ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار ساخن ..ألان ميشيل رئيس منظمةرجال الكلمة المنظمة لمؤتمر الأئمة والحاخامات في المغرب يصرح ل"التجديد: أخطأت لأنني لم أتوقع هذه الردود الشعبية ضد المؤتمر
نشر في التجديد يوم 02 - 06 - 2004

ألغي في اللحظة الأخيرة مؤتمر الأئمة والحاخامات الذي كان سيعقد في بلادنا بين 31 ماي و3 يونيو الجاري بمدينة إفران، وذلك بعد موجة الرفض التي عبرت عنها جمعيات مغربية لهذا المؤتمر الذي كان سيعد الاول من نوعه في بلادنا وجسرا للتطبيع مع الكيان الصهيوني في وقت يواصل فيه هذا الأخير جرائمه ضد الشعب الفلسطيني ويواصل فيه الحاخامات منح الصهاينة التزكيات اللاهوتية لقتل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم. وقد تبنت الدعوة إلى هذا المؤتمر الذي كان سيعقد تحت عنوان:الإسلام واليهودية كوسيلتين لتحقيق السلام: الاعتراف بالآخر واحترامه مؤسسة تدعىرجال الكلمة التي يرأسها الفرنسي ألان ميشال، وقد أجرينا حوارا مع هذا الأخير بغرض التعرف على خلفيات التحضير للمؤتمر وأهدافه وهوية المؤسسة المذكورة ووضع القارئ المغربي في الصورة الكاملة للمؤتمر الذي أثار غضب جزء كبير من الرأي العام المغربي، وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجريناه باللغة الفرنسية وحاولنا ترجمته بموضوعية بحيث نحافظ على مقاصد صاحبه:
ما هي مؤسسةرجال الكلمة وما هي الأهداف التي تشتغل عليها وبرنامجها؟
هدف المؤسسة هو خلق فضاء للحوار يسمح لمختلف الفاعلين والمؤثرين في النزاعات المختلفة بالحوار والنقاش واللقاء لإيجاد نقاط التفاهم والتقارب ولكن في إطار محايد، والمؤسسة ليست هيئة سياسية أو دينية ولا تتبع لأي هيئة دولية ولا لأي دولة أو قوة سياسية معينة، إنها مؤسسة محايدة ولكن حيادا فاعلا ومؤثرا، أي حياد بناء وإيجابي لا حياد سلبي، إنها تمنح للناس فرصة للقاء والتواصل، كما هو الشأن مع هذا المؤتمر، بعيدا عن الضغوط السياسية أو الدينية أو السلطوية، ليتحدثوا باعتبارهم أشخاصا ومواقع وبرامج، ويجدون في المؤسسة فضاء رهن إشارتهم. وهذا ما نسعى إليه في هذا المؤتمر الذي نجمع فيه حاخامات وأئمة من مختلف البلدان، كما فعلنا العام الماضي فيكو بسويسرا حيث جمعنا بين أربعين شخصية فلسطينية وإسرائيلية لكي يتمكنوا من النقاش والعمل في إطار ما يوحد بينهم وصنع السلام.
من هم أعضاء هذه المؤسسة، هل ينتمون إلى بلدان مختلفة وأصول متعددة؟
نعم، هم أشخاص من بلدان مختلفة وأصول مختلفة وانتماءات سياسية مختلفة، هناك أشخاص من اليمين ومن اليسار، من المتدينين وغير المتدينين، وهم أشخاص لهم نوايا حسنة يشعرون بأن الصمت هو مؤامرة مع الشر، وهذا هو المنطلق الذي انطلق منه المؤتمر، فنحن نلاحظ أن رجال الدين لا ينددون بإرهاب الدولة مثلا والذي يتم باسم الدين نفسه، فإذن عليهم أن ينخرطوا ما دام أن هذا العنف يتم باسم الدين، لأنهم لا يعبرون عن مواقفهم بشكل جماعي بل بشكل فردي وبشكل عابر، وعليهم أن يدينوا إرهاب الدولة وإرهاب الأفراد كذلك، فالإرهابي الفلسطيني في غزة مثلا الذي يقفز بمتفجراته في حافلة بتل أبيب...
