علي بن أبي طالب أبو تراب الفارس الراهب هو أبوالحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، رابع الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة وابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته فاطمة الزهراء ووالد الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، كناه النبى صلى الله عليه وسلم بأبي تراب، وهو من الخطباء والعلماء بالقضاء المعدودين وأول الناس إسلاماً من الغلمان. النشأة المصونة صبي نشأ في بيت النبوة، يشهد بداية بزوغ شمس الإسلام، تحجزه أجواء البيت الكريم وأخلاقه عن عبادة الجاهلية وأصنامها ومخالطة أهلها، وشجاع بنيت أركان الإسلام بسيفه، وتفتق قلبه بالحكمة في التقى والورع حفظتها كتب السير، احتضنه حجر الرسالة، وغذّته يد النبوّة، وهذّبه الخلق النبوّي العظيم، وشكل مع رسولنا الكريم وزوجه الطاهرة خديجة رضي الله عنها نواة الاُسرة المؤمنة. شمله الرسول الكريم بعواطفه، وأحاطه بعنايته، وهكذا آن لعلي رضي الله عنه أن يعيش منذ نعومة أظفاره في كنف محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترعرع في ظل أخلاقه السماويّة السامية، وربّاه صلى الله عليه وسلم وفقاً لما علّمه ربّه تعالى، ولم يفارقه منذ ذلك التأريخ. فارس الإسلام الشجاع كان أبو الحسن شجاعا مقداما، نام في فراش الرسول صلى الله عليه السلام ليلة الهجرة مفديا بنفسه الإسلام ليرد الودائع، وشهد جميع الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحمل اللواء في أكثرها ويتقدم للمبارزة، وفي غزوة بدر بارز شيبة بن عتبة وقتله، وفي غزوة الخندق قتل فارس العرب وأحد شجعانهم عمرو بن عبد ود العامري، وفي غزوة خيبر قال صلى الله عليه وسلم (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وفي الصباح دعا عليا، وكانت عينه مصابة بالرمد فدعا له وبصق في عينه، فبرأ ولم يرمد بعدها، وأعطاه الراية ففتح الله على يديه، ومن شجاعته في غزوة تبوك أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة فقال: يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال: ( ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ). مهر بسيط وزواج سعيد تقدم علي رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم طالباً يد فاطمة رضي الله عنها، وتهلل وجهه صلى الله عليه وسلم ثم تبسم في وجه علي وقال:(هل عندك شيء يا علي؟ قال علي رضي الله عنه: لا يا رسول الله، والله لا يخفى عليك حالي ولا شيء من أمري،غير سيفي وناضجي...قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين درعك التي أعطيتك يوم كذا؟ قال علي رضي الله عنه: تقصد درع الحطمية، هي عندي يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:فأعطها إياها؟ فانطلق علي رضي الله عنه مسرعاً، وجاء بالدرع، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعها ليجهز العروس بثمنها. ومن فضائله ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بيت فاطمة وقال لها أين ابن عمك؟ قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني، فخرج ولم يقل عندي(من القيلولة)، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه في المسجد، فذهب إليه وهو مضطجع فيه، وقد سقط رداؤه عن شقه فأصابه تراب، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه، ويقول: قم أبا تراب قم أبا تراب. العابد الورع اشتهر عليّ بن أبي طالب بتقواه، فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاةً وصوماً، وحفظت المصادر التاريخية دعواته ومناجاته، ومن أقواله:وإنّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد، وإنّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار، ولا خير في التقوى في نظر علي رضي الله عنه إلاّ إذا دفعتك إلى أن تعترف بالحقّ قبل أن تشهد عليه، وأتى أحدهم عليّاً بطعام نفيس حلو يقال له: الفالوذج، فلم يأكله عليّ ونظر إليه يقول: والله إنّك لطيّب الريح حسن اللون طيّب الطعم، ولكن أكره أن اُعوّد نفسي ما لم تعتد. وقال فيه عمر بن عبد العزيز: أزهد الناس في الدنيا عليّ بن أبي طالب. وقال الاُستاذ العقّاد وهو يتحدّث عن علي رضي الله عنه: لقد ولد مسلماً على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة والروح، لأنّه فتح عينيه على الإسلام، ولم يعرف قطّ عبادة الأصنام، فهو قد تربّى في البيت الّذي انطلقت منه الدعوة الإسلاميّة، وعرف العبادة من صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلموزوجته الطاهرة قبل أن يعرفها من صلاة أبيه واُمّه.