أكد الملك محمد السادس يوم الأربعاء 30 يوليوز 2008 في خطاب االعرش أنه يتعين توطيد المكانة المركزية لمؤسسة الأ سرة وتعزيز دينامية المجتمع المدني وفعالياته المسؤولة للنهوض بالتكافل الاجتماعي والمواطنة التضامنية، في تشبث دائم بقيمنا العريقة الدينية والثقافية القائمة على الاعتدال والوسطية. و أبرز الملك محمد السادس إرادته الراسخة في ضرورة أن يكون الهدف الإستراتيجي لكافة السياسات العمومية هوتوسيع الطبقة الوسطى لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإ نتاج والإ بداع . وقال في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة تخليد الذكرى التاسعة لتربعه على العرش ،إنه عازم على جعل الفئات الوسطى مرتكز المجتمع المتوازن الذي نعمل على بلوغه، مجتمع منفتح، لا انغلاق فيه ولا إقصاء ، مجتمع تتضامن فئاته الميسورة باستثماراتها المنتجة ومبادراتها المواطنة وما تدره من شغل نافع، مع غيرها، في المجهود الوطني الجماعي، للنهوض بأوضاع الفئات المعوزة وتمكينها من أسباب المواطنة الكريمة، وأكد أن تحديات مغرب اليوم،لا يمكن رفعها بوصفات جاهزة أو بإجراءات ترقيعية أو مسكنة أو بالترويج لمقولات ديماغوجية ترهن الحاضر بالهروب إلى مستقبل نظري موهوم. وأضاف أن أساس نجاح أي إصلاح يكمن فيترسيخ الثقة والمصداقية والتحلي بالأمل والعمل والاجتهاد وعدم الانسياق لنزوعات التيئيس والتشكيك والعدمية خاصة في الظروف الصعبة، مبينا أنه مهما كانت محدودية النتائج الآنية، فإن المبادرة والمثابرة والنفس الطويل، يجب أن تكون عماد تدبير الشأن العام. وفيما يلي النص الكامل للخطاب الملكي : الحمد لله, والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه . شعبي العزيز, لقد حرصت, منذ توليت أمانة قيادتك, على أن أجعل من خطاب العرش محطة لترسيخ الخيارات الكبرى, واستشراف التوجهات المستقبلية, التي نسهر دائماً على بلورتها, بروح الثقة, وبعد النظر, والإ رادة القوية, في وفاء للبيعة , بما تقوم عليه من التزامات متبادلة بين العرش والشعب. وكما عهدتني, فقد ارتأيت أن أجعل من هذه المناسبة, فرصة لمشاطرتك الصادقة الا نشغال العميق بإيجاد أنجع السبل لتجسيد إرادتنا الراسخة في توفير العيش الكريم لكل أبناء وطننا العزيز. وبنفس الحزم, أريد أن أجعل من خطابي لك اليوم, وقفة مسؤولة للإ جابة على التحديات والرهانات المطروحة على بلادنا, وذلك في سياق ظرفية دولية صعبة, مطبوعة بتقلبات الا قتصاد العالمي, غير المسبوقة, والمتمثلة في الا رتفاع المهول لأسعار الطاقة والمواد الغذائية الأ ساسية , وتراجع النشاط الا قتصادي, في العديد من البلدان ولاسيما المتقدمة منها. وهو ما كان له تداعيات على القدرة الشرائية للفئات المعوزة والمتوسطة وعلى اقتصادنا على غرار كافة بلدان المعمور. وقد استطاع بلدنا, ولله الحمد, مواجهة هذه الإ كراهات, وذلك بفضل نجاعة الأوراش والإ صلاحات التنموية التي نقودها, والتي بدأت تعطي ثمارها, وهو ما مكن نسيجنا الا قتصادي والا جتماعي, من التصدي لصعوبات المحيط الجهوي والدولي. وقد تجلى ذلك, في مواصلة المغرب لتقدمه بخطى ثابتة لتوطيد البناء الديمقراطي وإنجاز التنمية الا قتصادية والا جتماعية, من خلال الحفاظ على توازناته الما كرو- اقتصادية والمالية وخلق أقطاب جهوية للتنمية, وتقوية قدراته على خلق فرص الشغل وتحسن المؤشرات الا جتماعية. ومهما كان تحسن هذه