(مقاطعا) نحن لا نرى في الفلسطيني إرهابيا، هو مناضل يدافع عن أرضه ضد الاحتلال وعن كرامته وحقوقه، الإرهاب هو الذي يمارسه الطرف الآخر.
(مقاطعا) أنا لا أتدخل في قيمه، ما أقوله فقط هو أنه ما دام يوجد في وضع مأساوي فهو إذن في وضع الضحية، وتلك طريقته الخاصة في الثورة والقتال، ولكنه يرتكب خطأ في رأيي الشخصي لأنه يقوم بذلك باسم الله، والله لم يطلب منه قتل المدنيين ولكن الدفاع عن حقوقه، وعليه أن يدافع عن حقوقه.
سوف نعود إلى الموضوع لاحقا السيد ميشال، لكن أود أن أسألك هل يوجد في مؤسستكم شخصيات عربية أو مسلمة تعمل معكم لهذا الغرض؟
نعم طبعا، هناك أئمة ومفكرون إسلاميون مثل محمد أركون والورديغي الذي يعمل مسؤولا عن مسجد جنيف ودليل أبو بكر رئيس مسجد باريس ومحمد بن الشيخ وغيرهم، وهناك فلسطينيون من مؤسسي المؤسسة.
لماذا وقع اختياركم على المغرب لتنظيم مؤتمر الأئمة والحاخامات؟
لأن المغرب يعتبر دائما كأرض للقاءات والتعايش، واليهود في المغرب يشكلون جزءا من البلد ومن تركيبته الحضارية، فهو البلد الذي عاش فيه اليهود مع المسلمين في انسجام، والمغرب في ثقافته وتقاليده لديه هذه الخصوصية وهذا البعد، بعد احترام الآخر والاعتراف به والضيافة والانفتاح، وبالنسبة لي فهو البلد المثالي والأكثر قوة من الناحية الرمزية لاحتضان مثل هذا المؤتمر، وملك المغرب هو أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، فإذن أن نجمع خمسين إماما وخمسين حاخاما وعددا من المسيحيين الذين وافقوا على المشاركة فهذا يعني أن رئيس لجنة القدس سيكون حاضرا الآن هذا الحدث يجري في بلاده وفوق أرضه، إنه أمر مهم جدا، ولدينا الثقة في أن هذا اللقاء سوف يحرك شيئا في وعي كل فرد، من هنا أهمية الإعلام والصحافة، لأننا لا نريد للمؤتمر أن يكون مؤتمر شخص أو مؤسسة بل مؤتمر الجميع، فنحن فيرجال الكلمة مجرد أدوات ولسنا الفاعلين الحقيقيين، والمؤتمر ليس ملكية أحد، بل هو للجميع، لك أنت ولي أنا ولجلالة الملك وللأئمة وللحاخامات، ومن هنا أهميته.
هناك شيء لفت انتباهي في اللقاء الذي نظمته أمس(الخميس الماضي) مع الصحافة، فأنت قدمت نفسك على أنك مسيحي غير متدين، لكنك تسعى إلى عقد مؤتمر للحوار بين رجال الدين، أليس في هذا الأمر مفارقة أو تناقضا ؟
لا، لا، أعتقد أنني مسيحي وأنني وسيط بين الأديان، عندما أقول إنني لست متدينا فأعني أنني لا أدافع عن نظام من القيم الدينية ولست منغلقا في نظام، فأنا اخترت طريقي من خلال التربية التي تلقيتها، فتربيتي جعلت مني مسيحيا لأنني نشأت وسط أسرة مسيحية وفي بلد مسيحي، وأنا لست نادما ولا أكره نفسي، وأعتقد أن البعد المسيحي هو أيضا بعد الانفتاح والحوار والتسامح، مثل الإسلام ومثل اليهودية، والأديان بالنسبة لي هي طرق مختلفة تسير نحو الأهداف نفسها، فالتربية هي التي تجعلنا في هذا المكان أو في ذاك المكان، ولكنها طرق مختلفة لهدف واحد.
