و السلطات الوصية عن قطاع التعاضد تغض الطرف بعد فوز لائحة لجنة التنسيق الوطنية لمندوبي و متصرفي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بمجموع مقاعد المجلس الإداري لهذه التعاضدية، الذي نظم انتخابه خلال الجمع العام الذي انعقد بمراكش يومي 25 و 26 يوليوز 2009، عقدت الآمال على هذا الفريق من أجل بناء تعاضدية تشتغل وفق معايير الجودة مع تدبير شفاف و نزيه و العمل من أجل خدمة المنخرط و نكران الذات. و قد تأسس هذا الطموح بناء على أن لجنة التنسيق، قد قادت معركة شرسة ضد الفساد الإداري و المالي الذي كان مستشريا خلال فترة تولي الفراع مسؤولية رئاسة المجلس الإداري، الذي يتابع حاليا في حالة سراح، بتهمة تبديد و اختلاس حوالي 127 مليار سنتيم، إلا أنه سرعان ما تبددت هذه الآمال بعد أن بدأت تطفو على السطح عدة ممارسات تذكرنا بتلك التي كان يبتكر فيها محماد الفراع. و يمكن إيجاز هذه الاختلالات في ما يلي، مع الإشارة الى أن هذا التقرير، لا يمكن أن يشكل جردا شاملا لمجمل الخروقات و الاختلالات، نظرا لكون رئيس المجلس الإداري، يفرض طوقا على الوثائق مع صعوبة الوصول الى المعلومة بحكم غياب الشفافية في التسيير: - خرق كبير لمدونة الصفقات العمومية و عدم احترام مبدأي الشفافية و المنافسة و التوقيع على الطلبيات بعد استشارة عبر الهاتف ، وهو ما يمنعه القانون الذي يفرض أن تكون الاستشارة كتابيا .كما يلاحظ تمرير طلبيات لنفس المقاولة دون احترام معايير المنافسة. و هو الأمر الذي يفرض على السلطات الوصية عن قطاع التعاضد، إجراء افتحاص دقيق على مجمل الصفقات التي أبرمت من طرف التعاضدية بعد انتخاب المجلس الإداري الحالي و المكتب الإداري، الذين أشرفت السلطات الوصية على عملية انتخابهما. - التلاعب بدفتر التحملات الخاص بتجهيزات الوحدات الصحية، وإعدادها للتوجه نحو اختيار نوع معين، و هو ما يتنافى مع مبدأ المنافسة الشريفة (و يمكن أن نسرد مثال كراسي طب الأسنان و النظارات البصرية). - استمرار العمل بصفقات مشبوهة و مكلفة، أبرمت خلال فترة تولي الفراع لرئاسة المجلس الإداري: شركة ماكدومار كنموذج (تستحوذ على 700 مليون سنتيم في السنة، بسبب الأثمنة التي تفرضها، والتي تتجاوز 4 مرات الثمن الحقيقي للمواد التي تسلمها للتعاضدية)، بالإضافة الى أوراش التهيئة لدور الاصطياف و الترفيه الراقي. - انعدام الشفافية و عدم تقديم بيانات مدققة (معززة بالوثائق المحاسبتية) عن الوضعية المالية و كذا المصاريف و لائحة المحاصيل و النفقات، و هو الأمر الذي يدفع الى التشكيك في كل الأرقام المقدمة من طرف رئيس المجلس الإداري. - عقد مجالس إدارية لا تستوفي الشروط القانونية: الاستدعاء بالهاتف بدل المراسلة، مع عدم الإعلان عن جدول الأعمال الذي من المفروض أن يدلى به ، 15 يوما قبل انعقاد المجلس الإداري، بالإضافة الى عدم توجيه الاستدعاء لبعض أعضاء المجلس الإداري، خاصة المعارضين للرئيس. - عدم القيام بخبرة وفق معايير الجودة المهنية، للحسابات المالية من الفترة الممتدة من 2004 الى 2009 و تقديم نتائجها ( أي التقارير المالية التي لم يصادق عليها الجمع العام أو التي لم تكن الدولة ممثلة فيها قصد مراقبة مدى قانونيتها، كما يقتضي ذلك ظهير 1963 المنظم للتعاضد). أهمية حصر هذه الحسابات لها