استقبلت مدينة الفلوجة العراقية رمضان هذا العام استقبالا داميا، محملا بالكثير من الهواجس والمخاوف والهموم، التي طغت على فرح أهالي المدينة، المعروفة بتدينها العميق، بالزائر الكريم. وقد يعلق رمضان هذا العام، ليس في ذاكرة أبناء الفلوجة وحدهم، وإنما في ذاكرة العراقيين جميعا، مقترنا بتهديدات حجاج جديد لمدينة المقاومة، وتنفيذ فوري لتلك التهديدات من القوة العظمى الأولى في العالم. فبعد ساعات من تصريحات رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي بمهاجمة مدينة الفلوجة إذا لم تسلم المطلوب الأول لقوات الاحتلال أبو مصعب الزرقاوي، الذي تتهم الفلوجة بإيوائه، قامت الطائرات الحربية الأمريكية بمهاجمة المدينة بسيل هائل من الصواريخ والقنابل من مختلف الأشكال والأنواع. فمنذ ساعات ليل الخميس، التي حل فيها شهر رمضان ضيفا، وحتى ساعات الفجر الأولى من أيام الجمعة و السبت والأحد والطائرات الأمريكية تلقي بحممها على هذه المدينة، إذ استهدفت طائرات الاحتلال أحياء العسكري والضباط والجريفي وحي جبيل. ويقول العديد من أهالي المدينة إن الروح المعنوية للمقاتلين في الفلوجة في أحسن حالاتها، فالمواجهة ستكون في رمضان، وما أحلى الشهادة في رمضان.. إننا ننتظرها، هكذا تحدث أبو عبد الله، وهو أحد مقاتلي الفلوجة لمراسل قدس برس، مضيفا نحن على استعداد.. ومنذ أن توقفت معركة الفلوجة الأولى ونحن نشعر أن هناك مواجهة أخرى. وقال ليس لدينا أي ثقة بالوعود الأمريكية أو بحكومة العمالة في بغداد.. أعتقد أن وضع الفلوجة الآن أفضل بفضل الله من وضعها في المعركة الأولى، وإن شاء الله سيفاجأون، في إشارة منه لقوات الاحتلال. وقال مراسل مفكرة الإسلام إنهم جميعا يريدون الموت ولقاء الله وهم صائمون في هذا الشهر الكريم. وقد التقى مراسل مفكرة الإسلام في الفلوجة بأحد المقاتلين فما كان منه إلا أن قال بلهجة ملؤها التحدي: إن لم يكن المحتلون قد عرفوا أبطال الفلوجة حتى الآن؛ فسيعلمون من هم، وسيعلم العالم بأسره من هم، وبعد أن قال هذه الكلمات صاح الله أكبر وكبر جميع من حوله من المقاتلين. وفي السياق نفسه وجه علماء المساجد في مدينة الفلوجة العراقية يوم الجمعة 15 -01- 2004 نداء إلى جميع العلماء المسلمين في العراق والعالم الإسلامي كافة والمنظمات الإنسانية والحقوقية، طالبوهم فيه باتخاذ موقف موحد وحازم وصريح في حالة استخدام الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية المؤقتة القوة العسكرية ضد المدينة، وذلك بعد تعليق المحادثات السلمية بين الطرفين. وهدد العلماء في بيانهم بالإعلان عن بدء الجهاد في جميع أنحاء العراق والاستعداد للنفير العام ضد الاحتلال ومن يتعاون معهم، في حال لجوئهم إلى الحل العسكري للتعامل مع المدينة. وطالب البيان العلماء المسلمين بالعمل على إصدار فتوى عامة للمسلمين في جميع أنحاء العراق تدعوهم للعصيان المدني، وإصدار فتوى بتحريم تنفيذ أوامر قوات الاحتلال بضرب المواطنين والمدن العراقية الآمنة. وهدد البيان في حالة عدم استجابة الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأمريكي لمطلب العلماء واللجوء للطرق السلمية، بإعلان الجهاد في كافة أنحاء العراق وإعلان النفير العام. وقال البيان: فبعد العصيان المدني والاعتصام (الذي سينفذه العلماء وممثلو المؤسسات الإنسانية أمام مدخل المدينة) سيعلن علماء المسلمين وممثلو الجهات الإسلامية والوطنية كافة، الجهاد في جميع أنحاء العراق، وإعلان النفير العام ضد قوات الاحتلال ومن يتعاون معها.