سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدكتور محي الدين علي القره داغي رئيس الرابطة الإسلامية الكردية لالتجديد: الرابطة الإسلامية لن ترضى إلا بانتخابات شاملة لكل العراقيين وليس لجزء من العراق دون آخر
أكد رئيس الرابطة الإسلامية الكردية الدكتور محي الدين علي القره داغي أن إجراء انتخابات حرة ونزيهة في العراق صعب لوجود الاحتلال ونقصان السيادة، إضافة إلى انعدام الأمن والاستقرار هناك. وشدد على أن الرابطة الإسلامية لن ترضى إلا بانتخابات شاملة لكل العراقيين وليس لجزء من العراق دون آخر، وأن تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة وتحت إشراف دولي ومعهم الجامعة العربية، مؤكدا أهمية تنظيم إحصائيات دقيقة لكل العراقيين قبل أي انتخابات.وأوضح أن الحركات الإسلامية سواء في وسط العراق أوشماله أوجنوبه متفقة ومجمعة على أن يكون الدستور المرتقب للعراق قائماً على الإسلام. جاء ذلك في الحوار الذي أجرته التجديد مع رئيس الرابطة الإسلامية الكردية في كردستان العراق بالعاصمة القطرية الدوحة. وفيما يلي نص الحوار: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه. أود قبل الحديث عن وضع الأكراد أن أوجز نبذة تاريخية عن الشعب الكردي، ربما كثير من الناس لا يعرفون -بسبب انشغالات الأمة لمشاكلها-بالقضية التي تسمى الشعب الكردي. أساسا هذا الشعب شعب مسلم بنسبة 99% والحمد لله رب العالمين اعتنق الإسلام في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه طوعا حينما سقطت الإمبراطورية الفارسية كما يقول ابن كثير وغيرهم، ودخل الأكراد في الإسلام بالأفواج لأنهم كانوا تحت المستعمرة الفارسية وكان الإسلام محرراً لهم من كل الجوانب، محرراً لهم ولأرضهم ولفكرهم فدخلوا في الإسلام بفضل الله سبحانه وتعالى، وخدموا الإسلام بشتى الوسائل المتاحة سياسيا وجهاديا.. يتشرفون بأن صلاح الدين الأيوبي ومن معه من القادة الكبار في ذلك الوقت كانوا من الأكراد وكان لهم هذه الخدمة العظيمة في تحرير وتطهير أراضي الشام كلها التي ظلت تحت أيدي الصليبيين حوالي 200 سنة ومعظم مناطق الشام والقدس الشريف حوالي 90 سنة، فجاء صلاح الدين الأيوبي بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل جنوده فلعب الدور الكبير في تحرير هذه الأراضي. كذلك على مر العصور حتى في الدولة العثمانية كان معظم الجنود والقياديين البارزين من الأكراد، فالسلطان عبد الحميد عندما شكل جيشا سماه جيش الحميدي الذي كان معظمه من الأكراد والذي أوقف الروس عند حدهم حينما كانت روسيا تريد أن تغزو بلاد العثمانيين. كذلك كان للأكراد دور في كثير من الفتوحات والغزوات الإسلامية على مر التاريخ السياسي. وفي الجانب العلمي ساهم الأكراد أيضا في الحضارة الإسلامية بعلماء كبار في مختلف مجالات العلوم والفنون يكفي أن نذكر كأمثلة وليس من باب الحصر رجلاً مثل شيخ الإسلام بن حاجب المعروف وكذلك الأصولي النحوي صلاح الشهرزوني والحافظ العراقي، والجذريون وهم مجموعة من العلماء ينتسبون إلى ابن الجذري وكلهم من جزيرة ابن عمر وهي منطقة كردية معروفة الآن. ساهم الأكراد بفضل الله تعالى بخدمة الإسلام في مختلف المجالات العسكرية والجهادية والثقافية والعلمية وكانوا جزءا من هذه الأمة الإسلامية ولم يكن هناك أحد منهم يفكر أن هذا كردي وذاك عربي، لكن لما جاءت القومية قبل 150 سنة -كما يقول برنارد لويس- وتبنها التورانيون مع الأسف الشديد داخل