أهمية قصوى لتحديد المسؤوليات عن الاختلالات التي عرفها تدبير التعاضدية خلال فترة تولي الفراع، مسؤولية رئاسة المجلس الإداري، و كذا للفترة التي دبر فيها المتصرفون المؤقتون المعينون من طرف الدولة، تسيير التعاضدية العامة بعد تطبيق الفصل 26 الذي أفضى الى حل الأجهزة المسيرة للتعاضدية. و من شأن هذه الخبرة تفادي الخلط بين العمليات المالية و المحاسبتية التي دبرت بعد 1 غشت 2009 (أي تاريخ تحمل المجلس الإداري الحالي، مسؤولية تدبير التعاضدية) مع العمليات التي مررت قبل 1 غشت 2009 و بالتالي سنتمكن من تحديد الاختلالات عن كل فترة و حجم الأضرار الناجمة عنها. و يشترط في هذه العملية، قيام الدولة بافتحاص دقيق عن هذه المراحل . - انجاز أشغال التهيئة لمرافق التعاضدية بدون موافقة السلطات الوصية (وزارتي التشغيل و المالية) و هو خرق للمادة 16 من ظهير 1963 المنظم للتعاضد. و تبلغ قيمة هذه الأشغال ، عشرات الملايين من السنتيمات عن العملية الواحدة، في إطار صفقة يتم فيها خرق مقتضيات مدونة الصفقات العمومية. - فتح عيادات جديدة وهو خرق للمادة 44 من مدونة التغطية الصحية الإجبارية (أمو) التي تمنع على التعاضديات ، مراكمة تقديم الخدمات الصحية و تدبير خدمات التغطية الصحية ، كما أنه خرق للمادة 15 من ظهير 1963 التي تشترط موافقة السلطات الوصية عن قطاع التعاضد، على عملية فتح تلك العيادات، و كذا الموافقة على عملية كراء أو شراء وحدات موجهة للخدمات الصحية. - إغلاق عيادة للأسنان بالرباط (أمام محطة القطار الرباط – المدينة) و جعل مكاتبها مقرا للاتحاد الإفريقي للتعاضد، رغم كون هذا الأخير ليست له أية فائدة لمنخرطي التعاضدية. و تجدر الإشارة الى أن هذه العيادة لها أحسن مردودية مقارنة مع باقي العيادات، بالإضافة الى الإقبال الكبير عليها من طرف المنخرطين. - تبذير مبالغ ضخمة، مقتطعة من أموال و مستحقات المنخرطين و ذوي الحقوق من مرضى و أيتام و أرامل، من أجل تنظيم الملتقى الدولي لما يسمى "الاتحاد الإفريقي للتعاضد". و معلوم أن رئيس المجلس الإداري (الذي يرأس هذا الاتحاد) و من يدعمه قرروا أن يكون مقر هذا الاتحاد بالرباط ، لأسباب سياسية ليست لها أية علاقة بالعمل التعاضدي السليم، وهي لا تخفى على أحد، مما سيكون له وقع سلبي على مالية التعاضدية. إن ما يزكي هذا الطرح هو ضعف التعاضديات الإفريقية المنضوية لهذا الاتحاد (أكبرها لا يتعدى 2000 منخرط و هو رقم بعيد جدا عن عدد منخرطي التعاضدية العامة و الذي يتجاوز 350000 منخرط) و كذا ضعف مواردها المالية ، دون أن نغفل ضعف التغطية الصحية بهذه البلدان الإفريقية. كل هذه الأمور ستدفع التعاضدية العامة إلى صرف مبالغ ضخمة من أجل تنظيم اللقاءات و المؤتمرات و التكوين بالإضافة الى مصاريف مقر هذا الاتحاد بالمغرب. - استمرار اشتغال العديد من الوحدات الاجتماعية على الرغم من عدم توفرها على التوازن المالي كما يقتضيه ظهير 1 -57-187 المنظم للتعاضد، بالإضافة الى عدم توفرها على ترخيص من طرف السلطات الوصية عن قطاع التعاضد. و غالبا ما يتم تشغيل هذه الوحدات لأسباب سياسوية ضيقة أو لإرضاء السلطات المحلية (كما هو الحال عليه بالنسبة لمركز أمل سوس بأكادير). - إتلاف ملفات المرض و التأخير الكبير في تسديد مستحقات المنخرطين، وهو التأخير