إرجاع الأموال التي راكمها كل من ثبت تورطه في تبديد أموال تعود للمنخرطين ومراقبة تدبير اشتراكاتهم في القطاع التعاضدي "" تفاعل ملف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية منذ سنة 2002 حين تأسست لجنة التنسيق لمناهضة الفساد الذي بدأ يستشري داخل هذه التعاضدية، إلى أن طبقت الحكومة الفصل 26 من ظهير 1963 بموجب القرار المشترك لوزير التشغيل والتكوين المهني ووزير الاقتصاد والمالية القاضي بحل الأجهزة المسيرة مع مطلع السنة الحالية 2009 وتعيين متصرفين مؤقتين لوضع حد للاختلالات التي تهدد التوازنات المالية لهذه التعاضدية. ومن أجل استشراف مستقبل هذه الأخيرة وضمان دمقرطة تدبير قطاع التعاضد ككل يشدد عبد المولى عبد المومني منسق اللجنة الوطنية الموسعة لمندوبي ومتصرفي التعاضدية العامة وعضو المجلس الأعلى للتعاضد في الحوار التالي على:
- ضرورة الفصل بين سلطات الإداري والمنتخب في قطاع التعاضد - تعزيز دور المراقبة حفاظا على مصالح المنخرطين وحماية للمستخدمين
بعد تطبيق الفصل 26 من ظهير 1963 بموجب القرار المشترك لوزير التشغيل والتكوين المهني ووزير الاقتصاد والمالية في حق التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ماهي الخطوات المقبلة للجنة التنسيق؟ أو بعبارة أوضح هل انتهى الدور الذي أسست من أجله هذه اللجنة؟
* على ذكر تطبيق الفصل 26 من ظهير التعاضد يجب أولا أن نشيد بجرأة اتخاذ مثل هذا القرار، وأن نشير إلى أن مصالح الوزارات الوصية اتخذت هذا القرار بعد ان تبين لها وجود اختلالات تهدد التوازنات المالية للتعاضدية العامة، مما أضر بمصالح المنخرطين وكذا مستخدمي هذه التعاضدية. وقد جاء هذا القرار لضمان استمرارية الخدمات التي تقدمه لمؤمنيها وحفاظا على مناصب الشغل لمستخدميها.
أما بخصوص دور وأهداف لجنة التنسيق الوطنية الموسعة لمناديب ومتصرفي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية نشير إلى أن اللجنة أسست منذ سنة 2002 على اثر إصرار الرئيس المقال مؤخرا، بموجب القرار المشترك لوزير التشغيل والتكوين المهني ووزير الاقتصاد والمالية، آنذاك على تنظيم جمع عام انتخابي في مراكش خارج الضوابط المنصوص عليها في ظهير 1963 المنظم للتعاضد، متحديا بذلك مراسلات وزير التشغيل والتكوين المهني حينها عباس الفاسي والتي كانت تثنيه عن القيام بذلك. وتتمثل أهداف اللجنة في صون حرمة القانون والمشروعية دفاعا عن مصالح ومكتسبات المنخرطين، ومناهضة سوء التدبير داخل هذه المؤسسة الاجتماعية. ويبقى الهدف أو الدور الذي أسست من أجله هو مناهضة الفساد الذي استشرى داخل هذه التعاضدية بكافة أنواعه القانوني، المالي، التدبيري والانتخابي، ونؤكد أنه لم يكن حينها ولا اليوم هدفنا هو حل الأجهزة المسيرة بتطبيق الفصل 26 من ظهير التعاضد فقط. وإنما الوقوف في وجه الممارسات اللاقانونية التي تضر بالمنخرطين من جراء العبث بصحتهم وصحة ذوي الحقوق ومصالحهم جميعها، والعمل على تحيين المنظومة القانونية وسد الثغرات الموجودة فيها التي تستغل لأجل أهداف شخصية محضة، من أجل ترسيخ مبادئ الحكامة في التسيير والشفافية والنزاهة والديموقراطية وإشراك الجميع في تدبير مصالح أزيد من 350 ألف منخرط وأزيد من 800 ألف من ذوي حقوقهم. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان هدفنا ومايزال هو المساهمة في إنجاح الورش الاجتماعي للتغطية الصحية، ولأن هذا الورش سيبقى مفتوحا مادام هناك مواطنون وصحة ومرض فإن عملنا سيبقى مستمرا ومتواصلا بصيغ أخرى وعلى واجهات أخرى.