عندما اخترتم المغرب لعقد هذا المؤتمر ألم تضعوا في توقعاتكم ردود الفعل السلبية، خاصة في بلد مسلم وفي فترة تتميز بتزايد الجرائمالإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني؟
لا أبدا، لم أفكر ولو لثانية واحدة أنني يمكن أن أتلقى رد فعل سلبي، أنا إنجيلي (angelique) ولكن لم تكن لدي أدنى فكرة عن ذلك، ففي ظروف التوتر في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط التي هي البؤرة رقم واحد للعنف قلت لنفسي: يجب بأي حال من الأحوال تنظيم هذا المؤتمر الآن وبدون انتظار، لأنه رد على الانقسام وعلى العنف، رد قائم على السلام والتسامح والحوار، وقلت لنفسي إن المغاربة منفتحون ومضيافون ولذلك لن يكون هناك رد فعل سلبي، غير أنني لم أكن أتوقع أن تصل الأوضاع في الشرق الأوسط إلى ما هي عليه اليوم، وقلت إن على رجال الدين أن يصبحوا رجال دين لا رجال سياسة، بمن فيهم حاخاماتإسرائيل الذين عليهم أن يكونوا رجال دين وأن يوافقوا على أن يتخلوا عن أدوارهم السياسية، وأعتقد أن المؤتمر يمكن أن يساعدهم على ذلك، فالمؤتمر هو الفرصة الوحيدة للتحاور والنقاش بين الجميع لمدة أربعة أيام، أن يتناولوا الأكل جميعا ويناموا جميعا ويتحدثوا جميعا، لذلك دعونا عددا كبيرا من الحاخامات والأئمة من منطقة الشرق الأوسط بالخصوص وكذا من خارجها، وقد قررنا أن لا يتم التطرق للقضايا السياسية في المؤتمر بل أن يتم الاقتصار على الشؤون الدينية
والأخلاقية، ولكنني أخطأت ربما لأنني لم أتوقع هذه الردود الشعبية ضد حضورإسرائيليين، إنه خطأ ديبلوماسي إن صح القول، وأعتقد أنه لو كان سيحضر فقط الحاخامات الذين هم من خارجإسرائيل لما كانت هناك هذه الردود أو معارضة، بل ربما كان هناك ترحيب.
ولكن ألا تعتقد السيد ميشال أن الكرة هي في ملعب الحاخامات في إسرائيل كما نقول، فهم الذين يصدرون أوامرهم الدينية أو كما نقول نحن الفتاوى الدينية لقتل الفلسطينيين وهدم منازلهم والاستيلاء على أراضيهم، كما شهدنا مؤخرا، بينما الفلسطيني يوجد فوق أرضه وليس هو البادئ بالعدوان؟
أنا متفق معك تماما، وهذا أمر غير مقبول، وهذا يعني أن على الحاخامات أن يخرجوا من مواقفهم تلك، إنه أمر غير مقبول، ولذلك تدخلت وجاء هذا المؤتمر ليشعر الحاخامات بهذه المسألة، ولكن أعتقد أن الإمام الذي يرسل أشخاصا للقيام بأعمال إرهابية باسم الدين له نفس المسؤولية، فبالنسبة لي هناك تطرف لدى الجانبين...