المؤشرات, فإنه لا ينبغي أن يحجب عنا أن الطريق ما يزال شاقاً وطويلا لتحقيق طموحنا الكبير في الرفع من معدلا ت التشغيل باعتباره يشكل الحماية الا جتماعية الحقيقية لمواطنينا ولشبابنا على الخصوص. ولن يتأتى ذلك, إلا بالرفع من وتيرة النمو والتوزيع العادل لثماره وتحرير المبادرات الخلا قة المدرة للثروات ولفرص العمل. كما يتعين توطيد المكانة المركزية لمؤسسة الأ سرة وتعزيز دينامية المجتمع المدني وفعالياته المسؤولة للنهوض بالتكافل الاجتماعي والمواطنة التضامنية, في تشبث دائم بقيمنا العريقة الدينية والثقافية القائمة على الاعتدال والوسطية. لذا, نؤكد إرادتنا الراسخة, في ضرورة أن يكون الهدف الإستراتيجي لكافة السياسات العمومية, هو توسيع الطبقة الوسطى , لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإ نتاج والإ بداع. وإن عزمنا لوطيد على جعل الفئات الوسطى, مرتكز المجتمع المتوازن, الذي نعمل على بلوغه, مجتمع منفتح لا انغلاق فيه ولا إقصاء, مجتمع تتضامن فئاته الميسورة, باستثماراتها المنتجة ومبادراتها المواطنة وما تدره من شغل نافع, مع غيرها, في المجهود الوطني الجماعي للنهوض بأوضاع الفئات المعوزة وتمكينها من أسباب المواطنة الكريمة. شعبي العزيز, مهما كانت أهمية الإ صلاحات والأ وراش الكبرى, فلن تعطي ثمارها كاملة إلا بتسريع وتيرة النمو لتواكب الحاجيات المتزايدة , وهو ما يقتضي الحسم في الخيارات المطروحة. فهل نكتفي بحلول ظرفية محدودة الأ ثر ؟ أم نواصل خياراتنا الا ستراتيجية التي يتعين مضاعفة الجهود لإ نضاج وجني ثمارها ؟ كلا. فتحديات مغرب اليوم, لا يمكن رفعها بوصفات جاهزة أو بإجراءات ترقيعية أو مسكنة أو بالترويج لمقولات ديماغوجية ترهن الحاضر بالهروب إلى مستقبل نظري موهوم. إن أساس نجاح أي إصلاح, يكمن في ترسيخ الثقة والمصداقية والتحلي بالأمل والعمل والا جتهاد, وعدم الا نسياق لنزوعات التيئيس والتشكيك والعدمية, خاصة في الظروف الصعبة . ومهما كانت محدودية النتائج الآ نية, فإن المبادرة والمثابرة والنفس الطويل, يجب أن تكون عماد تدبير الشأن العام. لذا, نهجنا, بكل وثوق, خيار التنمية الهيكلية والبشرية, في حرص على توازن مسارها الشاق والطويل, بحيث لا تتم التضحية بمستقبل البلاد وأجيالها الصاعدة لفائدة اعتبارات آنية أو ظرفية. ولا مجال لعدم تلبية حاجيات ملحة, باسم نظرة قد تكون بعيدة المدى, ولكنها تتجاهل الواقع المعيش. ومن ثمة, كان عملنا الدؤوب, على تحقيق تنمية مستدامة. تسير على سكتين متكاملتين. فمن جهة, نحرص على إنجاز الأ وراش التنموية الكبرى, وبموازاة ذلك, وعلما منا بأنها لا تعطي ثمارها في الأ مد المنظور, نعمل بمواكبتها, بتحسين المعيش اليومي الملح للمواطن بالبرامج المحلية لمحاربة الفقر والهشاشة. وهو ما نعمل على بلوغه بجعل تحرير المبادرات وتعبئة الطاقات, قوام المشاريع المندمجة والملموسة, لمبادرتنا الوطنية للتنمية البشرية, مؤكدين تعهدها بالوقوف الميداني والتقويم المستمر, لتوطيد المكاسب والتصدي لمكامن الخلل, غايتنا المثلى وضع الإنسان في صلب عملية التنمية, في مغرب نريد أن تكون موارده البشرية ثروته الأساسية. شعبي العزيز, إن النهج القويم للإصلاح يرتكز على ترسيخ ثقة المواطن في سيادة القانون والأمن القضائي. ومن هنا, نحرص على مواصلة تحديث جهاز القضاء وصيانة استقلاله وتخليقه, ليس فقط لإحقاق الحقوق ورفع المظالم , وإنما أيضاً