أما فيما يتعلق بالخطوات التي ستقدم عليها هذه اللجنة في المرحلة الراهنة فإنها تتمثل في تنظيم ندوة صحافية بحضور الهيآت السياسية والنقابية والحقوقية وترانسبرنسي المغرب وهيئات حماية المال العام ومهنيي الصحة والبرلمانيين والإعلاميين لوضع منخرطي التغطية الصحية بشكل عام ومنخرطي التعاضدية العامة بشكل خاص والمهتمين بالشأن التعاضدي في صورة المحطات والملابسات التي أدت إلى تطبيق الفصل 26 من ظهير 1963 المنظم للتعاضد وتوابعه وما يتطلبه تدبير المرحلة اللاحقة؛ كما سنعمل على تنظيم لقاءات عمل ومرافعات لتدبير المرحلة المقبلة مع المنظمات النقابية وفق جدولة زمنية محددة؛ وسندعو إلى الإسراع بانعقاد المجلس الأعلى للتعاضد في دورة استثنائية من اجل فتح ورش حول التعديلات المقترحة على ظهير 1963 المنظم للتعاضد وإخراجها في اقرب الأوقات الى حيز الوجود على أساس اجتثاث الفساد وحماية المال العام وترسيخ الممارسة الديمقراطية السليمة داخل القطاع التعاضدي. وبالموازاة سنستمر في مواصلة التعبئة وطنيا وجهويا ومحليا بين صفوف منخرطي التعاضدية العامة عبر التنظيمات النقابية لتوخي الحذر واليقظة حماية لحقوقهم ومكتسباتهم ولاسيما حق المشاركة في انتخابات نزيهة وشفافة، ولقطع الطريق أمام عودة رموز الفساد والإفساد إلى دواليب التعاضدية العامة.
كيف ترون وضع التعاضدية العامة الآن بعد تعيين المتصرفين المؤقتين؟
حسب القرار المنشور في الجريدة الرسمية فان السلطات الحكومية حددت لكل متصرف مهامه واختصاصاته. ولاشك أن أمام هؤلاء المتصرفين المؤقتين بالتعاضدية العامة مسؤوليات جسيمة لإنجاح المرحلة الانتقالية وضمان عدم تكرار كابوس التجربة السابقة. وفي هذا الإطار يتساءل المنخرطون حول ظروف اشتغالهم بالنظر إلى مخلفات الأجهزة المسيرة سابقا خاصة، إذا علمنا أن مدة تدبير هذه الأجهزة دامت حوالي 10 سنوات. وقد عانت المفتشية العامة للمالية خلال هذه المرحلة من صعوبات عديدة في القيام بمهامها، بسبب صعوبة الوصول إلى المعلومات والوثائق التي تسهل هذه المهام.
الأمر الذي يجعل التساؤل مشروعا حول وضعية اشتغال هؤلاء المفتشين بعد تعيين المتصرفين المؤقتين، وهل سيتمكنوا من انجاز تقرير يشكل خارطة طريق أولية للأجهزة التي ستسير التعاضدية العامة مستقبلا؟. فكما يعرف كل متتبع ومهتم بهذا الملف، فانه مباشرة بعد مجيء المتصرفين المؤقتين تحركت عدة أيادي في الخفاء والعلن داخل صفوف المندوبين والمتصرفين المقالين والمستخدمين من أجل تنظيمهم لتشكيل جيوب مقاومة من الداخل والخارج. فهل تتعامل الحكومة والمتصرفون المؤقتون بحذر ويقظة وجدية تجاه كل تحرك مشبوه من أي كان ولمصلحة أي جهة كانت؟.
أملنا في لجنة التنسيق الوطنية الموسعة لمندوبي ومتصرفي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية أن يقطع هؤلاء المتصرفين المؤقتين الطريق أمام جيوب المقاومة هاته والمحسوبين على جبهة الفساد، حتى تمر المرحلة الانتقالية بنجاح خدمة للديموقراطية.