الدولة العثمانية والثوريون العرب والقوميون العرب داخل الأمة العربية، وعلى صخرة القومية العربية والتورانية تحطمت الخلافة العثمانية كما لا يخفى وتقسمت الأمة على أساس القوميات وانتهز الاستعمار هذه الفرصة واحتل معظم البلاد الإسلامية وكان هناك اتفاقية سايكس بيكو بين وزير خارجية بريطانيا ووزير خارجية فرنسا سنة ,1916 والتي تنص على أن فلسطينيين سيكونون تحت الانتداب البريطاني وكذلك وتقسيم وتوزيع المناطق الكردية على دويلات سوريا والعراق وتركيا غيرهما وتكون النماطق الكردية كلها تقريباً تحت الانتداب البريطاني إلا جزء بسيط يكون تحت الانتداب الفرنسي، تقسمت الأراضي الكردية والأمة الكردية والشعب الكردي على خمس دول، الجزء الكبير بقي في تركيا والجزء الآخر في العراق وسوريا وإيران وكذلك في الاتحاد السوفياتي السابق التي وقتذاك روسيا القيصرية. الآن عدد الأكراد اليوم في حدود 40 مليون نسمة تقريباً أو أكثر أو أقل، 20 مليون في تركيا، 9 ملايين تقريباً في إيران، 7 ملايين في العراق، مليونان في سوريا، وحوالي مليون ونص أو مليونين في الاتحاد السوفياتي السابق وهي في أذربيجان وأرمينيا وفي مناطق أخرى.. هذا هو التاريخ باختصار شديد، فأنا أقصد من هذا الكلام أن الشعب الكردي مزق وبالمناسبة لم تصل القومية الكردية إلى الشعب الكردي إلا في وقت متأخر بدليل أن الأكراد ثاروا ثورة عظيمة جدا عام 1925 حينما ألغيت الخلافة تحت قيادة وريادة الشيخ سعيد جيران، وهذه الثورة معروفة في التاريخ وكتب عنها المستشرقون لأنها قامت من أجل إعادة الخلافة ثم للدفاع عن حقوق الشعب الكردي في ظل الخلافة الإسلامية. وفي الوقت الذي كان غيرهم يحاربون باسم القومية كان الأكراد لا يزالون يحاربون باسم الإسلام ويريدون عودة الخلافة لأنهم كانوا يعرفون خطورة إسقاط الخلافة ولكن حينما علم الإنجليز والفرنسيون بهذه الثورة تعاونوا مع مصطفى كمال أتاتورك تعاونا كبيراً ودعموه بالسلاح فقتل من الأكراد خلال فترة وجيزة للقضاء على هذه الثورة الإسلامية أكثر من 300 ألف مقاتل على أقل تقدير وأعدم وقبض على رؤسائهم وعلى رأسهم الشيخ سعيد جيران وقبض على علمائهم وقادتهم في يوم العيد أو في يوم عرفة وأعدم المئات وسلمت جثثهم إلى قراهم وإلى مناطقهم قبل يوم العيد، وهذا حدث سنة 1925 بسبب الخلافة، هذه تقريباً المحطة الأولى. نصت معاهدة (سيفر) بين الحلفاء سنة 1920 على حق الأكراد في إقامة دولة لهم في كردستان لماذا لم يتحقق هذا الحلم إلى اليوم؟ أنا أشرح لك هذا الكلام جيدا في سنة 1916 كانت هناك اتفاقية سايكس بيكو التي مزقت العالم العربي ومزقت الشعب الكردي ومزقت فلسطين. في عام 1920 كان الحلفاء يريدون أن يكون للأكراد نوع من تقرير المصير ولكن مصطفى كمال أتاتورك حال دون ذلك فتنازلت دول الحلفاء عن هذا البند في معاهدة أخرى عام 1923 وكان قسم كبير منهم في الجيش الحميدي. والجيش الحميدي شكله السلطان عبد الحميد لمواجهة الأخطار التي كانت تأتي من الخارج وبالأخص من روسيا فالشعب الكردي بصراحة ما كان يعلم بهذه المخططات الخطيرة التي كانت تريد تمزيق الأمة الإسلامية بهذا الشكل. لما مزقت الأمة الإسلامية بهذا الشكل انتهز بعض العلمانيين الذين صنعهم الغرب الفكر الأتاتوركي فقالوا أيها الشعب الكردي أنتم لأنكم ملتزمون بالإسلام لم تعط لكم دولة ورغم أنه عندكم كل مقومات الدولة عكس العرب أصبحت لهم عدة دول وإيران عندها دولة وأنتم لماذا متقيدون بالدولة العثمانية