قوام كل أمة رجالها، ورأسمالها شبابها، والمجتمع المغربي ولله الحمد مجتمع قاعدة الشباب في هرمه السكاني عريضة، وهو ما يثلج الصدر ويجعلنا نتمنى لمغربنا كل التقدم والازدهار، ويجعلنا ننتظر من هذه السواعد الشابة أن تكمل مشوار الأسلاف، وتحمل مشعل بناء الوطن. وإذا كانت بلادنا بفضل الله تعالى تزخر بثروات طبيعية ومعدنية نفيسة، منها ما تتميز به عن سائر دول المعمور، فإن أهم ثرواتها هم هؤلاء الشباب وهذه السواعد الفتية والعقول الطرية، وقد أثبت العديد من الشباب المغاربة نبوغهم في كثير من الميادين العلمية والأدبية وغيرها. إلا أن كل هذا لا يجوز أن يعمي أبصارنا عما يتهدد هذه الثروة وهذا المنجم البشري من آفات وأخطار، ومنها ما يقع تحت سمع وأبصار المسؤولين والمربين والآباء. فهذه مدارسنا وثانوياتنا وكلياتنا قد غزتها القيم الغربية الدخيلة علينا، وهذا الانحلال الخلقي قد استحكم في الكثير من شبابنا وشاباتنا حتى أصبح مقبولا وعاديا أن يتعانقوا في الطرقات، ويخلو بعضهم ببعض لاختلاس الحرام والمنكرات، وهذه المخدرات تنخر رجال المستقبل وتحكم حولهم الطوق وتهوي بهم في ظلمات الضياع، فأصبحت لا تجد فصلا دراسيا يخلو من مدخنين، وشيئا فشيئا تسقط سواعد المستقبل في يد شبكات التدمير والتقتيل البطيء. ولا شك أن ما سبق هو الذي دفع المسؤولين في ثانوية عمر الخيام بالرباط، بتعاون مع مركز تكوين المعلمين والمعلمات، إلى تنظيم نشاط للتحسيس بخطورة التدخين، وهي بادرة يجدر بكل مؤسساتنا التعليمية والجامعية أن تنظم مثلها، وأن تنتبه وتنبه إلى المخاطر التي تترصد ثروتنا الشبابية، وإلا فإن سفينتنا سيتسع خرقها وتغرق، فلنعد لها أذن شبابا قادرا على قيادتها وسط أمواج المستقبل، التي ولا شك ستزداد شدة تلاطمها.