زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    دلالات لزيارة رئيس الصين الودية للمملكة المغربية    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار ساخن ..ألان ميشيل رئيس منظمةرجال الكلمة المنظمة لمؤتمر الأئمة والحاخامات في المغرب يصرح ل"التجديد: أخطأت لأنني لم أتوقع هذه الردود الشعبية ضد المؤتمر
نشر في التجديد يوم 02 - 06 - 2004

ألغي في اللحظة الأخيرة مؤتمر الأئمة والحاخامات الذي كان سيعقد في بلادنا بين 31 ماي و3 يونيو الجاري بمدينة إفران، وذلك بعد موجة الرفض التي عبرت عنها جمعيات مغربية لهذا المؤتمر الذي كان سيعد الاول من نوعه في بلادنا وجسرا للتطبيع مع الكيان الصهيوني في وقت يواصل فيه هذا الأخير جرائمه ضد الشعب الفلسطيني ويواصل فيه الحاخامات منح الصهاينة التزكيات اللاهوتية لقتل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم. وقد تبنت الدعوة إلى هذا المؤتمر الذي كان سيعقد تحت عنوان:الإسلام واليهودية كوسيلتين لتحقيق السلام: الاعتراف بالآخر واحترامه مؤسسة تدعىرجال الكلمة التي يرأسها الفرنسي ألان ميشال، وقد أجرينا حوارا مع هذا الأخير بغرض التعرف على خلفيات التحضير للمؤتمر وأهدافه وهوية المؤسسة المذكورة ووضع القارئ المغربي في الصورة الكاملة للمؤتمر الذي أثار غضب جزء كبير من الرأي العام المغربي، وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجريناه باللغة الفرنسية وحاولنا ترجمته بموضوعية بحيث نحافظ على مقاصد صاحبه:
ما هي مؤسسةرجال الكلمة وما هي الأهداف التي تشتغل عليها وبرنامجها؟
هدف المؤسسة هو خلق فضاء للحوار يسمح لمختلف الفاعلين والمؤثرين في النزاعات المختلفة بالحوار والنقاش واللقاء لإيجاد نقاط التفاهم والتقارب ولكن في إطار محايد، والمؤسسة ليست هيئة سياسية أو دينية ولا تتبع لأي هيئة دولية ولا لأي دولة أو قوة سياسية معينة، إنها مؤسسة محايدة ولكن حيادا فاعلا ومؤثرا، أي حياد بناء وإيجابي لا حياد سلبي، إنها تمنح للناس فرصة للقاء والتواصل، كما هو الشأن مع هذا المؤتمر، بعيدا عن الضغوط السياسية أو الدينية أو السلطوية، ليتحدثوا باعتبارهم أشخاصا ومواقع وبرامج، ويجدون في المؤسسة فضاء رهن إشارتهم. وهذا ما نسعى إليه في هذا المؤتمر الذي نجمع فيه حاخامات وأئمة من مختلف البلدان، كما فعلنا العام الماضي فيكو بسويسرا حيث جمعنا بين أربعين شخصية فلسطينية وإسرائيلية لكي يتمكنوا من النقاش والعمل في إطار ما يوحد بينهم وصنع السلام.
من هم أعضاء هذه المؤسسة، هل ينتمون إلى بلدان مختلفة وأصول متعددة؟
نعم، هم أشخاص من بلدان مختلفة وأصول مختلفة وانتماءات سياسية مختلفة، هناك أشخاص من اليمين ومن اليسار، من المتدينين وغير المتدينين، وهم أشخاص لهم نوايا حسنة يشعرون بأن الصمت هو مؤامرة مع الشر، وهذا هو المنطلق الذي انطلق منه المؤتمر، فنحن نلاحظ أن رجال الدين لا ينددون بإرهاب الدولة مثلا والذي يتم باسم الدين نفسه، فإذن عليهم أن ينخرطوا ما دام أن هذا العنف يتم باسم الدين، لأنهم لا يعبرون عن مواقفهم بشكل جماعي بل بشكل فردي وبشكل عابر، وعليهم أن يدينوا إرهاب الدولة وإرهاب الأفراد كذلك، فالإرهابي الفلسطيني في غزة مثلا الذي يقفز بمتفجراته في حافلة بتل أبيب...
