بسم الله الرحمن الرحيم. إنا لله وإنا إليه راجعون، كل شيء هالك إلا وجهه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. أيها الحضور الكريم لقد وارينا التراب أخا من إخواننا وحبيبا من أحبابئنا الأعزاء علينا. يشهد له بالصلاح والاستقامة، وهذا الجمهور الغفير الذي جاء جميعا ليثني عليه، ومن خلف وراء ظهره من النساء والصبيان يعرفونه ويذكرونه ويثنون عليه، وما ذلك بغريب على طبيب دكتور عاش يحب الله ويؤمن به، ويخلص لوطنه، ويخلص لملكه، فرحمة الله تعالى عليه. هذا الفقيد أيها الإخوة الكرام إنما عرفتُ المنطقة من خلاله، وتذكرتها عبر مراحل صداقتنا من خلال تذكري إياه، وكلما تذكرته إلا وتذكرت واحدا من هؤلاء المغاربة الذين يتميزون بالاستقامة والشجاعة وكرم الضيافة، وصِدقِ القول ويتميزون بخدمة الناس، وبالالتصاق بالأرض وبمحبة المساكين، ويتميزون بالبذل وبالزهد في الحياة الدنيا، ولقد أخبرني عنه إخوته أخبارا تليق أن تذكر عن الصالحين، فلله الأمر من قبل ومن بعد. نعم، إننا مكلومون، إننا متألمون، لقد افتقدنا واحدا من أعزائنا، وركيزة من ركائزنا، ولكنه لم يذهب سدى ولم يضع، وقد مات في سبيل الله وهو متوجه إلى مدينة السمارة للقيام بنشاط يتعلق بصلة الرحم، لكن الله أبى إلا أن تسقى صلة الرحم بالشهادة في سبيله (الجماهير الحاضرة تكبر) فتوفى أخوين عزيزين علينا، هذا الذي دفناه هنا بأربعاء مستي، والآخر الذي دفناه في العيون، فلله الأمر من قبل ومن بعد. وإننا لنرجو أن يكون له عند ربنا الحسنى. لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم : إن العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، ونحن نقول: إنا لفراقك يا أخ عبد الله لمحزونون، خَبِّرني وأنا أذكرك وأنا أزور هذه المنطقة وهذه الجبال الشماء، من سيخلفك فينا؟ الله خير وأبقى، ولكن، إنني متأكد أن هذه الجبال المعطاء ستعطي رجالا تلو الرجال يؤمنون بالله ويتمسكون بدينهم ويحبون وطنهم ويفدون ملكهم. ينبغي علينا نحن الذين نعيش في الرباط أن نعلم أن في هذه الجبال والصحاري الشاسعة رجالا صالحين، وكنوزا وأولياء الله ما فتئوا يحمون ظهر الاسلام في الشرق العربي، ويحمون ظهر الاسلام في افريقيا، إنهم يريدون أن يسيئوا إلينا وأن يقطعوا جوارنا ويفسدوا بيننا وبين إخواننا في المشرق، لكن الله سبحانه وتعالى سينصرنا، بما بث في هذا الشعب من المحبة والتواصل والثقة والإيمان والاستقرار، والالتفاف حول الملك الشاب. نسأل الله تعالى الذي يعلم جهرنا وسرنا أن يرحم أخانا ، ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم نسألك أن تبدل له دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله. اللهم إنا نسألك أن تجازي كل من حضر هذه الجنازة ومن أتى إليها بأقدامه خيرا، اللهم إنا نسألك أن توفق ملكنا في ما تحب وترضى وأن تحفظه بحفظك الجميل، وأن تنصره بنصرك العزيز، وتوفقه لما تحب وترضى، ونسألك أن تحفظ بلدنا واستقرارنا، وأن تحفظ وحدتنا وأن تحفظ طمأنينتنا وأمننا، يا رب أخونا توفيته في رمضان، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، فإنا مطمئنون إن شاء الله أنك أعتقت رقبته من النار، فاعتق يا رب رقبته ورقاب المومنين من النار، وإنا نسألك أن ترحمه وتغفر له هو وأخونا الذي دفناه في العيون، وسائر شهداء الوحدة وأن ترحمهم. اللهم يا رب اغفر لهم جميعا وارحمهم جميعا، اللهم يا رب أحينا طيبين بعدهم، اللهم أحينا صالحين بعدهم، اللهم كن لنا يوم نصير إلى ما صاروا إليه.