الذي يتجاوز 5 أشهر. إنها أضعف مردودية مقارنة مع باقي التعاضديات المتعاقدة مع صندوق كنوبس. انه رقم بعيد جدا عن ما تفرضه مدونة التغطية الصحية الإجبارية عن المرض (3 أشهر، كما تنص على ذلك المادة 16 من هذه المدونة). كما أن هذه الآجال بعيدة كل البعد عن ما يحدده صندوق كنوبس (21 يوما، بعد أن قدم هذا الأخير دعما لوجيستيا للتعاضديات). و يلاحظ بأن بعض التعاضديات، تسدد مستحقات منخرطيها في فترة تقل عن 21 يوما. و قد ساهم في ضعف أداء مردودية التعاضدية العامة، سوء التدبير و انعدام الكفاءة المهنية لدى بعض المسؤولين، بالإضافة الى الطرد التعسفي ل 106 مستخدم(ة) (و هو ما يشكل تقريبا ثلث عدد المستخدمين) . - الإعداد لزيادة في اقتطاع "القطاع التعاضدي" الموجه لتسديد الخدمات التكميلية. و معلوم أن هذا الاقتطاع محدد في 1.8 في المائة من الراتب الأساسي. و يعتزم رئيس المجلس الإداري و من معه، رفع هذا الاقتطاع الى نسبة 1.8 من الراتب الخام، على أساس أن يتم تحسين بعض الخدمات. و قد اعتمدوا في ذلك على "دراسة" اكتوارية. و بعد الإطلاع على هذه "الدراسة"، اتضح بأنها تفتقد الموضوعية، كما أنها تنطلق من تخمينات إحصائية و توقعات لا تستند الى مقاييس علمية، مثل "عدد الأولاد الذين سينجبهم مستقبل المنخرط، توقعات الوفاة، التدرج المدرسي و الجامعي لأبناء المنخرطين،..." و كلها معطيات غير متوفرة، و بالتالي لا يمكن الانطلاق من معطيات لا تعتمد على إحصائيات علمية دقيقة. و تبقى مسألة استمرارية الخدمات الجديدة المقترحة، هي ضرب من خيال. فهل سيؤدي المنخرط ثمن أخطاء الرئيس و من معه؟. - لقد أعطى القانون، للجنة المراقبة المنتخبة من طرف الجمع العام، صلاحية مراقبة التدبير المالي للتعاضدية. كما أن وزارة المالية يمكن لها أن تحرك المفتشية العامة للمالية، من أجل إجراء افتحاص لمالية التعاضدية. إلا أن رئيس المجلس الإداري عرقل عمل لجنة المراقبة و رفض مدها بكل الوثائق التي من شأنها تسهيل عملها. و هو خرق فادح لمقتضيات القانون الأساسي للتعاضدية. فهل هناك شيء يريد هذا الرئيس إخفاءه؟. و للتذكير فالباب الرابع من هذا القانون ينص على أن الجمع العام ينتخب كل سنة لجنة للمراقبة تتكون من 3 أعضاء على الأقل. كما أنه تطبيقا لمقتضيات الفصل 14 من القانون الأساسي للتعاضدية، تضم لجنة المراقبة، بالإضافة الى الأعضاء المنتخبين، ممثلا للدولة يعينه وزير المالية. و تقوم هذه اللجنة بمراجعة صحة العمليات المالية قانونا و تراقب مسك المحاسبة، و الصندوق و محفظة الأوراق. و تدرج نتائج أشغالها في تقرير كتابي يبلغ الى رئيس المجلس الإداري قبل انعقاد الجمع العام. و يعرض هذا التقرير على الجمع العام. ويرفق هذا التقرير بمحضر مداولة الجمع العام. كما أن الفصل 19 من القانون الأساسي للتعاضدية، يلزم بأن يكون ضمن الوثائق التي تقدم خلال الجمع العام السنوي، تقرير لجنة المراقبة، بالإضافة الى مناقشة التقريرين الأدبي و المالي. أي أنه في غياب تقرير لجنة المراقبة، يفتقد الجمع العام جزءا من شرعيته. - لقد اقتربت سنتين عن انعقاد آخر جمع عام، إلا أن رئيس المجلس الإداري و من معه، يصرون على عدم عقد الجمع العام. ومعلوم أن الفصل 16 من القانون الأساسي للتعاضدية يفرض، عقد الجمع العام العادي مرة واحدة، على