التقت التجديد المسؤول الإعلامي بهيئة علماء المسلمين العراقية الدكتور مثنى حارث الضاري بالعاصمة القطرية الدوحة مؤخرا للوقوف معه على قراءة عراقية قريبة من واقع العراق وربما مستقبله. ومما قاله الدكتور مثنى في الحوار: هناك رغبة كبيرة جدا في إبعاد صوت الهيئة وإظهاره على أنه الصوت الوحيد المناهض للاحتلال مع محاولة فصله عن المقاومة. الهيئة ليست غائبة وإنما مغيبة. المصالحة مرتبطة بالإرادة الحقيقية للتعايش بين العراقيين جميعا, وحكومة المالكي تفتقد هذه الإرادة والدليل على ذلك عدم التزامها بتوصيات مؤتمري القاهرة الأول في 2006 والثاني في 2007. النتخابت البلدية المزمع إجراؤها خطيرة جدا على العراق فمجالس المحافظات ستمارس حكما ذاتيا واسع الصلاحيات وتستقل عن المركز في كثير الأمور، مما سيقود إلى الفدرالية المنصوص عليها في الدستور المرفوض من قبل الهيئة وكثير من الشعب العراقي. إيران أوجدت تكتلات سياسية وغير سياسية في الساحة العراقية وبالتحديد في الساحة السنية عبثا عملا على تشتيتها أمريكا الآن في مأزق كبير جدا حيث إنها تجري مفاوضات مع الإيرانيين للاتفاق على تقاسم الغنيمة العراقية وفي نفس الوقت تحاول أن تحد من النفوذ الإيراني إيران تحاول الهيمنة على العراق عبر محاولة التأثير على مستقبله ليس من الناحية السياسية فقط بل حتى من الناحية الثقافية والفكرية. القاعدة ليست ظاهرة عراقية وإنما تنظيم دولي قام بأعمال خطيرة جدا أضرت صورة الجهاد في العراق. أعمال القاعدة لا تمثل إلا 5% من حجم أعمال المقاومة العراقية، فلماذا لا يتم التركيز على الـ95% من أعمال المقاومة؟ القاعدة لن تنتهي في العراق لأن الأطراف السياسية لا تريد لها أن تنتهي لأنها تعطيهم المبررات نتيجة عدم إحساس القاعدة بالأبعاد الخطيرة لبعض أعمالها. هناك بعد خطير يقوم به الاحتلال وهو التبشير حيث يقوم بنشر كتيبات مع مؤن غذائية. وتاليا نص الحوار: س: من الملاحظ أنه منذ سنتين وأنتم غائبون عن الساحة, فهل تراجعت الهيئة وتراجعت شعبيتها؟ ج: كثير من المتابعين يسألون هذا السؤال, وواقع الحال أن الهيئة ليست غائبة بل مغيّبة عن الإعلام منذ سنتين. الهيئة ككيان يترسخ سنة بعد سنة ومؤسستها تكبر وتنمو، وقد أنشأت خلال السنتين الماضيتين عدة مؤسسات إعلامية وإغاثية وتربوية. فالهيئة على سبيل المثال تشرف إشرافا رسميا على أكثر من أربعين مدرسة دينية مسجلة رسميا في الوقف وتتولى تمويل الكثير منها, كما تقوم بالحملات الإغاثية والاجتماعية وتشرف على رعاية الأيام والأرامل وعوائل الشهداء في كل فروع الهيئة في العراق التي تقترب من 22 فرعا، منها 15 فرعا عاملا والباقي معطل بسبب ظروف أمنية، الهيئة ركزت في السنتين الماضيتين على العمل الداخلي بعد إهمال الحكومة الحالية تقديم خدمات كثيرة للشعب العراقي. وفي السنتين حدثت قضايا كثيرة تتعلق بالأمن الشخصي لأعضاء الهيئة حيث ضيق عليها ومنعت وسائل الإعلام من الوصول إليها في غرب بغداد بحجة أن المنطقة ساخنة وفيها عمالة عسكرية، ثم بعد ذلك صدرت مذكرة باعتقال أمينها العام وتبعتها مذكرة بحق الناطق الرسمي باسمها ثم بعد ذلك منعت حتى وسائل الإعلام من الوصول إلى مكاتب الهيئة الأخرى خارج بغداد. هذا منعنا من التواصل مع الإعلام إلا عبر النافذة الخارجية, لذلك بدأنا بالقيام بجولات لدول عربية واللقاء بوسائل الإعلام مع بقاء الناطق الرسمي في عمان. في هذه الفترة