أو بالإسلام، فانتهزوا هذه الفرصة وبالتالي كثرت شعبية العلمانيين والقوميين ودخلت الأفكار العلمانية والأيديولوجيات البعيدة عن الإسلام للشعب الكردي فعلا بعد سنة .1925 فقد أدى ظهور النزعة القومية مثل القومية البورانية والقومية العربية والقومية الفارسية أدت إلى ظهور القومية الكردية التي بقيت بدون حماية. فقد كان الإسلام حاميا للأكراد إذ لم يكن هناك فرق بين كردي وبين عربي وبين تركي. استيقظ الشعب الكردي فبدأ بالثورات سواء في تركيا أو في العراق أو في إيران منذ سنة 1930 إلى سنة .1993 أما ثورة 1925 فكانت ثورة كردية إسلامية تطالب بإعادة الخلافة في تركيا وبحقوق الشعب الكردي في ظل دولة الخلافة، وفي سنة 1933 تحولت التوجهات الكبيرة للشعب الكردي إلى توجه قومي في البداية ثم علماني ثم دخلت الشيوعية ثم بعد ذلك استطاع الأكراد أن يقيموا دولة جمهورية سنة 1952 بقيادة قاضي محمد وكان معه أيضا مصطفى البرزاني، وأقيمت الدولة لعدة أشهر ثم تعاون شاه إيران في ذلك الوقت مع روسيا الاتحاد السوفياتي حاليا وتنازلت إيران عن بعض البترول والمصالح للاتحاد السوفياتي السابق الذي سحب أيام ستالين تأييده لهذه الجمهورية من تم سقطت هذه الجمهورية. في إطار تطرقكم لسيطرة الأحزاب العلمانية كما هو موجود حاليا خاصة من خلال حزبي برزاني وطالباني، هناك من يقول إن أحد الأسباب التي ساهمت في عدم إقامة دولة للأكراد هو أن الأحزاب الكردية كانت تتعاون مع أطراف خارجية في ضرب بعضها البعض. حقيقة أنا أقول بكل صراحة ودون مجاملة مع اختلافي الشديد ربما مع بعض الأحزاب، إن هذه المسألة كانت أكبر بكثير من الحزبين، ذلك لأن المنطقة الكردية وزعت ومزقت قبل مصطفى برزاني رحمة الله عليه وقبل جلال طالباني، وزعت المنطقة الكردية على الدول المجاورة ومزقت تماماً وأنشئت هذه الدول الحديثة التي نشاهدها. بالعكس هذه الأحزاب نشأت من مرجعية دينية فالحزب الديمقراطي الكردستاني أنشئ سنة 1945 بقيادة برزاني رحمة الله عليه الذي كان رجلا متدينا وحزب جلال طلباني أنشئ في أواخر الستينيات تقريباً عام 1967 أو ,1968 فلم تكن المسألة بهذه الطريقة لأن دول الحلفاء في ذلك الوقت وعلى رأسها دولة بريطانيا العظمى كانت كما قرأت في مذكرات مس بيل -وهي مندوبة سامية لبريطانيا في فترة العشرينيات في هذه الفترة من 1914 إلى 1920 وتقول في مذكراتها نحن خرجنا من بريطانيا ولم يكن أحد من المسؤولين الكبار يفكر في أن نعطي حق تقرير المصير للشعب الكردي، فكثيرون يفسرون ما يحدث للأكراد بما يسمى الذاكرة التاريخية لما فعله الأكراد بقيادة صلاح الدين وكذلك معهم بقية الشعوب الإسلامية في تحرير فلسطين وتحرير الشام لأنه كما يقول أحدهم الحقيقة هناك تاريخ قبل صلاح الدين وتاريخ بعد صلاح الدين. لذها نجد أن الجنرال اللمبي البريطاني عندما وصل إلى القدس قال الآن انتهت الحروب الصليبية يا صلاح الدين، وكذا جنرال فرنسي عندما دخل دمشق قال دلوني على قبر صلاح الدين فجاءه وركله هذا المجرم برجله، وقال ها نحن عدنا يا صلاح الدين، لم ينسوا صلاح الدين لأنهم يعرفون من هو هذا الرجل ومن كان أيضاً من قادته ومن ضد صلاح الدين. وقد تكون أسباب أخرى حالت دون تحقيق حلم الأكراد منها تمزيق الأمة لأنهم عرفوا أن الشعب الوحيد الذي يمكن أن يمزق ثم يكون السبب لإثارة المشاكل في أربع دول هو الأكراد، فالاستعمار يبحث دائما عن صنع المشاكل لكي تبقى المنطقة مضطرة لوجوده و الاستعانة به. فلو كان