(مقاطعا) نحن لا نرى في الفلسطيني إرهابيا، هو مناضل يدافع عن أرضه ضد الاحتلال وعن كرامته وحقوقه، الإرهاب هو الذي يمارسه الطرف الآخر.
(مقاطعا) أنا لا أتدخل في قيمه، ما أقوله فقط هو أنه ما دام يوجد في وضع مأساوي فهو إذن في وضع الضحية، وتلك طريقته الخاصة في الثورة والقتال، ولكنه يرتكب خطأ في رأيي الشخصي لأنه يقوم بذلك باسم الله، والله لم يطلب منه قتل المدنيين ولكن الدفاع عن حقوقه، وعليه أن يدافع عن حقوقه.
سوف نعود إلى الموضوع لاحقا السيد ميشال، لكن أود أن أسألك هل يوجد في مؤسستكم شخصيات عربية أو مسلمة تعمل معكم لهذا الغرض؟
نعم طبعا، هناك أئمة ومفكرون إسلاميون مثل محمد أركون والورديغي الذي يعمل مسؤولا عن مسجد جنيف ودليل أبو بكر رئيس مسجد باريس ومحمد بن الشيخ وغيرهم، وهناك فلسطينيون من مؤسسي المؤسسة.
لماذا وقع اختياركم على المغرب لتنظيم مؤتمر الأئمة والحاخامات؟
لأن المغرب يعتبر دائما كأرض للقاءات والتعايش، واليهود في المغرب يشكلون جزءا من البلد ومن تركيبته الحضارية، فهو البلد الذي عاش فيه اليهود مع المسلمين في انسجام، والمغرب في ثقافته وتقاليده لديه هذه الخصوصية وهذا البعد، بعد احترام الآخر والاعتراف به والضيافة والانفتاح، وبالنسبة لي فهو البلد المثالي والأكثر قوة من الناحية الرمزية لاحتضان مثل هذا المؤتمر، وملك المغرب هو أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، فإذن أن نجمع خمسين إماما وخمسين حاخاما وعددا من المسيحيين الذين وافقوا على المشاركة فهذا يعني أن رئيس لجنة القدس سيكون حاضرا الآن هذا الحدث يجري في بلاده وفوق أرضه، إنه أمر مهم جدا، ولدينا الثقة في أن هذا اللقاء سوف يحرك شيئا في وعي كل فرد، من هنا أهمية الإعلام والصحافة، لأننا لا نريد للمؤتمر أن يكون مؤتمر شخص أو مؤسسة بل مؤتمر الجميع، فنحن فيرجال الكلمة مجرد أدوات ولسنا الفاعلين الحقيقيين، والمؤتمر ليس ملكية أحد، بل هو للجميع، لك أنت ولي أنا ولجلالة الملك وللأئمة وللحاخامات، ومن هنا أهميته.
هناك شيء لفت انتباهي في اللقاء الذي نظمته أمس(الخميس الماضي) مع الصحافة، فأنت قدمت نفسك على أنك مسيحي غير متدين، لكنك تسعى إلى عقد مؤتمر للحوار بين رجال الدين، أليس في هذا الأمر مفارقة أو تناقضا ؟
لا، لا، أعتقد أنني مسيحي وأنني وسيط بين الأديان، عندما أقول إنني لست متدينا فأعني أنني لا أدافع عن نظام من القيم الدينية ولست منغلقا في نظام، فأنا اخترت طريقي من خلال التربية التي تلقيتها، فتربيتي جعلت مني مسيحيا لأنني نشأت وسط أسرة مسيحية وفي بلد مسيحي، وأنا لست نادما ولا أكره نفسي، وأعتقد أن البعد المسيحي هو أيضا بعد الانفتاح والحوار والتسامح، مثل الإسلام ومثل اليهودية، والأديان بالنسبة لي هي طرق مختلفة تسير نحو الأهداف نفسها، فالتربية هي التي تجعلنا في هذا المكان أو في ذاك المكان، ولكنها طرق مختلفة لهدف واحد.