الأقل في السنة. و يحضر الجمع العام ، أعضاء المجلس الإداري و كذا المناديب. و يشترط القانون الأساسي للتعاضدية، تقديم التقريرين الأدبي و المالي و المصادقة عليهما من طرف الجمع العام العادي. كما يشترط نفس القانون، تقديم تقرير لجنة المراقبة. كما أن الفصل 23 من القانون الأساسي للتعاضدية، يشترط تجديد ثلث أعضاء المجلس الإداري. و بناء عليه كان من المفروض، عقد جمع عام عادي، نهاية شهر يوليوز 2010 و عقد جمع عام ثاني من أجل انتخاب ثلث أعضاء المجلس الإداري، نهاية يوليوز 2011 . و إذا لم يعقد الجمع العام الانتخابي، في الفترة التي يحددها القانون، سيصبح المجلس الإداري في وضعية غير قانونية. بالإضافة الى هذا الوضع الخطير، يلاحظ بأن رئيس المجلس الإداري يصر على تمرير الخروقات التالية: - تكليف إدارة التعاضدية بإعداد المحاضر، مما يشير الى أنها ستتكلف بإعداد التقرير الأدبي، وهو خرق فادح للفصل 36 من القانون الأساسي للتعاضدية، الذي ينص على أن الكاتب العام (و هو أحد أعضاء المكتب الإداري للتعاضدية) هو الذي يقوم بتحرير المحاضر و تقديم التقرير الأدبي الى الجمع العام. - تكليف إدارة التعاضدية بالمهام التي خولها الفصل 37 من القانون الأساسي للتعاضدية، الى الخازن (أمين المال). و هو خرق واضح للقانون الذي حدد لأمين المال، مهمة جمع التحصيلات و الأداءات و مسك دفاتر المحاسبة. كما أن نفس النص حمل لأمين المال، مسؤولية استعمال أموال و سندات التعاضدية، بالإضافة الى باقي المهام المنصوص عليها في الفصل 37 ، و ضمنها تقديم تقرير سنوي عن الوضعية المالية للتعاضدية. - إصرار رئيس المجلس الإداري على تقلد مسؤولية إدارة التعاضدية بالإضافة الى رئاسة المجلس الإداري و عدم تعيين مدير إداري (و هو المنصب الذي ظل شاغرا منذ بداية 2009 أي قبل انتخاب المجلس الإداري الحالي). كما أنه يرأس الخلية المسماة ب"لجنة القيادة" و هي اللجنة التي تبادر باتخاذ أغلبية القرارات دون علم المكتب الإداري و كذا المجلس الإداري. إن ما يسمى ب"لجنة القيادة" هي بنية غير منصوص عليها في أي قانون (القانون الأساسي للتعاضدية – ظهير 1963 المنظم للتعاضد). و معلوم أن الفصل 30 من القانون الأساسي للتعاضدية، يعطي صلاحية التدبير للمجلس الإداري. كما أن هذا المجلس يمكن أن يفوض جزءا من صلاحياته في التدبير إلى الإدارة. إلا أنه لحد الساعة لم يتخذ المجلس الإداري، أي قرار بتفويض جزء من صلاحياته إلى ما يسمى ب"لجنة القيادة". أي أن كل القرارات التي اتخذتها هذه اللجنة ليست لها أية قوة أو مرجعية قانونية. - غياب العمل بالمساطر الإدارية و المالية و المحاسبتية و تغليب منطق التعليمات و إصدار الأوامر عبر الهاتف. - غياب العمل بلوحات القيادة التي تسهل مراقبة تطور مؤشرات المردودية داخل التعاضدية، مع عدم تقديم هذه المعطيات الموثقة لأعضاء المجلس الإداري، وهو تعتيم مقصود، الغرض منه عدم الكشف عن الوضعية الحقيقية التي تعيشها التعاضدية العامة. - الاستبداد في تسيير الموارد البشرية و عدم احترام مقتضيات مدونة الشغل مع غياب قانون أساسي لتسيير المستخدمين، مصادق عليه من طرف السلطات الوصية. كما يلاحظ الاستمرار في تقديم منح خيالية لبعض "المسؤولين" و الفتات لفئات واسعة من المستخدمين . دون أن ننسى المراجعة الغير