لتوفير مناخ الثقة والأمن القضائي, كمحفزين على التنمية والاستثمار. لذا نجدد التأكيد, على جعل الإصلاح الشامل للقضاء في صدارة أوراشنا الإصلاحية. ولهذه الغاية, ندعو حكومتنا للا نكباب على بلورة مخطط مضبوط للإصلاح العميق للقضاء, ينبثق من حوار بناء وانفتاح واسع على جميع الفعاليات المؤهلة المعنية, مؤكدين, بصفتنا ضامنا لاستقلال القضاء, حرصنا على التفعيل الأمثل لهذا المخطط, من أجل بلوغ ما نتوخاه للقضاء من تحديث ونجاعة, في إطار من النزاهة والتجرد والمسؤولية. إن ثقتنا في الهيآت والمؤسسات السياسية, يجب أن تدعمها ثقتنا في الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. لذا, فإننا عازمون على إقامة المؤسسة الدستورية, للمجلس الاقتصادي والاجتماعي, حرصا منا على ضمان مشاركتهم, ضمن إطار مؤسسي, في اقتراح السياسات الاقتصادية والاجتماعية, وفي إيجاد هيأة دائمة للحوار الاجتماعي المسؤول. ولدعم قرب السلطات العمومية من الحاجيات الحقيقية للمواطن, وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها له الإدارة والمجالس المنتخبة, ندعو الحكومة لاعتماد نهج للحكامة الترابية المحلية, يقوم على النهوض باللامركزية والجهوية الموسعة, بالإسراع باللاتمركز. ومهما كان عمق الإصلاح المؤسسي, فإن نجاحه رهين بتعزيزه بإصلاحات هيكلية أو مكملة, نرفع بها من قوتنا الاقتصادية والاجتماعية, بالنهوض بالقطاعات الأساسية للتعليم والفلاحة والطاقة والماء والنمو الصناعي. وإذا كنا قد وضعنا التعليم في صدارة هذه القطاعات, فلأننا نعتبره المحك الحقيقي لأي إصلاح عميق. ولكي يأخذ إصلاح منظومتنا التربوية سرعته القصوى, ووجهته الصحيحة, ندعو الحكومة لحسن تفعيل المخطط الاستعجالي. وسنحرص على ألا يخلف المغرب موعده مع هذا الإصلاح المصيري. لذلك على الجميع أن ينخرط فيه بقوة. فظروف النجاح متوفرة, من إرادة حازمة لجلالتنا وتعبئة جماعية لكل المؤسسات والسلطات والفاعلين والتنظيمات, هدفنا الجماعي, إعادة الاعتبار وترسيخ الثقة في المدرسة العمومية المغربية, كمؤسسة للتنشئة الجماعية على قيم المواطنة الملتزمة وتكريس تكافؤ الفرص. وفي سياق هذه الإصلاحات العميقة, نؤكد الأهمية المركزية لإصلاح وتحديث الفلاحة, فهي بالنسبة لنا, لا تشكل قطاعا اقتصاديا واعدا فحسب, وإنما هي أيضا, أحد المقومات الأساسية لهويتنا الحضارية المتميزة بارتباط المغربي بالأرض. ومن هذا المنظور, بادرت الحكومة لبلورة توجيهاتنا لإصلاحها, من خلال استراتيجية تهدف إلى تحديثها وعقلنة تدبيرها لكسب رهان الإنتاجية والتنافسية والأمن الغذائي. وإننا ننتظر من الحكومة تفعيل ما نريده من إطلا ق مسيرة فلاحية واعدة, بنهج مقاربة تشاورية, إدماجية وتشاركية, وبتمكينها من كافة الوسائل اللازمة للنجاح. ولأن الفلا حة مرتبطة بالماء, فنحن مدعوون جميعاً, أكثر من أي وقت مضى, لاستشعار ما يواجه بلادنا في المستقبل من صعوبات حقيقية في مجال تدبير ثروته المائية قد تعيق بثقلها كل مشاريع التنمية البشرية والا قتصادية. إن المغرب يواجه تحدي تدبير تزايد الطلب على الماء وتعاقب فترات الجفاف وتقلص مخزون المياه الجوفية والتبذير اللامسؤول لهذه الثروة الحيوية, لذا, فإن اعتماد استراتيجية مضبوطة لرفع هذا التحدي, بات أمراً حتمياً. ومن ثم, فإننا سنواصل تعبئة وتخزين المياه وتوسيع دائرة الاستفادة من الماء الشروب, لا سيما داخل العالم القروي. كما