عندما اخترتم المغرب لعقد هذا المؤتمر ألم تضعوا في توقعاتكم ردود الفعل السلبية، خاصة في بلد مسلم وفي فترة تتميز بتزايد الجرائمالإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني؟
لا أبدا، لم أفكر ولو لثانية واحدة أنني يمكن أن أتلقى رد فعل سلبي، أنا إنجيلي (angelique) ولكن لم تكن لدي أدنى فكرة عن ذلك، ففي ظروف التوتر في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط التي هي البؤرة رقم واحد للعنف قلت لنفسي: يجب بأي حال من الأحوال تنظيم هذا المؤتمر الآن وبدون انتظار، لأنه رد على الانقسام وعلى العنف، رد قائم على السلام والتسامح والحوار، وقلت لنفسي إن المغاربة منفتحون ومضيافون ولذلك لن يكون هناك رد فعل سلبي، غير أنني لم أكن أتوقع أن تصل الأوضاع في الشرق الأوسط إلى ما هي عليه اليوم، وقلت إن على رجال الدين أن يصبحوا رجال دين لا رجال سياسة، بمن فيهم حاخاماتإسرائيل الذين عليهم أن يكونوا رجال دين وأن يوافقوا على أن يتخلوا عن أدوارهم السياسية، وأعتقد أن المؤتمر يمكن أن يساعدهم على ذلك، فالمؤتمر هو الفرصة الوحيدة للتحاور والنقاش بين الجميع لمدة أربعة أيام، أن يتناولوا الأكل جميعا ويناموا جميعا ويتحدثوا جميعا، لذلك دعونا عددا كبيرا من الحاخامات والأئمة من منطقة الشرق الأوسط بالخصوص وكذا من خارجها، وقد قررنا أن لا يتم التطرق للقضايا السياسية في المؤتمر بل أن يتم الاقتصار على الشؤون الدينية
والأخلاقية، ولكنني أخطأت ربما لأنني لم أتوقع هذه الردود الشعبية ضد حضورإسرائيليين، إنه خطأ ديبلوماسي إن صح القول، وأعتقد أنه لو كان سيحضر فقط الحاخامات الذين هم من خارجإسرائيل لما كانت هناك هذه الردود أو معارضة، بل ربما كان هناك ترحيب.
ولكن ألا تعتقد السيد ميشال أن الكرة هي في ملعب الحاخامات في إسرائيل كما نقول، فهم الذين يصدرون أوامرهم الدينية أو كما نقول نحن الفتاوى الدينية لقتل الفلسطينيين وهدم منازلهم والاستيلاء على أراضيهم، كما شهدنا مؤخرا، بينما الفلسطيني يوجد فوق أرضه وليس هو البادئ بالعدوان؟
أنا متفق معك تماما، وهذا أمر غير مقبول، وهذا يعني أن على الحاخامات أن يخرجوا من مواقفهم تلك، إنه أمر غير مقبول، ولذلك تدخلت وجاء هذا المؤتمر ليشعر الحاخامات بهذه المسألة، ولكن أعتقد أن الإمام الذي يرسل أشخاصا للقيام بأعمال إرهابية باسم الدين له نفس المسؤولية، فبالنسبة لي هناك تطرف لدى الجانبين...