قانونية، للوضعية الإدارية لبعض المسؤولين المقربين (بعضهم بأثر رجعي منذ 1987 و البعض الآخر تم تعويضهم عن مسؤوليات خلال فترة الفراع)، الذين قدموا "خدمات " من نوع خاص للرئيس،... كما تم التلاعب بترقية الممثلين النقابيين و تزوير نقط بعض "المسؤولين" الإداريين من أجل ترقيتهم نهاية سنة 2010 ، انه نوع من التدبر "الشفاف و النزيه" الذي أتى به الرئيس الجديد. - استمرار الريع التعاضدي عبر تسديد تعويضات عن تنقلات وهمية و مبالغ فيها ، حيث تصر الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، على صرف أموال باهظة يتم نزعها من واجبات الانخراط التي يؤديها منخرطو هذه التعاضدية، لتقدم على شكل "تعويضات عن التنقل" للمتصرفين، أعضاء المجلس الإداري و كذا بعض الإداريين. و من المؤكد أن هذه "التعويضات" الخيالية، تصرف بطريقة منافية للقانون، بحيث تسدد على الشكل الآتي: - التعويض الكيلومتري: 1.5 درهم عن الكيلومتر (و هو مبالغ فيه بشكل كبير)، و هو تعويض يفترض كما هو معمول به داخل الإدارات و المؤسسات العمومية، أن يسدد إلى من يتنقل بواسطة سيارته الخاصة. إلا أنه داخل التعاضدية العامة، يعطى كذلك لمن يتنقل بواسطة وسيلة نقل عمومية (حافلة أو قطار). - التعويض عن المبيت و التغذية: 1000 درهم في اليوم (و هو كذلك مبالغ فيه، انه نفس المبلغ الذي يتقاضاه موظف الدولة عندما يتنقل خارج المغرب). و التعويضان يتم مراكمتهما معا. و لإعطاء مثال حي عن هذا التبذير، أسرد مثال "التعويضات عن التنقل" التي تم تسديدها إلى كل متصرف حضر من الرباط إلى أكادير لمتابعة أشغال المجلس الإداري للتعاضدية العامة الذي انعقد يوم 4 دجنبر الأخير، حيث تسلم كل واحد منهم مبلغ 7000 درهم (نعم سبعة ألف درهم): 3000 درهم للتعويض الكيلومتري و 4000 للتعويض عن المبيت و التغذية (احتساب أربعة أيام)، مع العلم، أن اجتماع المجلس الإداري، تم في يوم واحد فقط. وبالطبع فان المبالغ التي تسلمها المتصرفون القادمون من مناطق أبعد من الرباط، كانت أكبر من 7000 درهم. و في المجموع تم تبديد حوالي 30 مليون سنتيم ليلتهمها بجشع كبير، هؤلاء المتصرفين و بعض الإداريين الذين حضروا أشغال هذا المجلس، رغم كونهم ليست لهم الصفة القانونية لحضور هذا الاجتماع، كما ينص على ذلك القانون الأساسي للتعاضدية العامة. و تجدر الإشارة إلى أن المجلس الإداري للتعاضدية العامة، يجب أن ينعقد بالرباط و هو المقر الاجتماعي و الإداري للتعاضدية، وليس بأكادير، وهو ما يؤكد بأن أصحاب هذه الفكرة كان هدفهم هو تبديد أموال المنخرطين. و يتكرر نفس السيناريو في مناسبات أخرى، حيث نجد نفس الأشخاص يقومون بجولات داخل المغرب، في مهمات وهمية لا تدخل في نطاق مهام التعاضدية أو ليست لها أدنى أهمية بالنسبة للمنخرط ، و هي فرصة أخرى للنهب بطريقة جشعة، و تبديد أموال المنخرطين من مرضى و أأيتام و أرامل و ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يمكن اعتبارها خيانة للأمانة. إنها نفس الممارسات التي ضبطها تقرير مفتشية الشغل عن الفترة الممتدة من 2004 إلى 2007 ، أي خلال فترة تولي الفراع رئاسة المجلس الإداري للتعاضدية العامة، لتتكرر مرة أخرى هذه الممارسات من طرف الأجهزة المسيرة الجديدة. إن ما ينتظره المنخرط هو: تحسين الخدمات، تقليص