(مقاطعا) لكن هؤلاء الأئمة الذين تتحدث عنهم في البلدان العربية ليسوا مسؤولين ولا يمثلوننا ولا يمثلون الإسلام والمسلمين بإجماع العلماء أنفسهم (المقصود أشباه العلماء الذين يفتون بعمليات إرهابية في البلدان الإسلامية)، لكن الحاخامات يمثلون اليهود في فلسطين وهم مع الاحتلال ويلقون القبول، وهم مسؤولون في الدولة؟
وهذه هي المأساة لأن رجال الدين هنا يشكلون جزءا من الدولة، وهذا نتيجة الجمع بين الدين والسياسة، لكن الأمر نفسه يقع في الإسلام، فهناك حكومات دينية، فإذن الأئمة أيضا يعبرون عن رأي الحكومات. هذا مشكل التحريف الذي يقع في الخلط بين الديني والسياسي، ولا أقول التحريف لأنني لا أريد أن أصدر أحكاما، ولكن أقول سوء التدبير بين الإثنين، لأن السياسة للجميع ولا ينبغي أن ندخل الله في التاريخ، هذه قناعتي، ولكن يجب أن يتوقف الحاخامات عن التدخل في الشؤون السياسية وفي عدد المستوطنات التي يجب أن تبنى وأين ومتى، وأن يبقى دورهم قاصرا على الجانب الروحي، إنه أمر غير مقبول كما قلت في البداية.
ألا ترى أن المؤتمر بهذه الأهداف التي رسمها يخرج الصراع في المنطقة عن إطاره الصحيح وينكر الأسباب الحقيقية له، لأن السبب لما يقع في فلسطين سياسي يتعلق باحتلال لأرض الفلسطينيين وبلادهم، هو مشكل استعمار، وليس مشكلا دينيا؟
هذا صحيح أيضا، ولكن الدين يتم توظيفه كذريعة أو وسيلة، فكما أنه لا يجب أن نقول إنه يجب أخذ هذه الأرض أو تلك والتوسع فيها لأن الله يأمر بذلك، كذلك لا يجب أن نقول إننا يجب أن نقاتل لنحتفظ بهذه الأرض لأن الله أمر بذلك، فنحن أمام واقع وهو أن الحاخامات يتخذون مواقف سياسية غير عادلة وعليهم أن يدركوا بأن هذا ليس دورهم، وأن نقول لهم: ليس لكم ما تفعلونه كحاخامات وعليكم أن تلبسوا قبعات نواب برلمانيين أو ما تشاؤون لكن ليس قبعات الحاخامات.
ما هو موقف مؤسستكم مما يحدث في فلسطين وما يقع حاليا في رفح والأراضي الفلسطينية؟
المؤسسة ليس لها موقف، كل شخص فيها له موقفه الخاص وأنا لي موقفي الشخصي، وأنا شخصيا لا أؤيد أعمال العنف وهذه الممارسات، وأعتقد أن ما هو مهم وما يجعل المؤسسة تحظى بالاحترام ومقبولة هو أنها لا تعبر عن مواقف، لأنني إذا عبرت عن موقف باسم المؤسسة يؤيد الممارساتالإسرائيلية فإنني سأحدث قطيعة مع جميع المشاركين من العالم الإسلامي، وإذا عبرت عن موقف مؤيد للفلسطينيين فإنني لن أستطيع أن أقنع يهوديا واحدا بالحضور.
