يشرع آلالاف الفلاحين في هذه الأيام في عملية بذر أراضيهم الزراعية بالأنواع الرئيسة من المزروعات على رأسها الحبوب (القمح الصلب واللين والشعير) والتي تحتل ثلثي الأراضي الفلاحية المزروعة بالمغرب، ولئن كانت الأمطار التي شهدتها بلادنا نهاية الأسبوع الماضي وبداية هذا الأسبوع لم تشمل مناطق فلاحية مهمة كمنطقة سوس المصدر الأول للخضر والفواكه فإن الفلاحين في المناطق الشمالية والوسطى كانوا ينتظرون على أحر من الجمر نزول أولى أمطار الغيث ليبدؤوا عمليات خدمة الأرض، فبعد الحرث وتسميد الأرض بأسمدة العمق (الفوسفاط والبوتاسيوم) يأتي البذر ثم التسميط بالأزوط ثم محاربة الأعشاب الضارة... وتتميز هذه السنة بتأثر الفلاحين بمخلفات حصيلة موسم فلاحي دون المتوسط أقل بما يفوق النصف فيما يخص الحبوب مقارنة مع الموسم الفلاحي 2003 / ,2004 ومما زاد منه موجة الصقيع التي شهدتها بلادنا في فبراير 2005 والتي أتت على 217 ألف هكتار من الأراضي. وبخصوص عوامل الإنتاج لهذه السنة فالملاحظ لجوء الكثير من الفلاحين إلى بذر ما ادخروه من حصاد الموسم الفلاحي المنصرم من حبوب بدل شراء بذور مقتناة، وذلك بسبب غلاء هذه الأخيرة التي تسوقها الدولة عن طريق شركة سوناكوس العمومية في ظل تضرر القدرة الشرائية للفلاحين، إلا أن استعمال حبوب عادية من الموسم الماضي ينقص من مردودية الهكتار الواحد من الأرض الفلاحية. من جهة أخرى، يظل عدم انتظام التساقطات كماً وتوقيتاً على امتداد الدورة الإنباتية للمزروعات أحد المعوقات الموضوعية أمام الفلاحة البورية في المغرب، فعادة من تشهد شهور أكتوبر ونونبر ودجنبر نزول كميات متوسطة من الأمطار أو كثيرة في الشمال الغربي للمغرب، لتتضاءل في بداية السنة وقد تنعدم فيما بعد في شهري فبراير ومارس وهما شهران يعتبر الفلاحون نزول المطر فيهما عاملا حاسما في نضوج حبات القمح والشعير. وارتباطاً بالملف الفلاحي، كشفت نشرة حول الظرفية الاقتصادية عممتها المندوبية السامية للتخطيط أخيراً أن الاقتصاد الوطني عرف خلال النصف الأول من سنة 2005 انخفاضاً في الإنتاج الفلاحي، فقد شهدت القيمة المضافة للقطاع الفلاحي تراجعاً مهماً بلغ قرابة 8ر15 % بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، وذلك نتيجة تقلص المنتج الزراعي من الحبوب والخضروات بالخصوص. وكان وزير الفلاحة والتنمية القروية قد قال في برنامج تلفزي بالقناة الأولى مساء الأربعاء الماضي أن القطاع الفلاحي بالمغرب لا يغطي إلا 50 أو 60 % من الحاجيات الداخلية من الحبوب، في حين يغطي 100 % من الطلب الداخلي على اللحوم، و86 % من الطلب على الحليب ومشتقاته. مضيفاً أن الفلاحة ما تزال تساهم ب 16 % من الناتج الداخلي الوطني، وتشغل زهاء 80 % من اليد العاملة بالوسط القروي، و40 % على الصعيد الوطني.