مدة الأداء، الاستقبال الجيد، نظام معلوماتي لتدبير ملفات المرض، نشر قيم المنفعة العامة بدل الريع التعاضدي ، ضمان التوازن المالي و تحسين المردودية،.... و ليس الاغتناء اللامشروع للمتصرفين. (سبعة ألف درهم و ما فوق بالنسبة لمهمة واحدة تستغرق يوما واحدا: المجلس الإداري الذي انعقد بأكادير كنموذج)، "يستفيد" منها بعض المتصرفين، أعضاء المجلس الإداري، وكذا بعض "المسؤولين" الإداريين، المعروفين بعدائهم للمستخدمين . و يمكن اعتبار هذا الريع ،انحرافا عن مبادئ ميثاق الشرف الذي تم التوقيع عليه من طرف هؤلاء المتصرفين، مباشرة بعد انتخابهم صيف 2009 . - و في نفس السياق، يطرح سؤال عن من يمول سفريات رئيس المجلس الإداري، المتكررة خارج المغرب و في مختلف القارات، في مهمات هي من اختصاص صندوق كنوبس، وأعني بها تمثيلية التعاضديات لدى المحافل الدولية ؟. - إن المجلس الإداري الذي انعقد بأكادير يوم 4 دجنبر الأخير، تم تنظيمه بمركز أمل سوس ، أي بمكان مطعون في شرعيته. و هو ملف مطروح على القضاء للبث فيه. و للتذكير، فان هذا المركب كلف ميزانية التعاضدية مبلغا يقدر بحوالي 4.5 مليار سنتيم و قد تجاوز هذا المبلغ ، القيمة الأولية للصفقة بحوالي 500 في المائة ، و هو خرق سافر لمدونة الصفقات العمومية، التي تحدد التجاوز في 10 في المائة. بالإضافة إلى هذه الخروقات، يضم هذا المركب عدة مرافق ليست لها أية علاقة مع الخدمات التي تقدمها التعاضدية، أذكر من بينها: مسبح مغطى، غرف فخمة، مرافق صحية لم يتم الترخيص لها من طرف وزارة الصحة، قاعات للتدليك و كمال الجسم،... كما أن وزارتي التشغيل و المالية لم تعط موافقتها على استغلاله. و تبقى التساؤلات مطروحة عن الأسباب و الخلفيات التي دفعت البعض، داخل الأجهزة المسيرة الحالية، إلى الإصرار على استغلال هذا المركز على الرغم من عدم شرعيته. و بخصوص هذا الإصرار المنافي للقواعد القانونية، أشير إلى أن الرئيس الحالي للمجلس الإداري للتعاضدية العامة، قد فتح حسابا بنكيا بأكادير، و حول إليه مبلغ 600 مليون سنتيم ، منتزعة من أموال المنخرطين، من أجل صرفها على تسيير هذا المركز الذي لا يتوفر على ترخيص من طرف وزارتي التشغيل و المالية. كما أن تسييره سيكلف ميزانية تقدر بحوالي مليار سنتيم في السنة، مما سيسبب للتعاضدية العامة، عجزا ماليا كبيرا. و معلوم أن ظهير 1963 المنظم للتعاضد ، يشترط ضمان التوازن المالي لتسيير أي مرفق اجتماعي تابع للتعاضدية. و تجب الإشارة الى أن عملية تحويل 600 مليون المشار إليها أعلاه، تزامنت مع التحقيق الذي فتحته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول الاختلالات التي عرفته صفقة تهيئة مركز أمل سوس،و هو التحقيق الذي أفضى الى اعتقال الكاتب العام لجمعية المهندسين بأكادير و المقاول المسؤول عن المشروع. - إن ما اعتبر بجولات تحسيسية هي في الواقع مناسبة يستغلها البعض لعدة أهداف غير شريفة: أذكر من بينها "الاستفادة" من أموال ضخمة تنزع من مالية التعاضدية (عدة ملايين من السنتيمات لكل شخص مع المبالغة المقصودة في تقديرها، مما يشكل خرقا للقانون و نوعا من الريع التعاضدي. - تنظيم حملات ، بمختلف المناطق، من أجل تقديم علاجات و فحوصات طبية مجانية، وهي عملية لا تدخل في اختصاص التعاضدية، ولها بكل تأكيد