قنبلة أخرى فجرتها لجنة مراقبة التعاضدية العامة للتربية الوطنية في تقريرها الأخير، رغم الاختلالات التي كشفت عنها التقارير السابقة، و رغم إحالة ملف التعاضدية على الشرطة القضائية واعتقال رئيس التعاضدية السابق قبل إطلاق سراحه أخذا بعين الاعتبار ظروف الصحية ومتابعته في حالة سراح. التقرير الصادر عن لجنة المراقبة، كشف خروقات وتجاوزات شهدها تدبير التعاضدية برسم سنتي 2011 و2012. تأخير عمل اللجنة استدعت التعاضدية أعضاء لجنة المراقبة نهاية سنة 2014 لمراقبة حسابات التعاضدية برسم سنة 2011، وكشف تقرير اللجنة المنجز، تأخرا ملحوظا في حصر حساباتها وكذا في عقد الجموع العامة للمصادقة على هذه الحسابات، في مخالفة واضحة للمقتضيات المنظمة لقطاع التعاضد. كما أن اللجنة وجدت نفسها مطالبة بمراقبة سنة مالية تم تجاوزها كما تم تجديد ثلث المجلس الإداري المسؤول عن تسيير التعاضدية خلال الفترة المعنية، وتساءلت اللجنة عن سبب التباطؤ في عقد الجموع العامة السنوية للتعاضدية، ودعت مسؤولي التعاضدية، وطبعا على رأسهم ميلود معصيد رئيس التعاضدية الحالي، إلى ضرورة احترام الآجال القانونية لحصر الحسابات واستدعاء لجن المراقبة وعقد الجموع العامة السنوية. لا مبالاة وتجاهل لجنة مراقبة التعاضدية اشتكت في تقريرها عدم الأخذ بعين الاعتبار مجمل ملاحظات اللجان السابقة مما جعل متابعين يتسائلون عن مدى جدية مسؤولي التعاضدية في التعامل مع توصيات هذه اللجان وتجاهل ملاحظاتها، والتي سجلت انفراد رئيس التعاضدية بعدة قرارات لها وقع كبير على التوازن المالي للتعاضدية (كقرارات الزيادة في الأجور والمنح لبعض المستخدمين والاتفاقيات المبرمة مع عدد من الشركات دون احترام المساطر…)، وهي قرارات تمت دون الرجوع إلى المجلس الإداري للتعاضدية، ودون تفويض منه للرئيس، مما يتطلب حسب اللجنة تقديم توضيحات من لدن المجلس الإداري خصوصا وان هذه القرارات غير قانونية ومخالفة للنصوص المنظمة لقطاع التعاضد. توظيفات "مشبوهة" من الخروقات المرصودة في التقرير عدم وجود مساطر تسيير واضحة ولائقة بالنسبة لكل مصالح التعاضدية، وعدم توحيد تطبيق هذه المساطر على ما يشوبها من نقص بالنسبة لجميع الفئات، وعدم تفعيل مكتب الضبط بالنسبة لجميع الوثائق الواردة على التعاضدية، أو الخارجة منها، كما وقفت اللجنة على اعتماد التعاضدية على طرق غير واضحة في تدبير مواردها البشرية، خاصة مساطر توظيف المستخدمين الجدد والترقية والتعاقد مع الأطباء للعمل في الوحدات الاجتماعية وكذا في مناصب المسؤولية، ناهيك عن غياب أو ضعف المستوى التعليمي لأغلبية المستخدمين بمن فيهم المسؤولون عن مصالح التعاضدية، والذين منهم من لا يتوفر على أية شهادة تعليمية أو لهم شهادات تعليمية لا علاقة لها بالمهام الموكولة لهم، ناهيك عن منح تعويضات بطريقة انتقائية وجزافية لبعض الأشخاص أو لفئات معينة من المستخدمين دون غيرهم. 7000 درهم راتب عاملات نظافة من خلال دراسة نظام أجور التعاضدية وقفت لجنة المراقبة على عدة اختلالات وتناقضات حيث تم الوقوف مثلا على وجود حالات عديدة لمكلفات بالنظافة بعيادات طب الأسنان تتقاضين مبلغ 7000 درهم كمرتب شهري، والتي تفوق تلك التي يتقاضاها طبيب الأسنان بنفس العيادة، كما تم إحداث عدد من المنح لدرجة تسمية إحداها "منح أخرى" لعدم وضوح ماهيتها أو شروط الاستفادة منها، كما وقفت اللجنة على وجود عدد من المستخدمين في المهن الطبية بالوحدات الاجتماعية يشتغلون في مهن التمريض رغم عدم توفرهم على أي مستوى تعليمي أو دبلوم في المجال. كما ذكر التقرير بمستخدمي الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي البالغ عددهم 21 والذين يعملون بالتعاضية ويتلقون إضافة إلى أجرتهم بالصندوق عدة