هل ستتم إحالة الملف على القضاء؟ وماهي الجهة التي ستحيله؟
في البداية نذكر بأن اهتمام لجنة التنسيق الوطنية الموسعة يصب بخصوص نوعية التدبير الذي شهدته هذه المؤسسة والاختلالات المالية المتعددة والخروقات القانونية التي تنعكس على الخدمات الموجهة لصالح ما يفوق مليون مستفيد التي نناضل من اجل إيقافها.
كما نذكر كذلك بالاحباطات التي عرفناها سابقا بخصوص الموقف غير المفهوم الصادر عن القضاء إزاء القضايا التي رفعت استعجاليا وفي الموضوع تتعلق بالانتخابات التي نظمها التعاضدية العامة منذ سنة 2002، ولكن كنا دائما نحترم القضاء ونستقبل الأحكام الصادرة عنه بصدر رحب.
واليوم ينتظر المتتبع والمنخرطون والرأي العام الوطني مآل ملفات التعاضدية العامة المطروحة أمام القضاء كما ورد في عدة منابر إعلامية حيث باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية البحث في التدبير المالي للمؤسسة؛ فيما باشرت لجنة من المفتشية العامة لوزارة المالية بحثا ثانيا يتعلق بالتدبير المالي والإداري للفترة الممتدة من سنة 2004 إلى يومنا هذا. كما تبحث محكمة الاستئناف بالرباط في موضوع اختلاس 50 مليون سنتيم؛ أما الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي فقد باشر مسطرة رفع دعاوى حول الخروقات المرتبطة بجمعية المنخرطين ذوي الأمراض المزمنة المعروفة اختصارا باسم "أماصوم" وبالتطاول على اختصاصات الصندوق...
وقد سبق لهيئة المحكمة الابتدائية بالرباط؛ أواخر سنة 2008؛ أن نطقت بالحكم في دعوى رفعها أعضاء من المجلس الإداري للتعاضدية وهو الحكم القضائي الذي ألغى الانتخابات التي أجريت في التعاضدية العامة سنة 2007 ومايزال هذا الملف مطروحا أمام أنظار استئنافية الرباط. وما ذلك إلا نتيجة لتضافر جهود القوى الحية بالبلاد، وجاء في وقته ليحمل المسؤولية الكاملة للحكومة وخاصة الوزارات الوصية لتطبيق الفصل 26 من ظهير 1963 لإبطال انتخابات تجديد مناديب المنخرطين التي أجريت، خارج الضوابط القانونية في سنة 2007.. وهو ماتم بتفعيل هذا الفصل مطلع هذه السنة.
ومادامت الحكومة برئاسة وزيرها الأول قد طبقت الفصل 26 من ظهير 1963 القاضي بحل كل الاجهزة المسيرة للتعاضدية العامة فإن هذا يعني رسميا ثبوت وجود اختلالات تهدد التوازنات المالية لهذه التعاضدية. وبما أن عدة ملفات مطروحة أمام أنظار القضاء كما أشرنا إلى ذلك أعلاه، فإن انتظارات المنخرطين الاساسية وعموم الرأي العام الوطني الذي تابع أطوار ومراحل مناهضة العبث بمصالح المنخرطين وهدر أموالهم تتمثل في إرجاع الأموال التي راكمها كل من ثبت تورطه في تبديد أموال تعود للمنخرطين عبر تسويات مالية مشبوهة تمت تحت جنح الظلام في تحد سافر لكل التحذيرات والتنبيهات الموجهة من طرف وزراء الحكومة؛ وان تحال نتائج تقارير اللجان المختصة جميعها الحالية والسابقة على القضاء ليقول كلمته فيها. وكل أملنا في لجنة التنسيق أن يتم الإسراع في إخراج نتائج هذه التقارير، لأجل إعادة الثقة والامل للمنخرطين جميعا الذين أدوا ويؤدون ثمنا باهضا مقابل الحصول على خدمات متدنية ولا ترقى إلى مستوى حجم اشتراكاتهم المالية.