كانت هناك نشاطات كبيرة جدا على الجانب السياسي ولذلك فتحت مكاتب خارجية في الأردن ودمشق والقاهرة واليمن والآن هناك عمل جار لإنشاء مكتب في تركيا, بالإضافة إلى تمتين علاقات مع دول عربية أخرى. كما أقامت الهيئة علاقات كثيرة جدا واستقبلت وفودا كثيرة من كل الأطراف ثم قامت بنشاطات خارجية خاصة في الأردن وسوريا مع القوى العراقية المقاومة للاحتلال من أجل توحيد صفها وكلمتها. كل هذه النشاطات لاتجد وسيلة إعلامية تهتم بها وخاصة في ظل تزايد عدد القوى السياسية داخل الساحة العراقية واضطراب الأوضاع والمشاكل التي حصلت في العام الماضي, ولذلك أحسسنا أن هناك رغبة كبيرة جدا في إبعاد هذا الصوت وإظهاره على أنه الصوت الوحيد المناهض للاحتلال ومحاولة فصله عن المقاومة, لأن المقاومة كانت تجد في خطاب الهيئة الثابت والمتوازن سندا لها. إذن الهيئة ليست غائبة وإنما مغيبة ولعلها كانت فرصة مناسبة أيضا لإعادة تقييم كثير من الحالات في العراق وفرصة مناسبة لإعادة بناء الكثير من المفاصل الحيوية والضرورية التي ترى الهيئة أنه يجب أن يركز عليها في المرحلة القادمة. س: لكن ما أسباب الانشقاقات التي عرفتها الهيئة؟ ج: إنها ليست انشقاقات بل خروج بعض الأفراد من الهيئة لاختلاف وجهات نظرهم مع وجهة نظر الهيئة. فمع مرور خمس سنوات على الاحتلال بدأ البعض والهيئات في مراجعة أفكارهم ومدى صوابيتها في هذه المرحلة، وليست لنا أي مشكلة مع ذلك لذا رحبنا بمجلس علماء العراق لأنه سيسد فراغا معينا في الساحة العراقية، بل إننا نبارك أي مجلس أو تعاون بين المجالس. لم يخرج من أحد من أعضاء الهيئة العامة الأحد عشر، الذين خروجوا بعض أفراد مجلس الشورى فقط والكثير منهم لم يكونوا فاعلين، لذلك لم يأثروا على بنية الهيئة. كما أن كل الحركات السياسية الموجودة في الساحة العراقية حصلت فيها انشقاقات وتحالفات وخروج أعضاء ولم يركز أحد على ذلك ولم تسلط عليها ولكن يراد تسليط الضوء على الهيئة لغرض معين، لذلك نقول إن الهيئة لن تغير مبادءها وستبارك كل من يريد تغيير قناعاته على أساس العمل للعراق وخروج القوات المحتلة. س: في الآونة الأخيرة هناك حديث عن تحسن أمني خاصة بعد محاصرة جيش المهدي ثم القاعدة, هل هذا التحسن يقود إلى إنجاح خطة المصالحة الوطنية العراقية؟ ج: لا يوجود ربط بين المصالحة والوضع العراقي, فالوضع لم يتحسن بالكامل بل هناك تحسن نسبي لأسباب ليست نابعة من الأمن وإنما لأسباب أخرى منها كما قلت محاصرة جيش المهدي ولذلك قلّت الجثث المجهولة الهوية في شوارع بغداد, ومنها أيضا الصراعات الداخلية للقوى السياسية كما حصل أخيرا في البصرة بين الجيش المهدي والحكومة، أضف إلى ذلك أن القوات الحكومية ألقت بكل ثقلها في منطقة واحدة هي محافظة بغداد وبالتالي عطلت حتى سريان الحركة الطبيعية للناس بكثرة نقط التفتيش، ثم المشاكل التي أحدثها الأمريكان في المناطق المحيطة بغداد ومحاولة إيجاد نوع من الاضطراب في هذه المناطق بتأمين منطقة بغداد. هذا كله ليست له علاقة بالمصالحة, لأن المصالحة مرتبطة بالإرادة الحقيقية للتعايش بين العراقيين جميعا, وحكومة المالكي تفتقد هذه الإرادة لذلك سعت لموضوع المصالحة وكان سعيها الإعلامي والسياسي عبارة عن علاقات عامة، والدليل على ذلك أنها لم تلتزم بتوصيات مؤتمري القاهرة الأول في 2006 والثاني في 2007 بما يتعلق بالمصالحة الوطنية ولما رأت أن أي عراقي لا يثق بها بهذا