امتيازات من التعاضدية والتي بلغت كلفتها أزيد من 73 مليون سنتيم سنة 2011، كما لاحظت اللجنة استمرار عضو بالمكتب المسير للتعاضدية يشتغل مستخدما ورئيس قسم وهذا مخالف للقانون، وسبق للجنة أن نبهت إلى هذا الخرق علما أن هذا الشخص استفاد من مبلغ 744 ألف و 412 درهم سنة 2011 بدون وجه حق. بين التعاضد والتقاعد يؤكد مراقبون للعمل التعاضدي أن الكل مجمع على كون صناديق التقاعد تسير نحو الانهيار في حالة عدم التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها، متسائلين: هل تصل الأزمة إلى صناديق التعاضد؟ في هذا الصدد، نبهت لجنة المراقبة إلى خطورة الوضعية المالية للتعاضدية والتي قد تؤدي حتما إلى عجز مالي للقطاع التعاضدي في السنوات القليلة المقبلة، ودعت الى ضرورة الحفاظ على التوازن المالي عبر ترشيد النفقات والحكامة الجيدة في تدبير شؤون التعاضدية، توصية اللجنة جاءت بعدما سجلت حسابات القطاع التعاضدي نتيجة 1,27 مليون درهم سنة 2011 مقابل 55,77 مليون درهم سنة 2010 أي بانخفاض بلغ 4291%، وبحسب اللجنة يرجع هذا الانخفاض أساسا من جهة إلى ارتفاع مبلغ الاحتياطات التقنية المتعلقة بالملفات الغير المؤداة وارتفاع نفقات المستخدمين بالقطاع التعاضدي ومن جهة أخرى إلى ارتفاع المصاريف الخاصة بالوحدات الاجتماعية من 73,43 مليون درهم سنة 2010 الى 93,79 مليون درهم سنة 2011 فيما انخفضت مداخيل هذه الوحدات من 53,75 مليون درهم عام 2010 إلى 47,55 مليون درهم سنة 2011. 11 قرارا انفراديا للرئيس لجنة المراقبة عزت ما حصل في مالية التعاضدية إلى قرابة 11 قرارا انفراديا لرئيس التعاضدية همت الزيادة في الأجور للمستخدمين منها مبلغ 350 درهم عن القفة و700 درهم للتعويض عن الخطر وصرف مبلغ 1500 درهم كتعويض سنوي عن الدخول المدرسي وزيادة 600 درهم وفق اتفاق أبريل 2011 بين الحكومة والنقابات الخمس والشهر الثالث عشر لأطباء علاج الأسنان على غرار زملاءهم، مع تعميم منحة 700 درهم شهريا خاضعة للضريبة والاقتطاعات التي يستفيد منها العاملون بالمركز على باقي الموظفين، وكذا تعميم الانخراط في الصندوق المهني المغربي للتقاعد، وتبقى الزيادة الغريبة للرئيس هي رفع أجر طبيبة بالمصحة المتعددة الاختصاصات من 36990 درهم إلى 43913 درهم ورفع أجر الطبيبة المسؤولة التقنية والإدارية للمختبر من 41200 درهم إلى 61580 درهم دفعة واحدة. تلاعبات في التعويض من الخروقات التي تطرق إليها تقرير لجنة المراقبة استفادة عدد من مسؤولي التعاضدية من التعويض عن التنقل حيث ناهزت مبلغ 100 مليون درهم سنة 2011، علما أن هده السنة لم ينظم أي جمع عام، كما وقفت اللجنة على استخلاص شيكات التنقلات لأعضاء المجلس الإداري قبل تاريخ هذه المجالس مثال شيك بتاريخ 1 مارس 2011 بمبلغ 56012درهم لصالح أعضاء المجلس الإداري لتنقلهم المفترض لاجتماع 2 مارس 2011، كما تم تعويض عضو بالمجلس الإداري باحتساب تنقله من محل إقامته الصيفية بمارتيل عوض تعويضه حسب الدعوة إليه بمقر سكناه الرسمي وذلك بطلب منه حيث عوض بمبلغ 2310 درهم بدل 623درهم. أيضا وقفت اللجنة على قيام التعاضدية بتحويل مبلغ 209 ألف درهم لصالح مركز أمب للترويض التابع للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية في غياب أي وثيقة تؤطر العلاقة بين المركز النفساني والتعاضدية. وفي ملف الصفقات تطرق التقرير إلى قيام الرئيس بإبرام عقود لإسداء خدمات دورية للتعاضدية مع عدد من الشركات دون احترام المساطر الاعتيادية، ولم تتوصل اللجنة بأي وثيقة تبرر سبب اختيار تلك الشركات دون غيرها، ناهيك عن اعتماد ممونين لا تتوفر التعاضدية على أي ملف يخصهم مثل الشركة التي يعهد إليها بغالبية طلبات التوريد وأشغال التهيئات التي تقوم بها التعاضدية.