هل يهدف المؤتمر إلى تجاوز فشل المشروعات السياسية للسلام ، خاصة بعد فشل اتفاقية جنيف في العام الماضي، والرهان على رجال الدين بعد فشل مبادرات المسؤولين السياسيين، وأن المؤتمر سيخرج بما يشبه اتفاقا أو إعلانا، أو أنكم ستقترحون خطة معينة؟
نحن لن نوقع شيئا، لكن آمل أن يخرج المؤتمر باقتراح معين، وأعتقد كما جاء في سؤالك أن السياسيين أظهروا بالفعل فشلهم المطلق في علاج الصراع والخروج منه، فالشغل الشاغل لدى السياسيين هو الحفاظ على السلطة وعلى الامتيازات وإعادة انتخابهم، فهم يوظفون السياسة لخدمتهم عوض أن يخدموا هم السياسة، فإذن السياسيون فشلوا والدليل نراه في كل مكان، ولا يمكنني أن أعطيك مثالا واحدا لأنك تعرف ذلك مثلي، من هنا يأتي دور رجال الدين، أولا لأن لديهم سلطة على الناس، لرد المعنى للدين وللأخلاق، ويمكنهم بذلك أن يشكلوا ضغطا على السياسيين من خلال الناس الذين سيشكلون ضغطا على السياسيين ويفرضون عليهم اختيار التوجهات الجيدة، لأن أهم ما يشغل السياسيين هو ورقة التصويت، ففي جميع البلدان الديمقراطية ما يحكم هو ورقة التصويت، فإذا فرض المصوتون فعل هذا الشيء أو ذلك في هذا الوقت يأتي دور المجتمع المدني الذي يمكنه أن يختار القرار المناسب إذا كان رجال الدين يحترمون أدوارهم، وأقصد الأئمة الحقيقيين والحاخامات الحقيقيين الذين هم مقتنعون بهذا الدور، وأعتقد أنهم كثيرون، لكن المشكلة هي أنهم لا يعبرون عن مواقفهم بشكل جماعي، من هنا أهمية
هذا المؤتمر.
ما هو هدف المؤتمر تحديدا في ظل ما تكلمت عنه، يعني كيف سيجسد المؤتمر عمليا هذه الأهداف التي شرحتها؟
في نهاية الأيام الثلاثة التي سيستغرقها المؤتمر يمكن لرجال الدين الذين يتوصلون إلى اتفاق أن يعبروا عن مواقفهم وأن يسحبوا الشرعية من العنف الذي يمارس باسم الدين، وسيوقعون علىنداء إلى جميع المؤمنين ليقولوا لهم: توقفوا، لا تعتقدوا أن ما يقع في أفغانستان أو في العراق يتم باسم الدين، هذا خطأ، لكن هذا لا يعني أن لا يدافع الإنسان عن حقوقه، لكن ليس باسم الدين. فإذا رأى الناس هذا النداء أو هذه الدعوة الموقعة من طرف خمسين إماما وخمسين حاخاما فإنهم سيقتنعون بالفكرة، وسيلحق بهم البوذيون والمسيحيون أيضا، وسيقول الناس: إذن ليس من حق جورج بوش أن يتحدث باسم الدين وأن يقسم العالم إلى محور الخير ومحور الشر، وأن يتحدث عن الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش.
لنعد إلى المؤتمر، نشرت مؤسستكم لائحتين بأسماء الشخصيات التي ستحضر، الأولى تختلف عن الثانية، ولاحظنا أن اللائحة الأولى تضم أسماء لم نجدها في اللائحة الثانية، هل معنى ذلك أنكم فشلتم في إقناع المشاركين بالحضور في المؤتمر، خصوصا وأن البعض ممن وردت أسماؤهم في اللائحة الأولى عبروا عن عدم علمهم بالمؤتمر؟
لقد وضعنا في البداية لائحة بأسماء الضيوف الذين سيحضرون إلى المؤتمر، لنوضح للمدعوين نوعية الشخصيات التي ستشارك، ثم وضعنا لائحة ثانية تضمنت أسماء الذين لبوا الدعوة للحضور، فإذن سيكون هناك فرق بين اللائحة الأولى واللائحة الثانية، لأننا عندما وجهنا الدعوات لم نكن نفرض على الناس المشاركة، لقد اتصلنا بشخصيات عدة. وكثيرون عبروا عن رغبتهم في الحضور لكن لأسباب تقنية أو اقتصادية أو تتعلق بجداول أعمالهم لم يلبوا الدعوة وشرحوا أسباب عدم الحضور، ونحن وجهنا نحو 250 إلى 300 دعوة بينما العدد المحدد للمشاركين في المؤتمر هو 100 فقط، لقد راعينا في اللائحة الأولى أن نضع أسماء الشخصيات ذات التمثيلية، لأننا يمكن أن ندعو أئمة أو حاخامات لكنهم لا يمثلون فئات عريضة ومهمة، لأن الهدف هو أن يكون هناك تأثير وفاعلية، وأعتقد أن تأجيل المؤتمر إلى الخريف سيكون مناسبا للجدول الزمني لكل واحد من هؤلاء حتى يتمكنوا من الحضور، ويجب أن أقول لكم إننا لم نتلق أي رد من الذين وجهت لهم الدعوة بأنهم لن يحضروا لأنهم لا يؤيدون فكرة الحوار، بل بالعكس فالجميع رحب بالحوار، ربما كان البعض منهم في أعماقه غير موافق، لكننا لم نتلق ردا
يرفض فيه البعض الحضور لأسباب إيديولوجية.