ماهي التحديات التي تواجه التعاضدية العامة اليوم على كافة المستويات المالية، الإدارية والقانونية والانتخابية؟
نرى في لجنة التنسيق الوطنية الموسعة لمناديب ومتصرفي التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية أن ماينبغي القيام به أولا وقبل كل شيء هو إجراء افتحاص خارجي للوقوف على حجم الضرر الذي لحق هذا المرفق الاجتماعي على مدى أزيد من ست (9) سنوات من هدر الملايير من السنتيمات من أموال المنخرطين، بسبب عدم وجود سياسة تخطيط استراتيجية تضع ضمن أولوياتها الأهداف الاجتماعية التي أنشئت من أجلها هذه التعاضدية. وذلك لأجل إعادة الثقة للمنخرطين في هذه التعاضدية بتأكيد أولوية الاهتمام بمصالحهم وحماية لحقوق المستخدمين على السواء؛ ثم ضمان تدبير شفاف ونزيه لشؤونهم الإدارية عبر ممثليهم المنتخبين ديموقراطيا. ونعتقد أن هذا يعتبر التحدي الأول الذي ستواجهه الأجهزة التي ستسير التعاضدية مستقبلا. ولرفع هذا التحدي يتحتم على الدولة خلال هذه المرحلة الانتقالية وخاصة الوزارات الوصية في شخص المتصرفين المكلفين مؤقتا بتدبير شؤون التعاضدية أن تحرص على النزاهة والشفافية والديموقراطية خلال تنظيم الانتخابات المقبلة، وأن تضع بين أيدي الأجهزة التي ستنتخب نتائج التفتيش والافتحاص الخارجي مما سيمكن من كسب التحديات المستقبلية الخاصة بهذه التعاضدية ومن خلالها ربح التفعيل السليم والسلس لمدونة التأمين الإجباري عن المرض. ولا شك أن تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة وديموقراطية وتمكين الأجهزة المنتخبة من نتائج الافتحاص الخارجي سيكون بمثابة خارطة طريق لإصلاح الاختلالات وبالتالي انقاد التعاضدية العامة من الإفلاس والحفاظ على مصالح المنخرطين والمستخدمين وتحصين نظام التعاضد ككل، ومن تم المساهمة الفعالة والصحيحة في بناء منظومة صحية قوية.
ذكرتم "إعادة الثقة في نظام التعاضد، وأن عملكم في لجنة التنسيق سيبقى مستمرا ومتواصلا بصيغ أخرى وعلى واجهات أخرى" ماذا تقصدون بذلك وكيف؟
* كما يتابع الرأي العام الوطني فقد حلت الحكومة الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة، وأن القضاء - قبل اتخاذ هذا القرار- كان قد ألغى نتائج انتخابات ممثلي المنخرطين التي نظمت سنة 2007. وهذان القراران خلفا ولاشك تأثيرا بالغ الأهمية في مسألة إعادة الثقة هذه. لكن السؤال العريض الذي يطرح نفسه هو - هل بصيص الأمل الذي لاح بعد هذه الاجراءات ستصاحبه أخرى لتثبيت هذه الثقة وترسيخ عدم تكرار مثل هذه الممارسات؟ وهل ستعمل الحكومة على إنقاد التعاضدية العامة؟. أما نحن في لجنة التنسيق فقد سطرنا برنامجا استراتيجيا للتعامل مع هذه المتغيرات والمستجدات والتفاعل معها. وقد أشرنا إلى خطوطها العريضة سابقا. بحيث سنركز انشغالاتنا، بتنسيق مع كل المتدخلين والمعنيين والمساندين، من أجل ربح رهان الحكامة الجيدة عبر إخراج تعديلات ظهير 1963 إلى حيز التطبيق بما يضمن عدم استباحة أموال ومصالح المنخرطين، ويحول دون أي ممارسة تخرق مبادئ التعاضد ومقتضيات القوانين الجاري بها العمل. كما سنعمل من أجل تفعيل دور المجلس الأعلى للتعاضد باحترام آجال انعقاد اجتماعاته والحسم في القضايا التي تسيئ إلى نظام التعاضد ومبادئه.
على ذكر المجلس الأعلى للتعاضد وتعديلات ظهير 1963 ماهي التعديلات التي ترونها في لجنة التنسيق واجبة لضمان الشفافية في التسيير؟
بحكم تجربتنا المتواضعة كمندوبين أو متصرفين أو أعضاء في لجنة المراقبة بهذه التعاضدية، نرى في لجنة التنسيق أن الثغرات التي استغلت لأغراض لا تخدم مبادئ التعاضد تكمن في:
- عدم التمييز بين مهام واختصاصات ومسؤوليات كل من الإداري والمنتخب؛ وعدم التوازن بين السلطات المخولة لكل منهما؛