ندعو إلى انبثاق وعي وطني حضاري, في اقتصاد استعمال الماء. باعتباره موردا طبيعيا ثمينا. وكذلك الشأن بالنسبة لما يواجه المغرب من تحديات في قطاع الطاقة, إذ يتعين علينا أن نتكيف, من الآن فصاعدا, مع تحولاته العالمية العميقة, المتوجهة نحو الاستفحال. لذلك ينبغي انتهاج سياسة تجمع بين التدبير العقلاني للمنتوجات الطاقية وبين اعتماد استراتيجية ناجعة للاقتصاد في الاستهلا ك, دون المس بالإ نتاجية, وانتهاج حماية وتنويع المصادر الطاقية. ولا خيار للمغرب أمام ضرورة الرفع من قدرته على الإ نتاج المحلي للطاقة, وفتح المجال أمام الاستثمارات الواعدة بتوفيرها, وتكريس الجهود لجعل الطاقات البديلة والمتجددة عمادا للسياسة الوطنية في هذا القطاع. ونغتنم هذه المناسبة, للإشادة بكل حرارة, بالدعم الأخوي والتضامن الفعال لأخوينا الأعزين الأ كرمين, خادم الحرمين الشريفين, الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود, عاهل المملكة العربية السعودية, وصاحب السمو, الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان, رئيس دولة الإ مارات العربية المتحدة. وقد رصدنا هبة هذين البلدين الشقيقين ومساهمة صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية, للصندوق الخاص الذي أحدثناه لتنمية الطاقات لدعم البرامج الملتزمة بالنجاعة في اقتصاد الطاقة, وكذا تشجيع المستثمرين على استعمال الطاقات البديلة والمتجددة. وبموازاة ذلك, ندعو الحكومة إلى اعتماد استراتيجية جديدة في المجال الصناعي والخدماتي وتنمية تكنولوجيات العصر, تقوم على الاستغلال الأمثل لما تتيحه العولمة من فرص تدفق الاستثمار, وتهدف إلى تقوية المقاولة المغربية وتشجيع الاستثمار الصناعي الحامل للقيمة المضافة, وفتح المجال أمام الاقتصاد الوطني, لاقتحام أنشطة صناعية جديدة ذات تقنيات مبتكرة, وأسواق واعدة, لتصدير منتوجاتها وخدماتها. فعزمنا يوازي طموحنا, لإدماج المغرب بمقاولاته وجامعاته, في الاقتصاد العالمي للمعرفة. شعبي العزيز, تظل أسبقية الأسبقيات, هي تحصين الوحدة الترابية للمملكة. وقد أسفرت الجهود الدؤوبة لدبلوماسيتنا المقدامة, عن تطور إيجابي جوهري, تجسد في تأكيد الإقرار الأممي بجدية ومصداقية مبادرتنا الشجاعة للحكم الذاتي, والدعم الدولي المتنامي لأحقية المملكة في سيادتها على صحرائها, وبعدم واقعية وهم الانفصال. وعلى هذا الأساس, والتزاما بقرار مجلس الأ من1813 , فإننا نجدد استعداد المغرب للتفاوض الجوهري, بحسن نية وعلى كافة المستويات, لإيجاد حل سياسي, توافقي ونهائي, لهذا النزاع الذي طال أمده. وفي هذا الصدد, نؤكد الإ رادة الراسخة للمغرب في مواصلة نهج اليد الممدودة, بهدف إصلا ح ذات البين وترسيخ الثقة, بالحوار والمصالحة الشاملة, مع الأ طراف المعنية. ولهذه الغاية, فإننا سنواصل اتخاذ المبادرات الصادقة, والتجاوب مع كل الإرادات الحسنة, من أجل تطبيع العلا قات المغربية- الجزائرية, وإقامة شراكة بناءة مع هذا البلد الجار الشقيق, منطلقنا الوفاء لروابط حسن الجوار بين شعبينا الشقيقين. هدفنا الأسمى, التجاوب مع طموحات الأجيال الصاعدة. لتسخير طاقات الشعبين الشقيقين, المغربي والجزائري, لرفع التحديات الحقيقية للتنمية والتكامل, بدل هدرها في متاهات نزاع موروث عن عهد متجاوز يعود إلى القرن الماضي. ومهما كان اختلا ف وجهات النظر في هذا النزاع, فإنه لا يبرر استمرار إغلاق الحدود, كإجراء