(مقاطعا) لكن هؤلاء الأئمة الذين تتحدث عنهم في البلدان العربية ليسوا مسؤولين ولا يمثلوننا ولا يمثلون الإسلام والمسلمين بإجماع العلماء أنفسهم (المقصود أشباه العلماء الذين يفتون بعمليات إرهابية في البلدان الإسلامية)، لكن الحاخامات يمثلون اليهود في فلسطين وهم مع الاحتلال ويلقون القبول، وهم مسؤولون في الدولة؟
وهذه هي المأساة لأن رجال الدين هنا يشكلون جزءا من الدولة، وهذا نتيجة الجمع بين الدين والسياسة، لكن الأمر نفسه يقع في الإسلام، فهناك حكومات دينية، فإذن الأئمة أيضا يعبرون عن رأي الحكومات. هذا مشكل التحريف الذي يقع في الخلط بين الديني والسياسي، ولا أقول التحريف لأنني لا أريد أن أصدر أحكاما، ولكن أقول سوء التدبير بين الإثنين، لأن السياسة للجميع ولا ينبغي أن ندخل الله في التاريخ، هذه قناعتي، ولكن يجب أن يتوقف الحاخامات عن التدخل في الشؤون السياسية وفي عدد المستوطنات التي يجب أن تبنى وأين ومتى، وأن يبقى دورهم قاصرا على الجانب الروحي، إنه أمر غير مقبول كما قلت في البداية.
ألا ترى أن المؤتمر بهذه الأهداف التي رسمها يخرج الصراع في المنطقة عن إطاره الصحيح وينكر الأسباب الحقيقية له، لأن السبب لما يقع في فلسطين سياسي يتعلق باحتلال لأرض الفلسطينيين وبلادهم، هو مشكل استعمار، وليس مشكلا دينيا؟
هذا صحيح أيضا، ولكن الدين يتم توظيفه كذريعة أو وسيلة، فكما أنه لا يجب أن نقول إنه يجب أخذ هذه الأرض أو تلك والتوسع فيها لأن الله يأمر بذلك، كذلك لا يجب أن نقول إننا يجب أن نقاتل لنحتفظ بهذه الأرض لأن الله أمر بذلك، فنحن أمام واقع وهو أن الحاخامات يتخذون مواقف سياسية غير عادلة وعليهم أن يدركوا بأن هذا ليس دورهم، وأن نقول لهم: ليس لكم ما تفعلونه كحاخامات وعليكم أن تلبسوا قبعات نواب برلمانيين أو ما تشاؤون لكن ليس قبعات الحاخامات.
ما هو موقف مؤسستكم مما يحدث في فلسطين وما يقع حاليا في رفح والأراضي الفلسطينية؟
المؤسسة ليس لها موقف، كل شخص فيها له موقفه الخاص وأنا لي موقفي الشخصي، وأنا شخصيا لا أؤيد أعمال العنف وهذه الممارسات، وأعتقد أن ما هو مهم وما يجعل المؤسسة تحظى بالاحترام ومقبولة هو أنها لا تعبر عن مواقف، لأنني إذا عبرت عن موقف باسم المؤسسة يؤيد الممارساتالإسرائيلية فإنني سأحدث قطيعة مع جميع المشاركين من العالم الإسلامي، وإذا عبرت عن موقف مؤيد للفلسطينيين فإنني لن أستطيع أن أقنع يهوديا واحدا بالحضور.