الشأن التجأت إلى عقد مؤتمر مصغر للمصالحة بين أعضاء العملية السياسية والداخلين فيها. المصالحة تقتضي إرادة حقيقية والنظر بعين واحدة لكل الشعب وتوحيد الموقف من الاحتلال، إنها ضرورة ولكن لا بد أن تكون نتيجة للحل الشامل بين كل الفرق أي خروج الاحتلال. إذا اتفقنا على آلية معينة لخروج الاحتلال. لهذا أقول بأنه لا توجد أساسا مصالحة وهذا من أسباب انشغال الهيئة بالداخل عبر تنمية الروح المناهضة للاحتلال حتى في المناطق التي لم تشهد أعمال المقاومة والحمد لله هناك تنام للروح العربية ونفرة من الاحتلال. والمصالحة تقتضي أن تتصالح القوى السياسية أولا فالحكومة إلى الآن معطلة وهناك مفاوضات ووزاراء منسحبون فليتصالحوا أولا ثم بعد ذلك فيحاولوا التصالح مع الآخرين. س: قلّ منذ مدة عدد الجنود الأمريكيين القتلى، فهل تجد المقاومة صعوبة في الوصول إلى الجنود الأمريكيين؟ ج: الآن الأمريكان بدؤوا باستراتيجية جديدة منذ نهاية عام 2006 وهي عدم التواجد بكثافة في الشوارع وتقليل هذا الوجود ما أمكن والقيام بالعمليات اللوجستية في أوقات متأخرة من الليل ومحاولة تأمين طرق شركات المرتزقة، كما تقوم شركات المتعهدين كما يسمونهم والذين يرتدون زي القوات الأمريكية يقومون حتى بأعمال عسكرية، هؤلاء يقتل منهم الكثير ولكن لا تذكر أرقامهم في الخسائر وإنما تذكر أرقام الجنود في الجيش الأمريكي فقط, أضف إلى ذلك أن القوات الأمريكية استعانت بالقوات الحكومية في بعض المناطق حتى تبتعد هي فأصبحت بمنأى عن نيران المقاومة, كما أن القوات الأمريكية في السنة الماضية نجحت في إنشاء ما كانت تدعوا إليه من مكاتب إسناد أو مجالس إسناد المسماة بمجالس الصحوة التي قامت بأدوار كثيرة لمساعدة القوات الأمريكية عبر عقود، وهذه العقود لدينا وثائق منها على سبيل المثال هناك عقد يتضمن طرفين طرف أول وطرف ثان يتعهد الطرف الثاني بحماية المنطقة بمن فيهم جنود قوات الاحتلال مقابل أجر مغر ويتجدد العقد كل ثلاثة أشهر وقد لا يتجدد حسب رغبة الأمريكان. هذه الظاهرة أضرت المقاومة ضررا كبيرا فهي تمنع المقاومة من القيام بأعمالها في مناطق سيطرتها. المقاومة طبعا لا تستطيع أن تظهر إلى العلن, وهذه القوات ظاهرة للإعيان وتقف في نقاط تفتيش وتشترك أحيانا مع قوات الاحتلال في أي اشتباك بين هذه القوات وقوات المقاومة. وأعتقد أن هناك مرحلة جديدة في مسار المقاومة, فالمقاومة استطاعت التأقلم مع هذا الوضع بدأت بالصحوة رغم حصارها في كثير من المناطق ورغم الضربات الأمنية الناتجة عن الوشايات لكنها أعادت الآن بناء نفسها حسب ما هو معلن, من يرد أن يتعرف على أخبار المقاومة الحقيقية فيعد إلى مواقعها الرسمية فهي موجودة بشبكة الإنترنت فالإعلام العربي للأسف تمارس عليه ضغوط كبيرة جدا في هذا المجال لذلك أنا أنصح بالرجوع إلى المواقع الرسمية لهذا الفصائل ولبعض القنوات الفضائية العراقية التي تبث أخبار المقاومة. س: هل ستشارك الهيئة في الانتخابات البلدية التي ستجريها الحكومة العراقية أم أنها ستساند فئة معينة؟ ج: هذا السؤال جوابه مفروغ منه لأن موقف الهيئة واضح من موضوع المشاركة في العملية السياسية، وانتخابات مجالس المحافظات الشائع عنها أنها انتخابات مجالس خدمية، لكن لو كانت انتخابات مجالس محلية لهان الخطب، فمجالس المحافظات ستمارس حكما ذاتيا واسع الصلاحيات وتستقل عن المركز في كثير الأمور، مثلا فيما يتعلق بالأمن العام وقضية الجيش والسلطة وما إلى ذلك وحتى القوانين والتشريعات ستكون من اختصاص المحافظات ما لم تتعارض مع القانون العام في المركز وهذا بدوره سيؤدي إلى الفدرالية المنصوص عليها في الدستور المرفوض من قبل الهيئة وكثير من الشعب العراقي. إذن فهي انتخابات خطيرة جدا ستؤدي إلى تقسيم العراق هذا من الناحية المبدئية, ولذلك فالهيئة لن تشارك ولن تدعم طرفا فيها. لكن هناك قضية خطيرة وسؤالا خطيرا نسأله الآن كيف ستجري هذه الانتخابات؟ إلى الآن هناك مشاكل كبيرة فاللجنة المكلفة بالانتخابات تعاني من مشاكل مادية ومشاكل تنظيمية وقانون الانتخاب غير مكتمل, وبالتالي هناك تشكيك في قيمة هذه الانتخابات وحتى الأمريكان يستبعدون إجراء هذه الانتخابات وإن كانت الحكومة تصر عليها رغم أن تاريخها غير معروف تماما. ثم التنافس محسوم من الآن في محافظات شمالية وغربية وجنوبية. أما المحافظات الشمالية الكردية فلن تشترك على اعتبار أن القانون ينص على المحافظات التي لا تنتمي إلى إقليم، فيبقى 15 إقليما والقوى المسيطرة عليها معروفة، الصراع الآن بين هذه القوى صراع سياسي للسيطرة على هذه المحافظات لأهمية ما سيأتي بعد ذلك وهذا نفس الصراع الذي حصل في البصرة بين التيار الصدري والحكومة، والصراع الذي حصل في الموصل عندما أرادت الحكومة أن تمهد الأمور هناك حتى تستفيد منها هي وبعض الأطراف السياسية الأخرى ولإعطاء مظهر بالأمن. أتوقع للأسف أنه ستحدث معارك سياسية كبيرة جدا وطاحنة بين القوى والكتل القديمة والجديدة التي تشكلت, الآن عشرات الكتل تشكلت لخوض هذه الانتخابات والكثير منها يفتقد الخبرة السياسية وطبخت بسرعة للدخول في هذه الانتخابات وبالتالي لا أتوقع أن يحصل منها المواطن العراقي على شيء . كما أن هناك أربعة ملايين مهجر عراقي في الداخل وفي الخارج كيف سينتخبون؟ من سينتخبون؟ هذه القضية لم تحل ولن تحل في القريب العاجل. س: ما الحل الذي تراه الهيئة مناسبا لقضية منطقة كركوك خاصة أن هناك صراعا شيعيا خالصا للسيطرة عليها؟ ج: هناك صراع قوي حول منطقة كركوك وكان لنا بشأنه بيان قوي وواضح بل ولقاءات واتفاقيات مع قوى كثيرة. نحن نقول بأن كركوك من حق العراقيين جميعا فهي عبارة عن عراق مصغر فيها العرب والأكراد والتركمان والشيعة والسنة وأقليات أخرى. ثم كركوك تشكل أحد منابع الثروة العراقية وبالتالي الاستئثار بها من طرف واحد إهدار لهذه الثروة، لذلك كنا دائما ولا نزال نقول إن أي حل للقضية العراقية يجب أن يراعي هذه الحالة بحيث يؤخر أي حل بشأن كركوك إلى مرحلة ثانية أي تحل جميع المشاكل الشائكة ثم بعد ذلك تتفق جميع الأطراف على الحل في كركوك، والحل بسيط جدا هو أن تبقى كركوك مدينة تعايش عراقي وأن تحل قضيتها بدون قرارات سريعة، لكن هذا عند القوى السياسية يتعارض مع ما هو متفقون عليه، هل كركوك الآن محافظة تابعة للإقليم أم غير تابعة له؟ كما أن هناك محاولة لتغيير ديمغرافية المدينة حتى تكون تابعة لإقليم معين وحتى لا تدخل في هذه الانتخابات. س: تقول بأن هناك صراعا داخليا للسيطرة على مناطق بالعراق لكن الهيئة تصر على انسحاب القوات الأمريكية في مقابل تخوف البلدان المجاورة خاصة العربية من انفلات أمني أو حرب أهلية بالعراق، هل لديكم جديد في هذه المسألة؟ ج: من حق الأطراف أن تتخوف ولكننا نطمئنهم دائما في مواقف كثيرة ولقاءات مع زعماء عرب وغيرهم بأن هذا التخوف وإن كان مفهوما لكنه ليس في محله لأننا أولا نريد من قوات الاحتلال أن تخرج اليوم قبل الغد ولكن الخروج المفاجئ قد يحدث مشاكل متوقعة، لهذا اقترحنا عليهم أن يكون الخروج متدرجا وحلول قوات دولية محل قوات الاحتلال وبناء أجهزة أمنية وعسكرية مهنية ووطنية بإشراف دولي وإشراف الجامعة العربية وفي ظل حكومة تختار بعد ذلك بعد الاتفاق على هذا الحل طبعا من جميع الأطراف، وبالتالي لن يحصل الفراغ المتوقع. أعتقد أنه ستحدث مشاكل لكن هذه المشاكل مضخمة من أجل إعطاء انطباع بأن خروج قوات الاحتلال مضر بأن الاحتلال لن يسمح لأي طرف بالتدخل في العراق لكن إيران لن تتدخل بقوة عسكرية لأنها تعي تماما الموازنة الإقليمية الموجودة ولن يسمح أحد لها لا قوات الاحتلال ولا الدول المجاورة ولا الدول الإقليمية بالاستفراد بالعراق. بل إنني أعتقد أن المحافظات الجنوبية ستثور على الوجود الإيراني قبل أن تثور المحافظات الأخرى. إذن لابد من حصول إشكالات التي قد تكون أحد الحلول ولدينا مثال الحالة اللبنانية حيث كان الكل يتخوف وحصلت مشاكل وانفلاتات ولكن تم احتواؤوه لكن يبدو أن بعض الأطراف تريد أن تبرر عدم جديتها وعدم قدرتها على التدخل بالشأن العراقي بالتخوف في هذا الموضوع. س: اشتد الصراع بين إيران والولايات المتحدة على العراق ومن يكون صاحب النفوذ الأكبر فيه خاصة في ظل الاتفاقية الأمنية الأمريكية التي تعدها أمريكا وترفضها العديد من المنظمات والأحزاب في العراق, كيف تنظر الهيئة إلى هذه المسالة؟ ج: هناك صراع واضح بين إيران والاحتلال الأمريكي، إيران استفادت من الاحتلال الأمريكي للعراق فائدة كبيرة جدا وساعدت الاحتلال في العراق وأفغانستان كما اعترفوا. الأمريكيون كانوا يظنون أن احتلال العراق سيكون سهلا وأنه بسهولة يكمن تفادي أي تطور لدور النفوذ الإيراني ولكنهم وقعوا في خطأ كبير, الطرف الأكبر الذي استفاد بعد الاحتلال الأمريكي للعراق هو إيران التي استفادت أولا من النفوذ السياسي الذي حصلت عليه من القوى السياسية المؤيدة لها واستفادت من النفوذ الأمني وحاولت تغيير الواقع العراقي في جنوب العراق، ومع مرور الزمن بدأت إيران تستفيد من أمريكا وهذا ما تحس به الأخيرة وتعرفه تماما ولكنها لا تعرف كيف تتفادى هذه الاستفادة الكبيرة. أمريكا تدعي أنها مشغولة بقتال من تسميهم الإرهابيين ولا تريد أن تعطي فرصة للمقاومة للانفراد بها إذا توجهت صوب إيران ولذلك تحاول تهدئة هذه الجبهة حماية لها للتفرغ لإيران كما تدعي، وواقع الحال يقول بأن أمريكا الآن في مأزق كبير جدا حيث أنها تجري مفاوضات مع الإيرانيين للاتفاق على تقاسم الغنيمة وفي نفس الوقت تحاول أن تحد من هذا النفوذ بالتصريح بأن العدو الأول هو إيران ثم تتراجع عن هذا التصريح وتشدد على إيران ثم تخفف. تبادل المصالح بين العراق وإيران في إطار الجوار المتوازن مفهوم لكن ليس مفهوما أن تقوم هذه الدولة الكبيرة الجارة باستغلال الاحتلال الأمريكي للعراق للحصول على مصالحها المشروعة وغير المشروعة لمحاولة الهيمنة على العراق ومحاولة التأثير على مستقبله ليس من الناحية السياسية فقط بل حتى من الناحية الثقافية ومن الناحية الفكرية. أن تعطي إيران الشرعية للحكومة في ظل الاحتلال بينما هي تقول بأنها ضد الاحتلال وضد الشيطان الأكبر هذه الامور غير مفهومة أبدا، لذلك فنحن نعاني كثيرا من هذه القضية ولم نكن نتوقع هذا الأمر من إيران. س: هل حاورتم إيران للوصول إلى حل معين لطرد قوات الاحتلال الأمريكية ومن أجل الوصول إلى قاسم مشترك؟ ج: القاسم المشترك يكون عندما تكون الإرادة والنية واحدة، الإيرايون لا يريدون لقوات الاحتلال أن تخرج من العراق لو كانت لديهم فائدة لخروج هذه القوات لقاموا بدور مهم في هذا الشأن. القوى المقاومة والمناهضة للاحتلال تعمل على إفشال المشروع الأمريكي بشقيه العسكري والسياسي, أما إيران فعملت على دعم هذا المشروع لتحقيق مصلحتها. لهذا لا يمكن أن يلتقي طرف يؤيد المشروع السياسي والعسكري للاحتلال وطرف آخر يعلن أنه ضد مشروع الاحتلال. فإيران كانت أول دولة تعترف بمجلس الحكم في ظل الاحتلال وأول رئيس يزور العراق في ظل الاحتلال وبحماية الاحتلال هو الرئيس الإيراني أحمدي نجاد. هذه كلها أمور لا تفتح مجالا للقاء ومع ذلك زارت الهيئة إيران ثلات مرات والسفارة الإيرانية في 2004 و2005 لإبداء بعض وجهات النظر حول بعض القضايا، وعندما حصلت مشاكل بين التيار الصدري والمجلس الأعلى جاء وفد من وزارة الخارجية الإيرانية للمصالحة بينهما وكان أحد الموظفين في وزارة الخارجية المعني بالملف العربي طلبوا زيارة الهيئة ورحبت بهم الهيئة وحصل اللقاء وعرضنا لهم الأمور قبل أن يستفحل الدور الإيراني بشكل كبير ووعدوا بأشياء لكن لم يحصل شيء. إيران غير جادة في إقامة علاقات مع القوى المناهضة للاحتلال بل هي جادة في إقامة علاقات مع قوى كثيرة تؤثر عليها وتدعوها إلى إيران وتضغط عليها للدخول في قضايا كثيرة جدا. بل إن إيران أوجدت تكتلات سياسية وغير سياسية في الساحة العراقية وبالتحديد في الساحة السنية عبثا عملا على تشتيتها. س: كيف ذلك؟ ج: إيران دعمت اتجاهات وشخصيات عراقية معينة وقامت بتشجيع بعض الجهات على تمثيل العلاقات مع إيران وزيارة إيران بصفة مستمرة ودعمها معنويا وغير معنوي إضافة إلى إبراز كتل سياسية وغير سياسية في الساحة العراقية الآن لتقليل ما أمكن أدوار القوى المناهضة للاحتلال, وهذا لا يخدم القضية العراقية. س: قال الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله بأنه يدعم المقاومة في العراق في وقت يدعو التيار الصدري قواته للتعاون مع القوات العراقية من أجل محاصرة الفوضى, كيف نفهم هذا التضارب الشيعي إن صح التعبير؟ ج: نحن في الهيئة لا نحب هذا التوصيف شيعي وسني وكردي وما إلى ذلك. بالنسبة للسؤال هناك تناقض طبعا بين هذه الأطروحات، هناك حالة مقاومة في لبنان ومتوقع من هذه الحالة أن تدعم الحالة العراقية ولكننا في السنوات الأخيرة لم نسمع بأن هناك اقتناعا بأن الحالة في لبنان حال مقاومة وأن الحالة في العراق حال فتنة، ولذلك يجب الرضا بأمر الواقع في العراق وعدم الرضا بالأمر الواقع في لبنان، ولمسنا تبريرا أيضا لدخول بعض القوى الإسلامية السياسية في العملية السياسية في ظل الاحتلال بينما لا يبرر هذا الشيء في لبنان. العراق بلد محتل ولبنان بلد غير محتل ورغم ذلك هناك تخوف من النفوذ الأمريكي في البلدين فكنا نتوقع بأن يكون الأمر أكثر من هذا قد تكون هناك حالة لدعم المقاومة واستقرارها. أما بالنسبة للتيار الصدري فهو يكاد يكون في صف القوى الوطنية المناهضة للاحتلال ثم دخل في العملية السياسية ولا يزال فيها ثم تعرض لضربة في البصرة وقاتل القوات الحكومية والآن يدعو إلى حماية المناطق للتعاون مع القوات الحكومية، نحن قلنا في بيان واضح بأن هذا صراع على النفوذ بين التيار الصدري والحكومة وإن كان التيار الصدري يتعرض لضربة قوية، فبالإضافة للصراع على النفوذ هناك محاولة لتصفية أي صوت معارض للاحتلال حتى وإن كان مرحليا. س: كانت الجامعة العربية تنوي الاجتماع بوفد من المقاومة لكن لم يحدث ذلك، لماذا؟ ج: في الأعمال التحضيرية في مؤتمر الوفاق الوطني الذي عقد بالقاهرة عام 2005 كانت هناك جهود لجمع كل القوى في المؤتمر والجامعة العربية كانت مستعدة لذلك وبدأ بالفعل التحضير لذلك حسب المعلومات المتوفرة لدي، ولكن لأسباب فنية وضيق الوقت لم يحدث ذلك، فلما عقد المؤتمر تولت القوى التي تتفق مع المقاومة ببيان وجهة النظر التي تتفق عليها مع المقاومة وتم طرح المشروع الذي نعتقد أن المقاومة تؤمن به ألا وهو خروج الاحتلال. س: تتهم الهيئة بمباركة أعمال القاعدة في مواجهة قوات الاحتلال، فهل أعمال القاعدة تتقاطع مع هدف الهيئة في طرد الاحتلال؟ س: سؤال دقيق فهذا اتهام فقط وللأسف الاتهامات كثيرة، هناك رغبة في توصيف المقاومة في العراق بأنها معركة بين تنظيم القاعدة والأمريكان، وكأن أي حديث عن المقاومة والدفاع عن المقاومة وأعمالها يعد دفاعا عن القاعدة، والهيئة بما أنها أبرز صوت للدفاع عن المقاومة تتهم بأنها تدافع عن القاعدة، نحن نقول إن العراق محتل وهناك مقاومة كبيرة ومتعددة والقاعدة إحدى فصائل المقاومة التي قاومت الاحتلال وبالتالي الدفاع عن المقاومة لا يقتضي الدفاع عن القاعدة. ثم إن القاعدة قاومت مثل باقي الفصائل الاحتلال لكنها أخطأت خطأ كبيرا عندما وجهت سلاحها للعراقيين وبالتالي وقعت في أخطاء وأول من أدان هذه الأخطاء هي الهيئة منذ 2004، وللإشارة لم تظهر القاعدة في العراق إلا بعد سنة من الاحتلال وقبل ذلك كانت المقاومة العراقية شديدة وشرسة، والهيئة كانت تدعم كل هذا العمل المقاوم سياسيا وإعلاميا باعتباره حقا وواجبا على العراقيين. ولكن يراد لهذه المقاومة أن تشوه بحيث يقال إنها ليست مقاومة وإنما هي إرهاب ووأنها تضم مقاتلين عربا قادمين من الخارج. وموقف الهئية واضح أعلنه أمينها العام بأن هناك خمسة أنواع من الإرهاب: إرهاب الاحتلال، وإرهاب السلطة الحاكمة، وإرهاب الشركات الأمنية، وإرهاب الجريمة المنظمة، وإرهاب القوى السياسية بعضها بعضا، ثم إرهاب من أخطاء بعض فصائل المقاومة. كما أننا أصدرنا فتوى بحرمة دم العراقيين بل قمنا بدور كبير في تخفيف الاحتقان الذي تسببت فيه القاعدة ضد العراقيين مع الشيعة والأكراد. إذن هي محالة للصيد في الماء العكر، يبدو أن هناك أناسا يريدون أن يرحوا أنفسهم باتهام الآخرين، وأقولها بصراحة وخلاصة القاعدة ليست ظاهرة عراقية القاعدة تنظيم دولي عالمي قام بأعمال كثيرة، والأعمال التي قام بها في العراق في جزء منها مقاومة للاحتلال ولا أظن أن أحدا سينكر على أحد في استهداف الاحتلال ولذلك لن ننكر على من يقوم بمثل هذه الأعمال أيا كان قاعدة أو غيرها، عربيا أو غير عربي، سنيا أو غيره، ولكن هناك أعمال للقاعدة استهدفت تيارات فكرية وغيرها وهذه الأعمال نستنكرها بشدة ونعتقد أنها ساهمت في تشويه صورة المقاومة مع عوامل أخرى. القاعدة قامت بأعمال خطيرة جدا وأضرت صورة الجهاد في العراق، ولكن في نفس الوقت القاعدة قامت بأعمال مهمة في الأيام الأولى ضد قوات الاحتلال، والاحتلال نفسه يعترف بهذا إن كان يريد القول بأن القاعدة وحدها تقاوم في العراق وبأنه انتصر عليها، فأين هي باقي فصائل المقاومة؟ أعمال القاعدة لا تمثل إلا 5% من حجم أعمال المقاومة العراقية، فلماذا لا يتم التركيز على الـ95% من أعمال المقاومة ويركز فقط على هذه الـ5%؟ إذن هي محاولة لسحب البساط من المقاومة. س: هناك سؤال يطرح كثيرا هو من هي القاعدة في العراق؟ ج: القاعدة في العراق بدأت من أفراد عراقيين ومقاتلين عرب جاؤوا من الخارج لكن القاعدة مع مرور الزمن أصبحت عراقية بشكل كامل تقريبا وعدد المقاتلين غير العراقيين قليل الآن، الأمريكان يعرفون قبل غيرهم بأنه لولا العراقيون لانتهت القاعدة منذ زمن بعيد. القاعدة تعد العراق ساحة من ساحات الجهاد العالمي ضد الهيمنة الأمريكية، وجهة نظرهم هذه اصطدمت مع وجهات نظر فصائل جهادية عراقية أخرى لأن من ينظر إلى الساحة العراقية باعتبارها ساحة جهادية عالمية فلن يبالي بما يرتكبه من أفعال ذات آثار جانبية خلفت أحداثا كبيرة استغلت من أطراف سياسية، فأكثر الأطراف استفادوا من هذه العمليات هم أقطاب العملية السياسية لأنهم يتخذون منها ذريعة على عبثية المقاومة وطائفيتها وإرهابها لذلك فالقاعدة لن تنتهي في العراق لأنهم لا يريدون لها أن تنتهي لأنها تعطيهم المبررات نتيجة عدم إحساسها بالأبعاد الخطيرة لبعض أعمالها. س: عبر جولاتكم على دول عربية عدة هل وجدتم لديها قبولا للمقاومة العراقية وأهدافها؟ ج: نحن نقوم بجولات كثيرة بين دول عربية عديدة حيث لمسنا تفهما لأوضاع العراق ولدور الهيئة، ولديهم قناعة تامة بأن المقاومة هي الخيار الأوحد لهذه المرحلة وأن كل ما يقال عن استغلال للظرف الأمريكي والتفاوض مع أمريكا كل هذه قضايا سياسية تنبني على فعل المقاومة، لكننا نعي تماما بأن الكثير من الدول العربية لا يستطيع أن يعبر بهذه الصراحة وأنه يتمنى أن تحل القضية العراقية في أسرع وقت وأن يكون له دور فيه، لكن الباب مقفل أمام هذه الدول حيث لا تريد لهم الإدارة الأمريكية أي دور في العراق، كما لمسنا تخاوفات من بعض الفصائل لكننا نوضح للمسؤولين حقيقة الوضع العراقي، وكنا نتفق على ضرورة الوجود العربي في العراق ولكن ليس عن طريق السفارات. س: ما حقيقة الحوادث المتكررة لرمي القرآن الكريم بالرصاص؟ وهل تلقيتهم اعتذارا من أمريكا؟ ج: الغريب أن الاعتذار ووجه إلى نوري المالكي رغم أنه لا يمثل كل العراقيين ووجه إلى أبناء المنطقة وشيوخهم كأنما القرآن الكريم قرآنهم وليس قرآن المسلمين وكنا نتوقع ردة فعل في كل أنحاء العالم خاصة أن هناك احتلالا يهين مقدسات المسلمين. هذا الاحتلال له أبعاد كثيرة لا يعرفها كثير من المسلمين فقد كشفنا عن موضوع المصحف ومسألة التبشير بالنصرانية بين العراقيين ثم كشفنا عن بعض التغلغل الفكري ونشر ثقافة الانحلال، فهناك أعمال فكرية وثقافية تقوم بها قوات الاحتلال ولا أحد يسلط عليها الأضواء، الذي قام برش القرآن مجموعة من الجنود وليس فردا واحدا إذن هذا فعل منظم، كما تمت الاستهانة واستهداف القرآن مرات ومرات دون اعتذار. وهناك بعد خطير يقوم الاحتلال وهو التبشير حيث يقوم بنشر كتيبات مع مؤن غذائية وكأنما يستخدم الغذاء مقابل التنصير، قد يقول البعض إن هذا لن يضر العراقيين، نقول نعم لن يضرهم ولكن إذا تضررت دول عربية مستقلة من مجموعات تبشيرية متفرقة فما بالك إذا قامت قوات الاحتلال بحملة تبشيرية منظمة خاصة مع الاتفاقية الأمنية التي تقر بوجود 50 قاعدة عسكرية التي لها غطاء عسكري وأمني ولها صلاحيات ثقافية وإعلامية، فهذا أكيد سيضر البنية الثقافية في العراق.