للأكراد دولة -أنا أقول هذا الكلام بكل صراحة- ولو أن اتفاقية سايكس بيكو شكلت دولة للأكراد كما فعلت مع العرب على أساس قومي، أنا أعتقد أنه لن تكون هناك إشكالية وسيتعاملون مع الأكراد مثلما يتعامل العربي مع تركيا أو مع الفرس. الأكراد أقرب بكثير إلى العرب من الأتراك ومن الفرس يعني التزاوج التاريخي والانصهار التاريخي وخدمات الأكراد للمسلمين أكثر نوعاً ما إن لم تكن متساوية مع الشعوب الأخرى، لو بنوا دولا إسلامية ما كان هناك إشكالية بالنسبة للأكراد أن يعيشوا ضمنها. هل أفهم من كلامكم أنكم تدعون إلى قيام دولة كردية؟ لا، أنا لا أدعو إلى دولة، أريد أن أقول من خلال مفهوم التقسيم لو كان التقسيم قائماً على أساس قومي ربما كان أحسن من هذا الأساس الذي قطع به الشعب الكردي إلى أجزاء، جزء في العراق وجزء في سوريا، آخر في تركيا هذا ما قصدت قوله، لو كان فرضا أنشئت دولة كردية في ذلك الوقت ربما لم تحدث كل هذه المشاكل التي راح فيها ملايين في الحروب الكردية التركية ، وحروب الكردية العراقية ، وأخرى الكردية- الإيرانية. بعد أن خرج الاحتلال والقوات العسكرية الاستعمارية من المنطقة بقيت هناك قضية الأكراد حيث يطالبون بدولة ومنذ ذلك الوقت لم تتحقق لهم هذه الأمنية لماذا بنظركم؟ الأكراد يقولون لو كانت هناك دولة إسلامية سنكون أشد الناس تشرفاً بأن نكون جزءا منها، ولكن بما أن الدول التي تحيط بنا كلها دول قومية قائمة على أساس قومي من باب هذا الميزان يقولون بما أن هذه القوميات أصبح لديها دول لماذا نستثنى نحن؟ وهذا من حقنا من باب ما يسمى حق تقرير المصير أيضا، فكل الشعوب تقول مثل هذا القول. ولكن من الناحية الواقعية، وأنا أتحدث عن العراق، الثورات الكردية فيه لم تطالب بالانفصال قط، فمصطفى البرزاني لم يطالب بالانفصال سنة 1961 عندما قام بثورته، وإلى يومنا هذا كان الأكراد يطالبون في البداية بالحكم الذاتي أو اللامركزية، وإعطائهم حقوقهم الثقافية، وأكبر دليل على ذلك أنهم حاليا في العراق على الرغم من أن لهم دورا أو ما أشبه ذلك لا يطالبون بالانفصال عن العراق بل يطالبون بالفدرالية التي أعتقد أنها إذا صيغت صياغة جيدة لن تؤدي إلى تمزيق العرق، بالعكس دول العالم القوية كلها قائمة على الفدرالية مثلاً ألمانيا قائمة على الفدرالية، وكذلك أمريكا وسويسرا وغيرهم. لكن صدام حسين أعطاكم حكما فدراليا؟ لا، لم يكن حكما فدراليا، صدام حسين عندما جاء سنة 1968 كان حزبه البعثي ضعيفا جدا، فأراد أن يهدئ نوعا ما الجبهة الشمالية ليتفرغ لبقية المناطق العراقية، فوقع اتفاقية مع الأكراد التي لم تكن نيتها طيبة والأيام دلت على ذلك. بعد الاتفاقية سنة 1970 جرت محاولة واضحة لاغتيال المُلا مصطفى البرزاني وغيره من خلال أساليب واضحة تدل على أن الدولة كانت وراءها، ثم بعد ذلك أعطى صدام للأكراد حكما ذاتيا لمدة أربع سنوات. وبعد هذه السنوات عام 1974 لم يتفق الأكراد مع العراق بخصوص الحكم الذاتي على أساس اقتطاع مناطق من المنطقة الكردية وضمها إلى المنطقة العربية منها كركوك وما حولها ومناطق كبيرة من الموصل وما حولها، ثم بعد ذلك قامت الحرب سنة 1974 1975 التي راح ضحيتها الكثيرون، ثم وقع صدام حسين اتفاقية الجزائر يوم 7 مارس/آذار 1975 حيث تنازل بموجبها عن نصف شط العرب لشاه إيران على أن يقوم شاه إيران بمحاصرة الأكراد وإسقاط الثورة الكردية. وفي سنة 1975 أسقطت الثورة الكردية بسبب هذه المؤامرة الكبيرة التي شارك فيها شاه إيران وبمودين وكذلك صدام حسين الذي أعطى نصف شط العرب لملك إيران إلا حوالي 7 كيلومترات من هذا الشط حسب اتفاقية 1912 واتفاقية ,1936 لكن الشيء الغريب الذي استغرب له كل المراقبين ومنهم العرب هو تنازل صدام عن نصف شط العرب لإيران. فالحكم الذاتي ليس انفصالا، فعندما نقول منطقة كردية هل هذا يوحي بالانفصال، وإذا اعتبرناه انفاصلا فكيف يتنازل صدام حسين لأربيل لقوة ما فيها حكم ذاتي مثلاً؟ أي نوع من الفدرالية يطالب به الأكراد حاليا؟ هم الآن حسب ما يقولون إنهم يريدون عراقا موحدا غير قابل للتجزئة وديمقراطيا وأن يكون للأكراد فدرالية في المنطقة الكردية التي ينظمها قانون سوف يصدر من مجلس الشعب العراقي أو البرلمان العراقي المزمع إنشاؤه في المستقبل. الأكراد طبعاً يطالبون بفدرالية لكن لا تصل أبداً للانفصال هكذا يقولون، ونحن كإسلاميين مع وحدة الأمة الإسلامية ليس وحدة العراق فقط، وهذا رأيي شخصي، ولكن مع إعطاء الحقوق الكاملة لجميع الشعوب، ولا أعتقد أن إعطاء الحقوق للشعوب يضر بالوحدة بالعكس الظلم هو الذي يهدد الأمة الإسلامية سواء فيما يخص الأكراد أو غيرهم فلابد من إعطاء الشعب حريته وتتعامل معه بعدالة. الخوف ليس من الحرية أو العدالة ولكن من الظلم والاستبداد والدكتاتورية. الآن لما وجدت الحرية الأكراد يقولون نحن نريد أن نكون جزءا من الأمة العربية فوزير الخارجية العراقي الحالي وهو كردي كان أول شخص حريص على أن يعود العراق إلى الأمة العربية ويكون جزءا من الأمة العربية . ولكن ألا يمكن أن تؤدي مطالبة الأكراد بفدرالية إلى ظهور مطالبات أخرى شبيهة قد تؤدي إلى تقسيم العراق خاصة أن وزير خارجية بريطانيا جاك سترو قال في إحدى تصريحاته إن العراق ربما يعرف تقسيما؟ أنا أعتقد بالنسبة لو أنه أتيح المجال لمسألة الفدرالية التي يطالب بها الأكراد وإذا ما وجد قانون ينظم العلاقات بين الدولة الفدرالية وبين الأقاليم والمحافظات في العراق، أنا أعتقد أن العراقيين سيحافظون على وحدة بلادهم وكأكبر دليل على هذا أنه رغم الظرف الصعب الذي يمر به كل العراقيين حيث كان مراقبون يتوقعون أن يحدث قتال بين مختلف الجبهات سنة وشيعة وعربا وأكرادا لكنه لم يحدث بفضل الله سبحانه وتعالى هذا الأمر، والأمريكان أنفسهم انبهروا بوحدة العراقيين وقالوا رغم كل هذه المشاكل التي حدثت في العراق فإنه لم يحدث فتنة طائفية أو قومية. إذا كان العراقيون لا يريدون إلا وحدة بلادهم في ظل هذه الظروف الصعبة، فكل قول بظهور مطالبات بالانفصال هي توهمات. العراق سيبقى موحدا إن شاء الله، فلا الشيعة أو السنة أو الأكراد يريدون الانفصال، ولكن الكل يريد الحقوق. وأنا أعتقد إذا تحققت العدالة تحت الراية الصحيحة التي هي في اعتقادنا الراية الإسلامية الصحيحة، فإن العراق سيبقى موحداً حتى ولو ضم فدرالية، بل مع فدراليته سيكون أقوى مادام هناك حرية وعدالة ومادام هناك غياب للظلم والاستبداد الذي يفتت الآن الصومال حيث بظلم سياد بري واستبداده صار الصومال أربعة صومالات. وكمثال على أن الحرية والعدل يضمنان الوحدة دولة سويسرا التي تتكون من ثلاثة شعوب فرنسيون وإيطاليون وألمانيون وكل شعب الذي يعيش في ثلث من سويسرا له دولة عظيمة وراءه ومع ذلك لم نسمع يوما من الأيام أن هذا الثلث يريد أن ينضم إلى فرنسا أو إلى إيطاليا أو ألمانيا لماذا؟ لأن حقوقهم محترمة ومصالحهم متجانسة. ولما فكر الشعب الكردي الآن في موضوع الفدرالية بشمال العراق حيث كنت توجد صحوة إسلامية طيبة والصحوة طبعاً تدفع إلى الوحدة إضافة إلى الأحزاب القومية والأحزاب الوطنية كلها تدعو لأن نحمي مصالحنا مع عراق موحد، ولسنا مع التجزئة بحيث نكون دويلات صغيرة نخاف أن تتخطفنا إيران أو تركيا او غيرهما. أنا أبشر إخواننا في المغرب العربي بأن العراق لن يجزأ على أساس قومي أو طائفي، وهذا نقوله بعد الاعتماد على الله ومن خلال الدراسات ومعايشة هذه الظروف التي يعيش فيها العراق. ما هي الوسائل التي وضعتها الحركة الإسلامية الكردية وخاصة الرابطة الإسلامية الكردية لتوحيد الصف الكردي أولاً وضمان وحدة العراق ثانيا؟ حقيقة نحن دخلنا كرابطة إسلامية كردية ثم كحزب إسلامي يسمى الاتحاد الإسلامي الكردستاني وأمينه العام صلاح الدين، بفكرة أن الإسلام هو الأيديولوجية للشعب الكردي والعناية بحقوقه المشروعة، وبهذا المدخل التف حول الفكر الإسلامي نسبة كبيرة من الأكراد الذين كان العلمانيون يوهمونهم بأن كونك إسلامياً أو مع الإسلام فإن هذا يعني أنك تتخلى عن قوميتك، فقلنا نحن أبدا القومية الجيدة التي ليس فيها عنصرية والتي تهتم بأفراد قوم ما والعناية بهم ليست مخالفة للإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعطي الرايات للقبائل وكان يشجعهم على ذلك ولكن في إطار الانصهار التام في الأمة الإسلامية الواحدة. فنحن في أكثر من بحث ورسالة ومحاضرة قلنا إن هذه الأقوام بمثابة النجوم والكواكب والشموس في ظل مجرة واحدة هي مجرة الإسلام فنحن لنا دائرتنا وفلكنا ندور فيه وهو فلك القومية المناسبة المقبولة المعترف بها في الإسلام والتي فيها اعتراف بخصائص القوم ولغتهم وثقافتهم وحضارتهم وانصهارهم، ثم هذه المجموعات الشمسية كلها تنصهر في بوتقة المجرة وتتحرك بمحرك المجرة ولا تنفصل عنها لأن في انفصالها هلاك لها وهلاك للأمة جميعا. بهذا الطرح حققنا التزاوج بين المفاهيم الوطنية القومية التي كان يريدها الأكراد وبين الإسلام. وأما بخصوص مشكلة اللغة فرب العالمين جعل اختلاف اللغات بين الناس آية ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم فاللغة الكردية آية من آيات الله، كذلك ثقافة الإنسان وخصائص الأقوام لا مانع من وجودها والحفاظ عليها وتهذيبها كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بخصائص العرب ولغتهم وثقافتهم وحضارتهم التي هذبها وصهرها في بوتقة الإسلام وجعلها قيمة إسلامية ضمن القيم الأساسية التي تحرك الأمة الإسلامية. بهذه الأيديولوجية نجحنا بفضل الله سبحانه وتعالى ولم يعد للعلمانية أي سند في القول بأن الإسلام يضر بالأكراد وألزمناهم بالاعتراف بأن الإسلام يحقق لهم حقوقهم دون انفصال أو تمزق كما فعل العالم المتمدن مثل أوروبا التي توحدت رغم اختلاف مذاهبها وأديانها ولغاتها وأقوامها، ما الذي جمعهم؟ إنها المصلحة، ونحن لماذا لا يجمعنا الدين إذا لم تجمعنا المصالح في وقت توجه فيه العالم نحو العولمة التي استفدنا منها لفكرة عالمية الإسلام التي هي أدق وأكثر تنظيما من العولمة وأكثر عدالة بل هي العدالة الأساسية في الإسلام. هكذا نجحنا في إقناع الأكراد بأن الإسلام يحافظ على خصائصهم وحقوقهم ولغتهم في إطار الأمة الإسلامية ونعتقد بأن الأكراد تحت هذه الراية رابحون وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا فالإسلام هو خير للدين والدنيا. هناك استعدادات لإعداد دستور جديد للعراق، كيف تتصورون الدستور باعتباركم أحد الروز الكردية؟ كما تعلم لقد شكلت لجنة لتختار مجموعة من الباحثين القانونيين والمفكرين لكتابة الدستور الذي سيعرض للتصويت عليه وإن كان هناك حقيقة اختلاف في بعض الآليات، هل يصاغ الدستور من قبل هذه اللجنة؟ لا بد أن يصاغ الدستور من قبل المجلس الحالي واللجنة المنبثقة من هذا المجلس لا هذا ولا ذاك. في رأي الحركة الإسلامية لا بد أن يكون الدستور باعتباره العمود الفقري للدولة وهو المستقبل الذي يوجه أيدلوجية وسياستها وسيادتها، فلابد في نظر الحركة الإسلامية على أقل تقدير في المنطقة الكردية أن يصاغ هذا الدستور بعناية فائقة متبنيا للإسلام باعتباره ديناً للعراقيين كلهم وإعطاء جميع الحقوق للأديان الأخرى. لابد أن يبني هذا الدستور على الأيدلوجية الإسلامية وعلى أن يكون الإسلام هو الدين المفترض به وأن تكون الشريعة هي المصدر الأساسي والمصدر الأول للتشريع والقوانين. وأنا أبشركم فجميع الحركات الإسلامية في العراق وكذلك مجلس الحكم الانتقالي الحالي على الرغم من أن صلاحياته أقل بالتأكيد من صلاحيات مجلس آخر منتخب هذا المجلس أقر أيضا بأن يكون الدستور قائماً ومبنياً على أساس الإسلام باعتباره دين الأكثرية. الحركات الإسلامية في العراق في وسطه وشماله وجنوبه متفقة ومجمعة على أن يكون هذا الدستور قائماً على الإسلام وأن يكون متبنياً الإسلام باعتباره دين غالبية الشعب العراقي، فنسبة المسلمين في العراق تزيد عن 95% إلى 96% فهذا شيء طبيعي حسب اللعبة الديمقراطية لا بد من مراعاة دين الغالبية، وهذا الشيء الحمد لله أنا أعتقد أنه مفروغ منه بإذن الله تعالى. كيف نتظرون إلى الانتخابات المقبلة والحكومة العراقية المزمع تشكيلها مستقبلا؟ لا شك أن هناك صعوبات كبيرة في الوقت الحاضر منها الصعوبة السياسية أساساً وهي أن العراقي الآن محتل من قبل الأمريكان وما يسمى دول التحالف، وبالتالي فالسيادة الآن مازالت منقوصة وقد وعدت قوات الاحتلال بإعادة السيادة للعراقيين في شهر مايو القادم، إضافة لهذه المشكلة السياسية هناك مشكلة أمنية إذ تعاني نسبة كبيرة في العراق خاصة في الوسط من انعدام الأمن وعدم الاستقرار. في ظل هذه المشاكل سيكون إجراء انتخابات حرة ونزيهة صعبا. أما إذا هدأت الأمور ربما قد تتم الانتخابات بصورة مقبولة. فنحن كحركة إسلامية لن نرضى إلا بانتخابات شاملة لكل العراقيين وليس لجزء من العراق دون جزء، وأن تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة وتحت إشراف دولي ومعهم الجامعة العربية. وقبل الانتخابات لابد أن يكون هناك إحصائيات دقيقة للعراقيين أيضاً هذا مهم جداً خاصة بالنسبة للتنوع العرقي والتنوع المذهبي، فمثلاً السنة يقولون نحن نمثل 64% من سكان العراق والشيعة يقولون نحن نمثل 64% فلابد من إحصائ قبل الانتخابات بحيث يكون إحصاء دقيقا وعادلا ونزيها ثم بعد ذلك تأتي الانتخابات ثم مجلس ثم حكومة أو مجلس الوزراء. هل تشكيل الدستور والحكومة العراقية سيؤدي إلى توقيف المقاومة العراقية؟ لا شك أن خروج الأمريكان والمحتلين من العراق وإعادة السيادة إلى العراقيين وإجراء الانتخابات سوف يعطي المصداقية لحكومة منتخبة ولن تبقى هناك مصداقية للمقاومة حيث سيسألونهم ماذا تريدون بعد؟ فإذا تم هذا سوف يكون له تأثير كبير جدا في عمليات المقاومة العراقية. إذا عدنا إلى برنامج الحركة الإسلامية الكردية ما هي أهم الانجازات التي حققتها داخل المنطقة الكردية وفي العراق كله؟ الرابطة الكردية حقيقة لها برامج خيرية وإنمائية ودعوية وغيرها. بالنسبة للجانب الخيري الإنساني كان للرابطة الإسلامية دور كبير منذ 1988 في خدمة الشعب الكردي بكل الوسائل المتاحة سواء السياسية والاجتماعية والخيرية والثقافية، وقامت على سبيل المثال في العراق بإنجازات كبيرة جداً إذ استطاعت أن تبني عددا كبيرا من المشروعات تجاوزت 700 مشروع من بناء مسجد وبناء مدرسة إلى بناء مستشفى وغيرها مما يحتاج إليها الشعب الكردي المسلم خاصة بعدما دُمر الشعب الكردي من خلال ظلم صدام حسين الذي دمر حوالي 4 آلاف قرية كردية بمساجدها ومدارسها ومستشفياتها ولم يبق من المنطقة الكردية إلا المحافظات وبعض المدن الصغيرة أما ما عداها فدمر بالكامل. وبعد أن أتيح لنا المجال كي ندخل المنطقة العربية وجهنا كل جهودنا إلى إخواننا في الموصل وكركوك وبغداد وبعقوبة وكل المناطق التي استطعنا أن نصل إليها حاولنا أن نبذل فيها جهدنا كمساعدة جامعة الموصل بحوالي 150 كمبيوترا متكاملا حتى تتمكن الجامعة من أداء دورها، كذلك ساعدنا جامعة كركوك والعلماء وغيرهم، وقدمنا الأدوات الطبية وما أشبه ذلك للمستشفيات. والآن بدأنا ببعض المشاريع في المنطقة العربية في الموصل وبغداد وكركوك والمناطق المختلطة عربياً وكردياً ومناطق أخرى، وهذا تأكيد وتجسيد للأخوة الإيمانية التي تجمع العرب والأكراد على أساس الإسلام وليس على أساس القومية. كيف تنظرون إلى مستقبل القضية الكردية؟ القضية الكردية تسير نحو الأحسن والسياسيون الأكراد الآن لديهم العقلانية أكثر من السابق بحيث لا يطالبون بالانفصال بل يريدون الانصهار ويريدون حقوقهم المشروعة في ظل دولة عراقية موحدة، كذلك الأكراد في تركيا لا يطالبون بالانفصال إذ صرح عبد الله أوجلان في السجن أكثر من مرة أو من ينوب عنه في الخارج بعدم الرغبة في الانفصال عن الدولة التركية وإنما يطالبون بحقوقهم المشروعة، وكذلك هناك انفتاح عالمي وبالتالي أنا أعتقد أن الأكراد سوف يحصلون على حقوقهم الثقافية والاجتماعية والسياسية، ولكن على الأكراد دائماً أن لا يغتروا بالأجانب ولا يغتروا بهؤلاء الذين ربما عندهم مصالح وأن يكون لهم سياسة متزنة في كيفية التعامل مع الأحداث بما يحقق مصالحهم دون الخروج أو دون المساس بمصالح الآخرين. فلا يجوز أن نعامل الظلم بالظلم صحيح الأكراد ظلموا ظلما شديد جداً على سبيل المثال في العراق مذبحة حلبجة التي راح ضحيتها يوم الجمعة 17/3/1988خلال دقائق حوالي 15 ألف شخص وراح ضحيتها أيضا ما سماه صدام حسين حوالي 182 ألف شخص مفقود إلى الآن لا يعرف هل قبض عليهم أم ماتوا ودمرت حوالي 4 آلالف قرية بكل ما فيها، ومع كل هذا الظلم وهذا التشريد أعتقد أنه لا يجوز أن يقابل الظلم بالظلم إنما يقابل الظلم بالمثل إن صح التعبير أو بالعدل وهو الأساس، أو بالإحسان المطلوب . كما أرجو من إخواني الأكراد وشعبنا كله أن يلتفوا حول الإسلام ويعرفوا أنه الوحيد الذي أنقذهم والذي ينقذهم وأن بقية الشعارات شعارات زائفة وسقطت في كثير من الأماكن. ما رأي الرابطة الإسلامية حول مستقبل العراق في ظل وجود احتلال أمريكي؟ لا شك أن الاحتلال شر ولا خير فيه، الاحتلال شيء لا أحد يحبه فبالفطرة جسم الإنسان يطرد أي شيء أجنبي يدخل فيه فما بالك باحتلال شعب وأرض، وجميع الشعوب لا تقبل أن تحتلها أي دولة أخرى مهما كانت. ومع كل ذلك أعتقد كما قال رب العالمين لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم بعملنا وجهدنا نحول الشر إلى خير، والاحتلال إلى حرية التجديد - عبد الحكيم أحمين- الدوحة