ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها عبر الهاتف، صديق ورفيق درب الشهيد عبد الله برو، الحسن كوكوس، في حفل عزائه: "بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه أيها الإخوة الأعزاء: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا حبيبنا ويا خير إخوتنا، إنا على فراقك لمحزونون إن الحبيب من الأحباب مختلس لا يمنع الموت بواب ولا حرس فكيف تفرح بالدنيا ولذتها يا من يعد عليه اللفظ والنفس أصبحت يا غافلا في النقص منغمسا وأنت دهرك في اللذات منغمس لا يرحم الموت ذا جهل لغرته ولا الذي كان منه العلم يقتبس يا حبيبنا، كيف تحلو لنا الحياة من بعدك؟ عزاؤنا الوحيد أن الله جلت قدرته قد اختارك إلى جواره شهيدا، اختارك في خير الأيام، وفي خير الشهور، وعلى خير الأعمال: اختارك خالق الموت والحياة سبحانه إلى جوارك يوم الجمعة، وفي العشر الأواخر من رمضان، وأنت تغدو أو تروح لنصرة دينه وإعلاء كلمته (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين). فهنيئا لك ، بشراك اليوم ما عند ربك من المغفرة والرضوان، >لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها<، يا من يعرفه السهل والجبل، والصغير والكبير، بابتسامته الراضية وبطبعه الهادئ، وبخلقه الكريم، يا من كنت تجود بمالك وراحتك ووقتك، ها أنت اليوم تجود بروحك طيبة بها نفسك، وهذه لعمري هي التجارة الرابحة: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تومنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن، ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب، وبشر المؤمنين). (الصف 10 13). يا أخي، ويا حبيبي ويا قرة عيني، أحس الآن بالتقصير والخجل، لأنني لم أتمكن من حضور جنازتك وتوديعك الوداع الأخير، وإن قلبي والله يشهد ليعتصر ألما على ذلك، فمن حقك علي وعلى جميع الإخوان والأخوات أن نقف إجلالا لوفائك، وتقديرا لتضحياتك. إن مصابنا فيك جلل، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشرالصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (البقرة 154 156). فإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم ارحمنا جميعا إذا صرنا إلى ما صار إليه، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله، اللهم ألحقنا به صالحين مصلحين، لا فاتنين ولا مفتونين، ولا ضالين ولا مضلين، ولا مبدلين ولا مغيرين، برحمتك يا الله، برحمتك يا الله، برحمتك يا الله. أيها الإخوة الأعزاء، أوصيكم خيرا بأبناء أخينا الحبيب ، كونوا لهم جميعكم آباء، وأوصيكم خيرا برسالة أخينا الحبيب، أوصيكم خيرا بوفائه، أوصيكم خيرا بإخلاصه، أوصيكم خيرا بتضحياته، فكونوا خير خلف لخير سلف، وأروا الله من أنفسكم خيرا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.