أحادي يعيشه الشعبان الجاران الشقيقان, كعقاب جماعي يتنافى مع أواصر أخوتهما التاريخية ومستقبلهما المشترك ومع مستلزمات الا ندماج المغاربي. وبنفس الحزم, نؤكد رفض المغرب لأي محاولة لفرض الأ مر الواقع أو المس بحوزة التراب الوطني. وفي هذا السياق, نشيد بالتجند الدائم لقواتنا المسلحة الملكية والدرك الملكي والأ من الوطني والإ دارة الترابية والقوات المساعدة والوقاية المدنية, بقيادتنا, في التحام مع الشعب المغربي, لصيانة الأ من والاستقرار والنظام العام والدفاع عن حوزة الوطن. وسنواصل المجهود التنموي الجبار, لفائدة مواطنينا المرابطين بالصحراء المغربية والعمل على توفير ظروف العودة الحرة لإ خواننا الصحراويين المغتربين حيثما كانوا ورفع المعاناة عنهم وضمان الحياة الآ منة الكريمة لهم, في أحضان الوطن الموحد, وفي نطاق اتحاد مغاربي مندمج بين دوله الخمس, وفي ذلك استجابة لمنطق العصر, بتكتل بلداننا في تجمع يشكل قطبا قويا للأمن والا ستقرار والتقدم والا زدهار, وشريكا فاعلا لتجمعات أوسع. وهو ما سنواصل العمل من أجله, في فضاءاتنا الجهوية والدولية, تضامنا عربيا-إسلاميا ناجعا, ووضعا متقدما مع أوروبا, واتحادا واعدا من أجل المتوسط , واندماجا إفريقيا إيجابيا. ومع جوارنا من بلدان الساحل, وشراكة بناءة مع دول الشمال, وتعاونا مثمرا بين أقطار الجنوب. وفي هذا السياق, نجدد التزامنا الجهوي والعالمي بمواجهة عصابات الإ رهاب ونزوعات التطرف المقيت, وكذا إسهامنا الصادق في الجهود الأ ممية لفض النزاعات, وإخماد بؤر التوتر بالطرق السلمية, مؤكدين, بصفتنا رئيسا للجنة القدس, دعمنا لوحدة الشعب الفلسطيني الشقيق ولكفاحه السلمي من أجل إقامة دولته المستقلة, وعاصمتها القدس الشريف. وسنظل مدافعين عن سيادة الدول ووحدتها الوطنية والترابية, في سوريا ولبنان والعراق والسودان والصومال وحيثما كانت مهددة أو مغتصبة. شعبي العزيز, مهما تكن شمولية وأهمية أي إصلاح تنموي عميق, فإنه سيظل محدود الأ ثر إذا لم يعزز بمواصلة التأهيل السياسي الشامل والمشاركة المواطنة في إنجازه الجماعي. وهو ما يجعلنا أكثر وثوقا, في تعميق الديمقراطية, بانتظام الاستحقاقات الانتخابية وتكريس شفافيتها ونزاهتها من قبل كل الفاعلين, وتشكيل الحكومة على أساس نتائج الا قتراع. بيد أن النجاح في الا ستحقاقات, يلقي على عاتق الفاعلين مسؤولية استخلا ص الدروس من بعض الفجوات. لذا, نؤكد على ضرورة المساهمة الفعالة للهيآت السياسية الجادة في حمل مشعل الإ صلاح والتحديث وانبثاق مشهد سياسي معقلن, بأحزاب قوية, متكتلة في أقطاب متجانسة, تنهض بدورها الدستوري في التأطير الناجع, والتمثيل الملتزم والتنافس الانتخابي الحر, على حسن تدبير الشأن العام. وسأظل, شعبي العزيز, كما عهدتني, ملكا لجميع المغاربة, على اختلاف مكوناتهم, ورمزا لوحدة الأ مة, ومؤتمنا على سيادة المملكة وحوزتها الترابية, وضامنا لحقوق الأ فراد والجماعات. فملكيتنا المواطنة, تاج فوق رؤوس كل المغاربة, في التزام دستوري عميق ووفاء متبادل, لعقد البيعة الوثيق وللأرواح الطاهرة لبناة صرح الدولة المغربية العريقة, وفي طليعتهم جدنا ووالدنا المنعمان, جلالة الملكين محمد الخامس والحسن الثاني, خلد الله في الصالحات ذكراهما. ربنا آتنا من لدنك رحمة, وهيئ لنا من أمرنا رشدا . صدق الله العظيم. والسلا م عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .