اكد صلاح النشاط الخطيب في أحد مساجد الرباط في تصريح ليومية "التجديد" على أن الناس استسهلوا اليوم موضوع الرشوة، وأصبح الحديث عنها يجري بشكل عادي بينهم الى درجة أن البعض استعان بمفردات وكلمات بهدف التطبيع معها، منها على سبيل المثال: الحلاوة/ قهيوة/ الباروك/ الهدية… ويكفينا في موضوع الرشوة ما ورد عن أبى حميد الساعدى رضي الله عنه قال : استعمل النبي صلي الله علية وسلم رجلا من الأزد يقال له: "ابن اللتبية " على الصدقة، أي الزكاة. فلما قدم قال : هذا لكم ، وهذا أهدى إلي. قال: فقام رسول الله صلى الله علية وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد: فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله بحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدكم منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر "، ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه يقول: "اللهم هل بلغت". الحصول على الخدمة وأضاف النشاط أن الرشوة عادة ما تكون بهدف الحصول على خدمة معينة، أو استعجال نيل مسألة معينة قبل أوانها، أو أخذ ما لا حق له فيه. وبالتالي لا يمكن تصور حدوث الرشوة إلا في أحضان الإدارة، والمؤسسات بشكل كبير، حيث يعتبر الوسط الاداري أحد العوامل المولدة لهذه الظاهرة، فهي تعتبر من جرائم الإخلال بالثقة العامة لأنها تنحرف بسلوك الموظف أو المكلف بخدمة ذات مصلحة عامة، وتجعله يخل بواجباته ويتحيز في أدائها أو على الأقل لا يؤديها إلا بمقابل، وقد جعل الله الرشوة في حكم أكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ". وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: " الرشوة في الحكم كفر ، وهي بين الناس سحت. وتلحق الرشوة بالتربح من أعمال الوظيفة، أي يعمد الموظف والمستخدم الى أن تصبح وظيفته مصدرا ماليا يبتز بها المرتفقين، وتدر عليه هبات وهدايا من الناس في كل خدمة يقدمها اليهم. والرشوة قد تكون معجلة أو مؤجلة، وهي التي عني بها كل عطاء سابق أو لاحق، كما لا يشترط أن يتخذ قبول الموظف شكلا معينا، فقد يكون القبول شفاهة أو كتابة أو بمجرد الاستشارة التي تفيد معنى القبول، كما قد يكون القبول ضمنيا يستفاد من ظروف الواقعة، وهذه الصور بمختلف أشكالها، تقصد نفس المعنى وهو الإتجار في أعمال الوظيفة مقابل تحقيق بعض المنافع. من جانبه قال مولاي عمر بنحماد استاذ الدراسة الاسلامية في جامعة محمد الخامس بالرباط في تصريح ليومية التجديد إن الرشوة أصبحت منتشرة أين ما ولينا وجهنا في الادارات العمومية في المستشفيات في الجامعة…، حيث هذا اليوم أصبح الوضع الشاد الغير الطبيعي، هو ان يقضي المواطن الغرض الذي جاء من أجله إلى الإدارة العمومية ويخرج دون أن يكون وضع يده في جيبه. واضاف بنحماد أن الرشوة أصبحت جزءا من طبيعة العمل، وهذه حالة خطيرة جدا ووجب تصحيح هذا الوضع، وذلك من خلال وعي المواطن أن الإدارة وضعت لخدمته، وأنه في أي مرفق عمومي عليه ان يدخل إليه وهو مرتاح ولا يطلب خدمة من أحد وان الجالسين والجالسات خلف الكراسي هم موظفون يتقاضون رواتب وهيؤوا لهذه المهام التي يقومون بها وان حين ينجزون ما يطلب منهم فهم يقومون بالواجب الذي من أجله يستحقون هذه الأجرة، مضيفا "أخشى أن أقول انهم آثمون إذا جعلوا ما يتقاضون من أجرة لابتزاز المواطن كأنه راتب آخر وعلاوة على الراتب فهو لا يجوز. الرشوة مستويان أردف النشاط أن الرشوة فيها مستويان، وكلاهما مذمومان، المستوى الأول، وهو حينما تكون الرشوة بسيطة، ولا تتعدى أن يضمن المرتشي توازنه المالي في حياته، فتكون الرشوة في هذا المستوى كل عمل يمارسه الفرد بمبادرة شخصية وبسرية تامة ودون تنسيق مع أفراد أوجهات أخرى، وهو يمارس في أكثر الحالات من قبل بعض الموظفين والمستخدمين أصحاب الدخل المحدود، حيث يعبر به مجازا على الرغبة في أن يبقى هذا الموظف أو هذا العون على قيد الحياة، وتقتصر على تسلم بعض الرشاوى مقابل إنجاز بعض الخدمات المخالفة للقوانين الجاري بها العمل، أو التعجيل أو التوسط لدى بعض الهيئات لقضاء بعض المآرب والمصالح لبعض الأشخاص. والمستوى الثاني، ويتعلق بالرشوة الكبيرة والتي ترتبط بحصول الموظف على رشاوى كبيرة مقابل الاساءة الى المصلحة العامة للبلد والمجتمع، كمن يسكت أو يساهم في خرق المساطر المعمول بها في إسناد الصفقات وغيرها، وتنتعش هذه الرشوة في وسط ينعدم فيه الضمير المهني، والإخلاص الواجب للعمل، وفي كثير من الأحيان حينما تكون القوانين جامدة والإجراءات معقدة والمعاملات متعثرة حيث تصبح الوساطات والرشاوى والعمولات مَنهَماً مناسبا لحل المشكلات وتجاوز الصعوبات وتمشية المصالح، وفي هذا الصدد، نص الفصل 167 من الدستور المغربي على احداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بهدف أن تقوم بمهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الرشوة، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة كما ينص على ذلك. وأكد النشاط على أن التحلي بالأخلاق الحميدة، والايمان بالله واليقين على الله بأنه هو الرزاق سيجعل هذا الانسان ممسكا يديه عن قبض الرشوة لأنها من الأفعال المذمومة والمستقبحة، وعاقبتها عادة ما تكون في الدنيا قبل الآخرة. كما أن دور المجتمع المدني يبقى عنصرا مؤثرا في اشاعة ثقافة العفة بين الناس، واحترام الواجب. وأن استقامة المجتمع في نظافة اليد. والا فالقانون يتعين أن يأخذ مجراه في الحالات المضبوطة والمثبتة حتى تعطى الأسوة والعبرة للغير.