، صورة عن نضال (مالك بن نبي) الشخصي في طلب العلم والمعرفة أولاً، والبحث في أسباب الهيمنة الأوروبية ونتائجها السلبية المختلفة وسياسة الاحتلال الفرنسي في الجزائر وآثاره، ممّا عكس صورة حية لسلوك المحتلين الفرنسيين أنفسهم في (الجزائر) ونتائج سياستهم، ووجوهها وآثارها المختلفة: الاقتصادية، والثقافية، والاجتماعية. وقد قضى نحبه، رحمه الله في صمت وحصار يوم 31 أكتوبر 1973م.