نتابع استعراض الوسائل التعليمية كما استخدمها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، من خلال كتاب (استخدام الرسول الوسائل التعليمية) للأستاذ حسن بن علي البشاري. وكنا قد استعرضنا في حلقات سابقة استخدام الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الإشارة بالأصابع والإشارة باليد الواحدة والإشارة باليدين واستخدام الحصى واستخدام العصا والرسم على الأرض. سابعًا: الإشارة إلى السمع والبصر عن سليم بن جبير مولى أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) إلى قوله تعالى:( سميعًا بصيرًا) . قال: رأيت رسول الله يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه. قال أبو هريرة: رأيت رسول الله يقرأها ويضع إصبَعَيْه). ثامنًا: الإشارة إلى الوجه والكفين عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلي الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله وقال: (يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه). تاسعًا: الإشارة إلى الأنف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، الجبهة (وأشار بيده على أنفه) واليدين والرجلين وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب ولا الشعر). (نكفت) الكفت الجمع والضم. عاشرًا: الإشارة إلى الفم عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل). قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض، أم الميل الذي تكتحل به العين. قال: ( فيكون الناس على قدر أعمالهم في العَرَق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حَقْويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا. قال: وأشار رسول الله بيده إلى فيه). (الحَقْو) الخَصْر. عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضى، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك إلى رسول الله، (فأومأ بإصبعه إلى فيه) فقال: (اكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق). حادي عشر: الإشارة إلى الصدر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) (وأشار بأصابعه إلى صدره). وعنه أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ههنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرات)، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه). (التقوى ههنا) معناه أن الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى، إنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله وخشيته ومراقبته. ويعلق القرضاوي على هذا الحديث بقوله: (فهذه الإشارة إلى الصدر في بيان حقيقة التقوى ومحلها، أبلغ كثيرًا من قوله: (التقوى محلها القلب)، فهذه كلمة قد تمر على الكثيرين دون أن يلقوا لها سمعًا، أو يلقون سمعًا ولا يحضرون مع السمع قلبًا). وعن أنس رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإسلام علانية، والإيمان في القلب، قال: (ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات)، قال: ثم يقول: التقوى ههنا، التقوى ههنا). وبالإضافة إلى إشارته إلى صدره، ورد في السنة أنه كان يشير إلى صدر المخاطب أحيانًا، فعن وابصة بن معبد قال: أتيت رسول الله وأنا أريد أن لا أدع شيئًا من البر والإثم إلا سألته عنه، وإذا عنده جمع فذهبت أتخطى الناس. فقالوا: إليك يا وابصة عن رسول الله، إليك يا وابصة. فقلت: أنا وابصة، دعوني أدنو منه فإنه من أحب الناس إلي أن أدنو منه، فقال لي: ادن يا وابصة، أدن يا وابصة، فدنوت منه حتى مست ركبتي ركبته فقال: يا وابصة أخبرك ما جئت تسألني عنه، أو تسألني، فقلت: يا رسول الله فأخبرني، قال: جئت تسألني عن البر والإثم، قلت: نعم، (فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري) ويقول: يا وابصة استفتِ نفسَك، البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس، قال سفيان: وأفتوك).