ترأس أميرالمؤمنين جلالة الملك محمد السادس يوم الثلاثاء الماضي بالقصر الملكي بالدارالبيضاء درسا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية. وقد ألقى الدرس الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهرالشريف حول موضوع المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف انطلاقا من الحديث الشريف الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لوأني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدرالله وماشاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. وأوضح الشيخ طنطاوي في بداية هذا الدرس أن العلماء المسلمين يعتبرون هذا الحديث النبوي من جوامع كلام النبي صلى الله عليه وسلم، مبرزا أن لفظ القوة تكرر في القرآن أكثر من ثلاثين مرة. وأشارإلى أن المتدبر لكتاب الله يلاحظ أنه يتحدث عن القوة الحسية وكذلك القوة المعنوية والروحية، مضيفا أن هذه الأخيرة تشمل أساسا الثبات على العقيدة والنطق والدفاع عن الحق والتزام العدل . وشدد شيخ الأزهر الشريف على أن القوة الروحية تشمل أيضا القوة في أداء العمل الذي أحله الله من خلال التزام الإتقان والابتعاد عن الغش والخداع والقوة في تحصيل العلم النافع. وبعد أن ذكرأن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب أروع الأمثلة في القوتين الحسية والمعنوية، وهو ما جسده ثبوته صلى وعليه وسلم على مبدأ تبليغ الرسالة السماوية، استعرض الشيخ طنطاوي في هذا الإطارالصور التراتبية للقوة، وقال إنها في أكمل صورها تعتبرصفة من صفات الله عز وجل، كما جاء في الآية الكريمة إن ربك هو القوي العزيز والقوة الأمينة، صفة من صفات جبريل عليه السلام، والقوة العادلة صفة من صفات الرسل، والقوة السديدة الحكيمة من صفات الأخيار من عباد الله ووسيلة للإقرار ونصرة الحق، ونموذجها في القرآن الكريم قصة ذي القرنين. وذكرالأستاذ المحاضر بأن شريعة الإسلام تمدح القوة السديدة العادلة وتستعيذ في المقابل من كل صور الضعف والعجز، لذلك أمرالله عباده - يقول سيد طنطاوي- بالتسلح ب القوة النافعة- المتمثلة في جميع ميادين العلم والمعرفة من أجل الدفاع عن الحق وكرامة الإنسان ضد الظلم والبغي مصداقا لقوله تعالى:( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة). وأبرز أن أساس القوة العادلة في الاسلام هو التزام الفضائل وأداء الطاعات والتحلي بالطيبات وأن تكون بناءة لمواجهة الباطل والظلم . وخلص شيخ الأزهر إلى أن علماء المسلمين استخلصوا من هذا الحديث عدة حكم تتمثل أساسا في أن القوة تكمن في استهداف إحلال الحق ونصرته وإباحة المفاضلة بين المؤمن الضعيف والقوي، بهدف حض المؤمن الضعيف للأخذ بأسباب القوة بالإضافة إلى حث المؤمن على النفع والاستعانة بالله في مباشرة الأعمال.