هل يهدف المؤتمر إلى تجاوز فشل المشروعات السياسية للسلام ، خاصة بعد فشل اتفاقية جنيف في العام الماضي، والرهان على رجال الدين بعد فشل مبادرات المسؤولين السياسيين، وأن المؤتمر سيخرج بما يشبه اتفاقا أو إعلانا، أو أنكم ستقترحون خطة معينة؟
نحن لن نوقع شيئا، لكن آمل أن يخرج المؤتمر باقتراح معين، وأعتقد كما جاء في سؤالك أن السياسيين أظهروا بالفعل فشلهم المطلق في علاج الصراع والخروج منه، فالشغل الشاغل لدى السياسيين هو الحفاظ على السلطة وعلى الامتيازات وإعادة انتخابهم، فهم يوظفون السياسة لخدمتهم عوض أن يخدموا هم السياسة، فإذن السياسيون فشلوا والدليل نراه في كل مكان، ولا يمكنني أن أعطيك مثالا واحدا لأنك تعرف ذلك مثلي، من هنا يأتي دور رجال الدين، أولا لأن لديهم سلطة على الناس، لرد المعنى للدين وللأخلاق، ويمكنهم بذلك أن يشكلوا ضغطا على السياسيين من خلال الناس الذين سيشكلون ضغطا على السياسيين ويفرضون عليهم اختيار التوجهات الجيدة، لأن أهم ما يشغل السياسيين هو ورقة التصويت، ففي جميع البلدان الديمقراطية ما يحكم هو ورقة التصويت، فإذا فرض المصوتون فعل هذا الشيء أو ذلك في هذا الوقت يأتي دور المجتمع المدني الذي يمكنه أن يختار القرار المناسب إذا كان رجال الدين يحترمون أدوارهم، وأقصد الأئمة الحقيقيين والحاخامات الحقيقيين الذين هم مقتنعون بهذا الدور، وأعتقد أنهم كثيرون، لكن المشكلة هي أنهم لا يعبرون عن مواقفهم بشكل جماعي، من هنا أهمية
هذا المؤتمر.
ما هو هدف المؤتمر تحديدا في ظل ما تكلمت عنه، يعني كيف سيجسد المؤتمر عمليا هذه الأهداف التي شرحتها؟
في نهاية الأيام الثلاثة التي سيستغرقها المؤتمر يمكن لرجال الدين الذين يتوصلون إلى اتفاق أن يعبروا عن مواقفهم وأن يسحبوا الشرعية من العنف الذي يمارس باسم الدين، وسيوقعون علىنداء إلى جميع المؤمنين ليقولوا لهم: توقفوا، لا تعتقدوا أن ما يقع في أفغانستان أو في العراق يتم باسم الدين، هذا خطأ، لكن هذا لا يعني أن لا يدافع الإنسان عن حقوقه، لكن ليس باسم الدين. فإذا رأى الناس هذا النداء أو هذه الدعوة الموقعة من طرف خمسين إماما وخمسين حاخاما فإنهم سيقتنعون بالفكرة، وسيلحق بهم البوذيون والمسيحيون أيضا، وسيقول الناس: إذن ليس من حق جورج بوش أن يتحدث باسم الدين وأن يقسم العالم إلى محور الخير ومحور الشر، وأن يتحدث عن الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش.
لنعد إلى المؤتمر، نشرت مؤسستكم لائحتين بأسماء الشخصيات التي ستحضر، الأولى تختلف عن الثانية، ولاحظنا أن اللائحة الأولى تضم أسماء لم نجدها في اللائحة الثانية، هل معنى ذلك أنكم فشلتم في إقناع المشاركين بالحضور في المؤتمر، خصوصا وأن البعض ممن وردت أسماؤهم في اللائحة الأولى عبروا عن عدم علمهم بالمؤتمر؟
لقد وضعنا في البداية لائحة بأسماء الضيوف الذين سيحضرون إلى المؤتمر، لنوضح للمدعوين نوعية الشخصيات التي ستشارك، ثم وضعنا لائحة ثانية تضمنت أسماء الذين لبوا الدعوة للحضور، فإذن سيكون هناك فرق بين اللائحة الأولى واللائحة الثانية، لأننا عندما وجهنا الدعوات لم نكن نفرض على الناس المشاركة، لقد اتصلنا بشخصيات عدة. وكثيرون عبروا عن رغبتهم في الحضور لكن لأسباب تقنية أو اقتصادية أو تتعلق بجداول أعمالهم لم يلبوا الدعوة وشرحوا أسباب عدم الحضور، ونحن وجهنا نحو 250 إلى 300 دعوة بينما العدد المحدد للمشاركين في المؤتمر هو 100 فقط، لقد راعينا في اللائحة الأولى أن نضع أسماء الشخصيات ذات التمثيلية، لأننا يمكن أن ندعو أئمة أو حاخامات لكنهم لا يمثلون فئات عريضة ومهمة، لأن الهدف هو أن يكون هناك تأثير وفاعلية، وأعتقد أن تأجيل المؤتمر إلى الخريف سيكون مناسبا للجدول الزمني لكل واحد من هؤلاء حتى يتمكنوا من الحضور، ويجب أن أقول لكم إننا لم نتلق أي رد من الذين وجهت لهم الدعوة بأنهم لن يحضروا لأنهم لا يؤيدون فكرة الحوار، بل بالعكس فالجميع رحب بالحوار، ربما كان البعض منهم في أعماقه غير موافق، لكننا لم نتلق ردا
يرفض فيه البعض الحضور لأسباب إيديولوجية.
