أقدمت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي أخيرا، على إلغاء دليل المدرس الذي يكون مصاحبا للكتاب المدرسي، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات لدى الفاعلين التربويين، خاصة مع استفادة واسعة لهيئة المفتشين من المغادرة الطوعية، وهي مشاكل انضافت إلى أخرى في قطاع التربية الوطنية، مثل التوقيت المستمر ومشاكل الحركة الانتقالية، الشيء الذي يؤشر على دخول اجتماعي ساخن خلال السنة الدراسية المقبلة. وفي تصريح لالتجديد، قال الدكتور خالد الصمدي خبير تربوي إن إلغاء دليل المدرس من لدن الوزارة، الذي يكون موجها للهيئة التربوية في تعاملها مع الكتاب المدرسي، يطرح على الوزارة ضرورة التسريع ببرمجة وتفعيل التكوين المستمر، الذي اعتبره ميثاق التربية والتكوين من الدعامات الأساسية في الإصلاح، وأضاف الصمدي أن الإلغاء يبرر التساؤل حول الأسباب الكامنة وراء تراجع الوزارة عن الدليل المذكور، خاصة وأن هيئة التدريس تشكو من غياب التكوين والتكوين المستمر، وأوضح الصمدي، أن مشاكل التأطير التربوي ستتعمق أكثر، تبعا للاستفادة الواسعة لهيئة المفتشين من المغادرة الطوعية، مما سينعكس على الجودة في العملية التربوية، مشيرا إلى أن خيارات الوزارة في حل المشكل تبقى ضيقة، وأشار المتحدث نفسه إلى أن الوزارة تعرف تخبطا وارتباكا واضحا في تدبير ملف التعليم ككل. في الاتجاه نفسه، قال سعيد مندريس عن المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن تراجع الوزارة عن دليل المدرس سيكون له تأثير سلبي على مفهوم الجودة والتأهيل، التي تشكل ركيزة أساسية في عملية الاصلاح التربوي، وأكد مندريس على أن غياب الدليل المذكور سيجعل هيئة التدريس رهينة البيداغوجية القديمة، وغير قادرة على استيعاب منطق العملية التربوية الجديدة، التي تتطلب من الوزارة تفعيل التكوين المستمر للهيئة التربوية، أو إيجاد بديل آخر يضبط إيقاع العلاقة بين أطراف العملية التربوية. وأشار مندريس إلى أن الدخول المدرسي المقبل يلفه نوع من الغموض والارتباك، بفعل الاختلالات الاجتماعية الناتجة عن التوقيت المستمر و كذا مشكل التحاق الأزواج، وأوضح المتحدث نفسه، أن الوزارة الوصية لم تستطع رغم الوعود التي قدمتها، توفير صيغة ملائمة لضبط التوقيت التربوي في علاقته مع التوقيت الإداري، الأمر الذي ينذر، يقول النقابي، بتوترات اجتماعية ساخنة، سيكون ضحيتها الأبناء والآباء. من جهة أخرى، وحول الموضوع نفسه، قررت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خوض وقفة أمام وزارة تحديث القطاعات العامة يوم الأربعاء 7 شتنبر القادم احتجاجا على الصيغة الحالية التي اعتمدت في التوقيت المستمر، ودفع الوزارة إلى التفاوض حول الصيغة الملائمة وتوفير الإجراءات الكفيلة بإنجاح التوقيت المذكور، نظرا للصعوبات التي يطرحها، خاصة وأنه لا يشمل قطاع التعليم، فضلا عن انعدام التجهيزات والمرافق الخاصة المدعمة، للتخفيف من التحملات المادية المثقلة لكاهل الأسر. وحول مشكل التحاق الأزواج طالبت النقابات الأربع العاملة في قطاع التعليم وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي بفتح حركة استثنائية في بداية شتنبر