أهداف سياسوية و انتخابوية. - استمرار مجموعة من الأشخاص الذين تثار حولهم الشبهات في تسيير بعض البنيات الرئيسية. و قد انعكس هذا الاختيار و السلوك غير السليم سلبا على تدبير الموارد البشرية وكذا بعض الخدمات الاجتماعية. كما أنه من الملفت للنظر، أن هؤلاء الأشخاص يكنون عداء للعمل النقابي الجاد كما أنهم يمارسون حربا غير أخلاقية على كل متصرف و مندوب له رأي مخالف لرئيس المجلس الإداري. و يجب التذكير بأن نفس هؤلاء الأشخاص كان يستعملهم الفراع لمحاربة كل معارضيه. - وجود أشخاص داخل المكتب الإداري يشير إليهم تقرير المفتشية العامة للمالية بكونهم تسلموا أموالا بصفة غير قانونية عن طريق مصاريف لتنقلات وهمية (انظر التقرير الذي أنجز عن الفترة الممتدة من 2004 إلى 2007 ). - عدم قدرة الأجهزة المسيرة الحالية،على تدبير الموارد البشرية خاصة بعد أن تسببت في النزاع الاجتماعي الحالي المرتبط بملف المستخدمين المتعاقدين مع التعاضدية. و هنا يجب التذكير بما يلي: - عند توليه رئاسة المجلس الإداري للتعاضدية العامة، في صيف سنة 2009 ، صرح الرئيس الحالي لهذا المجلس، بأن الكتلة الأجرية تتجاوز 55 في المائة من مجموع مصاريف التسيير. و أكد حينها بأن التعاضدية العامة تعرف "فائضا" يقدر ب 188 منصب شغل و بأن أغلبهم جاء عن طريق توظيفات "غير قانونية" ، يتحمل فيها المسؤولية الرئيس السابق. مع الإشارة إلى أن هؤلاء 188 مستخدم، هم متعاقدون. و تجدر الإشارة إلى أن بعض هؤلاء المتعاقدين قد تم توظيفهم سنة 1997 أي ثلاثة سنوات قبل أن يتم تعيين الفراع على رأس هذه التعاضدية. كما أن جل العقود تستوفي كامل الشروط القانونية، و هو ما يفند ادعاء الرئيس الحالي. و بعد فترة وجيزة، قامت إدارة التعاضدية العامة بطرد 55 مستخدما، بعد أن قيل بشكل مغلوط بأن عقد عملهم غير قانونية. إلا أنه عند مناقشة مشروع ميزانية 2010 ، في شهر أكتوبر 2009 ، أي بعد حوالي شهرين من التصريح الأول، صرح الجهاز المسير للتعاضدية ، بأن هناك حاجة ل 210 منصب شغل (ضمنهم عدد كبير من حملة شهادة البكالوريا+5 ). فكيف تحول الفائض، في ظرف شهرين، إلى نقص في الوسائل البشرية؟؟؟. و تحولت نسبة الكتلة الأجرية من 55 في المائة إلى أقل من 30 في المائة من ميزانية التسيير. فكيف نفسر هذا التحول في الأرقام؟؟؟؟. و في تطور مفاجئ، قرر المكتب الإداري للتعاضدية العامة، إجراء امتحان مفتوح أمام مرشحين خارج التعاضدية بالإضافة إلى المتعاقدين ، من أجل التباري على 133 منصب شغل ( و هو العدد المتبقي من 188 منصب شغل، بعد أن تم طرد 55 من المتعاقدين ، كما تمت الإشارة إليه سابقا). و قد ووجه هذا القرار، برفض المتعاقدين، اجتياز هذا الامتحان، لكونه يخالف القانون. و معلوم أن هذه المجموعة من المتعاقدين (لهم أقدمية شغل داخل التعاضدية، تتراوح بين 6 و 13 سنة)، سبق لهم أن أجروا فترة تدريب داخل التعاضدية، أعقبوها باجتياز و بنجاح، امتحان كتابي و شفوي، أشرفت عليه "أنابيك". و قد أجري هذا الامتحان ، في بداية سنة 2007 . و تم التوقيع من طرف كل من الرئيس السابق للتعاضدية و أنابيك و المستخدم، على عقدة شغل، التزمت بموجبها ، إدارة التعاضدية على ترسيمهم بعد سنتين من التدريب. أي أنه كان من المفروض أن يتم ترسيمهم في بداية سنة 2009 . و بسبب