ما سمعته هو أن تأجيل المؤتمر كان بسبب رفض عدد كبير من الشخصيات للدعوة، وأنه كان سيواجه الفشل؟
لا أبدا، بل أستطيع أن أقول لكم إن كثيرين من الحاخامات والأئمة عبروا عن رغبتهم في حضور المؤتمر ولكننا رفضنا لأنه لا مكان لهم، وكتبوا لنا يوضحون رغبتهم في الحضور، وأستطيع أن أقدم لك نماذج من هذه الرسائل، واحتجوا على عدم توجيه الدعوة إليهم للحضور، لكن تأجيل المؤتمر كان بسبب ما يقع في غزة ورفح، فإذا نظم المؤتمر وحضر حاخاماتإسرائيل فهذا قد يعني بأن المغاربة وجلالة الملك يبررون هذه الجرائم في نظر العالم، وهذا ليس صحيحا.
ما هي مصادر تمويل المؤتمر؟
جزء من المؤتمر، أي الإقامة والتغذية خلال مدة المؤتمر في المغرب يتحملها هذا الأخير، فالمملكة المغربية وافقت على تحمل مصاريف الإقامة للمؤتمرين، بقي الجزء الآخر المتعلق بمصاريف التنقل وتذاكر الطائرة وكذلك مصاريف عام من التحضير، لأن الأمر يتطلب استعمال الهاتف وطبع الأوراق والتقارير وغيرها من المصاريف الضخمة فقد تحملتها منظمات مختلفة مثل مؤسسةكونراد أديناور ومجموعةأكور الذي أوجد على حسابها في الفندق وإلا كنت أحل في فندق متواضع هنا بالرباط، وهو الذي تكلف بالإقامة والتنقل لعدة شخصيات من الولايات المتحدة وأندونيسيا وغيرهما ومصاريف تحويل الطائرة في باريس مثلا، هناك أيضا مساهمة للبارونروتشيلد الذي لديه هو أيضا مشروع للحوار بين الإسلام واليهودية، وهناك أيضا منظمة الإيسيسكو، وهناك أيضا الخطوط الجوية الملكية المغربية التي وضعت لهذا الغرض تذاكر سفر بأسعار منخفضة خصيصا للمشاركين، وهناك كذلك شخصيات مختلفة ساهمت نوعا ما في التمويل، وبفضل هؤلاء جميعا تمكنا من التحضير للمؤتمر، ولم نغلق نهائيا باب التمويل لأننا ما زلنا نحتاج إلى مساهمات، وقد حاولنا أن نخلق نوعا من التوازن بين ثلاثة أطراف من حيث التمويل،
قسط من العالم اليهودي وقسط من العالم الإسلامي وقسط ثالث محايد أسميه المسيحي وعالم المقاولات ممن ليس لهم تمثيل سياسي.
كم من مقر تتوفر عليه المؤسسة؟
لدينا مقر واحد في جنيف، ولكن لدينا مكاتب في القدس وباريس وبروكسيل ونتمنى أن يكون لدينا مكتب في الرباط، لأننا مؤسسة حديثة العهد، وما كنا نطمح إليه هو أن لا نأخذ طابع دولة معينة أو مكان معين، ولذلك اخترنا جنيف كمقر لأن سويسرا معروفة عالميا بالحياد وبها جميع المنظمات الدولية.
أجرى الحوار: إدريس الكنبوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.