المقبل أمام نساء ورجال التعليم وذلك لتدارك الهفوات التي وقعت أثناء الحركة الانتقالية العادية التي تمت في ماي الماضي، لاسيما أمام الملفات الاستعجالية وكذلك تلك الخاصة بالالتحاق بالأزواج. في هذا السياق أشار عبد الله عطاش نائب رئيس النقابة الوطنية لموظفي التعليم التابعة للاتحاد الوطني للشغل أنه منذ سنتين قام وزير التربية الوطنية الحالي بالغاء الحركة الاستثنائية التي كانت تقام مع بداية كل موسم دراسي بدعوى أن تلك الانتقالات كانت تشوبها خروقات واتهامات متبادلة بين مختلف المتدخلين، وأبرز عطاش في تصريح ل "التجديد" أن الحركة الانتقالية لهذه السنة لم تأخذبعين الاعتبار مختلف التحولات التي تعرفها الساحة الوطنية لاسيما معطى المغادرة الطوعية التي استفاد منها حوالي10ألاف موظف من وزارة التربية الوطنية ، منوها أن الحركة الانتقالية لهاته السنة لم يستفد منها سوى 7% من المطالبين بها . وطالب عطاش وزارة التربية الوطنية بالعدول عن سياسة الهروب إلى الأمام والاستجابة لمطالب الشريحة التعليمية، ومنها ضرورة فتح ملف الحركة الانتقالية من جديد. من جانب آخر أكد عطاش أن سير العملية التربوية خلال موسم 2006 سيعرف ارتباكا كبيرا، خاصة أن الخصاص المسجل في عدد الموظفين بالوزارة بفعل عملية المغادرة الطوعية يقدرب 17394موظفا، ومن المنتظر أن يبلغ الخصاص برسم الموسم الدراسي2007 حوالي 22274 موظفا ثلثا العدد من رجال التعليم. من جانبه، اعتبر أحمد حرباشي الكاتب العام للهيئة الوطنية للتعليم أن وزارة التربية الوطنية لم تقدم جديدا بخصوص ملف أساتذة التعليم الاعدادي منذ التوقيع في ماي الماضي على اتفاق الحل بين النقابات الخمس الأكثر تمثيلية والوزارة المعنية بحضور الوزير الأول. وأبرز حرباشي في تصريح ل"التجديد" أن مطالب أساتدة التعليم الإعدادي مازالت بعد لم تعرف طريقها إلى الحل، ومنها ترقية الأساتدة الذين وظفوا خلال الفترة الممتدة بين1971و1986, تم الاستجابة لمطلب خارج السلم، إضافة إلى حل مشكل المجازين، وفتح مركز لتكوين المفتشين بالنسبة للطور الاعدادي. وعن ملف الحركة الانتقالية قال حرباشي السياسة الحالية المتبعة من طرف وزارة التربية الوطنية يغيب فيها الحوار مع مختلف المتدخلين في السيرورة التعليمية، وهو ما يؤدي في الغالب إلى الاحتقان وبالتالي تصبح الاستراتيجية التعليمية معاقة وغير مؤدية لأدوارها الحضارية والعلمية. أما علال بلعربي الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل فأوضح أن أزمة قطاع التعليم بالمغرب يجب أن تتجاوز سياسة الترقيع. فالمطلوب هو العمل على إصلاح المنظومة التعليمية في شموليتها، وإعادة الحياة إلى المدرسة العمومية التي تعاني حاليا من الضعف والاستنزاف. في هذا الإطار طالب بلعربي ب ضرورة تنمية الموارد البشرية، وإعادة تأهيل المدرسة العمومية بما يكفل التأطير التربوي للتلاميذ وغرس القيم الحضارية والانسانية. وطالب بلعربي بعقد مناظرة وطنية لتقييم خمس سنوات من تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين، من أجل إعادة تعبئة الطاقات الوطنية للخروج من الدائرة المفرغة التي أصبحت تدور فيها المنظومة التعليمية المغربية بكل أبعادها.