ما سمعته هو أن تأجيل المؤتمر كان بسبب رفض عدد كبير من الشخصيات للدعوة، وأنه كان سيواجه الفشل؟
لا أبدا، بل أستطيع أن أقول لكم إن كثيرين من الحاخامات والأئمة عبروا عن رغبتهم في حضور المؤتمر ولكننا رفضنا لأنه لا مكان لهم، وكتبوا لنا يوضحون رغبتهم في الحضور، وأستطيع أن أقدم لك نماذج من هذه الرسائل، واحتجوا على عدم توجيه الدعوة إليهم للحضور، لكن تأجيل المؤتمر كان بسبب ما يقع في غزة ورفح، فإذا نظم المؤتمر وحضر حاخاماتإسرائيل فهذا قد يعني بأن المغاربة وجلالة الملك يبررون هذه الجرائم في نظر العالم، وهذا ليس صحيحا.
ما هي مصادر تمويل المؤتمر؟
جزء من المؤتمر، أي الإقامة والتغذية خلال مدة المؤتمر في المغرب يتحملها هذا الأخير، فالمملكة المغربية وافقت على تحمل مصاريف الإقامة للمؤتمرين، بقي الجزء الآخر المتعلق بمصاريف التنقل وتذاكر الطائرة وكذلك مصاريف عام من التحضير، لأن الأمر يتطلب استعمال الهاتف وطبع الأوراق والتقارير وغيرها من المصاريف الضخمة فقد تحملتها منظمات مختلفة مثل مؤسسةكونراد أديناور ومجموعةأكور الذي أوجد على حسابها في الفندق وإلا كنت أحل في فندق متواضع هنا بالرباط، وهو الذي تكلف بالإقامة والتنقل لعدة شخصيات من الولايات المتحدة وأندونيسيا وغيرهما ومصاريف تحويل الطائرة في باريس مثلا، هناك أيضا مساهمة للبارونروتشيلد الذي لديه هو أيضا مشروع للحوار بين الإسلام واليهودية، وهناك أيضا منظمة الإيسيسكو، وهناك أيضا الخطوط الجوية الملكية المغربية التي وضعت لهذا الغرض تذاكر سفر بأسعار منخفضة خصيصا للمشاركين، وهناك كذلك شخصيات مختلفة ساهمت نوعا ما في التمويل، وبفضل هؤلاء جميعا تمكنا من التحضير للمؤتمر، ولم نغلق نهائيا باب التمويل لأننا ما زلنا نحتاج إلى مساهمات، وقد حاولنا أن نخلق نوعا من التوازن بين ثلاثة أطراف من حيث التمويل،
قسط من العالم اليهودي وقسط من العالم الإسلامي وقسط ثالث محايد أسميه المسيحي وعالم المقاولات ممن ليس لهم تمثيل سياسي.
كم من مقر تتوفر عليه المؤسسة؟
لدينا مقر واحد في جنيف، ولكن لدينا مكاتب في القدس وباريس وبروكسيل ونتمنى أن يكون لدينا مكتب في الرباط، لأننا مؤسسة حديثة العهد، وما كنا نطمح إليه هو أن لا نأخذ طابع دولة معينة أو مكان معين، ولذلك اخترنا جنيف كمقر لأن سويسرا معروفة عالميا بالحياد وبها جميع المنظمات الدولية.
أجرى الحوار: إدريس الكنبوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.