تعنت الرئيس الحالي للمجلس الإداري للتعاضدية العامة، بفرض اجتياز المتعاقدين لهذا الامتحان التصفوي، على الرغم من أنهم سبق لهم أن اجتازوا نفس المباراة سنة 2007 ، قرر هؤلاء المتعاقدون الدخول في أشكال نضالية متعددة. بدأت بوقفات احتجاجية، بتأطير من النقابة الوطنية لمستخدمي التعاضدية العامة (الاتحاد المغربي للشغل)، لتنتهي بتنظيم اعتصام مفتوح منذ 18 مايو الأخير (أي أنه دخل شهره 11 ، دون أن تظهر بوادر لفك هذا النزاع). و في الوقت الذي كان من المفروض، الاستجابة لمطالبهم المشروعة و على رأسها إلغاء تلك الامتحانات المخالفة للقانون و ترسيمهم بناء على عقد العمل التي تربطهم بالتعاضدية، قرر المكتب الإداري للتعاضدية العامة، بشكل تعسفي و في خرق سافر لمدونة الشغل، فسخ عقد عملهم، مما تسبب في تشريد 51 عائلة. مع الإشارة إلى أن باقي المتعاقدين الذين اجتازوا المباراة التي فرضت عليهم صيف هذه السنة، قد وقعوا على عقدة تضعهم في وضعية متدرب لفترة تدريب لمدة 6 أشهر مع تقهقر كبير في السلاليم التي كانت عندهم سابقا (من السلم 10 إلى السلم 8 أو 5 ). وهو ما يوضح بأن هذا الامتحان، كان فخا لضرب مكاسبهم السابقة. و إذا دققنا في "الحاجيات" التي حددها من خططوا لميزانية 2010 ، نجد أن بعض الحاجيات مبالغ فيها وغير مبررة و يمكن التدليل بالمثال التالي: حدد الرئيس "حاجياته" في 8 مناصب ملحقين بالرئاسة ِ( 1 ماستر في الحقوق أي باك+5 ، 1 مختص في التواصل (دبلوم عالي) ، 1 مختص في الافتحاص (باك+5 ) ، 1 مجاز في الحقوق،1 مراقب (باك+5)، 1 تقني في المعلوميات، 1 تقني في "المكتبيات" ، 1 تقني متخصص في إعلاميات التسيير). هذه "الحاجيات" غير مبنية على دراسة علمية بل بنيت من أجل التضخيم في "جهاز" رئاسة المجلس الإداري ليصل إلى حجم "الرئيس المدير العام" لكبار المقاولات دون الاكتراث بمصاريف الكتلة الأجرية المرتفعة لهذه الفئة من المستخدمين. نفس الملاحظة يمكن أن تثار حول "حاجيات" باقي الأجهزة المسيرة (المديرية، قسم الموارد البشرية ،...) فأين نحن من شعار "ترشيد النفقات" ؟. كما أن بعض الأكاذيب التي كان يروج لها، مثل أن بعض المتعاقدين حاصلون فقط على شواهد في الحلاقة و تربية المواشي، سرعان ما انكشفت، حيث اتضح بأن هؤلاء المتعاقدين حاصلون على شواهد جامعية عليا تؤهلهم للتوظيف داخل التعاضدية العامة. - إعلان الحرب على العمل النقابي، ضدا على القانون و رفض الحوار مع النقابة الأكثر تمثيلية و رفض إبرام اتفاقية جماعية معها و هو خرق سافر لمدونة الشغل. - فرض حصار على المتصرفين و المناديب الغير موالين لرئيس المجلس الإداري، وعرقلة عملهم عند قيامهم بخدمات لفائدة المنخرطين. - إعطاء التعليمات لرئيس مكتب الضبط، لرفض تسلم شكايات و رسائل المناديب و المتصرفين. و هو تصرف غير أخلاقي و غير قانوني. كل هذه الاختلالات تؤكد ضرورة إجراء افتحاص نزيه و محايد، من طرف السلطات الوصية عن قطاع التعاضد و اتخاذ القرارات المناسبة التي يقتضيها القانون في مثل هذه الحالات، مع الإسراع بإصلاح منظومة التعاضد و فصل السلط بين الأجهزة المنتخبة و الأجهزة الإدارية و تأهيل الموارد البشرية للتعاضدية. عبد السلام بلفحيل عضو المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية الرباط في 29 مارس 2011